جاءنا الآن
الرئيسية » جاءنا الآن » الاقتصادى والدبلوماسي المتمرس الذى يقود الحكومة الكويتية من باب محاربة الفساد حتى لا يتحولوا لناورو جديدة!

الاقتصادى والدبلوماسي المتمرس الذى يقود الحكومة الكويتية من باب محاربة الفساد حتى لا يتحولوا لناورو جديدة!

من نايف سالم وتصرف غرفة التغطية الحية

في رصد متواصل للتغيرات المتسارعة في المشهد الكويتى الجديد، كان من المهم الكشف عن المعلومات الكاملة عن الزجه الجديد القديم، الذى سيقود الحكومة الكويتية المرتقبة ، فبعد 13 عاماً من خروجه من الحكومة مُستقيلاً، عاد الشيخ محمد صباح السالم من الباب العريض رئيساً، ليقود أولى الحكومات في عهد أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد، الذي تولّى مقاليد الحكم في 16 كانون الأول 2023، خلفاً لشقيقه الراحل الأمير نوّاف الأحمد.

لم يُشكّل تعيين محمد الصباح رئيساً للحكومة مفاجأة رغم اختفاءه عن المشهد الكويتى لفترة طويلة، وذلك بالنظر إلى متطلّبات المرحلة وإمكانيّاته الدبلوماسية والاقتصادية المشهود بها. فهو حاصل على دكتوراه في الاقتصاد ودراسات الشرق الأوسط من جامعة هارفرد في 1985، وقبلها على درجة بكالوريوس في الاقتصاد من كلية كليرمونت في كاليفورنيا عام 1978.

هو أيضاً الدبلوماسي العريق الذي شغل منصب وزير الخارجية لحوالي 10 سنوات، بين 2001 و2011، ومنصب سفير الكويت لدى الولايات المتحدة لحوالي 8 سنوات بين 1993 و2001.

اشتهر رئيس الوزراء الجديد بمعرفته الاقتصادية الجمّة وبامتلاكه رؤى وطروحات وأفكاراً متقدّمة، سواء في ما يتعلّق بمكافحة الفساد أو بتنويع مصادر الدخل، فهو من “قماشة مختلفة” ويُعدّ من الشخصيات التي تمتلك رؤى في مختلف مجالات التنمية، وطرح كثيراً منها في محاضراته بأرقى الجامعات الأميركية والأوروبية.

له علاقات واسعة بالذات مع السعودية وأمريكا

دخل وخرج من الحكومة بسمعة نظيفة، وبعد استقالته منها في 2011 بسبب إشكاليات سياسية عاد إلى التدريس وللمحاضرات، ويحتفظ بشبكة علاقات واسعة وقويّة على المستويَين الإقليمي والدولي، خاصة مع السعودية والولايات المتحدة.

سؤال ناورو الذى أثار الجدل

ذات يوم من شهر كانون الأول من عام 2012، دخل قاعة المحاضرات في كلية العلوم الإدارية بجامعة الكويت وفاجأ الطلبة بسؤالهم: “هل سمعتم عن جزيرة ناورو؟”. بعضهم لم يردّ والبعض الآخر أجاب بالنفي.

ابتسم الدكتور ثمّ أسهب بالشرح في محاضرة أطلقت عليها وسائل الإعلام حينذاك “لا يحوشنا اللي حاش ناورو”، أي “حذارِ أن يصيب الكويت ما أصاب تلك الجزيرة” الواقعة بين هاواي وأستراليا في المحيط الهادئ، والتي كانت تُعرف قديماً باسم “الجزيرة السعيدة” أو “الجزيرة المبهجة”، وتعدّ أصغر جمهورية مستقلّة وأصغر دولة جزيريّة في العالم حيث تبلغ مساحتها 21 كيلومتراً مربّعاً.

لامبورجينى في المطار فقط 

أوضح الدكتور محمد الصباح أنّ ناورو (Republic of Nauru) كانت إحدى أغنى دول العالم، ومصدر ثروتها الوحيد يكمن في مناجم الفوسفات، وتعتمد بشكل أساسي على تصديره منذ عام 1907. ومع قلّة عدد سكّانها (المُقدّر بعدّة آلاف) وثروتها الهائلة، اشترى بعض المواطنين فيها عدّة سيارات من طراز “لامبورغيني”، لكن بسبب عدم وجود بنية تحتية أو شوارع في الجزيرة، فقد اضطرّوا إلى إبقاء السيارات في المطار حيث كانوا يقودونها بين فترة وأخرى على مدرج المطار فقط.

ناورو .. كلمة السر التى قاد لها رئيس الحكومة الكويتية الجديد حربه ضد الفساد وللتطور

وكان “الناورويون” من أعلى سكان العالم دخلاً ولا يدفعون أية ضرائب ويحصلون على أرقى خدمات التعليم والطب مجّاناً، وأغدقت عليهم الحكومة بالإنفاق الاستهلاكي، لدرجة أنّه تمّ استيعاب 95 في المئة منهم بالقطاع الحكومي، برواتب عالية.

الضربة القاصمة

أفضى ذلك إلى انتشار الفساد في إدارة الدولة، ثمّ جاءت الضربة القاصمة مع انخفاض سعر الفوسفات في الأسواق العالمية، فتدهور الدخل القومي وأصبحت هذه الجزيرة إحدى أفقر دول العالم.

حقول الفساد النفطية

توقّف الدكتور قليلاً ليستوعب الطلبة مغزى ما قاله، ثمّ تحدّث عن أنّ الدراسات العلمية أثبتت أنّ توافر النفط يمكن أن يخلق ظروفاً للفساد، وأنّه في ظلّ ضعف المؤسّسات الرسمية في الدولة، ستتكوّن علاقة قويّة بين زيادة سعر برميل النفط وزيادة الانحراف في الأداء الحكومي وارتفاع معدّل الفساد. وبعدما ألمح إلى أنّ المسؤولية في الكويت ليست فقط حكومية وإنّما ساهم فيه المواطنون بموافقتهم الدولة على إنفاقها الاستهلاكي على حساب المستقبل، وخلص إلى القول: “نستطيع أن نضيع وقتنا في البكاء على اللبن المسكوب. لكنّ السؤال الأهمّ: ماذا نحن فاعلون حتى لا ينتهي بنا المطاف إلى حيث انتهى بسكان جزيرة ناورو؟”.

ترحيب نيابي وشعبي

في الساعات الأولى من صدور قرار تعيينه، لاقى رئيس الحكومة الجديد ترحيباً نيابياً شاملاً، بالنظر إلى شعبيّته وتاريخه البعيد عن الانخراط في الصراعات الداخلية ولعبة الاستقطاب

في محاضرة أخرى له عام 2014، شرَّحَ محمد الصباح الفساد إلى ثلاث فئات:

– “الإداري المرتبط بالبيروقراطية”.

– و”السياسي المرتبط بالمحسوبية وشراء الأصوات والتدخّل بالقضاء”.

– و”المؤسّسي المرتبط بغياب تشريعات تمنع نشوء بيئة حاضنة للفساد”، وهو أخطر وأصعب أنواع الفساد، حسب رأيه.

التعليم والاستثمار في الشباب

وتعبيراً عن قناعته بضرورة الارتقاء بمستوى التعليم والاستثمار في الشباب، استشهد الدكتور محمد الصباح، في محاضرة خلال حفل تسلّمه الدكتوراه الفخرية بأنظمة الاتصال في العلاقات الدولية من جامعة بيروجيا للأجانب في إيطاليا عام 2011، باقتباس من الأديب الكبير جبران خليل جبران، الذي وصفه بأنّه “صاحب الدور المحوري في جَسْر الفجوة بين الشرق والغرب”، جاء فيه أنّ “الثروة الحقيقية للأمّة لا تكمن في الذهب والفضّة، بل في علمها وحكمتها واستقامة أبنائها”.

التجارب المريرة

تعكس هذه المواقف المدى العريض للرؤى السياسية والتنموية والاقتصادية التي يمتلكها محمد الصباح. لكنّ البعض يلفت إلى أنّ النظريات شيء وتطبيقها على أرض الواقع شيء آخر، لا سيما في ظلّ التجارب المريرة في التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

 التحدّي الأوّل لرئيس الحكومة الكويتية المحبوب ، سيتمثّل في أسماء أعضاء حكومته التي يرجّح كثيرون أن تكون مختلفة جذرياً عن سابقاتها، وأن يتمّ تشكيلها على أساس التخصّص والخبرة. فيما يرتبط التحدّي الثاني بقدرته على نسج علاقة ندّية مع برلمان يضمّ صقوراً ومعارضين لا يُهادنون بسهولة.

جماعة احمد الفهد 

يهمس بعض العارفين أنّ هذا التعاون رهن بموقف “جماعة أحمد الفهد”، أي النواب الموالين لنائب رئيس الوزراء الحالي وزير الدفاع الشيخ أحمد الفهد، الذين يُشكّلون مع حلفاء ورفاق لهم غالبية مضمونة في المجلس. على أنّ هذا الأمر له علاقة أيضاً باحتمال عودة الفهد إلى الحكومة، أو بقائه خارجها، أو تولّيه منصباً قيادياً آخر.

لكن في جميع الأحوال، بدا جليّاً من خلال اختيار محمد الصباح، الخبير سياسياً واقتصادياً ودولياً، أنّ قرار الأمير الجديد حازم وواضح في تشكيل حكومة قوية قادرة على حلّ المشاكل الداخلية، والتعامل مع التحدّيات الاقتصادية، وأيضاً إعادة تنشيط الدبلوماسية الكويتية التي فقدت كثيراً من رونقها ودورها في السنوات القليلة الماضية.

عن الكاتب

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *