محرر الشئون النيلية وغرفة الرصد السوشيالى
في تصعيدات خطيرة بالميدان السودانى ، لاتزال ميلشيا الدعم السريع، سيطرت قوات “الدعم السريع” أمس الخميس على مدينة القطينة بولاية النيل الأبيض التي تبعد 80 كيلومتراً جنوب الخرطوم، وبثت مقطع فيديو لأفرادها يحتفلون بالنصر داخل أحياء المدينة بعد اشتباكات مع الجيش السوداني دامت يومين.
في وقت أثار تمدد هذه القوات حالة نزوح واسعة وقلق لسكان عديد من المدن والقرى بوسط وشرق السودان خوفاً من اجتياحها، مما يتوقع معه حدوث كارثة إنسانية بسبب نقص الغذاء والدواء في ظل تعليق برنامج الغذاء العالمي مساعداته الغذائية عقب سقوط مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة.
قام “الدعم السريع” بأعمال سلب ونهب واسعة للممتلكات العامة والخاصة داخل ود مدني والقرى المجاورة لها، وتعهد قائد الجيش عبدالفتاح البرهان بمحاسبة المتورطين في إعطاء أوامر للقوات المسلحة لإخلاء مواقعها الدفاعية بمدينة ود مدني مما فتح الباب لاحتلالها.
وأوضح البرهان خلال مخاطبته ضباط منطقة البحر الأحمر العسكرية بمدينة بورتسودان بأنه سيتم محاسبة كل متخاذل ومتهاون عما حدث في عاصمة ولاية الجزيرة ولا مجاملة في ذلك، مؤكداً استمرار جيشه في قتال ميليشيات “الدعم السريع” حتى تحقيق الانتصار، لكنه أبدى موافقته على المضي قدماً في العملية التفاوضية على ألا يتم توقيع اتفاق “فيه مهانة وذل للقوات المسلحة والشعب السوداني”، حسب قوله.
وأضاف أن “التفاوض يسعى إلى وقف إطلاق النار وخروج المتمردين من المرافق العامة والمستشفيات ومنازل المواطنين”. وتابع “سنقاتل لدحر وهزيمة الميليشيات المتمردة وأعوانها من القوى السياسية التي تسعى إلى حكم البلاد عبر أشلاء الشعب السوداني ونقول لهم إذا أردتم حكم السودان فلن يكون إلا عبر الانتخابات”. ودعا إلى عدم الالتفات لمروجي الإشاعات التي يطلقها من سماهم “العملاء” لكونها تستهدف التشكيك في القوات المسلحة والشعب السوداني وبث الرعب والخوف في نفوس المواطنين.
وطمأن المواطنين بأن “الجيش سيقاتل حتى آخر جندي لينعم أهل السودان بالأمن والاستقرار”، وأن “القوات المسلحة لن تسقط”، متوعداً المتعاونين مع ميليشيات “الدعم السريع” بدفع الثمن.
وأبدى البرهان استغرابه من حديث “الدعم السريع” عن حمايتها مواطني المناطق التي احتلوها في ظل الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها هذه القوات تجاه المواطنين، قائلاً “كيف يستقيم ذلك والميليشيات تحتل المنازل وتنهب في الوقت نفسه”.
ووجه انتقادات لقوى سياسية لم يسمها، منوها بأنها ظلت تطلق الشعارات والأكاذيب التي تستهدف وحدة الصف الوطني والقوات المسلحة، وقال “عندما يحقق الجيش انتصاراً ينشر المتعاونون مع الميليشيات أكاذيب بأن القوات المسلحة تستهدف المدنيين عبر الطيران، لكننا نؤكد أن الجيش يحمي المدنيين ويستهدف في غاراته مواقع الدعم السريع
من جهته، قال الكاتب السوداني، عثمان ميرغني إنه “ما زالت هناك فرصة سانحة للسيطرة على حرب السودان ومحاصرتها بالاتجاه مرة أخرى إلى مفاوضات السلام”.
وأضاف “التسوية السياسية بين الجيش و”الدعم السريع” أصبحت غير موجودة ما لم تتدخل قوى أخرى تضغط عليهما”، مشيراً إلى أن “المسؤولية تجاه إيقاف هذه الحرب تقع على عاتق القوى السياسية التي بإمكانها لعب دور مباشر من خلال التواصل مع طرفي القتال وإقناعهما بالاحتكام إلى صوت العقل والوصول إلى نقطة وسط عبر التفاوض، لأن المواطن هو من يدفع ثمن هذه الحرب”.
وحول ما يحدث من انضمام بعض المجموعات الجهوية والقبلية لطرفي الصراع، أوضح أن “أي نوع من الانحياز الداخلي سيسهم في توسيع رقعة القتال بخاصة إذا تمت تحت لافتات قبلية، مما يعني تحويل هذه الحرب إلى حرب أهلية قبلية، فوجود اسم القبيلة في مثل هذه النزاعات سيكون له انعكاسات سالبة، لذلك يجب تجنب إقحام أجندة القبيلة في مثل هذه الأشياء لأنها واحدة من أدوات الحرب التي تستخدم الآن”.
وفي الخرطوم، تواصل التصعيد والاقتتال، بين قوات الجيش وقوات “الدعم السريع” في عدد من المحاور، إذ استهدفت الأخيرة محيط القيادة العامة للجيش بوسط العاصمة بعدد من القذائف الصاروخية من خلال منصاتها بشرق وجنوب الخرطوم، مما أحدث انفجارات عنيفة تصاعدت على أثرها أعمدة الدخان في سماء المنطقة.
فيما استهدف الجيش تمركزات “الدعم السريع” في جنوب وشرق الخرطوم ممثلة في أحياء الرياض والجريف غرب والمدينة الرياضية.
وفي أم درمان، صوبت قوات “الدعم السريع” مدفعيتها على مدينة الصحافيين الواقعة شمال محلية كرري، حيث وقع عدد من القذائف على مباني المدنيين، مما تسبب في أضرار بالغة على بعض المنازل وإصابات وسط سكان المنطقة.
كما استهدفت هذه القوات سوق صابرين بشمال أم درمان الذي يلبي احتياجات سكان المنطقة بأربع قذائف هاون، فضلاً عن قصف سوق الحارة 74، مما أدى إلى وقوع قتلى ومصابين وسط المدنيين.
في الأثناء، تنوي تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، إجراء اتصالات مع قيادة القوات المسلحة، وقيادة “الدعم السريع”، لضمان اتخاذ حزمة من الترتيبات العاجلة لحماية المدنيين من القتال المتمدد لولايات جديدة.
وأشار بيان للتنسيقية عقب إنهاء مكتبها التنفيذي اجتماعات عقدت لثلاثة أيام في نيروبي إلى أن “الائتلاف سيحث طرفي النزاع على الانصياع لصوت العقل والوفاء بتعهداتهما المعلنة بعدم التعرض للمدنيين في أماكن سيطرتهما، وتوفير ممرات آمنة، وإيصال المساعدات بشكل عاجل، والعودة العاجلة للتفاوض عبر منبر جدة والاستجابة لمقترح قادة دول الإيغاد بعقد لقاء مباشر بين قائد الجيش وقائد الدعم السريع من أجل الوقف غير المشروط لإطلاق النار”.
كما قررت التنسيقية التواصل مع المجتمع الإقليمي والدولي لدعم جهود الاستجابة للكارثة الإنسانية ومعالجتها ودعم جهود الحل السلمي التفاوضي، ودعت إلى عقد جلسات عاجلة لمجلس السلم والأمن الأفريقي ومجلس الأمن لمتابعة التطورات السياسية في البلاد، وتوفير آليات لحماية المدنيين وإيصال المعونات العاجلة من المؤسسات الدولية بما يشمل إنشاء معسكرات للنزوح الداخلي بحماية دولية ووضع آليات فعالة قيد الاستعداد لحماية المدنيين وفتح الممرات الإنسانية بإشراف دولي.
واوضحت أن المكتب التنفيذي أكمل إعداد خطة العمل لعقد المؤتمر التأسيسي الجامع للقوى الديمقراطية المدنية، استناداً إلى تقارير وخطط اللجان المختلفة، ورفعها للمجلس القيادي الذي أجازها في اجتماعه الأخير.
دولياً، قالت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة “يونيسف” إن “نحو 150 ألف طفل سوداني فروا من ولاية الجزيرة وسط السودان، التي انتقلت إليها الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع”.
وقالت المديرة التنفيذية لليونيسف كاثرين راسل “أجبر عشرات الآلاف من الأطفال الأكثر هشاشة في ولاية الجزيرة على الفرار من منازلهم بحثاً عن الأمان مع اندلاع القتال في مناطق كانت تعتبر في السابق آمنة نسبياً”. لافتة إلى أن هذه الموجة الجديدة من العنف ستترك الأطفال والأسر محاصرين بين خطوط القتال أو عالقين في مرمى النيران، وهو ما يترتب عليه عواقب وخيمة.
وأردفت “سمع زملاؤنا في السودان قصصاً تقشعر لها الأبدان عن الرحلات المروعة التي أجبرت النساء والأطفال على القيام بها فقط للوصول إلى الأمان في مدينة مدني”. مبينة بأنه “حتى هذا الشعور الهش بالأمان تحطم مع إجبار نفس هؤلاء الأطفال مرة أخرى على ترك منازلهم، فلا ينبغي أن يضطر أي طفل إلى تجربة أهوال الحرب، يجب حماية الأطفال والبنية التحتية المدنية التي يعتمدون عليها”.
عن الكاتب
