غرفة التغطية الحية
من الذي يريد تحريك المشهد في الوراق لمربع التوتر غير المنتهى؟! .. الأجواء فى غاية الالتهاب، والمواطنون في حالة استقطاب في مواجهة الأمن المحاصر للجزيرة.
المنطقة ملتهبة، الداخلية في حالة احتقان وترقب بسبب الأحوال الاقتصادية الصعبة والضغوط المتواصلة من ارتفاعات الأسعار والتحديات المختلفة، ورغم ذلك هناك من يريد إشعال المشهد أكثر وأكثر، وكأنهم لا بسمعون للاسقاطات التى يرددها الأهالى الغاضبين، فهل هذا ما نريد أن نصل أليه في هذه الأجواء الملتهبة داخليا وخارجيا، وهناك الكثيرين الذين يريدون استثمار ذلك، خاصة أن إسرائيل تترقب أية لحظة مناسبة لتهجير الفلسطينيين لسيناء، وإثيوبيا تفعل ما تفعل، ونحن نخسر كل لحظة منذ عام تقريبا مما يحدث في مدخل البحر الأحمر، والقوس مفتوح مع اشتعال الحرب في جنوب لبنان.
نقطة الاشتعال
وسط نهر النيل، تقع جزيرة الوراق، أحد أكبر الجزر النيلية في القاهرة.. الجزيرة التي كانت شاهدة على تطورات تاريخية، اليوم تواجه أزمة كبيرة بين سكانها والحكومة المصرية.
الحكومة تسعى لتنفيذ مشروعات استثمارية كبرى على أرض الجزيرة، بينما يرفض الأهالي مغادرة منازلهم التي عاشوا فيها لعقود طويلة، نستعرض معكم تفاصيل هذه الأزمة التي أصبحت عنوانًا للصراع بين التنمية وحقوق المواطنين.
الأزمة بين سكان جزيرة الوراق والحكومة ليست جديدة. في عام 2017، بدأت الاحتجاجات الكبرى عندما أعلنت الحكومة عن مشروع تطوير الجزيرة وهدم المنازل. تلك الاحتجاجات شهدت تصاعدًا كبيرًا،
قُتل أحد سكان الجزيرة في اشتباك مع قوات الأمن. ومنذ ذلك الحين، استمرت الاشتباكات والتوترات بين الجانبين، حيث تسعى الحكومة إلى إخلاء الجزيرة لتنفيذ مشاريعها الاستثمارية، بينما يصر السكان على البقاء.
من جهة الحكومة، ترى أن جزيرة الوراق تمثل فرصة هائلة للتطوير الاقتصادي والعمراني. في عام 2018، صدر قرار من مجلس الوزراء بإنشاء مجتمع عمراني جديد على أرض الجزيرة
ووضعت الحكومة خططًا لبناء أبراج سكنية وفنادق ومرافق حديثة بتكلفة تصل إلى 17.5 مليار جنيه. وأشارت الحكومة إلى أن هذه المشاريع ستساهم في تحسين البنية التحتية وتطوير المناطق غير المخططة. ورغم إعلان الحكومة أن عملية الإخلاء تتم بالتراضي مع سكان الجزيرة، إلا أن جزءًا كبيرًا من السكان يرفض مغادرة أراض.
في المقابل، يؤكد سكان الجزيرة أن لهم حقوقًا ثابتة في أراضيهم ومنازلهم، العديد منهم يمتلكون عقودًا رسمية تعود لأكثر من مئة عام، ويوضحون أنهم لا يعترضون على التطوير
لكنهم يطالبون بتعويضات عادلة. وفقًا لأحد السكان، فإن الحكومة عرضت عليهم تعويضات قد تصل إلى نصف مليون جنيه، أو شقق صغيرة في حي الأسمرات، وهو ما يعتبره السكان غير كافٍ. ويعبر أحد السكان قائلاً: هذا بيتنا منذ عشرات السنين، ونحن لا نطلب إلا حقنا العادل.
مع استمرار الأزمة، تصاعدت التوترات الأمنية في جزيرة الوراق. خلال الأشهر الأخيرة، فرضت قوات الأمن حصارًا على الجزيرة، ومنعت دخول مواد البناء.
مما أدى إلى احتجاجات جديدة من الأهالي. اشتبك السكان مع قوات الأمن، ونجحوا في إطلاق سراح سائق شاحنة حاول إدخال مواد بناء. تلك الأحداث تشير إلى أن الأزمة لم تنته بعد، وأن التوترات لا تزال مستمرة بين الجانبين.
يؤكد أهالي جزيرة الوراق أنهم ليسوا ضد التطوير، بل يطالبون بأن يتم التعامل معهم بعدل وإنصاف. مجلس العائلات الذي يمثل سكان الجزيرة، يضم 80 عائلة من بين حوالي 130 ألف نسمة يعيشون على الجزيرة. ورغم المحاولات السابقة للتفاوض مع الحكومة، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل. مطالبهم واضحة: تعويضات عادلة وشقق بديلة داخل الجزيرة، لكن حتى الآن لم تتحقق تلك المطالب.
المستقبل في جزيرة الوراق قد يشهد المزيد من التوترات أو ربما حلاً قريبًا إذا ما تم التوصل إلى تسوية عادلة بين الحكومة وسكان الجزيرة.
الحكومة رصدت ميزانية قدرها 7 مليارات جنيه لتعويض الأهالي، لكن السكان لا يزالون يعتبرون أن التعويضات غير كافية. مع استمرار مشاريع التطوير في القاهرة، ستكون جزيرة الوراق واحدة من المناطق التي تترقب مصيرها في السنوات القادمة.
هل يمكن التوفيق بين مشاريع التنمية وحقوق السكان؟ جزيرة الوراق تمثل تحديًا كبيرًا للحكومة المصرية ولسكانها، ما بين خطط التطوير والرغبة في البقاء، ستظل الجزيرة عنوانًا للصراع بين الحداثة والتراث. فهل ستجد الحكومة والأهالي طريقًا نحو الحل؟ أم أن الأزمة ستستمر؟