من مكتب إندكس دمشق/ أشرف التهامى
كان من المهم، ونحن في قلب المعمعة السورية، أن نعرف ماذا يقول الإسرائيليون عنا، وما الجديد الذي يرتبوه لنا، وهم بدأوا بالفعل في إطلاق النيران على اخواننا في المنطقة العازلة ، الذين خرجوا للتظاهر ضدهم ، وهم من كانوا يدعون أنهم تواصلوا معهم بعدما ظمروا كل جيشهم التى تركت أسلحته وحيدة بعد احتجاج صامت غير تقليدى من نوعه، ونشر الإعلام العبري صور وفيديوهات تزعم مدى علاقاتهم الطيبة مع السكان المحليين، وفضحتهم الاختبارات الأولى، كما يبدو
ونرصد هذه المرة دراسة بعنوان “الحرب في عصر المفارقات ” والتي تناولا فيها باحثان إسرائيليان مخضرمان بمركز ألما البحثي الشهير ،هما :
شاحار شوشات – نائب رئيس الاستراتيجية في قسم أنظمة الدفاع الجوي في رافائيل والقائد السابق لقوات الدفاع الإسرائيلية.
يائير راماتي – رئيس شركة RSL ورجل أعمال. الرئيس السابق لإدارة “هوما” في وزارة الدفاع.
وتدور الدراسة الإسرائيلية حول تطور حروب إسرائيل في المنطقة وتحولات المنافسة بينها وبين خصومها في المنطقة و محاولات كل خصم وطرف للسبق و الإبتكار والتحايل في سباق التسلح ، كما اختالا الباحثان في تلك الدراسة بالتفوق الإسرائيلي على خصومها عسكرياً، وهو الأمر الذي يؤثر على سوريا والمنطقة العربية، لذلك نهتم بإبرازها
تفيد الدراسة الإسرائيلية أنه دفع التفوق العسكري والجوي والاستخباراتي الإسرائيلي أعداءنا تدريجياً إلى حافة الهاوية وإلى الاستجابة غير المتكافئة، والتي أثبتت فعاليتها في كثير من الأحيان: تحت الأرض، وطائرات مسيرة، مجموعة متنوعة من الطائرات بدون طيار، وفي نظرة واسعة النطاق لساحة الحرب الجوية، يمكن تصوير ثلاث فترات:
في الفترة الأولى.
من تأسيس دولة إسرائيل حتى الثمانينيات والتسعينيات، تعرضت دولة إسرائيل لسلسلة من المواجهات المتناظرة في الغالب، في مواجهة الدول العربية إلى جانب تورط القوى العظمى في عالم ثنائي القطب.
في الفترة الثانية.
التي بدأت تتشكل ببطء منذ التسعينيات، هي انتقال تدريجي إلى المواجهات غير المتكافئة، مصحوبة بتحركات دبلوماسية في مواجهة الفلسطينيين وجيرانها.
في الفترة الثالثة.
التي برزت في السنوات الأخيرة، في ضوء ترسيخ السيطرة الإيرانية على المنظمات التابعة حول إسرائيل في الدائرة الثانية والثالثة، ينشأ عالم متكامل، قد يسميه البعض “هجين”: متماثل وغير متماثل في نفس الوقت.
مراحل الصراعات – متماثلة/غير متماثلة
الفترة الأولى: القتال المتماثل.
في البداية، منذ حرب الاستقلال، خاضت القوات الجوية الإسرائيلية معارك ضد القوات الجوية المصرية والسورية والعراقية وغيرها، في ظل ظروف صعبة اتسمت بضعف عددي وفي بعض الأحيان نوعي.
وقد تعاملت القوات الجوية الإسرائيلية بنجاح مع القوات الجوية المعارضة لها. وبلغت ذروتها خلال حرب الأيام الستة، (حرب 1969.)
مع ظهور أنظمة الدفاع الجوي الجديدة من الكتلة الشرقية، وخلال حرب الاستنزاف وخلال حرب يوم الغفران (حرب 1973)، تكبدت القوات الجوية الإسرائيلية خسائر كبيرة وتآكلًا في قوتها عندما تعلق الأمر بمواجهة أنظمة الدفاع الجوي هذه. في ذلك الوقت، ظهرت عبارة “الصاروخ ثنى جناح الطائرة”.
من هذه النقطة، واصلت القوات الجوية الصراع بتنسيق متماثل، وفي أقل من عقد من الزمان، بنى سلاح الجو قدرة عملياتية تغلبت ليس فقط على الدفاعات الجوية ولكن أيضًا على مجموعة الطائرات السورية.
وتضيف الدراسة الإسرائيلية التى نستعرضها، نجحت إسرائيل في تحقيق هذا الهدف من خلال الجمع بين التطور والاستخبارات عالية الجودة والتكنولوجيا (الطائرات المسيرة) والجرأة العملياتية. وقد تم الحفاظ على هذا التفوق الجوي حتى يومنا هذا، بعد أكثر من 40 عامًا من عملية “ارتساف 19” في 9 يونيو 1982، والتي تم خلالها تدمير 19 بطارية صواريخ أرض-جو، وإسقاط 23 طائرة تابعة للقوات الجوية السورية.
وفي المجموع، بحلول يونيو 1982، تم إسقاط ما لا يقل عن 80 إلى 85 طائرة سورية في حرب لبنان الأولى! ومع ذلك – لم تقع إصابات في صفوف القوات الجوية الإسرائيلية.
منذ ذلك الحدث المحوري، ولعدة عقود، حافظت القوات الجوية الإسرائيلية على السيطرة الكاملة على أجواء الشرق الأوسط، سواء ضد طائرات مقاتلة معادية أو ضد أنظمة الدفاع الجوي الخاصة بها. هذا ليس واضحًا؛ انظر ما يحدث في أوكرانيا في المواجهة مع القوات الجوية الروسية (VKS).
الفترة الثانية: الانزلاق نحو الصراعات غير المتكافئة.
لقد انعكس الجمع بين نجاح سلاح الجو الإسرائيلي والمناخ السياسي الجديد وتوافر أنظمة الإطلاق الإحصائية والدقيقة تدريجياً في تبلور القدرات غير المتكافئة لدى المنظمات الفلسطينية ووكلاء إيران وغيرهم. ومعظمهم بدعم إيراني مستمر.
في المرحلة الأولى، ظهرت الأسلحة عالية المسار ــ لم تعد صواريخ “سكود” العادية وبعيدة المدى، في أيدي البلدان المحيطة بنا، بل مجموعة رائعة من الصواريخ المرتجلة والموحدة وحتى المحسنة بكميات لا يمكن تصورها، ومعظمها في أيدي وكلاء مختلفين. وفي وقت لاحق، ظهرت أيضا إلى جانبها طائرات مسيرة صغيرة بدرجات متفاوتة من التطور.
مع الاستحواذ على ذخائر الصواريخ عالية المسار، شهدنا نشاطا إرهابيا من جميع الأنواع. كما أصبح المجال الجوفي، الذي تم استيراده من الخارج، بعدا صعبا في ترسانة الوسائل التي تستخدمها الكيانات المجاورة لإسرائيل، وبعد ذلك، ظهرت الطائرات المسيرة المصنعة في إيران إلى جانب الطائرات التجارية المسيرة التي خضعت للتحويل عند شرائها.
وفي مواجهة كل هذا، أصبحت القوة الجوية الإسرائيلية أقل أهمية. وهذا يعني أن تفوق إسرائيل في الجو وفي الاستخبارات يواجه صعوبة في التعبير عن تفوقها في مواجهة هذه القدرات الجديدة.
وعلاوة على ذلك، فإن وجود الطائرات التجارية المسيرة والمركبات الجوية الصغيرة غير المكلفة في أيدي العدو يخلق وضعا صعبا لجميع منظمات البحث والتطوير والدفاع في العالم الغربي، وفق الدراسة الإسرائيلية.
كما ظهرت في العالم البحري أسس الحرب غير المتكافئة الفعالة إلى حد ما. معظم هذه السفن يديرها الحوثيون أو الأوكرانيون، الذين يوازنون إلى حد كبير تفوق الدول ذات القوى البحرية الحديثة.
الفترة الثالثة – الهجين: مزيج من التهديدات غير المتماثلة والمتماثلة
هذه فترة جديدة ومثيرة للاهتمام، والتي انزلقنا إليها مؤخرًا جدًا. وفي هذا النطاق، يتعين على إسرائيل التعامل مع التهديدات والقدرات المشتركة لخصوم إسرائل، حسب نص الدراسة الإسرائيلية التى نستعرضها معا لليقظة لأهدافهم.
بعض التهديدات، مثل الطائرات المسيرة والمركبات الجوية غير المأهولة والصواريخ، غير متماثلة، في حين أن بعضها الآخر متماثل تمامًا. على سبيل المثال: الطائرات المسيرة الحديثة، وقوات المشاة، والأسلحة الحديثة، والأسطول الإيراني العامل في المنطقة، والصواريخ الباليستية، والدفاع الجوي الحديث، وربما قريبًا أيضًا الطائرات المقاتلة الروسية الحديثة في خدمة القوات الجوية الإيرانية.
التحديات التي تفرضها التهديدات غير المتكافئة
من الناحية التكنولوجية – تتغذى العديد من تطبيقات التهديدات غير المتكافئة على التقنيات المدنية أو الأنظمة التي تمكن الاستخدام المزدوج. بالإضافة إلى الطائرات المسيرة المذكورة أعلاه، أصبح الوصول إلى المركبات الجوية غير المأهولة سهلاً وبسيطًا، بما في ذلك مجموعات تحويل المركبات الجوية غير المأهولة، وانخفض سعر الدقة مع إدخال أجهزة استقبال GNSS القوية وشبكات الاتصالات الفعّالة والاتصالات عبر الأقمار الصناعية شبه التجارية وما شابه ذلك.
البنية الأساسية والقوى العاملة المهنية .
منذ اللحظة التي تتغلغل فيها الأنظمة والتكنولوجيات ذات الاستخدام المزدوج في السوق جنبًا إلى جنب مع القوى العاملة التكنولوجية والهندسية الموجودة في الشرق الأوسط، يصبح التنفيذ مسألة توقيت فقط: “متى؟” وليس “إذا”، وفق الدراسة الإسرائيلية
البنية الاقتصادية .
إن توافر الأنظمة الفرعية والتكنولوجيات على مستوى “جيد بما فيه الكفاية” (بالمصطلحات المهنية)، يسمح للخصم بتحويل السفن إلى مركبات جوية غير مأهولة بتكاليف أقل بمقدار مرتبة أو مرتبتين من حيث الحجم من أي صناعة غربية موازية أخرى.
خلاصة الدراسة الإسرائيلية.
إن إسرائيل لا تختار أعداءها أو الأنظمة التي سوف يستخدمونها في القتال. ولذلك فإنها مطالبة بالتعرف بسرعة على التهديدات التي تتغير من عقد إلى عقد والتعامل معها.
والواقع أن الحدث الذي أدى فيه تفوق سلاح الجو (وغيره) إلى دفع أعداءنا إلى مسار غير متماثل، الأمر الذي يجعل من الصعب أحياناً التعبير عن التفوق الإسرائيلي، يتطلب سلوكاً دقيقاً وتطلعياً إلى الأمام مقترناً بالمرونة العملياتية التكنولوجية.
وحتى في بيئة غير متماثلة، من الممكن العمل بكفاءة وجرأة ورشاقة وإبداع لا تزال تميز صناعة الدفاع والفروع المختلفة لمؤسسة الدفاع، مع الحفاظ على الميزة المتأصلة للجيش الإسرائيلي في المستقبل أيضاً، وهى السيطرة الجوية مهما حدث من تغيرات، وفق الدراسة الإسرائيلية.