
مشهد لا ينبغي أن يمر دون إشهاره ووضعه في برواز الأخلاق الحميدة ، في العموم هو مشهد عادي وفق أخلاقنا العتيدة ومبادئ عقيدتنا السمحة ، ولكنه نادرا في ظرفنا الرياضي الحالي .
المعلم حسن شحاته قيمه رياضية كبرى ، وحقق مع منتخب مصر ما لم يحققه غيره ، ويبدو أن تكرار إنجازه ليس باليسير وعلى الأقل ليس بالقريب ، ولم تأتي قيمة المعلم من قيادته للمنتخب ولكن منذ أن كان لاعباً وكابتن نادي الزمالك كانت أخلاقه مقترنة بموهبته المتميزة .
أما الأسطورة محمود الخطيب فهو أيقونة الكرة المصرية ( لاعباً)، وهو نموذج للنجاح والتميز في الإدارة الرياضية وحقق ما لم يأت به غيره ، وكان ولايزال قدوة لأجيال عديدة مصرياً وعربياً .

زيارة الخطيب ( أنعم الله عليه بالصحة والعافية ) لشحاته ( شفاه الله وعفاه ) ، من المنظور الإنساني زيارة عادية ، من صديق لصديقه ، ولكن لأننا نعيش عصر التعصب الرياضي المتأجج بالتجاوز والتطاول والتبجح والكذب والإدعاء ، فإن هذه الزيارة العادية إنسانياً تبدو وكأنها نقطة بيضاء في صفحة شديدة السواد .
شحاته والخطيب هما صورة يجب ترسيخها لدى أجيال شبت على مبادئ تتنافى مع الخلق الرياضي بل مع الخلق الإنساني .
ولعل الصورة القاتمة للعلاقات الرياضية الآن يتحمل جزء كبير منها الإعلام الرياضي الذي في مجمله – بقصد أو بجهل – يتحمل الوزر فيما وصل إليه الحال، عندما تلون الإعلام بألوان التيشيرتات ، وتلون المذيعون والمحللون والصحفيون الرياضيون.
وانتفى الحياد وغابت الموضوعية ، وأصبح المبدأ ” انصر فريقك فائزاً او مهزوماً ” ، وليس بعيداً عن الإعلام تبدو وسائل التواصل الاجتماعي بمثابة وقود المعركة.

وفي الجهة المقابلة شباب في عمر الزهور وفتوة الشباب يتم شحنهم بالتعصب الأعمى الخالي من الأخلاق المتجاوز للقيم الرياضية والإنسانية ، فأصبحنا في معارك دائمة ومستمرة لا ضابط لها ولا رابط .
وللإنصاف لابد أن لا نستبعد سوء أحوال المنظومة الكروية والإدارة الرياضية على مستوى الأندية أو المنظومة كلها ، ولا نبرئ التحكيم ( في الملعب وفي الاستوديو ) ولا حتى المعلقين ، ننوه فقط أننا لا نتهم الجميع ولكن نشير إلى البعض ( كثيراً كان أم قليلاً فقط ).
اعرف أكثر
عمرو محسوب النبي يسطر: نظرة سيادة السفير اللافتة
ويبدو للمتابع أن أغلب الشكاوى المقدمة للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تتعلق بالإعلام الرياضي، وقد ساهم تدخل المجلس بقوانينه ولوائحه في الحد من التجاوزات بشكل ملحوظ ، ولكننا في حاجه إلى مبادرات لنبذ التعصب الرياضي وعودة الأخلاقيات إلى المدرجات وإلى الشارع الرياضي.
نحتاج إلى التزام وسائل الإعلام التقليدي بالمهنية والموضوعية في إطار تقديم وجهات النظر المختلفة، نحتاج إلى استبعاد أي فرد يتجاوز بحق الآخر الرياضي ، نحتاج إلى ” تأطير ” المسئولين والمتحدثين لاعتماد التهذيب منهجاً عند الحديث، نحتاج إلى ضبط وسائل التواصل الاجتماعي فيما تقدمه رياضياً ، نحتاج وقفة مع الملف الرياضي كاملاً.

ويجب آلا ننسى أن شباب المشجعين والمنتمين والالتزاس وخلافه يمثلون خطراً كبيرا إذا انحرفوا قليلا عن الرياضة وإذا لم يتم نزع فتيل التعصب الأحمق من صدورهم .
لكل ما سبق كان مشهد الأسطورة والمعلم لحظة يجب التوقف عندها، والبناء عليها ، ولتكن هي شعار مبادرة نراها قريباً .
وأخيراً لا نملك إلا الدعاء الصادق لله عز وجل أن ينعم بالشفاء العاجل لعبديه حسن شحاته ومحمود الخطيب .
عمرو محسوب النبي
