جاءنا الآن
الرئيسية » جاءنا الآن » قراءة جديدة لسينما يوسف شاهين..فى كواليس مئوية غير تقليدية

قراءة جديدة لسينما يوسف شاهين..فى كواليس مئوية غير تقليدية

يحتفل مهرجان الجونة السينمائي، بدورته الثامنة (16 ـ 24 أكتوبر/تشرين الأول 2025)، بالمخرج السينمائي المصري يوسف شاهين، فقبل نحو ثلاثة أسابيع على الذكرى المئوية الأولى لولادته، (25 يناير/كانون الثاني 1926 ـ 27 يوليو/تموز 2008)، “أحد أكثر المخرجين العرب تأثيراً وجموحاً في تاريخ السينما”. فشاهين “لم يكن يلتقط الصورة فقط، بل يفتح مجالاً لأسئلة لم تتجرّأ الكاميرا العربية على طرحها قبله”، كما في بيان لإدارة المهرجان.

كل فيلم من أفلامه “امتداد لذاته المشحونة بالأسئلة والهواجس”، كـ”باب الحديد” (1958)، و”الأرض” (1969)، و”العصفور” (1972)، و”إسكندرية ليه؟” (1978)، و”حدوتة مصرية” (1982)، و”الآخر” (1999). فشاهين “باحثٌ عن حقّه في الحُلم، ومفتّش عن الهويّة والجسد، وطارح أسئلة عن الذات والمجتمع، والشباب والكهولة، والخضوع والثورة، بكاميرا حساسة غير ساعية للرصد الجاف، بقدر ما تحفّز المشاعر، وتخلق شريطاً سينمائياً مُربكاً وثورياً، تحوّل إلى خفقات من السحر، حتى في أكثر لحظاته قسوة وعنفاً”.

احتفال مهرجان الجونة يتجاوز حضور الأيام الشاهينية على الشاشة الكبيرة، لتوزّعها على ثلاثة مسارات، “تتعاطى مع سينماه” بأكثر من منظار، و”أنماط إبداعية ذات أشكال تفاعلية. كذلك تشتبك مع إرثه بوصفه قضية مفتوحة، لا أرشيفاً مغلقاً”. فالمئوية غير مكتفية بـ”استحضار مخرج، بل تستدعي عالماً بكامله”.

“يوسف شاهين لم يكن مخرجاً فقط، بل حالة من التساؤل الدائم”، تقول ماريان خوري، مُضيفة أن الاحتفال بمئويته “تكريم لماضٍ مجيد، وحوار متجدّد مع إرثٍ لا يزال يُلهم أجيالاً من السينمائيين”.

والاحتفال ليس تقليدياً، بل سيكون “أول محطة لقطار عابر للحدود، لا يعترف بالمسافات والأزمنة”، إذ يحمل بمقصورته “مخلوقات من ضوء وحركة، ليمرّ بمحطاتٍ متفرّقة، لا ليستريح بل ليوقظ الذاكرة”. محطات “تتحدث لغات شتّى، لكنها تتّفق على معنى واحد: السينما ستبقى فعل حياة ومقاومة”. وبحسب البيان نفسه، فالمئوية غير مختَصرة بخطاب أو تكريم، “بل لحظة مُمتدة وتفاعلية، تتفرّع وتتجدّد، وترفض الاكتمال”. وإذ تبدأ بالجونة، “في فضاء مفتوح يشبه سينماه، لن تنتهي فيها، بل تمضي كما كان يمضي هو، من فكرة إلى أخرى، ومن مكان إلى آخر”. فهناك احتفال في مهرجان مونبلييه بفرنسا، حيث “اختار الشباب شاهين ليكون بوصلتهم في إعادة اكتشاف السينما”، ثم اليابان وسويسرا، وإلى مهرجانات كبرى ستستقبله “كغائب حاضر، يعود في كل لقطة، وفي كل سؤال”.

أولاً: “باب الحديد”
هذا المعرض يُعيد تعريف السينما والمكان، بناءً على فكرة تحرير الصورة نحو فضاء تفاعلي، فتمتزج الذاكرة بالمسار المكاني. مع دخول الزائر المعرض، يتجاوز كونه مُراقباً على مسافة من الحدث، ويتحرّك إلى الداخل، ما يمنحه تجربة الانخراط، بصرياً وفكرياً، في رحلة شاهينيّة، أشبه بقطار قضبانه حكايات ومحطاته أفلام سينمائية، تُتَرجَم فيه الفيلموغرافيا بأنساق بصرية حيّة، وتصميم يجمع التراث بالابتكار، والمواد البصرية والسمعية والتركيبات الفنية. يُذكر أنّ المعرض نتاج تعاون بين ماريان خوري (مخرجة ومنتجة، والمديرة الفنية لمهرجان الجونة)، وشيرين فرغل (مهندسة معمارية، مؤسِّسة شركة JYStudios ومديرتها، علماً أنّها مُصمِّمة المعرض)، بدعم من شركة أفلام مصر العالمية، والشريك الداعم مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية.

ثانياً: من “إسكندرية كمان وكمان؟” إلى الجيل الذي كبر في ظلّ شاهين
في التكريم نفسه، يُعرض “إسكندرية كمان وكمان؟” (1989)، ثالث أفلام سلسلة السيرة الذاتية، التي يعتبرها نقّاد “نقطة تحوّل في السينما العربية”، بإعلان شاهين أنّ حياته تستحق أن تُروى. إليه، تُعرض أربعة أفلام لمخرجين عرب، “تتلمذوا على قلقه الوجودي وثورته وجموحه، واستلهموا من جرأته تلك القدرة النادرة على الوقوف والحكي، ولم يسيروا على خطاه كظلٍ باهت، بل كمُريدين أتقنوا لغة البوح، ونسجوا من ذواتهم سرداً سينمائياً حياً، آخذين عنه الإيمان بأن السيرة ليست مجرد انكشاف، بل مقاومة، وبأن الحكي ليس رفاهية، بل ضرورة للنجاة”: “نهلة” (1979) للجزائري فاروق بلوفة، و”السينما العربية الفتية” (1987) للتونسي فريد بوغدير، و”عصفور السطح” أو “حلفاوين” (1990) لبوغدير أيضاً، و”وداعاً فوران (1998) للمغربي داوود أولاد سيد.

ثالثاً: “رحلة مع الأستاذ: من عدسته إلى عوالمهم الخاصة”
لقاء مفتوح لا يُراد له وداع، بل “استحضار”، يبحث في الأثر الذي تركه شاهين “علامة استفهام مستمرة”: كيف أثّر في اللغة البصرية؟ كيف فتح الباب أمام سينما الاعتراف؟ كيف ظلّ، رغم اختلاف الأزمنة، مرجعاً في تأمّل الذات والوطن والعالم؟

عن الكاتب

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *