وحدة الرصد السوشيالى والقطاع الاقتصادي
وسط ارتفاعات متواصلة في أسعار السلع والخدمات، منها الخبز المدعم وحتى المترقب في الكهرباء والوقود وغيرها، تصل بعثة صندوق النقد الدولي القاهرة خلال أيام، وفق ما ورد في موقعه الإلكتروني، لمناقشة الموافقة على صرف الشريحة الثالثة لمصر بقيمة 820 مليون دولار على جدول اجتماعه التنفيذي يوم 10 يوليو المقبل، في وقت تتزايد فيه التوترات الجيوسياسية بالمنطقة من الحرب في غزة والاضطرابات بمنطقة البحر الأحمر والسودان، والتى تضرب الاقتصاد المصري في مقتل، رغم محاولات الإنعاش المقلقة في نتائجها حتى الآن.
الشريحة الثالثة المرتقبة والتى تأتى في وقت عصيب، تأتى بعد أن تسلمت مصر الشريحة الأولى والثانية بقيمة 1,62 مليون دولار في أبريل الماضي من إجمالي قرض الصندوق البالغ 8 مليارات دولار لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، بخلاف تسلم مصر شريحة بقيمة 347 مليون دولار في ديسمبر 2022 عقب إقرار الموافقة على القرض.
كان الصندوق أعلن الشهر الماضي عن التوصل مع السلطات المصرية إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن مجموعة من السياسات والإصلاحات الشاملة اللازمة لاستكمال المراجعة الثالثة بموجب اتفاق تسهيل الصندوق الممدد.
ويخضع صرف كل شريحة من قرض صندوق النقد الدولي المقسم إلى 8 شرائح على مدار 46 شهرا بعد مراجعة دورية كل 6 أشهر للتأكد ومدى التزام الحكومة المصرية بتنفيذ التعهدات المتفق عليها في برنامج الإصلاح.
طلبات النقد الدولى الجديدة
يحث صندوق النقد الدولي بشكل دائم مصر بالالتزام بسعر صرف مرن الذي يعد أهم مطلب له لضمان استمرار استكمال صرف القرض، بحيث يتم تحديد قيمة الجنيه مقابل الدولار والعملات الأجنبية الأخرى وفق آلية العرض والطلب دون تدخل من البنك المركزي بدعم العملة المحلية.
وقال الصندوق في تقرير سابق له حول اكتمال المراجعة الثالثة، إن سعر الصرف المرن يظل حجر الزاوية في برنامج الاقتصاد الكلي الذي تنفذه السلطات المصرية، وظروف التمويل في مصر تحسنت منذ تحرير سعر الصرف في مارس الماضي.
ثناء الصندوق على مصر
ويرى الصندوق أن هذه الجهود قد بدأت في تقديم توقعات أفضل، وتحسين توافر العملات الأجنبية، وبدء التضخم في التباطؤ، وعلامات الانتعاش في معنويات القطاع الخاص.
ومع ذلك، أشار الصندوق إلى أن المخاطر السلبية بالآفاق الاقتصادية لا تزال تتأثر بتداعيات الصراع في غزة وإسرائيل ومخاطر استمرار الاضطرابات التجارية في البحر الأحمر، مما يؤثر سلبًا على إيرادات قناة السويس.
التشديد النقدى
دعا صندوق النقد الدولي البنك المركزي المصري إلى الاستمرار في سياسة التشديد النقدي- التي تعني استمرار أسعار الفائدة المرتفعة وعدم التعجل بخفضها- بهدف كبح جماح التضخم والعودة به إلى المستهدفات المعلنة.
وقال صندوق النقد الدولي، إن الحكومة المصرية وبعثة الصندوق اتفقان على ضرورة أن تظل شروط السياسة النقدية متشددة على المدى القصير للمساعدة في خفض التضخم نحو المستوى المستهدف للبنك المركزي.
استجابة المؤشرات الاقتصادية
وبدات المؤشرات الاقتصادية تستجيب لقرارات البنك المركزي وشهد معدل التضخم تحسنا بعد أن تراجع إلى 28.1% على مستوى المدن وهو أقل معدل له منذ آخر 17 شهرا ولكن يظل أعلى من مستهدفاته بين 5% إلى 9% بنهاية الربع الأخير من 2024.
وأكد البنك المركزي أن التضخم سيبدأ في التراجع بشكل أسرع خلال النصف الأول من 2024 بعد تحسن أدوات عرض السلع وتوحيد سعر الصرف.
45 مليار دولار تدفقات نقدية
تسلمت مصر خلال آخر 4 أشهر نحو 45 مليار دولار تدفقات نقد أجنبي على شكل استثمارات مباشرة وقروض واستثمارات أجنبية غير مباشرة، بما ساهم في تخفيف ضغوط تفاقم أزمة النقد الأجنبي على مصر.
وجاءت أكثر من نصف هذه التدفقات على شكل استثمارات مباشرة بعد أن تسلمت مصر نحو 24 مليار دولار في فبراير ومارس ومايو الماضي من شركة أبو ظبي التنموية القابضة المملوكة لدولة الإمارات لتطوير رأس مدينة رأس الحكمة، بجانب تسوية ودائع إماراتية مستحقة على مصر بقيمة 11 مليار دولار.
صفقة رأس الحكمة
قال الصندوق إن صفقة رأس الحكمة الاستثمارية الأخيرة تعد تطوراً اقتصادياً إيجابياً، وقد شجعت بعثة الصندوق السلطات المصرية على مواصلة الكشف عن المعلومات حول هذا المشروع.
وأكد الصندوق أنه بالنظر إلى التدفقات الرأسمالية الكبيرة المحتملة لمشروع رأس الحكمة ستكون الإدارة السليمة أمرا بالغ الأهمية لتجنب أي تحديات اقتصادية كلية مدمرة يمكن أن تقوض هدف السلطات المتمثل في تنويع الاقتصاد المصري وتحقيق نمو أكثر شمولا.
“وتحقيقا لهذه الغاية، تعمل السلطات المصرية على وضع خطط طوارئ لمواجهة هذه التحديات بشكل مناسب، حسب الحاجة” بحسب الصندوق.
كانت بيانات للبنك المركزي أظهرت دخول نحو 20 مليار دولار استثمارات أجنبية غير مباشرة في أذون الخزانة خلال أول شهر لتحرير سعر الصرف في مارس الماضي ليقفز إجمالي الرصيد إلى مستوى قياسي إلى نحو 33.6 مليار دولار.
وبحسب الصندوق، من الآن فصاعدا، يجب أن تركز الجهود الإضافية للحكومة المصرية على تعبئة الإيرادات المواتية للنمو، من خلال ترشيد الإعفاءات من ضريبة القيمة المضافة، عنصرا هاما في هذه الاستراتيجية.