وبحسب لجنة الانتخابات المركزية في مصر وفقما جاء في تقدير الموقف الإسرائيلي، فإن نسبة إقبال الناخبين حطمت الأرقام القياسية ووصلت إلى 66.8%. وأشادت وسائل الإعلام الرسمية بالاستجابة الشعبية الواسعة للانتخابات وحسن سيرها. من جهة أخرى، رصدت مخالفات مختلفة على مواقع إعلامية مستقلة، مثل تشجيع التصويت مقابل المال، وخلق “طوابير مصطنعة” على مداخل مراكز الاقتراع. ووصف بعض أعضاء المعارضة الانتخابات بـ”الاستعراضية” ودعوا إلى مقاطعتها بسبب استبعاد بعض المرشحين.
وأفاد تقدير الموقف الإسرائيلي الموجه، إن الانتخابات المصرية أتاحت فرصة للنظام في مصر لقيادة حملة تضمنت سلسلة من الرسائل للشعب، خاصة في وقت تواجه فيه البلاد أزمة اقتصادية حادة. ونوه أنصار النظام بإنجازات الرئيس في ولايته السابقة، بما في ذلك القضاء على الإرهاب في سيناء، وتحسين الظروف المعيشية لسكان الأحياء الفقيرة، وتعزيز مكانة المرأة، وتمكين الشباب وذوي الإعاقة. وشددوا على زخم التنمية المسجل في مصر نحو بناء “الجمهورية الجديدة” والتحول الديمقراطي التدريجي الذي يتجسد في تعدد المرشحين والآراء، وهي العمليات التي يجب السماح لها بالاستمرار.
أضاف الرصد الإسرائيلي أن مرشحى المعارضة حظوا بمنصة إعلامية ولو متواضعة من منصة الرئيس، ووجهوا انتقادات للنظام القائم، ولو بشكل محسوب. وتضمنت مقترحاتهم، من بين أمور أخرى، زيادة الإنفاق على الصحة والتعليم، وتعزيز القطاع الخاص، وزيادة استقلال النظام القضائي، وإطلاق سراح سجناء حرية التعبير. واتخذ بعض المرشحين موقفا أكثر تشددا من موقف النظام تجاه إسرائيل فيما يتعلق بالحرب في غزة، وقام أحدهم بتمزيق صورة رئيس الوزراء نتنياهو على الهواء مباشرة.
كما استفاد الرئيس السيسي من الحرب سياسيًا، واحتلت مكانة مركزية في العملية الانتخابية. وتحركه لصد ما وصف بـ”المؤامرة الإسرائيلية” لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء وتهديد الأمن القومي المصري والقضاء على القضية الفلسطينية على حسابها، جاء تعبيرا عن قدرته على الصمود في وجه الخطر. . وقد تم تفسير فوز الرئيس في الانتخابات بأنه توحيد الشعب المصري حول المرشح القادر على توفير أفضل حماية لحدود الوطن.
ومع ذلك، فإن الاختبار الرئيسي للرئيس ينتظره خارج صناديق الاقتراع: في المستقبل القريب، سوف يحتاج النظام إلى دعم شعبي للإصلاحات الاقتصادية الضرورية للاقتصاد المصري، والتي يشترط صندوق النقد الدولي استمرار مساعدات القروض لمصر. ومن هذا المنطلق، فإن استقرار النظام السياسي في مصر سوف يساهم في تحسين صورة البلاد في الخارج أيضاً. التحدي الكبير الآخر الذي يتعين على الرئيس مواجهته هو التوترات في البحر الأحمر والأضرار الواضحة التي لحقت بالعائدات من مرور السفن في قناة السويس.