جاءنا الآن
الرئيسية » جاءنا الآن » رسالة موجعة:أنين النازحين..حياة أقرب للموت يقاسيها الفلسطينيون منذ 100 يوما

رسالة موجعة:أنين النازحين..حياة أقرب للموت يقاسيها الفلسطينيون منذ 100 يوما

أخواننا وأهلنا وأحبتنا

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نحن النازحون ..
هل سمعتم بهذا المصطلح من قبل ؟
دعوني أخبركم ..
لقد هجرنا من بيوتنا بعد أن قصفت على رؤوسنا .. وخرجنا من تحت الركام والردم والأنقاض بأعجوبة بفضل الله ورحمته ..نعم نجونا من الموت ولكننا لا نعلم هل سننجو من الجوع والمطر والبرد الشديد ..
الأمطار تغرق خيامنا التي بنيناها من النايلون والخشب .. وأغطيتنا الرقيقة التي لا تقي من برد الشتاء ..هل تصدقون أننا في كل ليلة ندعو الله أن يحبس الأمطار ويمنعها عنا حتى لا تغرق الخيام ..

المواد الغذائية الأساسية شبه معدومة ..بالكاد نجد قوت يومنا ..المياه نصطف طوابير للحصول عليها ..

أرسلنا نطلب فتوى بجواز التيمم بدل الاستحمام ..
تخيلو بناتنا ..بناتكم..بنات المسلمين ..حين يطهرن من الحيض يبكين بحرقة لاضطرارهم للتيمم بدل الغسل ..
هل تعلمون لماذا ؟
لأننا لا نملك ترف الاغتسال..
لأننا لانملك سوى دورة مياه واحدة لعدد كبير من النازحين للرجال والنساء ..نصطف من أجل دخولها لقضاء الحاجة أعزكم الله ..وهي نفسها مخصصة للاغتسال ..عبارة عن خيمة صغيرة من النايلون بداخلها مرحاض يفرغ محتوياته داخل برميل ..قبل أيام إمتلأ البرميل وطافت القاذورات ..
وإذا أردنا الاستحمام يجب إنتظار يوم تشرق فيه الشمس لنتمكن من إشعال الحطب لتسخين المياه لنتجنب البرودة الشديدة وإلا أصبنا بالمرض حيث يندر العلاج ..تقوم الأمهات بحراسة خيمة الحمام لتشعر بناتها ببعض الأمان أثناء الاستحمام .. لأن دورة المياه موجودة في الخلاء ..
الخوف الأكبر الذي نعيشه عدا الق/صف المتواصل ..هو اضطرارنا لدخول دورة المياه في الليل ..حيث البرد الشديد ..والق/صف المتواصل ..عدا عن انتشار الكلاب الضالة وهجومها علينا ..

نضطر لإشعال الحطب لنتمكن من طهو ما يتوفر لنا من أرز أو مكرونة بالماء ..بالطبع اللحوم ترف نسيناه من مدة ولم نعد نذكره ..الفواكه ترف آخر لا نفكر فيه أصلا 
نستعيض عنها بصنف واحد يتوفر أحيانا من الحمضيات هو البرتقال
ومن الخضار هو الطماطم ..

نبكي حرقة على أطفالنا حين يطلبون الأكلات الطيبة فهذه ترف آخر نحاول إقناعهم بنسيانه
هنا لا شيبس ولا شوكولا ولا عصائر ولا أي نوع من حاجات الأطفال سوى البوشار أو الترمس أو البليلة أي الحمص المسلوق أو الحلاوة المخصصة لسوء التغذية الشديد الذي نحاول إقناعهم بأنه بديل للاكلات الطيبة..
والألم الأشد حين نحتال عليهم ليناموا بدون عشاء ..حيث يستيقظون من الفجر يتضورون من الجوع ..نضطر للخروج للبحث عما يسد جوعهم ..بعد ساعات طويلة من البحث لعلنا نجد أرغفة من الخبز تسمى الفراشيح نشتريها ٨ فراشيح رقيقة بما يقارب ٣ دولار ..يحتاج الفرد الواحد أقل شيء إلى ثلاث فراشيح فقط لتسد جوعه 

أتفه الأشياء نحتفظ بها ونحرص عليها كحرصنا على أثمن كنز ..

هل تعرفون قطعة الخبز التي كنا نجدها ملقاة في الشارع كيف كنا ونحن صغار نلتقطها ونقبلها ونضعها بجوار الحائط ..الآن إذا وجدناها وغالبا لا نجدها ..نلتقطها ونمسحها وربما نبللها بالماء كي نعطيها لأطفالنا لعلها تسد جوعهم ..

هل تصدقون أننا نغسل أكياس النايلون المستعملة أو نلصق المقطع منها لنعيد استخدامها ..

أي قطعة من الكرتون هي بمثابة غنيمة لا نفرط فيها ..حيث نستخدمها في إشعال الحطب..

المحارم الورقية المستعملة نعيد استخدامها في التنضيف ..وهي الآن مقطوعة تماما ونستعيض عنها بالأقمشية القطنية المتوفرة قليلا ..

الفوط النسائية نجد صعوبة بالغة في الحصول عليها ..نطلب من بناتنا الاقتصاد في استخدامها قدر الإمكان رغم ما قد يسببه هذا من مشاكل صحية لا تخفى عليكم ..

إخوتنا ..
هذا غيض من فيض ..
من معاناتنا اليومية في تأمين متطلبات الحياة الأساسية..
يقهرنا ويؤلمنا تخلي البعيد وخذلان القريب من إخوتنا العرب والمسلمين ..
ومع ذلك ..نحن بحمد الله وفضله صامدون ثابتون على أرضنا ..واثقون بوعد الله بالنصر والتمكين .. وهزيمة الع/دو واندحارهم من أرضنا المقدسة على أيدي شبابنا الطاهرة المتوضئة ..
نحن في غزة ..
أرض العزة ..
مقبرة الغزاة ..
من تصدرت وحدها للدفاع عن شرف الأمة ..
ولنا كل الفخر بهذا الاصطفاء .

دعاء نلزمه كل ليلة قبل النوم ..كنا نردده سابقا ولكننا للأسف لم نكن نفقه معناه ..
بل لم نكن نتخيل أننا في يوم من الأيام سنكون من الذين يحمدون الله على نعمة سقف الخيمة النايلون الذي نأوي إليه كل ليلة لأن غيرنا ينامون على الرصيف بدون سقف ..
(الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وأوانا فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي ..)

ودعاء في قنوتنا ..
إلهي ..
أنت ربي ورب المستضعفين..
إلى من تكلنا..
إلى بعيد يتجهمنا..
أم إلى عدو ملكته أمرنا ..
أم إلى أخوة خذلونا ..
إن لم يكن بك غضب علينا فلا نبالي..
لكن عافيتك هي أوسع لنا..
أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات،
وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة،
إن يحل علينا سخطك، أو يعم علينا غضبك،
لك العتبى حتى ترضى،
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وحسبنا الله على كل من خذلنا وتقاعس عن نصرتنا..
والله لن نسامحهم وسنحاججهم يوم القيامة حين نقف بين يدي الله تعالى العدل الجبار المنتقم .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

*أهلكم النازحون في غزة*

عن الكاتب

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *