وحدة الشئون الإسرائيلية
أكد الدكتور شاي هار تسفي ، رئيس القسم الدولي والشرق الأوسط في معهد السياسة والاستراتيجية في جامعة رايخمان والقائم بأعمال المدير العام السابق لوزارة الشؤون الاستراتيجية، لصحيفة معاريف العبرية، حول إمكانية دفع اتفاقية التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية في أعقاب كلمات الرئيس ترامب بأنه يأمل في توسيع اتفاقيات إبراهيم في المستقبل القريب.
وبحسب هار-تسفي، يسعى الرئيس ترامب إلى استغلال الزخم الذي يعتقد أنه نشأ عقب اتفاق إنهاء الحرب وإعادة الرهائن، للعمل على توسيع نطاق اتفاقيات إبراهيم وتعميق العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة ودول المنطقة. وبناءً على ذلك، كان إنهاء الحرب، برأيه، خطوة أولى وضرورية في هذه العملية.
ولكن يبدو أن ترامب يدرك بالتأكيد أنه طالما بقي الرهائن في غزة وواصلت حماس إظهار حكمها في القطاع، فسيكون من الصعب إن لم يكن من المستحيل التقدم عمليًا إلى المرحلة الثانية من إعادة بناء القطاع بمشاركة دول الخليج الغنية والترويج لاتفاقيات تطبيع جديدة.

لهذا السبب، حذّر حماس في الأيام الأخيرة من ضرورة التزامها بالاتفاق ، وإطلاق سراح جميع الرهائن، والامتناع عن تصفية معارضيها، وإلا فقد تسمح للجيش الإسرائيلي باستئناف القتال. علاوة على ذلك، يعتقد ترامب، بل وعبّر عن ذلك، أن اتفاقية التطبيع مع السعودية ستمهد الطريق لسلسلة طويلة من الاتفاقيات المماثلة مع دول أخرى في العالمين العربي والإسلامي.
إن التقارير التي تتحدث عن إمكانية توقيع الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية اتفاقية دفاعية خلال الزيارة المقررة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة الشهر المقبل ، والتي تعد أول زيارة رسمية له منذ عام 2018، تعكس في الواقع طموح ترامب لتعزيز الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية مع القوى الإقليمية.
يتجلى هذا في الأمر الذي أصدره ترامب بعد محاولة الاغتيال في قطر بوقت قصير، والذي ينص على أن الولايات المتحدة ستقدم لقطر ضمانات أمنية في حال تعرضها لهجوم، وفي المحادثات الجارية مع تركيا لبيع أنظمة أسلحة متطورة، بما في ذلك طائرات مقاتلة متطورة من طراز F35.
ويُعد هذا ركيزة أساسية في جهوده لحشد هذه الدول لدفع حماس إلى الموافقة على صفقة لإطلاق سراح الرهائن، بالإضافة إلى كونه استمرارًا لسلسلة الصفقات التي تبلغ قيمتها حوالي 3 تريليونات دولار والتي وقّعها خلال زيارته إلى قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في مايو/أيار الماضي.

من المهم الإشارة إلى أنه على الرغم من أن ولي العهد قد أعرب سابقًا عن رغبته في توقيع معاهدة دفاع مع الولايات المتحدة، إلا أنه قد يُجبر في النهاية على القبول باتفاقية دفاع. وذلك لأنه، وفقًا للدستور الأمريكي، يتطلب موافقة أغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ على معاهدة دفاع.
هذا يعني أن ترامب يحتاج إلى حشد 15 عضوًا ديمقراطيًا على الأقل لدعم هذا، وهو هدف طموح للغاية، بالنظر إلى الاستقطاب السياسي الحالي في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى شعور بعض أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين بالاشمئزاز من ولي العهد السعودي. لذلك، من الصعب تصور كيف سيحقق ترامب ذلك، خاصةً إذا لم يكن بن سلمان مستعدًا للترويج للتطبيع في المقابل.
في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن السعودية أكدت مرارًا منذ اندلاع الحرب استعدادها للمضي قدمًا في التطبيع مع إسرائيل. إلا أن العائلة المالكة السعودية وضعت شرطين لذلك: إنهاء الحرب والتقدم نحو إقامة دولة فلسطينية. لذلك، يبدو أنه حتى لو انتهت الحرب بالفعل، دون استعداد رئيس الوزراء نتنياهو للإعلان ولو عن أفق سياسي للفلسطينيين، تبقى هناك تساؤلات كثيرة حول مدى قدرة ولي العهد السعودي على المضي قدمًا في التطبيع.
تُشكّل هذه التطورات فرصًا وتحدياتٍ في آنٍ واحدٍ لإسرائيل. فمن جهة، ثمة إمكانيةٌ للاندماج في الترتيبات الإقليمية التي روّج لها الرئيس ترامب، وتوقيع اتفاقية تطبيع تاريخية مع المملكة العربية السعودية. سيؤدي ذلك إلى تغييرٍ حقيقيٍّ في بنية الشرق الأوسط، وسيُشكّل قوةً سياسيةً وأمنيةً واقتصاديةً مضاعفةً في مواجهة التهديد الإيراني متعدد الأبعاد.

من ناحية أخرى، ثمة قلق من أن تؤدي الاتفاقيات الثنائية بين الدول العربية والولايات المتحدة إلى تراجع جاذبية الترويج لاتفاقيات السلام مع إسرائيل مقابل مكاسب أمنية واقتصادية من الولايات المتحدة. ويعود ذلك إلى إدراك الدول العربية قدرتها على الترويج لهذه الاتفاقيات دون الحاجة إلى الدفع بالعملة الإسرائيلية.
تواجه إسرائيل أيضًا تحديًا في الحفاظ على التفوق النوعي للجيش الإسرائيلي، في ظل القلق من أن الاتفاقيات مع دول الخليج وتركيا قد تشمل أيضًا أنظمة أسلحة متطورة. علاوة على ذلك، يُطرح سؤالٌ يتعلق بتحسين مكانة تركيا وقطر ودورهما المفترض في إعادة إعمار غزة ومناطق أخرى مثل سوريا، بما قد يُشكل تحديًا لمصالح دولة إسرائيل.
اعرف أكثر
الشرع طالبهم بحل أنفسهم فدعوا للتعددية:هل ينقلب الإخوان على القيادة الجهادية بسوريا؟
في ضوء ذلك، على إسرائيل صياغة سياسة تُمكّنها من جني الثمار السياسية للنجاحات العسكرية التي حققتها خلال العامين الماضيين، وضمان انسجامها مع جهود الرئيس ترامب الإقليمية. أولاً وقبل كل شيء، يُطلب من رئيس الوزراء نتنياهو العمل على إعادة جميع المختطفين الثمانية عشر، إذ يجب أن يكون هذا هو الهدف الشامل الفوري والأهم، ويجب على إسرائيل عدم القبول بأي وضع آخر.
ومن الناحية العملية، يجب إيصال الرسالة إلى جميع الأطراف – قولاً وفعلاً – بأن إسرائيل لن تكون مستعدة لمواصلة تنفيذ الصفقة، وبالتأكيد لن تنتقل إلى المرحلة الثانية حتى يتم إعادة جميع المختطفين.
