هل أتفقت أميركا مع إيران على النتن ياهو بعد أن أصبح عبئا عليها؟..طرح أثار البعض لاستثنائيته في تصورى، فبعيدا عن النمطية كان يجب أن نتعرض لهذا المنحى.
” طيب إيه رأيكم !؟ أن أميركا متفقة مع إيران على السيناريو ده ولفتره محدودة !! درس للنتن ياهو والكيان الصهيونى !
عشان يرضخ لرغبة أميركا فى التفاوض والإبقاء على النظام الإيرانى لأسباب عسكرية واستراتيجية ومصالح أميركية فى الشرق الأوسط !!
وقد يكون كلامى هذا مستغربا خاصة من قبل المتخصصين ربما لأننا تعودنا لعقود على نمط معين فى السياسة وخاصة التحالفات السياسية والعسكرية.
ولكننا شاهدنا بأنفسنا أن ترامب بنفسه يشارك فى عمليات خداع ورفع سقف المطالب لكى يصل لأهدافه الأقل بكثير.
حقيقة إسقاط النظام الإيرانى
وقبل أن أذكر الأسباب والأحداث التى دفعتنى لكتابه كلامى هذا فلنعود قليلا للوراء لبضعة أسابيع ماضية عندما تدخلت أميركا لمحاولة تهدئه التوتر الدائر بين إيران والكيان الصهيونى ومحاولة ترامب إقناع النتن ياهو بأن ليس لأميركا رغبة فى إسقاط النظام الإيرانى فى الوقت الحالى ولعده أسباب مختلفة، وترى أن الحل السلمى هو الأفضل للجميع !
ولكن النتن ياهو يعلم أنه إذا توقفت الحرب سوف يدخل السجن فعليا وممكن التضحية به وتسليمه لمحكمه العدل الدولية والجنائية الدولية ككبش فداء وعربون محبة لإعادة المصداقية للنظام العالمى الذى تستفيد منه أميركا أكثر من أى دولة فى العالم وجزء من استراتيجيتها.
الخلاف بين نتن ياهو وترامب..هل صادق؟
وهنا بدأ الخلاف بين النتن ياهو وترامب الذى أعلن أن على الكيان الصهيونى أن يعتمد على نفسه إذا أراد الهجوم على إيران ،.
وعجز الكيان الصهيونى على ضرب مفاعل فوردو بمفرده عن طريق الجو ولذلك الكيان يعد خطة برية بديلهطة عن طريق الكوماندوز والتفجير من أسفل !!
وكما فعل ذلك من قبل فى سوريا ولكنها ستكون عمليه أكثر تعقيدا وأكثر خطرا لعمق المفاعل الذى يصل ل80 متر تحت الأرض ،.
فحوي المفاوضات النووية وصفقة حماس
وبعد ذلك فاجأ ترامب الجميع بعقد مفاوضات مباشرة مع الإيرانيين وقبلها مع حماس أيضا ولا أحد يعلم فحوى وما دار فى هذه الاجتماعات ، ولكن رد الفعل الأميركى لم يكن متشائما أو مستاء بل ذهب ترامب فى مبالغة أنه اكتشف أن حماس ناس طيبين !!
وأنا لن أتطرق فى مقالى هذا إلى النواحى العسكرية وتفاصيلها لأنى أترك ذلك للمتخصصين ولكن أناقش الأمور السياسية ، وهى التى تحسم الخيار العسكرى من عدمه.
أسباب رفض الهجوم على إيران
دعونا نرى الموقف الأميركى وأسباب رفض فكرة الهجوم على إيران واحتمالاته وسلبياته :
هناك عدة احتمالات أولها أن أميركا ترى الحل فى رحيل المرشد أو اختفاءه ومعه التركيبة الحالية بشكل سلمى أو بطريقة أخرى واستبدال الحكم بأى رئيس موالى لأميركا وبجانب ذلك عمل انتفاضة شعبية وثورة وهمية وينتهى الأمر وتظل إيران شرطى أميركا فى الشرق الأوسط إلى جانب الكيان الصهيونى وهو ما لا يرضى طمع الكيان وغرور النتن ياهو وكذلك انتهاء حاله الحرب ويتم تقديمه للمحاكمه فمن مصلحته الشخصية الإبقاء على حالة الحرب أو فتح جبهات جديدة لمد مدة بقائه فى الحكم ،.
الأحتمال الثانى هو أن أميركا سوف تتدخل لقصف أجهزة الطرد المركزى فى مفاعل فوردو والموجودة على عمق أكثر من 80 متر تحت جبل حجرى شديد الصلابة والمحصن أسفله بتحصينات خرسانيه وترابية مختلفة وشديدة ومحكومة البناء !!
وأعلنت أميركا أنها الوحيدة القادرة على تدمير ذلك وحسب زعمهم عن طريق قنبلة ثقيلة بوزن ١٣.٦ طن وتحملها الطائرة B2 الشبحية فى رحله شبه انتحارية !!
القنبلة التى تغير وجهة الشرق الأوسط
وهى القنبلة الوحيدة التى تستطيع أن تخترق الخرسانة المسلحة إلى عمق ٦٠ متر !! والخوف هنا من عدم نجاح القنبلة فى الوصول للهدف أو عدم كفايتها وربما تحتاج لتكرار القصف أكثر من مرة لضمان إصابه الهدف ودى عملية ليست باليسيرة !؟ وإذا لم تنجح فى ذلك سوف تسقط معها هيبه أميركا العسكرية !!
وهناك الاحتمال الثالث وهو أن أميركا تتصرف بذكاء وتنتظر لتستنزف مخزون إيران من السلاح والصواريخ ثم تنقض عليها !؟ وفى المقابل إيران أيضا تضرب بذكاء ومش بكثافة مثل الأيام الأولى من الحرب وقد تكون المسيرات الأولى التى أطلقتها فى البداية أغلبها خاوية وكذلك استهلكت الصواريخ التقليدية فى الهجمات الأولى أيضا لإستنزاف القدرة الدفاعية للكيان الصهيونى.
الصين وتايون .. وروسيا وأوكرانيا .. والهند وباكستان
وقد تفاجىء إيران الجميع بامتلاكها للصواريخ الفرط صوتية وغيرها مما لا ترى ولا تقاوم وتسبب الدمار الشديد وتصلها من الصين عن طريق باكستان ( لتنفرد بتايوان ) وروسيا ( لتنفرد بأوكرانيا ).
وقد رأينا كيف أن إيران أطلقت يوم الجمعة ٢٠ يونيو صاروخ باليستى الدقيق التوجيه ودخل وسقط وانفجر بدون أى محاولة اعتراضية من دفاعات الكيان الصهيونى وسبب خسائر جسيمة فى مبانى هامة وإصابة أكثر من ٣٠ مستوطن.
القنبلة النووية التكتيكية
والاحتمال الرابع هو أن أميركا تشن هجمات بقنابل نووية تكتيكية محدودة وهناك مخاطر كبيرة ومحاذير فى ذلك.
مثل عدم الوصول للهدف أو تسرب إشعاعات نووية ، مما يعرض أميركا إلى حرج ومساءلة دولية وفقد لمصداقيتها الإنسانية والسياسية الدولية !!
ونرى أن كل هذه الاحتمالات لدخول أميركا بنفسها الحرب إلى جانب الكيان الصهيونى !! وأميركا هى التى لا تريد هذه الحرب للاحتمالات والمخاطر السابق ذكرها هنا.
حماس وتخفيف الضغط على إيران
ومع الأخذ فى الاعتبار أن كتآئب القسام ابتدت الاشتباك مع قوات الكيان الصهيونى فى خان يونس لتخفيف الضغط على إيران ،.
وأعلنت إيران أنه منذ بدء الحرب قوات الكيان الصهيونى هاجمت 3 مستشفيات و6 عربات إسعاف وسقط أكثر من ٣٥٠ قتيل وإصابة حوالى 3500 شخص منهم العشرات من النساء والأطفال.
واعلن الكيان أنه منذ بداية الحرب فإن إيران أطلقت أكثر من 1000 مسيرة وأنها تصدت ل90% من المسيرات والصواريخ الإيرانية وأنها اغتالت اكثر من 40 عالم نووى وشخصيات عسكرية إيرانية هامة وأيضا تم تدمير منشأتين نوويتين فى أصفهان، و منشأه نووية أخرى بالأحواز فى الجنوب الغربى إلى جانب هجمات سيبرانية على شبكات النت داخل إيران.
تكلفة الحرب
وبذلك نرى أنه منذ بدء الحرب لا يوجد أى حسم للمعركة من أى جانب حتى الآن واستمرار الحرب على هذه الوتيرة يكلف الكيان الصهيونى نصف مليار دولار يوميا خسارة عسكرية فقط ، والأخطر هو نفاذ وعدم استطاعة مصانع السلاح إنتاج اللازم للاستهلاك اليومى بهذه الوتيره !!
ذلك إلى جانب الخسائر المدنية وتوقف الحياة اليومية وهروب الآلاف من المستوطنين خارج البلاد مما دعى الحكومة إلى منع السفر للخارج !! ومازالوا يهربون عبر الزوارق الخاصة والرحلات البحرية المنظمة إلى أوروبا.
مخاطر الحرب
كذلك إذا استمرت هذه الحرب وتدخلت أميركا بالفعل وتطورت الأمور إلى أخطر من ذلك وصعدت ايران عملياتها وقفلت الخليج والمضايق البحريو سوف تتأثر التجارة العالمية بأكبر الأضرار والخسائر وسيعود ذلك بالضرر على كل نواحى الطاقة ونقص التوريدات وارتفاع المخاطر والتأمينات وارتفاع الأسعار فى مختلف دول العالم وخاصة أوروبا.
التوتر الأمريكي الحوثي
وإذا نظرنا إلى ما حدث منذ أشهر قليلة وفشل أميركا عندما أعلنت تصديها بنفسها لهجمات اليمن ( الحوثيين )
وبعد وقت قصير خرجت من هذا المستنقع بإعلان أن أميركا تنهى عملياتها العسكرية فى اليمن مقابل تعهد اليمن بعدم التعرض للسفن الأميركية ! وكذلك أعلن اليمن ذلك مع الاحتفاظ بحقه فى إطلاق الصواريخ على الكيان الصهيونى ولم تعترض أميركا على ذلك وهو ما تم بالفعل وحتى الأن !!
وإذا نظرنا إلى تصريح ترامب بالأمس عندما قال “أننا سننتظر مده أسبوعين لعل أحدهما يرجع إلى رشده “
التعنت من نتنياهو لا إيران
فمن يقصد إيران التى لا تمانع فى التفاوض فورا ومن أول يوم فى الحرب بشرط توقف الاعتداءات والقصف من جانب الكيان الصهيونى !! إذن التعنت ليس من جانب إيران ولكن من جانب النتن ياهو والأسباب ذكرتها سالفا هنا فى المقال ،.
كما أن هناك احتمال لتأخر أميركا فى التدخل أن يكون لديها معلومات بان إيران لا تملك خطورة نووية كما يروج الكيان الصهيونى !؟
ومن كل ذلك نرى أن النتن ياهو بالغ فى مطالبه وتمرده على ماما أميركا وضرب عرض الحائط بمصالح أميركا ومحاذيرها نفسها !! فما كان من أميركا إلا أنها أخبرته وأعلنت على الملأ أن على الكيان الصهيونى أن يخوض حربه لوحده !! وممكن تكون قد أعطت الضوء الأخضر لإيران أنها لن تتدخل فى الحرب إذا بدأ الكيان الصهيونى بالهجوم.
الضوء الأخضر ودمار الكيان
وكان الحديث عن المفاوضات والمباحثات وتحديد ميعاد قبل اندلاع الحرب صحيح ،.ولكن النتن ياهو أصر على بدء المعركة قناعة منه أن أميركا لن تسمح بدمار وفناء الكيان الصهيونى وهذا صحيح أيضا !
ولكن مع شخص مثل ترامب فيمكن أن يعطيه درسا قاسيا وعمليا أنكم لا تستطيعون وحدكم ونهاية الأمر ستتدخل أميركا لإنهاء الحرب بعد أن يعى النتن ياهو الدرس وأنه عليه وعلى الكيان الصهيونى وأفراده أن يلتزموا بعد ذلك بالأوامر الأميركية ورغبتها فى الحل السلمى إذا رأت ذلك وليس العسكرى..
عن الكاتب
