عثمان الأسباطى وبتصرف من وحدة الرصد السوشيالى والافتراضي
عيد الفطر في غزة لا يختلف كثيرا عن السودان ، رغم اختلاف المسببات من الاحتلال للحرب الأهلية ، أجواء كئيبة مليئة بالحزن، بدلا من التهنئة بالعيد ، يهنئون بعضهم على أنهم لايزالوا أحياء ، ويتمنون وقف الحرب ، ويترقب الدعوة للقاء تفاوضل بعد نهاية عيد الفطر.
حل عيد الفطر وسط ظروف بالغة التعقيد، بخاصة الأوضاع الإنسانية والمعيشية واشتداد حدة الفقر نتيجة توقف الأعمال اليومية، فضلاً عن أزمة الرواتب التي تفاقمت وتوقف الدخل المحدود لآلاف الموظفين في القطاعين العام والخاص منذ نحو عام.
ولم يعد بمقدورهم توفير حاجاتهم اليومية من الغذاء، فكيف سيكون بمقدورهم شراء مستلزمات العيد؟، وأين هى أساسا؟!
صلوات العيد في الولايات الآمنة
اقتصرت صلاة العيد في الخرطوم على المساجد بدلاً من الميادين القريبة من المنازل، وفي الولايات الآمنة والتي لم تطلها الحرب.
قررت السلطات إلغاء صلاة العيد في الساحات والالتزام بها داخل المساجد خشية التعرض لهجوم.
خصوصاً بعد أن شهدت مدينة عطبرة شمال البلاد هجوماً بواسطة طائرة مسيّرة خلال إفطار رمضاني، علاوة على القصف الجوي الذي استهدف بمسيرات تابعة لقوات “الدعم السريع” مدينة القضارف شرق الخرطوم.
وركز أئمة المساجد في خطبهم على الدعوة إلى السلام ونبذ العنف وتعظيم حرمات المسلمين، وكذلك حثوا الناس على التعاضد والتكافل في هذه الظروف العصيبة.
واستبدل المواطنون التهنئة التقليدية “كل عام وأنتم بخير” بعبارات أخرى يتمنون فيها السلامة لبعضهم البعض.
الحزن أطبق على السودان
عبد المنعم عمر، أحد الموجودين بمنطقة الجريف في الخرطوم، قال إن “الحزن أطبق على أرجاء البلاد.
وغيبت الحرب قسرياً عادات أصيلة في هذه المناسبة السعيدة بوصفها سانحة للتصافي والتسامح والعفو، ولم يفلح كثر في الوصول إلى أسرهم خشية تعرضهم للخطر”.
وأضاف أن “الأعياد أصبحت كئيبة على السودانيين منذ العام الأول للانقلاب الذي نفذه البشير عام 1989.
كما أفسد الصراع المسلح الفرحة على الناس في عيد الفطر عام 2023، وتلاه الأضحى، وتكرر الأمر في هذا اليوم المبارك”.
وأوضح عمر أن “الأطفال في غالبية أحياء العاصمة لم تسمح لهم ظروف الحرب بالتمتع بأنسهم البريء، لا هرولة إلى ميدان صلاة العيد وطرقات الخرطوم أشبه بمدينة أشباح”.
نفاذ المدخرات
وتقول مريم أحمد، ربة منزل تقطن في أم درمان، إن “نفاد المدخرات المالية اضطرها لصرف النظر عن شراء حاجات العيد لأطفالها، لذلك لم تقدم المعايدة لجيرانها بعدما عجزت عن شراء ثياب جديدة للصغار”.
وأضافت أن “عدداً كبيراً من السكان تعاملوا مع عيد الفطر كيوم عادي لا يختلف عن بقية الأيام، نظراً لظروف الحرب والأوضاع الاقتصادية المتردية”.
وأشارت إلى أنها تشعر بخيبة أمل كبيرة كونها لم تتمكن من إسعاد أبنائها في مناسبة تتكرر مرة واحدة في العام.
شقيقه المغترب أنقذه
لكن المواطن أنس الشيخ من منطقة الكدرو في بحري، نجح في توفير مستلزمات العيد، وعن ذلك يقول إن “الأولويات في مثل هذه الظروف الصعبة والغلاء الفاحش هي للأطفال، لأنهم يتمتعون باهتمام كبير لدى الأسر.
لذلك حرصت على شراء كل حاجاتهم وصرفت النظر عن الجلباب الأبيض والعمامة والشال والثوب والحذاء لي ولزوجتي”.
ولفت إلى أن “شقيقه المغترب أرسل مبالغ مالية لأسرته، وبفضل ذلك تمكن من توفير المستلزمات الضرورية”.
يوم كبقية الأيام
وفي مراكز الإيواء بمدن السودان المختلفة، حل عيد الفطر كأنه يوم كبقية الأيام، حاملاً غصة النزوح عن المنازل، إذ لا تغيب مظاهر العيد ولا تغيير طارئ يشير إلى قدومه ولا رائحة للكعك أو المأكولات التي تنبعث من مراكز النزوح.
مؤيد فاروق الذي يقيم في مركز أبو بكر الصديق للإيواء بمدينة سنار جنوب الخرطوم، قال إن “مظاهر العيد اقتصرت على التكبيرات والصلاة، وتجمع الأطفال تحت أشجار المدرسة التي يقيمون فيها للعب”.
العودة للمنزل هى العيد الحقيقي
ويحلم فاروق بالعودة إلى منزله في مدينة أم درمان، على رغم تعرضه لتدمير جزئي، لكنه يرى أن الإقامة فيه بحاله أهون عليه من المعاناة القاسية في مراكز الإيواء.
ولفت إلى أنهم كانوا يظنون أن “الأمور ستؤول إلى الأفضل مع مرور الأيام، ويمكن أن تنجح المساعي والمبادرات في إنهاء الحرب.
لكنها سارت عكس التوقعات، وأصبحنا اليوم على يقين أن العودة مؤجلة إلى إشعار غير معلوم”.
منال عبد الحليم التي تقيم في مركز الصفاء للنازحين بمدينة ربك جنوب الخرطوم، أشارت إلى أن “المعاناة نفسها تتجدد مع فجر كل يوم جديد.
بالتالي فقد الفارون من ويلات الصراع المسلح الشعور بطعم العيد بعد أن غادروا منازلهم مجبرين”.
وأوضحت أن “الأوضاع الاقتصادية حرمت الغالبية من شراء ملابس جديدة أو ألعاب للأطفال لإدخال البهجة في نفوسهم”.
وواصلت عبد الحليم “بعض الخيرين قدموا مواد غذائية وصحية للنازحين، لكنها لا تكفي نظراً لوجود الآلاف في مراكز الإيواء”.
عيد الشتات
وهناك آلاف السودانيين الذين استقبلوا عيد الفطر في دول الجوار الأفريقي للمرة الأولى، خصوصاً أوغندا وكينيا وكذلك مصر وأثيوبيا.
واعتبر مهند بكري الذي لجأ إلى القاهرة أن “هناك ألفة بينهم وبين المصريين لتشابه طقوس العيد، لكن يظل الحنين إلى السودان نظراً لأهمية وجود تجمعات الأسر في المنازل وزيارة الجيران لتقديم تهاني العيد”.
وأضاف أنه يفتقد “الأجواء في بلاده ولمة الجيران وأمسيات شارع النيل ومعايدات الأحياء في العاصمة بمدنها الثلاث بحري وأم درمان والخرطوم”.
ولفت بكري إلى أن “العيد في الغربة لا يقارن بالسودان، على رغم وجود كثير من الأسر تمارس طقوساً متنوعة”.
العيد في جوار السودان
حاتم محمود، الذي استقر مع أسرته في كينيا، قال إنه “لم يتوقع أن يأت يوم ويقضي العيد خارج السودان بعيداً من منزله في أم درمان، حيث التقاليد والطقوس مميزة مقارنة بالمجتمعات في دول الجوار”.
وأضاف محمود “نفتقد الجيران والأقارب الذين اعتدنا أن نكون معهم في عيد الفطر كل عام، فضلاً عن السفر إلى الولايات لحضور مناسبات الأفراح”.
وواصل القول “الحرب أجبرت آلاف المواطنين على النزوح وحرمتهم من قضاء عيد الفطر في بلادهم ووسط الأهل والأصدقاء، وهو أمر مؤسف ومحبط.
One thought on “فطر كئيب حزين: السودانيون يحلمون بالعودة لبيوتهم والسلام..هذا هو العيد الحقيقي”قصص وصور””