جاءنا الآن
الرئيسية » جاءنا الآن » إسلام كمال يسطر: لماذا لا ترد أسرتا مبارك وعبد الناصر على تجاوزات عميلة الموساد؟

إسلام كمال يسطر: لماذا لا ترد أسرتا مبارك وعبد الناصر على تجاوزات عميلة الموساد؟

إسلام كمال

مر على الكثيرين بسبب توالى الأحداث المتلاحقة في عدة ملفات خلال الأيام الأخيرة مقالا مهما لسميدار بيري، الكاتبة الإسرائيلية الشهيرة المتخصصة في الشئون العربية، والتى زارت مصر كثيرا، ومعروفة بعلاقاتها القوية مع الموساد، لو لم تكن أحد عناصره البارزين في الملف.

شاركت بيري من قبل الغيرة المهنية، أو ما هو أعمق من ذلك في الجدل الذي أثارته تحقيقات صحيفتها يديعوت أحرونوت، بقيادة زميلها رونين بيرجمان، عن حقيقة أشرف مروان، بمساحة معلوماتية موجهة ومليئة بالاسقاطات، تدين الرئيس الراحل حسني مبارك في بعض ترويجاتها، ولا أعرف كيف سكتت أسرة الرئيس الراحل على ذلك، بل وحتى مستشاريه والمقربين منه في هذه المرحلة.

لكنها في سياق عام، تسير مع مسار تحقيقات صحيفتها بالحديث حول كون أشرف مروان ملاك موت، لا ملاك خير، كما كانت تصفه قيادات إسرائيل والموساد وقت حرب أكتوبر.

إسلام كمال يسطر: لماذا لا ترد أسرتى مبارك وعبد الناصر على تجاوزات عميلة الموساد في يديعوت أحرونوت؟

وتشير حتى لشهادات الرئيس الراحل مبارك حول مراون، والتى تعتبر حاملة أوجة، رغم تقديره الاستثنائي له في جنازته وفي بيانه الشهير بعد مقتله الغامض.

ووصل بها الأمر إلى أن إدعت أن مبارك قال لها إن الرئيس الليبي الراحل من قتل مراون، وهو بذلك يؤكد الرواية التى تقرب بها للموساد، ثم قال لها إسألى زوجته ابنة الرئيس الراحل التى واجهت أبيها لتتزوجه.

ولا أعرف لماذا تسكت كل هذه الفترة أسرة عبد الناصر، خاصة أن المقال يتهم إبن الرئيس بقتل عدد من الإسرائيليين، ولماذا لا تتكلم أرملته وسط كل هذا الجدل، خاصة لو هو بطل بالفعل، وفقما تعترف أصوات كثيرة من العدو، بقيادة المخابرات الحربية الإسرائيلية الآمان، في مواجهة رواية الموساد.

إسلام كمال يسطر: لماذا لا ترد أسرتا مبارك وعبد الناصر على تجاوزات عميلة الموساد في يديعوت أحرونوت؟

والآن إلى نص مقال سميدار بيري، والذى عنونته بملاك الموت، مع تدخلات منى في حال تطلب الأمر ذلك.

(في أغسطس/آب 1985، بعد ساعات قليلة من اغتيال موظف السفارة الإسرائيلية في القاهرة، ألبرت أطرقجي، صعدتُ على متن طائرة متجهة إلى مصر. والتقيتُ بزميلي الراحل أرييه أراد، الذي أرسلته صحيفة “دافار” في المهمة نفسها. افترقنا فور هبوط الطائرة، حيث بقي أراد في المطار بانتظار النعش، بينما هرعتُ إلى المستشفى العسكري في المعادي، حيث كان جميع موظفي السفارة الإسرائيلية قد تلقوا العلاج.
في منتصف الليل، عدت أنا وأراد إلى الفندق، وصعد كلٌّ منا إلى غرفته. بعد ثلاث ساعات، سمعتُ صوتًا غريبًا، واكتشفتُ أن أحدهم وضع ورقةً تحت الباب، كُتب عليها بالعربية: “منظمة الثورة المصرية تعلم بوجود إسرائيلي في الغرفة”.

إسلام كمال يسطر: لماذا لا ترد أسرتا مبارك وعبد الناصر على تجاوزات عميلة الموساد في يديعوت أحرونوت؟

مع أنني لم أسمع بهذه المنظمة من قبل، إلا أنني شعرتُ بالقلق واتصلتُ بزميلي أراد، وطلبتُ منه التحقق، وبالفعل، وجد هو الآخر ورقةً تحمل الرسالة نفسها. وقرر أراد العودة إلى إسرائيل صباحًا، فاتصلتُ بالسفير الراحل موشيه ساسون، الذي أعلن أنه سيرسل سيارةً”.
بعد عامين، اتضح أن “زعيم” تنظيم “الثورة المصرية” – الذي أعلن مسؤوليته عن اغتيال الأطرقجي، وكذلك عن الهجوم على الدبلوماسي الإسرائيلي تسفي كايدر قرب منزله في القاهرة، ومقتل آتي تال أور، زوجة رئيس ديوان السفارة جيل تال أور، في هجوم خارج معرض القاهرة التجاري في مارس 1986 – لم يكن سوى الدكتور خالد عبد الناصر، الابن الأكبر للرئيس المصري الأسطوري جمال عبد الناصر. بعد أن حكم عليه المدعي العام في القاهرة بالإعدام شنقًا، بينما حرصت السلطات المصرية على تهريبه سرًا إلى يوغوسلافيا.

في ذلك الوقت، دُعيتُ لمقابلة مع الرئيس حسني مبارك، وتمحور الحديث حول “الثورة المصرية” وابن الرئيس السابق. طرح عليّ مبارك مسألة، وهي أن ابن عبد الناصر حُكم عليه بالإعدام من جهة، وأنه تقرر، من جهة أخرى، إبعاده سرًا من مصر لإنقاذ “العار”.

إسلام كمال يسطر: لماذا لا ترد أسرتا مبارك وعبد الناصر على تجاوزات عميلة الموساد في يديعوت أحرونوت؟

نصحني الرئيس الراحل بالاهتمام بالشخصية المحورية في القضية: شقيقته منى عبد الناصر، المعروفة بمعارضتها الشديدة لإسرائيل، واتفاقيات السلام، والتعاون الاقتصادي القائم آنذاك، والتطبيع.

استمعتُ إلى وصيته، وبدافع الفضول، بدأتُ أدرس شخصية السيدة. أول تفصيلٍ مثيرٍ للاهتمام اكتشفته كان قصة زواجها من أشرف مروان، رغم معارضة والدها الرئيس الشديدة.

ولم يتوقف الصحفي محمد حسنين هيكل، المقرب من عبد الناصر، عن إغداق السخرية على مروان، وكان الوحيد في عهد الرئيس السادات الذي أصرّ على تبني رواية الموساد الإسرائيلي بأنه خائنٌ عميلٌ مزدوج. وقبل ستة أسابيع من إقصائه على مسرح استعراض يوم الغفران التذكاري، “رضخ” السادات لهيكل بسجنه لأجلٍ غير مسمى.
في لقاءٍ آخر مع الرئيس مبارك، بعد عامٍ من وفاة مروان الغامضة في لندن، تجرأتُ على السؤال عمّن قتل “الملاك” حقًا.

إسلام كمال يسطر: لماذا لا ترد أسرتا مبارك وعبد الناصر على تجاوزات عميلة الموساد في يديعوت أحرونوت؟

نُقل نعش مروان جوًا إلى القاهرة ولُفّ بالعلم الوطني المصري، وقاد موكب الجنازة جمال مبارك، نجل الرئيس وقتها.

أصررتُ على إخباره بالنظرية الإسرائيلية القائلة بأن المخابرات المصرية قد صفّت حسابًا قديمًا مع مروان، فأبلغني مبارك بحسم: ليست إسرائيل ولا مصر، بل القذافي، الرئيس الليبي، هو من موّل تنظيم “الثورة المصرية”، وأرسل فريق اغتيال إلى لندن.
ذهبتُ لمقابلة الجنرال الراحل شلومو غازيت، قائد سلاح المخابرات، ولدهشتي، أيّد رواية مبارك، التي تفيد بأن مروان كان مبعوثًا مخلصًا للمخابرات المصرية، ورفض تبني ادعاء رئيس الموساد زفي زامير بأن “الملاك” كان أعظم من جواسيس إسرائيل، وأنه قدّم معلومات قيّمة. إلى يومنا هذا.

سميدار بيري

أتذكر جملة غازيت الساحقة: “سنعرف من مصدرنا مباشرةً عن إساءة مروان المشينة لزفي زامير ودولة إسرائيل”.
ومع ذلك، صعّبتُ الأمر على مبارك، فسألته، أقمتَ جنازةً مهيبة، ولَففتَ النعش بالعلم المصري، ولم تُرِد تسمية شارع أو ميدان باسم مروان؟ ولا حتى مسلسلًا تلفزيونيًا في شهر رمضان؟ نظر إليّ مبارك مستمتعًا. قال: “اسألوا منى عبد الناصر، هي وحدها من تعرف حقيقة ما حدث. لم يكن أشرف مروان يومًا عميلا إسرائيليا، من رؤيتنا.)

وانتهت مقالة بيري المعروفة بترويجاتها الموجهة، لهذا الحد لتزيد الجدل، أكثر منها تحسمه، بعيدا عن ترويجاتها المتجاوزة في حق الرئيس الراحل مبارك، والتى تصوره في إطار مستشارها وناصحها، رغم أن مبارك كان مشهورا بحواراته القوية والشرسة في. الإعلام العبري، مهما تغير المحاور، من ناحوم بارنياع لإيهود يعاري، وحتى سميدار بيري، حتى أن أصوات في إسرائيل كانت ترفض هذه الحوارات لتأثيرها على اتجاهات الرأى العام في إسرائيل. 

عن الكاتب

الوسوم

One thought on “إسلام كمال يسطر: لماذا لا ترد أسرتا مبارك وعبد الناصر على تجاوزات عميلة الموساد؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *