غرفة الرصد السوشيالى
في أكثر المساعي جدية على ما يبدو منذ أسابيع لوقف القتال في قطاع غزة الذي دمرته الحرب وإطلاق سراح رهائن إسرائيليين، جاءت محادثات باريس التى تستهدف إقرار هدنة أمس الجمعة، إنطلاقا من تفاهمات القاهرة خلال الأيام الأخيرة، والتى انتهت الخميس، لكن نتنياهو لا يزال يحاول تفجير المشهد أكثر وأكثر بما أسماه خطة ما بعد حماس، والتى أعلن فيها استمرار الاحتلال لغزة.
وقال مصدر مطلع على المحادثات إن مفاوضات وقف إطلاق النار بدأت باجتماع رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي (موساد) على انفراد مع كل من قطر ومصر والولايات المتحدة.
وأضاف المصدر “هناك علامات جديدة تبعث على التفاؤل بإمكان المضي قدماً نحو بدء مفاوضات جادة”، وفق ما نقلته وكالة “رويترز”.
وقال مسؤول من حركة حماس إن الحركة اختتمت محادثات وقف إطلاق النار في القاهرة، وإنها تنتظر الآن لترى ما سيعود به الوسطاء من محادثات مطلع الأسبوع مع إسرائيل.
وأضاف “لا لم نقدم ورقة أخرى، فقط ناقشناهم (المصريين) في ورقتنا وننتظر عودتهم من باريس”.
ويكثف الوسطاء جهودهم للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، على أمل درء هجوم إسرائيلي على مدينة رفح في غزة، حيث يعيش أكثر من مليون نازح على الطرف الجنوبي من القطاع.
وتقول إسرائيل إنها ستهاجم المدينة في حالة عدم التوصل إلى اتفاق هدنة قريباً. ودعت واشنطن حليفتها الوثيقة إسرائيل إلى عدم القيام بذلك، محذرة من وقوع خسائر كبيرة في صفوف المدنيين إذا أقدمت على شن هجوم على رفح.
خطوط عريضة
وفي أحدث جولة من المحادثات المماثلة التي عقدت في باريس في بداية فبراير (شباط)، جرى التوصل إلى الخطوط العريضة لأول وقف طويل لإطلاق النار في الحرب وافقت عليه إسرائيل والولايات المتحدة. وردت “حماس” باقتراح مقابل رفضه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووصفه بأنه “مخادع”.
وتقول الحركة، التي يعتقد أنها لا تزال تحتجز أكثر من 100 رهينة وقعوا في قبضتها في هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل والذي عجل بالحرب، إنها لن تطلق سراحهم إلا ضمن هدنة تنتهي بانسحاب إسرائيلي من غزة. وتقول إسرائيل إنها لن تنسحب حتى تقضي على “حماس”.
وفي وقت متأخر من مساء الخميس، قدم نتنياهو لمجلس الوزراء الأمني خطة رسمية مستفزة لغزة بمجرد توقف القتال. وأكد أن إسرائيل تتوقع الحفاظ على سيطرتها الأمنية على القطاع بعد تدمير “حماس”، ولا ترى أيضاً أي دور للسلطة الفلسطينية المتمركزة في الضفة الغربية.
وتفضل واشنطن أن يكون للسلطة الفلسطينية دور بعد إصلاحها.
وقال مسؤولان فلسطينيان مطلعان على المفاوضات إن الحركة لم تغير موقفها في أحدث مسعى للتوصل إلى اتفاق، وما زالت تطالب بهدنة تنتهي بانسحاب إسرائيلي.
وقال أسامة حمدان، القيادي في “حماس”، خلال مؤتمر صحفي في بيروت الجمعة “مواقف الاحتلال وردوده على الوسطاء سلبية وتضع عراقيل كثيرة أمام التوصل لاتفاق، ونتنياهو يماطل ويراوغ ويهدف إلى تعطيل التوصل لاتفاق، ولا يهمه الإفراج عن الأسرى (…)، بل هي ورقة يستخدمها لتحقيق أهدافه”.
مقتل أسرة ممثل كوميدي
ميدانياً، قال أشرف القدرة المتحدث باسم وزارة الصحة إن غارة جوية استهدفت مبنى سكنياً في دير البلح بوسط غزة مع دخول الليل، مما أدى إلى مقتل 22 فلسطينياً على الأقل.
وقال مسؤولون في قطاع الصحة إن من بين القتلى عدداً كبيراً من أفراد أسرة الفنان الكوميدي محمود أبو زعيتر الذي يتابعه 1.2 مليون على وسائل التواصل الاجتماعي.
ولم يصدر تعليق حتى الآن من إسرائيل التي تقول إنها تبذل قصارى جهدها لتقليل الضرر في صفوف المدنيين بينما تقاتل المسلحين في المناطق الحضرية.
وكانت وزارة الصحة في غزة قد قالت في وقت سابق إن 104 أشخاص قتلوا وأصيب 160 آخرون في القصف الإسرائيلي في الساعات الأربع والعشرين الماضية.
وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه قتل عشرات المسلحين واستولى على أسلحة في أنحاء من غزة منذ الخميس.
بناء المستوطنات “لا يتسق” مع القانون الدولي
من جانبها، قالت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الجمعة إن توسع إسرائيل في المستوطنات بالضفة الغربية لا يتسق مع القانون الدولي، وذلك في إشارة إلى العودة لسياسة أميركية كانت راسخة لعقود قبل أن تتخلى عنها الإدارة السابقة بقيادة دونالد ترمب.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في مؤتمر صحفي في أثناء زيارة إلى الأرجنتين، إن الولايات المتحدة تشعر “بخيبة أمل” من إعلان إسرائيل عزمها بناء وحدات سكنية جديدة في الضفة الغربية، موضحاً أنها تضر بمساعي التوصل إلى سلام دائم.
وأضاف بلينكن “إنها لا تتسق أيضاً مع القانون الدولي. تحافظ إدارتنا على معارضة صارمة للتوسع في المستوطنات، وفي رأينا أن هذا يؤدي فقط إلى تقويض أمن إسرائيل ولا يعززه”.
وتعترض إدارة بايدن على توسيع المستوطنات وتقول إنه يضر بمساعي السلام الدائم، لكن تصريح بلينكن الجمعة هو المناسبة الأولى التي يقول فيها مسؤول أميركي إنها تتعارض مع القانون الدولي.
وفرضت الإدارة الأميركية في الآونة الأخيرة عقوبات على أربعة إسرائيليين متهمين بالضلوع في أعمال عنف شنها مستوطنون. وتعتبر معظم الدول المستوطنات، التي تفصل تجمعات فلسطينية عن بعضها البعض بكثير من المناطق، انتهاكاً للقانون الدولي.
ويقول الفلسطينيون والمجتمع الدولي إن نقل مدنيين من أي دولة إلى أراض محتلة غير قانوني بموجب اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وقرارات مجلس الأمن الدولي.
ولم يتحقق تقدم يذكر في سبيل قيام دولة فلسطينية منذ توقيع اتفاقيات أوسلو في أوائل التسعينيات. ومن بين العقبات التي تعترض سبيل ذلك توسيع المستوطنات الإسرائيلية.
لولا يصر على اتهام إسرائيل بارتكاب “إبادة جماعية”
أصر الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الجمعة على اتهام إسرائيل بارتكاب “إبادة جماعية” بحق الفلسطينيين في غزة، بعدما أثار في الآونة الأخيرة أزمة دبلوماسية بسبب مُقارنته الهجوم الإسرائيلي ضد حركة “حماس” في القطاع الفلسطيني بـ”المحرقة اليهودية”.
وقال لولا خلال فعالية في ريو دي جانيرو إن “ما تفعله دولة إسرائيل ليس حرباً، إنها إبادة جماعية، لأنها تقتل نساءً وأطفالاً”.
وكانت إسرائيل أعلنت الإثنين أن لولا “شخص غير مرغوب فيه” بعد إدلائه بتصريحات مماثلة. وهذا أول رد فعل للزعيم البرازيلي منذ الجدل الذي أثاره تشبيهه الهجوم الإسرائيلي على غزة بالمحرقة.
وقد تمسك لولا بموقفه، مشدداً مراراً على مصطلح “الإبادة الجماعية”.
وقال لولا “هذه إبادة جماعية. ثمة آلاف من الأطفال القتلى، وآلاف من المفقودين. ليس الجنود هم الذين يموتون، بل نساء وأطفال في المستشفى. إذا لم تكُن هذه إبادة جماعية، فأنا لا أعرف ما هي الإبادة الجماعية