جاءنا الآن
الرئيسية » جاءنا الآن » إسلام كمال يسطر:كيف تواجه الدولة المصرية اليوم المصيري؟!..المصريون بالمرصاد للإسرائيليين لإنقاذ الفلسطينيين من الاقتحام الحدودى و التهجير وتفريغ غزة وتصفية القضية

إسلام كمال يسطر:كيف تواجه الدولة المصرية اليوم المصيري؟!..المصريون بالمرصاد للإسرائيليين لإنقاذ الفلسطينيين من الاقتحام الحدودى و التهجير وتفريغ غزة وتصفية القضية

إسلام كمال

كل المؤشرات والأرقام والتحركات على الأرض وتطورات المعركة الدموية الوحشية في غزة، تؤكد أننا تفرقنا ساعات قليلة عن تكرار سيناريو المساس بالسيادة المصرية باقتحام حدودى مشابه لما كان في ٢٠٠٨، والمرتب له من قبل إسرائيل ومعسكرها، بدفع فلسطينيين الذي لا حول لهم ولا قوة لتنفيذه، هربا من الموت.

تخيلوا معى، الأعداد المتزايدة من الأسر الفلسطينية في محيط معبر رفح، التى نزحت مضطرة تحت القصف والقذف والتوغلات البرية الصهيونية، وبأمور من جيش الاحتلال بالاتجاه لرفح ومعبرها، ستضطر إلى اقتحام الحدود المصرية الفلسطينية طلبا للدعم المصري، بعد تواصل الهجوم الإسرائيلي المنوع الذى لا يتوقف ليل نهار ومن كل الجهات، وسط دعم أمريكى غربي وعربي.

التسونامى البشري المتوقع

الأهالى في محيط معبر رفح، الذين كان مستقبلين للنازحين، وتحولوا هم وضيوفهم لنازحين الآن، لن يجدوا مكانا إلا الاقتحام الحدودى، أو التزاحم على معبر رفح حتى يفتح بالقوة، ولن يستطيع أخوتهم المصريون، أن يحركوا ساكنا، في وجوه أخوانهم الفلسطينيين المكلومين المفجوعين، وسنضطر وقتها لتنفيذ المخطط الإسرائيلي الغربي، على غير رغبتنا طبعا، ونستقبل كل هذه الأعداد في المستشفي الميدانى، والذي لن يكفي للتسونامى المتوقع.

سيناريوهات غير معلنة للمواجهة

الأمر جد خطير، وبالتأكيد وضعت الدولة المصرية سيناريوهات غير معلنة لمواجهته، على المدى القصير والمتوسط والطويل، لكن الفكرة في محاولات منع ذلك حماية للباقي من غزة، ومواجهة المخططات الإسرائيلية، وحماية الأمن القومى المصري، في الأساس.

المربع الأخطر منذ بداية الحرب..والمقصد الأساسي منها

فكيف نفعل ذلك ونحن قد وصلنا لهذا المربع الأخطر منذ بداية هذه الحرب الفارقة الأطول في تاريخ الكيان والتى تجاوزت الشهرين من عمرها الأسود؟! ، خاصة أن الإسرائيليين لا يسمعون لأحد، ومعسكرهم بقيادة الولايات المتحدة مقتنع باستمرار الحرب، تحت تأثيرات عدة منها الهدف الاستراتيجي الأمريكى بالعودة للمنطقة بثقل جديد، ومن الناحية الأخرى، محاولة ضمان الديمقراطييين برئاسة بايدن البقاء في البيت الأبيض رغم التحديات المعقدة التى يتعرضون لها، وأبرزها الاقتصادية والسيادية في بعض الملفات والمناطق.

المحاولة الاسرائلية لتخدير مصر 

إسرائيل تحاول كسب الوقت، وتحسب إنها استطاعت تخدير مصر أو طمأنتها، عندما أرسلت لها منذ ساعات وفدا أمنيا مخابراتيا، برئاسة المنسق العسكرى الإسرائيلي بالأراضي الفلسطينية المحتلة، العقيد غسان عليان، ورتب كبيرة من الموساد والشاباك، بدون أسماء سياسية بارزة، إدعت تل أبيب من خلال هؤلاء إنها لا تخطط للإضرار بمنطقة الحدود بين مصر وغزة، ولا تحاول دفع الفلسطينيين لدخول سيناء، رغم أن كل ترتيبات الخطط الإسرائيلية تفيد بغير ذلك بالمرة، عملياتيا وميدانيا، خاصة أن النازحين الفلسطينيين لم يبعدهم الآن سوى خطوات على المنطقة الحدودية.

 

التهجير القسري إعلان حرب

الإعلام الاسرائيلي الذي كشف عن الزيارة شبه السرية، والتى لم تشر لها القاهرة، أبرز الرواية والرؤية الإسرائيلية، التى تتصور أنها تستغلفنا، لكن المواجهة المصرية جاهزة في سياقات عدة، وكانت قد أكدت عدة أطراف مصرية وعربية ودولية على أن مخطط التهجير القسري هو بمثابة إعلان حرب وتصفية للقضية الفلسطينية على حساب الدول الجوار، ولن يسمح بذلك.

منذ اللحظة الأولى لإعلان الحرب الإسرائيلية الوحشية على غزة، والدولة المصرية تتخذ مواقفها حيال المواجهة، والقطع العسكرية المنوعة تنتشر من العمق المصري في سيناء حتى المنطقة الحدودية، لكن بالطبع ليس للتعامل بها مع الفلسطينيين..كل السيناريوهات مخطط لها، بتدريجاتها، وهناك ما هو متجاوز لمعاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، وهذا يثبت أن مصر تفرض كلمتها، لكن في المقابل أيضا الكيان الصهيونى يرفض أن يتوقف عن التصعيد للنهاية، ولا يهمهم جارتهم الكبري، والمفروض أنها حليف اقتصادي وأمنى بشكل أو آخر.

حديث التبريرات الفارغ 

والتبريرات السياسية والعسكرية لهذا التعقيد والتصعيد الإسرائيلي، على خلفية أحداث ٧أكتوبر، لا تقنعنى وتقنع الكثير من المراقبين

 بالمرة، بالذات على خلفية الاعترافات التى تتكشف كل يوم على كل المستويات في إسرائيل، من تورط الجيش الإسرائيلي .. طيران وجنود .. في قتل المستوطنين في أعقاب اقتحام المقاومين لمستوطنات غلاف غزة، الأمر الذى ضاعف عدد القتلى في هذه الأثناء، وحتى بعدها حيث كان يتم الإعلان فجأة عن زيادة في عدد القتلى الإسرائييين دون مبرر بحجة العثور على جثث جديدة، وحتى علم الشاباك والآمان والموساد بترتيبات المقاومة لهجوم كبير على المستوطنات، ورفع الأمر للدوائر السياسية التى تغافلت عن الأمر، وكأنها كانت تريد أن تصل لهذا المربع، ولن نقول خططت له، حتى لا يتهمنا البعض بالمبالغة، ناهيك عن اختراق الشاباك للمقاومة، وأبرز دليل ابن القيادى الحمساوي حسن يوسف الهارب لتل أبيب، ولن نعرج للدور الإسرائيلي بقيادة شارون في تأسيس حماس، فليست هذه مساحته المناسبة، وكل المتخصصين وغيرهم أصبحوا يعلمون ذلك.

 

حقيقة أزمة نتنياهو 

بالتبعية، فالحديث عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقيادته العسكرية والمخابراتية في وضع صعب، وهذا ما يدفعهم لاستكمال الحرب حتى نهاية غزة تماما، لا حماس فقط..أمر غير مقنع بالمرة، فهو مشهد من مشاهد التمثيلية الصهيونية التى أتقنوها، وينفذونها بالكادر لحظيا، لولا فقط بعض المقاومة في نقاط ما، والتى تزيد من فاتورتهم الدموية والمادية فقط.

وهو أمر مقدر له مسبقا، ولا يهمهم بالمرة، وكان هذا واضحا في تصريحات نتنياهو، التى اعتبرها البعض زلات لسان، ومنها ما قاله حول مقتل حاخام على يد ضابط احتياط في العملية الفدائية بالقدس المحتلة منذ أيام حينما قال، إنها الحياة!!!.. دون أدنى مبالاة منه حيال الغاضبين، على الدم الإسرائيلي، وفق دعاويهم ذات الأبعاد الدينية، التى ناقضها أحيانا بتنفيذ الأمر العسكرى “حنبعل’ بقتل الأسير ليتحول جثة، حتى لا يعتبر ورقة ضغط عليه، ووصل به الأمر أن يقول أنه غير مهتم بالأسرى الباقيين، وأبلغ أهاليهم أنه لا يستطيع إعادتهم، وما كان منه إلا أن حمل حماس مسئولية عودة الحرب بحجة عدم إعداد قائمة الأسري الجديدة، فيما ردد هو نفسه التبريرات الدينية أحيانا في سياقات أخرى منها نبوءات النبي إشعيا وحديث أن الأطفال الفلسطينيين هم عماليق الزمان الذى يجب قتلهم.

الرتوش الدعائية للمخطط العسكرى المصيري

هذا كله، نؤكد به أن مشاهد خلافات نتنياهو ووزير حربه يوآڤ جالانت لدرجة أنهما لا يعقدان مؤتمرات صحفية معا أحيانا، ودعم عدويه بنى جانتس وأيزنكوت الصورى له في ائتلاف الحرب، والإعداد للانتخابات الإسرائيلية بعد حرب إبادة غزة وتصفية الفلسطينية، ما هو إلا رتوش للمخطط العام الموضوع أساسا، مثله مثل ترويجات الخلافات والتوترات في كواليس الجيش بالذات مع حصيلة القتلى والمصابين المتزايدة، وزخم الحرب النفسية، ويمكن أن يكون هذا كله ترتيب لخروج آمن لنتنياهو، بدلا من السجن في قضايا فسادهم الدعائية.

اللحظة الفارقة 

كان من الضرورى أن نعرج لهذه الخلفيات المكملة للمخطط، والتى يتصورها البعض مؤثرة..حتى لا ننشغل بها كثيرا، فلدينا الأهم والأعجل، فالأمر تحول الآن للون الأحمر في شاشة الطوارئ، ويجب الحذر كل الحذر منه، والتجهز لهذه اللحظة الفارقة في تاريخ مصر المعاصر والقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، أو الباقي منه بالأحرى.

الاقتحام الحدودى هدفه التهجير القسري وأشياء أخرى 

ولا ننتظر من الأطراف الدولية بقيادة الولايات المتحدة وأوربا والأمم المتحدة وروسيا والصين أن تتدخل لوقف المخطط الإسرائيلي الذي لن يقف بالطبع عند حد الاقتحام المرتقب للحدود من قبل الفلسطينيين، بل يريدونه أن يتحول لتهجير طويل الأمد، وليس اقتحاما اضطراريا فقط، ففي أحداث ٢٠٠٨، كانت الظروف الدولية مختلفة وحال الدولة المصرية وإقليمها مختلف وطبيعة الحرب الإسرائيلية نفسها مختلفة، والفعل الفلسطيني نفسه مختلفا .. كان الاقتحام الفلسطيني مؤقتا، وبأهداف مختلفة من أطراف مختلفة.

 كان وقتها مثلا، الاقتحام الحدودى من مخططات الإعداد لانهيار الدولة المصرية والترتيب لمشهد أحداث يناير ٢٠١١، وليس بعيدا عن ذلك الربط بين الاقتحام الحدودى واعتصام المحلة في ٢٠٠٨، التى ظهرت بعدها حركة ٦ إبريل وكفاية، في إطار السيولة التى ضربت المشهد المصري وقتها، وبالتالى لا يمكن إبعاد هذا الإسقاط عن المشهد المصري العام الحالى بالمرة، خاصة أن لدينا حدث سياسي معقد هو الانتخابات الرئاسية، التى تأتى على خلفية تحديات غير مسبوقة منها الأزمة الاقتصادية الحادة والسد الإثيوبي، والتى تكالبت علينا مع خلفيات حرب إبادة غزة من ضرب أمن البحر الأحمر المؤثر على قناة السويس، التى بدأت بالتضرر بالفعل، بالإضافة للصراع الغازى في شرق المتوسط، الذى يعد من المحركات الأساسية للتصعيد الفارق الحالى..

واقع جديد في المنطقة 

وبالتالى فهذا كله، ما هو إلا ترتيب لواقع جديد في المنطقة إما قريبا جدا، أو بعيدا بعض الشئ..لكنه سيحدث، في عدة سياقات، ومن هنا تنبع الأهمية القصوى لوقف سيناريو الاقتحام الحدودى وما يليه من تهجير قسري، حتى لا ينفرط العقد الفوضوى الذى أشرنا لبعض ملامحه.

ماذا ستفعل الدولة المصرية والمصريون ؟!

وإن تخيلنا معا، أن اليوم المخيف حدث بالفعل للأسف، أى تم الاقتحام الحدودى الاضطرارى بأية صورة ما، إن كان بالتزاحم على معبر رفح، وهو الأوقع، أو باستهداف نقاط حدودية بأية طريقة، وهذا مستبعد.. فماذا ستفعل الدولة المصرية والمصريين المضغوطين أساسا، حيال اللحظة التالية واليوم التالى..تحدثنا عن فكرة الاستيعاب المتوقع بالطبع، والموضوع له سيناريوهات بالتأكيد، لكنى أتحدث الآن عن إعادة هؤلاء المقتحمين من جديد وتحصين الحدود دون أى مساس بشبر من سيناء، فالأمر سيكون أعقد مما كان عليه المشهد في ٢٠٠٨ بكل تأكيد، ولن تترك إسرائيل إحتمالية لعودة هؤلاء المقتحمين، بل سيظل الزحف الفلسطيني، حتى تفريغ غزة كلها تقريبا، والحجة ستكون وقتها أنه على مصر الحليف الأمنى أن يساعدها في مواجهة الخطر التى تواجهه، والمقصود هنا بالطبع حماس والجهاد.

وضع معقد 

وستكون مصر في وضع معقد على كل الأنحاء، أن تستوعب المقتحمين كأخ أكبر يدعم أخيه في موقف مصيري، بل وتستمر في استقبال الزاحفين بعد المقتحمين من كل أنحاء غزة، فما الفارق بين من جاء مبكرا أو متأخرا، إن كان مقتحما أو نازحا زاحفا..في هذه الأجواء العصيبة؟! .. الأمر على تعقده حينها سيكون أبسط مما هو قادم، وهو رفض إسرائيل إعادة من نزحوا لبيوتهم المهدمة وفوضاهم، وستكون الحجج تدريجية لإطالة الوقت فقط، بداية من القضاء على جيوب حماس، ثم إقرار الأوضاع وتسليم القطاع لجهة تديره، وأخيرا حتى لو كان في إطار عملية سياسية، تتضمن شريكا فلسطينيا جديدا أو حليفا دوليا لإدارة القطاع، رغم أن هذه الأمور ستطول، ومن الصعب أن نبقي الفلسطينيين لدينا طوال هذه الفترة، خاصة أن مصر ليست لديها فكر المخيمات، وتجارب المخيمات الفلسطينية في كل الدول بائسة وخطيرة ومعقدة، ولا نريد أن نتورط في مستنقع المواجهة المصرية الفلسطينية التى يريدها الإسرائيليون بأى شكل كان..

وبالتالى من المهم جدا، لو حدث مشهد الاقتحام الحدودى بالفعل وتم الاستقبال المصري، أن يكون قصيرا جدا مؤقتا، حتى لا يتحول لتهجير قسري من ناحية كما تريده اسرائيل، وسيسكت عليه حتى الرافضون له الآن، وفي مقدمتهم أمريكا،  وحتى لا تقع مصادمات بين الفلسطينيين والمصريين من ناحية أخرى، بأبعادها المعقدة.

إسرائيل تروج لتحميل حماس مسئولية الاقتحام المتوقع وخلفية إدعاء تهريب المقاومين والأسري

من ضمن ما تعد له إسرائيل للتمهيد لهذا المشهد المقلق جدا بل المخيف، هو إتهام حماس والمقاومة عموما بإنها من تدفع الفلسطينيين لمشهد الاقتحام الحدودى، حتى تهرب قياداتها لمصر، بعدما بدأت إسرائيل في إغراق الأنفاق بمياه بحر غزة عبر المضخات، وروجت لحصار قيادات المقاومة ومنهم، يحي السنوار نفسه، بخلاف إدعاء تهريب الأسري الإسرائيليين لسيناء، بعدما ضيق جيش الاحتلال الخناق على المقاومة تماما بالوصول حتى رفح بالقصف والقذف الكبير جدا بخلاف التوغلات البرية.. وهذا توريط لمصر في حد ذاته، يجب أن يكون متيقظين له.

الخلاصة والتوصية 

بعد كل هذا الاستعراض التحليلى، لمشهد فارق وخطير على الأمن القومى المصري، فلا سبيل لمواجهته إلا حملة سياسية ودبلوماسية مصرية وبدعم الحلفاء لفضح المخطط الإسرائيلي لإيقافه فورا، خاصة إن الأمور من الممكن أن يتم تصعيدها بشكل أسرع حتى يقع الاقتحام الحدودى خلال الانتخابات الرئاسية المصرية بالداخل، وسيكون مشهد أكثر تعقيدا بإسقاطاته المختلفة.

عن الكاتب

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *