من أعظم العبادات وأرقى القيم الروحية في حياة المؤمن هو “انتظار الفرج”. ففي هذه العبادة السامية، يبقى قلب العبد معلقاً بربه في كل لحظة، يتوجه إليه بالدعاء ويستشعر قربه، متأملاً في كيفية انكشاف كربته وزوال همومه. فالمؤمن يعيش في رحاب التفكر والتأمل، يبحث عن بصيص الأمل في كل موقف، ويثق تماماً بأن الله سبحانه وتعالى هو المدبر لأمور عباده بحكمته ورحمته.
يؤكد القرآن الكريم على قيمة الصبر وانتظار الفرج في كثير من مواضعه، فيقول الله تعالى: **”فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا”** [الشرح: 5-6]. إن هذه الآية الكريمة تجسد لنا وعد الله الذي لا يتغير، بأن بعد كل ضيق هناك فرج، وأن الأوقات العصيبة ليست سوى مرحلة عابرة، فيها تربية وتهذيب للنفس. كما قال تعالى: **”أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ”** [النمل: 62]. هذا السؤال البلاغي يحمل في طياته تأكيداً على قدرة الله تعالى في رفع الكربات، وهو دليل على رحمته وحنانه على عباده.
وفي القرآن الكريم، نجد العديد من الآيات التي تبشر المؤمنين بالفرج بعد الشدة، كقوله تعالى: **”وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ”** [البقرة: 155]. فالصبر هو مفتاح الفرج، وهو ما يميز المؤمنين عن غيرهم، حيث يتلقون الابتلاءات بإيمان وثقة في رحمة الله.
وفي الحديث الشريف، قال النبي ﷺ: **”عجبًا لأمر المؤمن! إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له”** [رواه مسلم]. هذا الحديث يبين لنا كيف أن المؤمن يعيش في حالة من السعادة والرضا، سواء في حال الرخاء أو الشدة، إذ إنه يدرك أن كل ما يجري له هو بتقدير من الله، وأن في كل حدث حكمة عظيمة.
لقد أوضح النبي ﷺ في العديد من أحاديثه أهمية الدعاء وانتظار الفرج. ففي حديث قدسي، قال الله عز وجل: **”أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن بي خيرًا فله، وإن ظن بي شرًا فله”** [رواه البخاري]. إن ظن المؤمن بربه يفتح أمامه آفاق الأمل، ويجعله دائماً متيقناً بأن الفرج قريب، مهما كانت الصعوبات.
كما ورد عن النبي ﷺ أنه قال: **”إن الدعاء هو العبادة”** [رواه الترمذي]. إذن، فإن انتظار الفرج يجب أن يصاحبه دعاء مستمر، وتضرع إلى الله في السراء والضراء. فالمؤمن لا ينقطع عن الدعاء، بل يجعله جزءاً من حياته اليومية، مستشعرًا عظمة الله وقدرته، ومتأملاً في عطفه ورحمته.
ولنتأمل حال الأنبياء والصالحين في انتظار الفرج. فقد واجه سيدنا أيوب عليه السلام العديد من الابتلاءات، وظل صابرًا على مرضه وفقده، حتى قال: **”إِنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ”** [الأنبياء: 83]. فاستجاب الله دعاءه، وجعله مثالًا للصبر والاحتساب.
دعاء لقراء ومتابعى وكالة الأنباء المصرية|إندكس
وفي ختام هذه الكلمات، أوجه دعاء خاصاً لقراء وكالة الأنباء المصرية|إندكس ، سائلاً الله العلي القدير أن ينعم عليهم بالخير والبركة، وأن يرزقهم الفرج من كل هم وكرب، وأن يملأ قلوبهم بالأمل ويمنحهم السكينة والطمأنينة. اللهم آمين، وارزقهم السعادة والنجاح في حياتهم، واجعلهم دائماً من الذاكرين الشاكرين. اللهم اجعل انتظار الفرج سبيلاً لمغفرتك ورضاك، واغمرهم برحمتك التي وسعت كل شيء.
الجوهره بنت أحمد المعيوف