خطاب ومداخلات في غاية الأهمية والاستثنائية ، تلك التى رددها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الندوة التثقيفية ، التى أقامتها القوات المسلحة بمناسبة يوم الشهيد ، كان من المهم جدا على خلفيتها أن نطرح عدة تساؤلات، بالذات بعد ردود الفعل المختلفة حيال هذه التصريحات في العديد من السياقات.
تلك الكلمات التى تأتى في أجواء قبول من المؤسسات الاقتصادية الدولية بمسار الفرصة الأخيرة، كما أصفها وكثير من الخبراء، أو كما وصفها رئيس الوزراء بتصحيح المسار الاقتصادى ، على خلفية القرارات، التى اتخذتها مصر منذ أيام بالتحرير التام لسعر الصرف ورفع الفائدة، مع الصفقة الاستثمارية الكبيرة في رأس الحكمة، والتى تلاها توقيع اتفاقية الدولة المصرية مع صندوق النقد الدولى للحصول على قرض ال٨ مليار دولار وتوابعه التى توصله ل٢١،٥ مليار دولار بعدما نفذنا التعويم الكامل.
قبل التساؤلات
قبل طرح التساؤلات، لنعرف أن هناك بالطبع ما هو مردود عليه بالمعلومات والتوقع أو حتى وضع السيناريوهات، وتساؤلات أخرى غير مردود عليها، ولو بالاجتهادات .
ملاحظة غير تقليدية
وبالمناسبة، هناك ملاحظة سيطرت على الأجواء خلال متابعة خطاب ومداخلات الرئيس ، توضح كثير مما يدور في الكواليس والأروقة، مفادها أن الرئيس متابع جيد جدا لكل ما يقال فى السياقات كافة ، وبمنتهى الدقة، بالأرقام والمواقف.
ولديه الردود الجاهزة حيال كل ما يثار، في الملفات كافة، بنفسه أو من خلال فريقه ، بتقارير أو بمتابعة شخصية، أو الاثنين معا .. وليس لديه أى حرج من الخوض في التفاصيل بأى ملف.
وكان هذا جليا جدا في عدة مواضع خلال كلمته وتصريحاته التى تنوعت في كل الملفات الملحة تقريبا، محليا في كل السياقات وأبرزها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، وإقليميا وعربيا ودوليا.
منها مثلا ، الحديث عن رفض دخول الفلسطينيين لسيناء وحديث خروج ١٢ مليار دولار خارج البلاد، وحديث الفسدة .
ونحن نحتاج هذا التعرض المباشر لما يطرح على الساحة بشكل ملح دائما، خاصة أن الحكومة ليست لديها هذه الجرأة، بشكل ما ، والتى يتمتع بها الرئيس، معتمدا بالطبع على شعبيته الملحوظة والدعم النخبوي والظهير الحزبي من عدة قوى بالساحة.
وهذا أمر مطمئن وجيد إجمالا، بعيدا عن الجدالات في المواقف المختلفة، حسب كل ملف.
والآن إلى التساؤلات، التى نطرحها حبا في بلدنا ومؤسسات الدولة المصرية، ودعما للقيادة السياسية، في وقت دقيق على مصر الدولة والشعب والمؤسسات، والمنطقة بكل تنويعاتها.
-التساؤل الأبرز :
لماذا كان الرئيس السيسي مشدودا عصبيا متوترا لهذه الدرجة خلال كلمته في بعض الأوقات، وبالذات فيما يتعلق بالجانب الاستراتيجي والاقتصادى؟! .. بالطبع الأجواء صعبة والتحديات والتهديدات كثيرة ومتنوعة وفي كل الملفات، لكننا اعتدنا من الرئيس السيسي رابطة الجأش والسيطرة على الموقف، فماذا حدث؟!
-التساؤل الأهم :
ماذا نسمى الوعود التى كان يطلقها الرئيس في عدة مناسبات بأن مصر ستكون في خير على يده، على خلفية ما قاله في ندوة يوم الشهيد؟!
ونورد بعض هذه الوعود التى قدمها للشعب في عدة مناسبات، وبالطبع لم تعنه الظروف على تحقيقها، من حرب مكافحة الإرهاب وكورونا وحتى الحرب الروسية الأوكرانية وغزة .
وقائمة الوعود ممتدة ، وكانت ما بين ست شهور أو عامين وتكررت ، منذ حملته الانتخابية الأولى مع أول ولاية، والتى وعد فيها أنه خلال عامين ستكون الأمور مختلفة تماما وسيشعر المواطن بذلك، وحتى حملته الانتخابية في الولاية الجديدة التى لم يحلف يمينها بعد، واختار الرئيس ذات مرة توقيتا محددا جدا ، بقوله “٣٠-٦-٢٠٢٠ هاتشوفوا مصر دولة تانية”!
تساؤل عن الإخوان
-لماذا نمنح الأخوان وأعداءنا عموما الفرصة لتعكير الأجواء المتوترة أساسا؟! .. خاصة أن هناك مؤشرات إيجابية دولية في السياق الاقتصادى، وأن الإخوان لديهم تحديات صعبة تؤرقهم جدا لدرجة أنهم أصبحوا في مفترق مصيري بسبب تحركات الدولة المصرية ومواقف الرئيس.
بالذات في الملفين القطري والتركى، ومع سخونة العلاقات بالاتحاد الأوربي والولايات المتحدة على عدة خلفيات ، أهمها حرب إبادة غزة وتوابعها والهجرة والمناخ والحرب الروسية الأوكرانية، حتى أن أحد لم ينتقد أحكام الأعدام الأخيرة ضد قيادات الإخوان، كما كان معتادا في السابقة.
تساؤل توصيفات السيسي لمصر
-كم مرة وصف الرئيس السيسي مصر بتوصيفات لم نسمعها من قبل عن الدولة المصرية؟!
أتذكر عن نفسي عندما قال الرئيس عن مصر “شبه دولة”، وأيضا عندما قال عنها “كهن” ، وأخيرا في خطاب يوم الشهيد : “مالاقيتش دولة” ، “وقالوا لى خد دى” ..
تساؤل المجاعة الصينية
-هل الإشارة غير المباشرة للمجاعة في الصين خلال فترة ماو سى تونج، في فترة الخمسينيات والستينات، والحديث عن أن الدول تبني في ٧٥ سنة، وأن سيادتك لم تعدنا بحلول قريبة خلال سنتين أو عشرة سنوات، هذا يعنى أن جنى الثمار ، الذى كان يدور الحديث عنه كثيرا، أصبح بعيدا ؟!
إذا ، في تصور فخامتك، متى تستطيع مصر أن تقوم من جديد، وبالتأكيد سيادتك متابع للتصورات والتقديرات الدولية في هذا الشأن وغيره؟!
تساؤل عن إثيوبيا
-لماذا تعرضت سيادتك لكل الملفات تقريبا، ولم تتعرض لقضية السد الإثيوبي، خاصة أن التطورات فيه متلاحقة، والحرب الأهلية السودانية تعطيها منحى خطيرا معقدا؟!
تساؤل عن الرقابة الربانية
-لماذا دائما هناك جزء في حديث الرئيس عن الحساب الربانى، وهذه المرة أزادها بأن لهذه البلد رب، وهو من يحاسبه، مشيرا إلى زهد الچنرال الذهبي، ونافيا اتهامات البعض بأنهم فسدة؟!
وأعان الله مصر والمصريين والقيادة السياسية في هذه الأجواء الدقيقة
وتحيا مصر، دشليار مرة ، لا ثلاث فقط.