خرج ، أمس ، رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي علي الشعب بتصريح قوي مبشر بأن أزمة الدولار ونقص العملة في مصر أزمة عابرة ولسوف تنتهى في فترة قريبة ، وكان ذلك أثناء افتتاحه عددا من مصانع لمستثمرين من الصين وايطاليا وغيرهم ، ولا حظ الناس نبرة القوة والثقة التى تخللت تصريحات رئيس الحكومة ، وبخاصة أنه بدا راضيا عن نجاح آلية الرخصة الذهبية وتسريع الموافقات الحكومية وتذليل العقبات أمام المستثمرين .. وكل هذا مفهوم ومطلوب ومقدر ..
الإحساس بالإنجازات إذن هو ما يغلف روح هذه التصريحات ، ونتمنى أن تتواصل هذه الروح ، كما نتمنى ، وهذا هو بيت القصيد ، آلا تكون تصريحات فك أزمة الدولار مجرد كارت تسكين كما جرى الحال مع مبادرة تخفيف الأسعار ..
النية الحسنة لا تغيب عن شخصية الدكتور مدبولي ، وهو رئيس حكومة نشيط ومتحرك وواع ، لكن ما يعانيه الناس من توحش الأسعار ، لا يمكن غض البصر عنه ، وخصوصا أن الغلاء الفاحش للسكر والزيت والبيض والأرز تزامن مع إعلان الحكومة عن مبادرة لا وجود لها إلا في مناطق متباعدة ، ويجب على المواطن أن يتعرض لقدر من البهدلة ، وتاكسي رائح وتاكسي راجع ، يعني فلوس إضافية ، وقد اختار الناس أن يشتروا بالغلاء بدلا من التعب والزحام وربما لن يجدوا لسلعة في نهاية المطاف . أجرة التاكسي نوفرها لتضاف ألى سعر كيلو السكر في السوق السوداء !
المحصلة أن هذه المبادرة لا وجود لها فأين ذهب دعم الحكومة ؟ من سحب السلع وأخفاها ؟ ما مدي قوة الرقابة ؟ ما عمق التشابك بين مراقبي التموين ، والإحياء وموزعي وبائعي سلع المبادرة ؟
كيف تقبل الحكومة سطوة الخمسة الكبار المحتكرين للسوق ؟ أهي أضعف منهم ، أم هي معهم علينا ؟ الفرض الأخير لا يقبله العقل ، لكن عجز الحكومة عن ضرب الاحتكار يمنح الفرص للتشكيك لدي المتألمين من هذا الفحش الاحتكاري .. يسابق السكر سعر الدولار ، ولا ضابط ولا رابط ، ومن أجل هذا نحذر ، بكل الاحترام من أن تكون تصريحات رئيس الحكومة حول توفر الدولار قريبا ، غير حقيقية ، وعلى غير اساس واقعى.
وآلا تكون كما حذر الرئيس عبد الفتاح السيسي من الشعور بالوهم .. تتوهم أنك قوي فتخطئ الحسابات ، وتتوهم أنك ثرى ، فتنفق مالا تملك وتتوسع بالدين ، وتتوهم أن السماء ستمطر دولارات ، فتفرح وتبشر ، وفي النهاية يضرب الإحباط الشعب ،، ولا يعود الناس قادرين علي تصديق التصريحات الحكومية ..
لا نقول إن الدكتور مدبولي متوهم ، أو لا يقول الحقيقة ، بل نقول إن عليه أن يجعل الناس واثقين ، علي ضوء خبرات الوهم السابقة ، من توفر الدولار وأنه كان كما قال أزمة عابرة ..
حكومة عاجزة عن كبح جماح كيلو سكر تجاوز سعره الخمسين جنيها ، يناطح الدولار في سعاره بالسوق السوداء ، يصبح من الصعب قبول الادعاء بأن الدولار سيتاح للجميع ..
نتمنى حقا نتمنى .. لكن الشارع يسأل : من أين لكم الدولار وشيك الحضور ؟