لا أحد في مصر وغيرها، لا يعرف رأس الحكمة او يتحدث عنها، خلال الأيام الأخيرة، بعد الجدل الكبير عن حقيقة صفقة بيع قرية “رأس الحكمة” إلى الإمارات العربية لتحويلها إلى منطقة سياحية كبرى مقابل عشرات المليارات من الدولارات، تسدد منها الإمارات فورا ٢٢ مليار دولار.

وفق هذه التقارير التى تكشف تفاصيلها الحكومة المصرية قريبا،  كانت لها انعكاسات فورية على سعر الجنيه الذي كان قد سقط إلى ٧٣ جنيه مقابل دولار واحد في السوق السوداء – الذي يسمونه الآن في مصر “السوق الموازي” – مقابل السعر الرسمي الذي يعادل حوال ٣١ جنيه للدولار الواحد، وأدى انتشار قصة “رأس الحكمة” إلى ارتفاع الجنيه إلى ٦٥ جنيه مقابل الدولار واحد.

الدولار والاقتصاد المصري
الدولار والمواطن المصرى
 

انتشرت هذه القصة بين رواد التواصل الاجتماعي، وتطور الأمر لتتحدث عنها وسائل الإعلام المصري، تعليقا على مزاعم عن بيع المنطقة لإعمارها كمدينة سياحية ومنتجع راقي، بفضل ضخ ما لا يقل عن 22 مليار دولار، كي تصبح جاهزة على خريطة السياحة العالمية في غضون خمسة سنوات.

أين الحكومة المصرية من ذلك؟!

 تنمية رأس الحكمة جزء من مخطط الدولة المصرية 2052 لتنمية الساحل الشمالي، وهناك “معروض دولاري كبير في الأسواق خلال أيام. تنمية رأس الحكمة يوفر سيولة دولاريه تصل لـ22 مليار دولار. تأثيرات مباشرة على أسعار الدولار في السوق السوداء ليتراجع من 70 إلى 56 جنيها حاليا”.

كما أوردت وكالة رويترز، أن أسهم شركتي التنمية العقارية في مصر، “إعمار مصر للتنمية” المملوكة لرجل اعمال إماراتي، وشركة طلعت مصطفى، ارتفعت بعد تقارير عن تفاوضهما للحصول على مساحات كبيرة من الأراضي لإقامة مشروعات سياحية على ساحل البحر المتوسط في مصر.

تاريخ رأس الحكمة

أنشأ الملك فاروق، آخر ملوك مصر، هذه القرية عام 1948، لتكون منتجعا للأسرة المالكة والوزراء، وتمتد شواطئها من منطقة الضبعة في الكيلو 170 بطريق الساحل الشمالى الغربي وحتى الكيلو 220 بمدينة مطروح، وتحولت عقب ثورة 23 يوليو / تموز 1952 إلى استراحة رئاسية، استخدمها رؤساء مصر السابقون منذ عهد الرئيس الأسبق أنور السادات.

طريق فوكة الجديد جعل المسافة بين القاهرة والعلمين ١٤٠ كيلومتر مما يجعل المسافة بين العاصمة ورأس الحكمة حوالي ٢٥٠ كيلو مت. وتتمتع رأس الحكمة بأحد أجمل شواطئ البحر المتوسط من حيث نوعية الرمال ومياه البحر.

الجدل حول الصفقة

 منح الإعلامي أحمد موسى، المقرب للسلطة، بعض الحقيقة عندما تحدث عن المشروع في برنامجه التلفزيوني، ونشر تغريدة على شبكة X قال فيها “يا مسهل … الخير من عندك يا الله … قريبا ٢٠ مليار دولار دفعة واحدة لانهاء أزمة سعر الصرف …”

وانقسم المصريون بين مؤيد للقرارات الاستثمارية الحكيمة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومن اتهمه ببيع مصر قطعة بعد الأخرى.

وامتنعت السلطات عن التعليق على الموضوع، حتى خرج حسام هيبة رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، وصرح لقناة CNBC عربية، إن مصر تلقت عروضا من عدة تحالفات استثمارية دولية بشأن مشروع في مدينة رأس الحكمة بمنطقة الساحل الشمالي.

وأضاف هيبة، أنه تم اختيار تحالف إماراتي لتنفيذ المشروع، موضحا أن قيمة الاستثمارات المبدئية للمشروع قد تزيد عن 22 مليار دولار لكن لن يتم ضخها دفعة واحدة.

يبقى في سجل الجدل أن هناك من أثاروا اشكالية إقامة منتجع سياحي دولي على هذا المستوى على مسافة تقل عن ٨٠ كيلو مترا من منطقة الضبعة حيث يوجد مشروع لإقامة مفاعل نووي في إطار اتفاق مصري – روسي.

وأشار مراقبون إلى أن الرياض قد لا تنظر بعين الرضا إلى هذه الصفقة، في إطار المنافسات السعودية – الإماراتية، واعتبروا مداخلة الإعلامي المصري – السعودي عمرو أديب في القناة السعودية التي يعمل بها، والتي برزت فيها انتقادات ضمنية لطريقة عقد الصفقة، اعتبروا أن هذه المداخلة تشكل مؤشرا عن عدم الرضا السعودي عن الصفقة المرتفبة