جاءنا الآن
الرئيسية » ألبومات » ادمجوا التكنولوجيا بالقلب:أجيال جديدة لا تتخيل الحياة بدون الذكاء الاصطناعى

ادمجوا التكنولوجيا بالقلب:أجيال جديدة لا تتخيل الحياة بدون الذكاء الاصطناعى

وحدة الذكاء الاصطناعى

لا يعرفون ما هي الممحاة، ولا يشمّون صفحة جديدة، ولم يكتبوا حرفًا يدويًا منذ طفولتهم. وُلد أطفال اليوم في عصرٍ أصبح فيه القلم متحفًا، والذكاء الاصطناعي دليلًا. تغلغلت التكنولوجيا في كل مجال من مجالات الحياة – من الفصل الدراسي إلى مكتب الدفع، ومن المعلم إلى أمين الصندوق.لكن وراء الوعد بحياة أسهل، تظهر حقيقة مختلفة: نستهلك أقل ولكن ندفع أكثر، نوفر الوقت ولكن نفقد السيطرة – ونسمح للآلة بالتفكير نيابة عنا.
تحولت أنظمة مثل GPT من OpenAI بسرعة من مصدر معرفي إلى أداة لتغيير الواقع . أعلنت وول مارت، أكبر بائع تجزئة في العالم، مؤخرًا عن شراكة مع OpenAI. معًا، يُقدّمان رؤية جديدة للمستهلك تُسمى تجربة التسوق الذكية – وهو نظام يُتيح للمستهلكين التحدث مع مساعد ذكي يفهم عاداتهم، ويدرك احتياجاتهم، ويُجري طلباتهم فورًا من خلال عملية دفع فورية.
لا يحتاج العميل إلى البحث أو المقارنة أو ملء النماذج. ما عليه سوى تحديد احتياجاته، فيضيف النظام المنتجات المناسبة، بل ويقترح إكمالها. تُغيّر هذه الخطوة نظرتنا إلى التسوق: فالمتجر يُصبح حوارًا، والحاسوب شريكًا فاعلًا في اتخاذ القرار.
من الادخار إلى الاعتماد: عندما تعرفنا الحكمة جيدًا
للوهلة الأولى، يبدو الأمر مثاليًا – فالذكاء يوفر الوقت، ويمنع الأخطاء، ويُقلل الهدر. لكن وراء هذه البساطة يكمن نظام معقد لجمع البيانات، وتحليل العادات، وبناء ولاء عميق للمستهلك.
عندما يتعلّم النظام متى نشرب قهوتنا، أو أيّ يوم نشتري وجبة خفيفة، أو عدد مرّات طلبنا عبر الإنترنت شهريًا، فإنّه لا يُسهّل علينا الأمور فحسب، بل يُشكّل عاداتنا الشرائية أيضًا. هذا يخلق حالة يشعر فيها المستهلك أنّه يُوفّر، بينما في الواقع يُنفق أكثر. الذكاء لا يعكس الشخص فحسب، بل يُكوّنه أيضًا.

ادمجوا التكنولوجيا بالقلب:أجيال جديدة لا تتخيل الحياة بدون الذكاء الاصطناعى

التغيير واضحٌ جليًا في النظام التعليمي. يواجه أطفال الصف السادس صعوبةً في كتابة نصوص قصيرة يدويًا، لكنهم يكتبون بسهولة. لا يُركز المعلم على حفظ الصيغ، بل يُعلّمهم كيفية طرح الأسئلة على الحاسوب بشكل صحيح.أصبح الذكاء الاصطناعي هو المعلم الجديد، إذ يُقدم إجابات فورية، ويُنشئ مخططات بيانية، ويُقدم شروحات بلمسة زر. من جهة، وُجد التعلم المُخصص والمتقدم، ومن جهة أخرى، تضرر التفكير النقدي. يتمتع الجيل الشاب بذكاء عالٍ، لكنه يُعاني من ضعف التركيز، واعتماد متزايد على الأجهزة، وشعور بالرضا الفوري.
سوق العمل يتغير.
لا يقتصر تأثير الذكاء على الفصول الدراسية فحسب، بل يمتد إلى أماكن العمل أيضًا. وتشهد مهن مثل ممثلي خدمة العملاء، وأمناء الصناديق، ومحرري المحتوى، والمترجمين، والسائقين تراجعًا.
وفي الوقت نفسه، تظهر مهن جديدة، مثل مهندسي الاستجابة السريعة، ومحللي بيانات الذكاء الاصطناعي، ومدربي أخلاقيات التكنولوجيا، ومصممي تجربة المستخدم الرقمية. لا تُلغي الآلة بالضرورة الإنسان، ولكنها تتطلب منه أن يتعلم التحدث بلغتها وأن يكون جسرًا بينها وبين البشرية.
تُثبت وول مارت كيف يُمكن للذكاء الاصطناعي أن يُحدث نقلة نوعية في عالم التجزئة. فقد نجحت الشركة في اختصار وقت تطوير التحصيلات بـ 18 أسبوعًا، ومعالجة مشاكل خدمة العملاء أسرع بنسبة 40%. لكن الابتكار الأبرز يكمن في نموذجها الجديد – التجارة الاستباقية.لا ينتظر النظام طلب العميل، بل يتوقع احتياجاته مسبقًا: قبل نفاد الحليب، يُعرض عليه طلب جديد؛ وقبل العطلات – الهدايا؛ وقبل العاصفة – معدات الشتاء. وهكذا يتحول الذكاء الاصطناعي من مساعد للمشتري – إلى مستشار تسويق يُسهم في رسم ملامح المستقبل.

ادمجوا التكنولوجيا بالقلب:أجيال جديدة لا تتخيل الحياة بدون الذكاء الاصطناعى

الفجوة الرقمية: من يتخلف عن الركب؟
لا ينطلق جميع المستهلكين من نفس النقطة. يتعرض أطفال العائلات المؤثرة للتكنولوجيا منذ الصغر، بينما يصل آخرون إلى مرحلة البلوغ بعجز في المعرفة الرقمية يصل إلى عشرات المليارات. وهكذا، تنشأ فجوة اجتماعية جديدة – لا تقوم على المال، بل على الوصول إلى المعرفة. إن الفهم الذي يُفترض أن يُسد هذه الفجوات – قد يُعمّقها في الواقع.
ثورة معدات المكتب: من القلم إلى الشاحن
سلاسل متاجر مثل كرافيتز وأوفس ديبوت، التي كانت تُعرف سابقًا بالأقلام والدفاتر، تملأ رفوفها الآن بالأجهزة اللوحية وسماعات الرأس وأجهزة الشحن. طفل عام ٢٠٢٥ لا يحتاج إلى قلم رصاص، بل إلى سحابة.
عندما يتعطل الكمبيوتر – نتعطل نحن أيضًا
خلال انقطاع عالمي لخدمة ChatGPT، أُبلغ عن شعور عشرات الآلاف من الطلاب بالارتباك. ولم يتمكن بعضهم من مواصلة مهام بسيطة. واعترف أحد طلاب المرحلة الثانوية قائلاً: “لا أعرف كيف أصل إلى مكان جديد بدون ملاحة رقمية، أو أحل مسألة بدون آلة حاسبة”. يطرح هذا الاعتماد على التكنولوجيا سؤالاً صعباً: هل يمكننا العمل في عالم بدون حاسوب؟

اعرف أكثر

كوارث الذكاء الاصطناعي العسكري(دراسة شاملة من تجارب عدة دول)

المستقبل: السيطرة أو التحرير
قد يؤدي الذكاء إلى زيادة الإنتاجية وخلق وظائف جديدة، ولكن إذا لم نعرف كيف نضع حدودًا، فسنواجه عالمًا يُسيطر فيه علينا. السيناريو المُحتمل هو مزيجٌ يبقى فيه الإنسان في المركز، ولكنه مُلزمٌ بالإشراف على الآلة.
النتيجة: المسؤولية تبقى على عاتقنا.
لن يختفي الذكاء الاصطناعي، بل سيستمر في التطور والتغيير. لكن مسؤولية الحفاظ على إنسانيتنا تقع على عاتقنا. أطفال اليوم بحاجة إلى تعلم البرمجة، ومعرفة متى يتوقفون. المستقبل لمن يجيدون دمج التكنولوجيا مع القلب.

عن الكاتب

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *