جاءنا الآن
الرئيسية » جاءنا الآن » مع رحيله..نعيد نشر أبرز أسرار مذكرات سعد الدين إبراهيم: موقفه من مبارك والإخوان والجماعات الإسلامية والأمريكان ويناير ويوينو

مع رحيله..نعيد نشر أبرز أسرار مذكرات سعد الدين إبراهيم: موقفه من مبارك والإخوان والجماعات الإسلامية والأمريكان ويناير ويوينو

مع رحيل الدكتور سعد الدين إبراهيم، كان من الضرورى أن نشارك في تغطية الحدث بشكل مختلف عن الآخرين، فرأينا أن ننشر بعض من أسرار مذكرات ابراهيم ، التى كتبها السيد الحرانى.
 
ومنها بعض كواليس أحداث 25 يناير، وأوضح فيها خبير علم الاجتماع السياسي، أنه كان قد التقى مسئولاً بالخارجية الأمريكية فى موسكو قبل أشهر من الثورة ونقل عن هذا المسئول قوله إن أمريكا على استعداد للتخلى عن مبارك إذا شارك 10 آلاف على الأقل فى مظاهرات ضده، على أن يصمدوا فى الشوارع ثلاثة أيام.
 
وكشف أن عمر عفيفى، الضابط المتقاعد المقيم بأمريكا، هو الذى وضع خطة مواجهة الأمن أثناء الثورة، وشرح تفاصيل لقائه بالرئيس الأمريكى فى يوم الثورة بحضور نائبه ووزيرة خارجيته ورئيس مخابراته فى البيت الأبيض، والاتصال التليفونى الذى جرى بين أوباما وزوجة سعد الدين إبراهيم. علاقتى بالتيارات الإسلامية علاقة دائماً غير مقصودة، فهم يمثلون أقصى اليمين، وأنا أمثل أقصى اليسار.
 
وضمن ما دار عن قرب منى فى تلك العلاقة هى القصة العائلية، التى كانت السبب فى معرفتى بالشيخ عمر عبدالرحمن وقضيته، وبدأت تلك القصة عندما اتصل بى عمى ليخبرنى أن عناصر من وكالة الـ«إف بى آى» الأمريكية موجودون بصحبة بعض رجال مباحث أمن الدولة المصرية فى بيته ويطلبون سؤال ابنته، وطلب منى الحضور لأنه لا يستطيع التفاهم معهم. وكانت ابنة عمى قد تزوجت من شخص يعمل مهندساً ويدعى «مصطفى شلبى»، وكان يبدو على ملامحه التدين، ولم نكن نعلم أنه ينتمى للتيارات الإسلامية، وكان عمى وزوجته دائماً يحدثاننى هاتفياً ويحثاننى على السؤال عن ابنتهما، كلما سافرت إلى أمريكا فى زياراتى المتكررة، وبالفعل كنت أفعل ذلك كلما سافرت وأتصل بهم وأطمئن على أحوالهم، وكانوا يعيشون فى نيويورك، ولكن الغريب أنهم كلما دعونى للعشاء كنت لا أشاهد ابنة عمى إطلاقاً، ومن هنا علمت أن زوجها ليس متديناً فقط، بل متعصب أيضاً.
 
وبعد عدة مرات توقفت عن زيارتهم وانقطعت أخبارهم إلى أن حدثنى عمى هاتفياً ليخبرنى أن ابنته وطفلتها عادتا إلى مصر، وكنا مقبلين على عيد الأضحى وبالفعل ذهبت إلى عمى وابنته التى وجدتها قد انتقبت، وتعجبت عندما وجدتها متحفظة فى الحديث معى، وفى اليوم الثانى للعيد جاءنا خبر اغتيال زوجها، وكان الاعتقاد السائد أن الصهاينة هم من اغتالوه؛ لأن حادث اغتيال كان قد حدث لزعيم صهيونى متعصب جداً اسمه «مائير كاهانا»، واتهم باغتياله بعض الإسلاميين، وظل هذا الاعتقاد سائداً إلى أن حدثت محاولة تفجير برجى مركز التجارة العالمى فى بداية التسعينات. وتلبية لرغبة عمى ذهبت فوراً إلى منزله لأجد المباحث الفيدرالية الأمريكية والمصرية تملأ المنزل، وعلى الفور سألتهم عن سبب الوجود فشرحوا لى الأمر كما ذكرت، وأيضاً أنهم يطلبون سؤال ابنة عمى، حيث جاءوا من أمريكا لسؤالها عن علاقة زوجها بالشيخ عمر عبدالرحمن الذى تم القبض عليه بتهمة التخطيط لتفجير مبنى التجارة العالمى والتحريض على قتل الأمريكان.
 
ومن ضمن التهم الموجهة له أنه من حرض على قتل زوج ابنة عمى «مصطفى شلبى» ويرغبون فى سماع شهادتها حول ذلك الأمر، ولأنها منتقبة ومتحفظة جداً فشلت كل محاولات رجال المباحث الأمريكية فى التحدث إليها، وفى النهاية استطعت التوصل إلى حل وسط وهو أن أقنعهم أن عاداتنا وتقاليدنا تحرم على المرأة التحدث إلى الغرباء، واقترحت أن يحملونى أسئلتهم التى سأعرضها عليها وأحمل لهم الردود والإجابات، وبالفعل تفهموا تلك العادات والتقاليد ووافقوا على اقتراحى، وأثناء رحلة التنقل بينها وبين المباحث الفيدرالية القابعة بغرفة الصالون عرفت قصة ما دار وطبيعة تلك العلاقة، حيث كان زوجها «مصطفى شلبى» على علاقة مقربة بالشيخ عمر عبدالرحمن، وكان هو من دعاه إلى أمريكا بعد أن كان «عبدالرحمن» يعيش فى السودان بعد هروبه من التحفظ الذى فرض عليه بمصر فى أعقاب اغتيال السادات وقضية الجهاد الكبرى، وأن زوجها كان فى هذا التوقيت نشطاً جداً فى مجهودات المقاومة ضد الاتحاد السوفيتى، وكان ذلك سبباً فى حفاوة الأمريكان به والتواصل الدائم معه، ولذلك كان أمر دعوة عمر عبدالرحمن سهلاً وبسيطاً، حيث حصل على موافقة الإدارة الأمريكية.
سعد الدين إبراهيم
 
وكان «عبدالرحمن» هو الآخر قد اشتهر فى تلك الفترة بدعمه للمجاهدين الأفغان، خاصة بعد أن أرسل اثنين من أبنائه «محمد وأحمد» للانضمام لهم، وترتب على كل هذه التداعيات أن جاء إلى أمريكا، وولى عمر عبدالرحمن إمامة واحد من أكبر المساجد فى نيويورك، وأصبح يلعب دوراً أقرب إلى مفتٍ للمسلمين فى منطقة الساحل الشرقى كلها، وذاع صيته واحتل مكانة كبيرة، وكان كل ذلك يحدث بموافقة السلطات الأمريكية وتحت إشرافها، ولأن زوج ابنة عمى كان نشطاً فى جمع التبرعات للمجاهدين والمسئول عنها فبعد انتهاء الحرب لانهيار الاتحاد السوفيتى تبقت لديه عدة ملايين مما جمعه لتمويل المجاهدين، فأشار إليه عمر عبدالرحمن بأن يرسل تلك الملايين لدعم الجماعة الإسلامية فى مصر، فقال له مصطفى شلبى هذه الأموال كنت أجمعها بنية دعم المجاهدين الأفغان ورغم ذلك يجب أن نسأل من تبرعوا بتلك الأموال باقتراحك فإن وافقوا فليس لدى أى مانع، وهنا غضب الشيخ عمر قائلاً له أتعصى أوامرى، فالمبدأ لدينا هو السمع والطاعة وأنا بمثابة أميرك الذى يأمرك فتطيع؟ ووقع الخلاف بين عمر عبدالرحمن ومصطفى شلبى الذى عاد إلى منزله وهو يعرف أنه يواجه خطراً حقيقياً لأنه يعلم طبيعة عمر عبدالرحمن وأفكاره وجماعته وموقفها الذى يمكن أن تتخذه تجاهه نتيجة عصيانه تلك الأوامر.
 
وأراد أن تبتعد زوجته وابنته وبالفعل حجز لهما على أول طائرة وعادتا إلى مصر، ثم تعرض للاغتيال. وفى نهاية اللقاء الذى حضرته كوسيط وجهت ابنة عمى اتهاماً صريحاً ضد الشيخ عمر عبدالرحمن بالضلوع فى قتل زوجها، وهنا سألنى رجال الـ«إف بى آى» هل يمكن أن توقع على تلك الشهادة؟ فوافقت عندما عرضت عليها ما طلبوه ووقعت، وكانت تلك إحدى الشهادات التى استخدمت ضد عمر عبدالرحمن فى محاكمته، وبعد الانتهاء ورحيل رجال المباحث، سألت ابنة عمى بلوم شديد عن سبب إخفائها كل ما دار عنىَّ من البداية؟ فردت بجفاء أشعرنى بالمرارة، قائلة: وهل أخبرك حتى تفضح الجماعة الإسلامية؟ فولائى الأول للجماعة! وعرفت فى تلك اللحظة أن ما يتردد حول غسيل المخ الذى يحدث لمن ينتمون لتلك التيارات هو شىء حقيقى، خاصة أن قريبة لى تمثل لى الشقيقة وتربينا معاً تتخذنى اليوم خصماً وعدواً وغريباً نتيجة ما غرسه بداخلها زوجها وجماعته.
 
وبعد ذلك وتحت ما هو مشاع عن علاقتى بأمريكا تواصل أبناء عمر عبدالرحمن معى طالبين منى التوسط وتوصيل مطالبهم من أجل الإفراج عنه، بعد أن حكم عليه بالسجن مدى الحياة، ولأننى أعرف معاناة أهل السجناء تعاطفت معهم، وبالفعل توجهت بطلبات وحاولت كثيراً حتى تصل أصواتهم للإدارة الأمريكية، ولكن كل تلك المحاولات قوبلت بالرفض، وكان ضمن أقوى أسباب الرفض أن عمر عبدالرحمن أدين فى قتل مواطنين أمريكان وهم لا يتسامحون أبداً فى قتل المواطنين من أصل أمريكى.
 
وأيضاً كانت هناك علاقة ممتدة بينى وبين بعض المنتمين للتيارات الإسلامية من رفقاء السجن، وبعد 25 يناير طلب منى عدد من زملاء السجن الذين تم الإفراج عنهم بعد قيام ثورة التحرير، وقبلت الطلب ودعوتهم وكانوا قد دخلوا السجن لأنهم ينتمون إلى تنظيم الجهاد وكان ضمنهم «صبرة القاسمى»، الذى كانت تهمته أنه مسئول الاستخبارات بتنظيم الجهاد والذى دعمته فى السجن بإقراضه وآخرين قروضاً صغيرة تبناها مركز ابن خلدون، لتنفيذ مشاريع خدمية لمساعدة المساجين، وكان «صبرة» أنشأ مطعم أسماك صغيراً داخل سجن مزرعة طرة، خاصة أنه ينتمى لمدينة الإسكندرية ومطاعم الأسماك هى مهنتهم الأولى، وما زلت أتذكر طلب «صبرة» منى أثناء خروجى من السجن وهو أن أعمل على المطالبة بخروجه من سجنه، بينما كانت أول زيارة تلقيتها بعد خروجى من السجن من والدته التى تحملت مشقة السفر من الإسكندرية للقاهرة لكى تطلب منى عدم تلبية رغبة ابنها، ولما اندهشت من طلبها وعبرت لها عن تلك الدهشة، صارحتنى بأنهم بسطاء المعيشة وأن المطعم الذى أقامه ابنها فى محبسه يدر عليهم ما يقارب 10 آلاف جنيه شهرياً، الأمر الذى ساعدهم فى أن يعيشوا حياة هانئة، كما أنها تخشى على ابنها أن يعود للعمل الجهادى وينجرف وراء تلك التيارات مرة أخرى.
سعد الدين إبراهيم وبوش
 
وقالت لى إنها ستعمل على تزويجه من فتاة صالحة حتى لا يكون له أى مبرر للمطالبة بالخروج من السجن الذى تحول إلى مكان عمله. أنا الآن أتحدث فى هذه التفاصيل لتوضيح الدور الحقيقى الذى كنت دائماً أحرص على تقديمه للآخرين، خاصة الذين عانوا مرارة السجن
 
المهم أننى بعد خروجى تلقيت بالفعل زيارات من بعض هؤلاء الجهاديين فى مزرعة صغيرة أمتلكها وكان معهم أيضاً «ن.ن» الذى أنكر بعد ذلك حضوره تلك الزيارة، وعلى سبيل الدعابة قلت لهم إن هذه مزرعة أخرى غير تلك التى خرجوا منها فى سجن طُرة، وكان لافتاً حجم السعادة والبهجة وهم يهرولون ويتحركون فى المزرعة وكأنهم أطفال فى رحلة مدرسية، ثم طلب هؤلاء الجهاديون أن يتحدثوا فى شىء يشغلهم وهو رغبتهم فى العمل بالسياسة، وضمن ما قالوه إنهم ساهموا فى قتل السادات ورفعت المحجوب وآخرين ليس لأسباب شخصية ولكن لأسباب سياسية تتعلق بالشأن العام، أما وقد قامت 25 يناير بواسطة جيل أصغر منهم وكانت ثورة سِلمية وحققت نتائج لم يحققوها هم رغم كل العنف الذى لجأوا إليه والعنف المضاد من الدولة نحوهم، وإنهم الآن يدركون أن أسلوبهم جانبه الصواب، والآن وقد خرجوا من السجون ونعموا بالحرية فإنهم يريدون الانخراط فى العمل السياسى وهم يثقون فى شخصى ويريدون نصيحتى ومساعدتى لهم، فاقترحت عليهم أن ينضموا لحزب «الحرية والعدالة»، الجناح السياسى للإخوان، الذى كان الإخوان قد أنشأوه بعد يناير، وتولى رئاسته محمد مرسى، الذى أصبح بعد ذلك رئيس، وأطاحت به ثورة 30 يونيو، ولكنهم فاجأونى برد واحد لم أكن أتصوره على الإطلاق وهو «أعوذ بالله».
 
ومع المفاجأة أحسست أننى بصدد مفاجأة كبرى، فتساءلت عن سبب الرفض والرد، فإذا بهم يتسابقون فى تسجيل مآخذهم والتعبير عن مرارتهم تجاه الإخوان، ومن ذلك أنهم لم يجاهدوا فى سبيل الله أو أى من قضايا المسلمين منذ عام 1949 فى فلسطين، بينما فعل الجهاديون فى أفغانستان والشيشان والبوسنة والهرسك وألبانيا والعراق، وبينما هم يجاهدون كان الإخوان يجمعون الملايين من المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها ولم يقدموا أى عون أو مساعدة لأسرهم، حتى إن أحدهم قص رواية أبكتنى وأبكت زوجتى بربارا ،حينما قال وأقسم بالله «إن زوجته طلبت منه الطلاق لأنها مجبرة على ممارسة الرذيلة من أجل أن تطعم أبناءها»، وآخرون ذكروا أن أمهاتهم وزوجاتهم وأخواتهم وبناتهم اضطروا إلى العمل خادمات من أجل لقمة العيش، بينما الإخوان وغيرهم لم يحاولوا مساعدته أو مساعدتها من الملايين التى يجمعونها تحت شعار نصرة قضايا المعتقلين ومساعدة أسرهم، وبدلاً من ذلك استثمروا هذه الملايين فى بنوك بسويسرا وجزر الباهاما.
أسرة سعد الدين إبراهيم.. التى كانت على علاقة بأوباما
 
وهكذا علمت من خلال ردود بعض زوارى من الجهاديين أن الإخوان الذين كانوا مقبلين على الانتخابات الرئاسية حينذاك سيتعرضون لمحن حقيقية ستكشفهم أمام الملايين المخدوعين فيهم كما انكشفوا أمام فصائل قريبة منهم، وعلى سبيل الدعابة والاستفزاز اقترحت عليهم حزباً آخر وهو حزب «المصريين الأحرار»، وكانت لدى قناعة كاملة بأنهم سيضحكون رافضين، ولكنهم سألونى أليس هذا هو الحزب الذى يدعمه رجل الأعمال نجيب ساويرس؟ قلت لهم نعم، ففاجأونى بأنهم لا مانع لديهم إذا كان الحزب يقبل، فاتصلت على الفور بالمهندس نجيب ساويرس، الذى كان قد حضر بعد الثورة إحدى ندوات «ابن خلدون» معبراً عن رغبته الشديدة فى دعمنا، وأنه يبدى اعتذاره عن قطع التواصل الذى كان بيننا وبينه بعد سجنى، وأخبرته بما يدور على أرض مزرعتنا.
 
 
واستغرب الرجل من وجود 30 جهادياً فى مكان واحد، وتساءل مداعباً: هل جاءوا لك مسلحين أم مسالمين؟ وبعد أن عرضت عليه الأمر قال لا بد من عرض الأمر على الهيئة العليا للحزب، ولكنه فى النهاية عرض عليهم قرار الهيئة العليا للحزب برفض انضمامهم، خشية أن يتعرض الحزب لهجوم، خاصة أن الحزب مقبل على خوض معركة انتخابية مقبلة، ولكنه أكد لهم أنه بعيداً عن الحزب يحثهم على تأسيس حزب سياسى مستقل عن أى أحزاب أخرى، وإذا كانوا بالفعل تابوا وتراجعوا عن الأفكار الجهادية والتكفيرية سيكون حزبهم منارة حقيقية لتنوير الشباب وإبعادهم عن الانجراف وراء الأعمال الإرهابية والتخريبية.
 
بعد ذلك توالت الأحداث على الساحة المصرية، وأعلن فتح باب الترشح للرئاسة المصرية وتقدم الإخوان بمرشح بعد أن كانوا قد أكدوا أنهم لن يتقدموا للترشح للرئاسة فى أول انتخابات لها بعد الثورة، وتقدم الفريق أحمد شفيق، الذى وجدت نفسى أؤيده فى جولة التصفية الأخيرة فى مواجهة المرشح الإخوانى محمد مرسى، والمفارقة هى أن «شفيق» كان وثيق الصلة بنظام حسنى مبارك وكلفه هذا الأخير بتولى رئاسة الوزراء فى أيامه الأخيرة، أى أنه كان جزءاً من نفس النظام الذى زج بى فى السجون.
 
ومن ناحية مقابلة كان محمد مرسى زميلاً لى فى سجن مزرعة طُرة ، وقد تبادلنا أطراف الحديث مرتين أو ثلاثاً فى وجود خيرت الشاطر، كما ذكرت سابقاً، إما فى مسجد السجن بعد صلاة الجمعة أو فى مقاعد المتفرجين حينما كان فريق عنبرهم (رقم 3) يتنافس مع فريق عنبرنا (رقم 6، أو عنبر المستشفى) فى كرة القدم.
 
كانت جولة الانتخابات الرئاسية الأولى تضم 13 مرشحاً، وكان الأقرب إلى قلبى بينهم هو «حمدين صباحى» الذى جمعنى به فى مرحلة سابقة الانتماء الناصرى، والطريف أن أفراد أسرتى القاهرية صوت كل منهم بشكل مختلف، فصوتت زوجتى لعمرو موسى، وصوتت ابنتى راندا لعبدالمنعم أبوالفتوح، وابنى أمير صوت لخالد على، وقد أسعدنى ذلك ونوهت به فى عدة برامج حوارية، كما استخدمت تشبيه «البوفيه المفتوح» فى التنقل فى اختيارى للمرشح المفضل لرئاسة الجمهورية.
سعد الدين إبراهيم بعد خروجه من السجن
 
ففى البداية كان مرشحى المفضل هو محمد البرادعى إلى أن خذلنا الرجل بانسحابه من السباق فجأة ودون أسباب وجيهة وبدا لى فى حينه أن الرجل رغم ما قد يتمتع به من صفات إيجابية منها خبرته الدولية فإنه غير مقاتل ولا يميل إلى أخذ المخاطرات، وبالتأمل فالرجل هو موظف مدنى طوال حياته، كذلك انطبق نفس التوصيف على عمرو موسى ذى الخلفية الوظيفية المماثلة، فالأول خارجية مصرية ثم أمم متحدة، والثانى خارجية مصرية ثم جامعة عربية، لذلك كان اختيارى فى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية حمدين صباحى الذى جمعتنى به خلفية ناصرية مشتركة فى شبابنا، أما فى الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية بين الفريق طيار أحمد شفيق والإخوانى محمد مرسى فرغم أن الأخير كان زميل سجن فى مزرعة طُرة وهو أستاذ جامعى وحاصل على الدكتوراه من الولايات المتحدة فإن انتماءه الإخوانى جعلنى أدرك أنه لن يكون حر نفسه وإنما سيحكمنا مكتب الإرشاد، وهو ما أكده لى الراحل جمال البنا، الشقيق الأصغر للراحل حسن البنا، مؤسس الجماعة.
 
ولم يعد أمامى من خيار إلا الفريق أحمد شفيق وكانت لدى 7 تحفظات على الرجل عبرت عنها فى مقال كتبته حمل عنوان «رسائل التوفيق إلى الفريق أحمد شفيق»، فما كان منه إلا أن أخذ المبادرة واتصل بى ودعانى إلى منزله بالقطامية الذى تحاورنا فيه لمدة ساعتين ثم فاجأنى برجاء أن أكتب له مسودة الخطاب الذى يلقيه فى نهاية الحملة قبل الصمت الانتخابى، ويكون بمثابة تعهد على ما سيقوم به إذا وفقه الله وانتخب رئيساً وقد كان، ورغم خسارته (رسمياً) بهامش طفيف فإن الرجل ظل على علاقة مودة حتى بعد أن غادر البلاد إلى دولة الإمارات، تحسباً لانتقام الإخوان الذى قد كان، وظللت على مواقفى ومبادئى إلى أن ساهمت كما ساهم الشعب المصرى فى ثورة 30 يونيو ضد جماعة الإخوان التى أرادت الانفراد بالسلطة وممارسة خططها من أجل تحقيق أهدافها التى كادت تعرض الأمن القومى المصرى لخطر عظيم.
 

عن الكاتب

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *