وحدة حوض النيل
إقليم حوض النيل أصبح من المناطق الملعونة في العالم، ففى الوقت الذي تسلطت الأضواء العالمية أخيرا على الحرب الأهلية السودانية بعد جرائم ميلشيات الدعم السريع في منطقة الفاشر بدارفور، عادت العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا لتوتر ساخن جديد بسبب إصرار إثيوبيا على استعادة منفذ بحري عبر ميناء عصب الإريتري، وهو الأمر الذى ترفضه أسمرة بالطبع.
وتزامنت هذه التوترات مع قمة الرئيسين المصري والإرتيري أساسيا أفورقي، مع أنباء عن تحالف جديد بين إثيوبيا وكينيا.
ووصل الأمر، إلى تهديد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بالحرب إذا لم تُحل القضية سلمياً، متهمًا إريتريا بدعم جماعات مسلحة داخل إثيوبيا. التوتر يتصاعد وسط انقسامات داخل جبهة تحرير تيجراي، مع تحذيرات من صراع إقليمي واسع.
واعتبر آبي أحمد، أن ميناء عصب يقع ضمن حدود بلاده، وهو ما ترفضه العاصمة الإريترية أسمرة، ليتبادل الجانبان اتهامات بشأن دعم وتمويل جماعات مسلحة داخل الأراضي الإثيوبية، في وقت تتصاعد فيه المخاوف الإقليمية من احتمالات انزلاق القرن الإفريقي مجدداً إلى دوامة الصراع.

آبي أحمد، وخلال جلسة مخصصة في البرلمان للرد على استفسارات النواب حول قضايا وطنية وإقليمية، أكد أن إثيوبيا فقدت ميناءها البحري خلال 30 عاماً الماضية، جراء انفصال إريتريا واستقلالها، معتبراً أن القرار “غير قانوني”، بدعوى عدم اتخاذه من جانب مؤسسات إثيوبية، كمجلس الوزراء أو البرلمان الذي لم يكن موجوداً حينها، أو عبر استفتاء.
وقال: “لا يوجد دليل وثائقي يُظهر من اتخذ القرار الذي حرم إثيوبيا من حدودها على البحر الأحمر”، مضيفاً أن “مسألة حصول إثيوبيا على ميناء بحري أمر لا مفر منه”.
وكشف آبي أحمد عن تفاصيل محادثات سابقة بشأن المنفذ البحري، والتي لم تسر كما كان مأمولاً، وقال إنه أثار أمام الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، قضية ميناء عصب عند زيارته لإثيوبيا في العام 2018، عقب عودة العلاقات بين البلدين، لكن الرئيس الإريتري لم يبد استعداده.

وقال إنه “على الرغم من محاولات تطوير ميناء بالاتفاق مع إريتريا، لم تكن هناك رغبة في التعاون من جانب الحكومة الإريترية”.
وأضاف أن المحادثات المنتظمة لتطوير الفكرة لم تجد “استعداداً للرد على القضية بطريقة واضحة” من قبل الحكومة الإريترية.
وفقدت إثيوبيا منفذها البحري في العام 1993 بعد استقلال إريتريا.
وشدد آبي أحمد على أن مسألة وصول إثيوبيا للبحر هي “مسألة حتمية وجودية، ولا يمكن إيقافها”، وأن حصول إثيوبيا على المنفذ البحري لن يستغرق “سنوات مثل ما فقدناه 30 عاماً”، وأن بلاده “لن تبقى دولة مغلقة بعد الآن”.

ودعا رئيس الوزراء الإثيوبي الولايات المتحدة وروسيا والصين وأوروبا وإفريقيا إلى التوسط بين إثيوبيا وإريتريا في هذا الملف، معتبراً أن الأمر “ليس لصرف الأنظار عن الأوضاع الداخلية، وإنما مطلب قانوني وحق تم أخذه بطريقة غير قانونية”.
إثيوبيا تلوح بالحرب
وحذر رئيس الوزراء الإثيوبي إريتريا من الحرب، معتبراً أن نتيجتها “واضحة ومعروفة”، وقال إنه في حال اندلاعها، فإن إثيوبيا لديها “قوة كافية وموثوقة وقادرة على الحسم ولا أحد سيوقفها”.
وفي احتفال بالذكرى الـ118 لتأسيس قوة الدفاع الوطنية تحت شعار “أمة لا تُقهر، جيش لا يُقهر”، في مركز تدريب البحرية بمدينة بيشوفتو مقر القاعدة الجوية الإثيوبية التي تبعد 45 كيلومتراً عن أديس أبابا، بحضور كبار القادة العسكريين ومسؤولي الدولة، قال رئيس أركان القوات المسلحة الإثيوبية المشير برهانو جولا، إن “استعادة الميناء الذي فقدته البلاد، عن قصد أو بغير قصد، هو واجب وطني يقع على عاتق هذا الجيل”.

طموح إثيوبيا بمنفذ على البحر الأحمر يشعل التوتر مع إريتريا
يستمر التراشق بين إثيوبيا وإرتيريا في صورة تصريحات، تأخذ على الأولى تكرار الحديث عمّا تعتبره “حقها المشروع” في الوصول إلى منفذ بحري، مع التلميح إلى ميناء عصب.
ووصف قائد البحرية الإثيوبية، نائب الأدميرال كندو جيزاو ذلك بأنه “مسألة بقاء وطنية” تستند إلى التاريخ والحقوق المشروعة لإثيوبيا، وقال إن “إثيوبيا تعتبر امتلاك منفذ بحري ضرورة استراتيجية وتنموية، وليست خياراً سياسياً”.
