استعير عنوان هذا المقال (قصة مدينتين) من رواية المفكر والقاص البريطاني تشارلز ديكنز الذي كتبها عن الثورة الفرنسية عام 1859
والمدينتان هما باريس ولندن !
واليوم أقصد بالمدينتين بورسعيد ، وما أدراك ما أهل بورسعيد ، وغزة ، وما أدراك أهل غزة.
ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه، فقد تعرضت بورسعيد للعدوان قبل 67 عاما في الثلاثين من أكتوبر حتى 23 ديسمبر عام 1956 .
اما غزة فهي تخوض حربا منذ السابع من اكتوبر عام 2023 وحتى الآن ، وهناك قواسم مشتركة بين العدوانين ، فكلاهما تم بنفس الأسلوب الممنهج غير الإنساني !
وأتذكر أن بريطانيا وفرنسا احتلت بورسعيد بصعوبة شديدة بسبب المقاومة الشعبية واستبسال أهل المدينة في التصدي للقوات الغازية ، رغم أن طائراتها أمطرت المدينة بالقنابل وحرقت حي المناخ بأكمله وجزءا كبيرا من حي العرب وسقط العديد من الشهداء جراء الهجوم الذي سبق احتلال المدينة !
وعندما احتلت بورسعيد لمدة 56 يوما لم يهنأ الحال للمحتلين ، بل تم مواجهتهم بمقاومة شديدة وعنيدة !
وكما قلت إن التاريخ يعيد نفسه ، شهدت غزة عدوانا مشابها ولكنه أكثر ضراوة وأشد وحشية وكان ضحاياه الأطفال والنساء قبل الرجال شهداء وجرحى بالآلاف .
لم يشهد التاريخ الحديث مثل تلك الفظاعة والجرائم التي ارتكبت في غزه من قبل قوات الاحتلال منذ بداية العدوان البري في القطاع ، ولكن هناك كما حدث في بورسعيد مقاومة فلسطينية عنيدة ومصممة على مواجهة العدوان !
ما ارتكبه الصهاينة في غزة شبيهة مما فعله التتار في الدول العربية والإسلامية قبل 700 عام.
ويمكن القول إن نقطة الاختلاف بين ما حدث قبل 67 عاما في بورسعيد وما حدث في غزة هي الموقف الدولي من العدوان !
🔹 في العدوان على بورسعيد قام الرأي العام العالمي بالضغط على انجلترا وفرنسا لسحب قواتهما من مصر ورفض العالم الحر في ذلك الوقت الظلم والبغي في العدوان و قامت الأمم المتحدة بدورها في دعوه القوات الغازية إلى الانسحاب فورا من بورسعيد ولم تستطع امريكا إلا أن تقف موقفا أقرب للحياد مما يحدث في الشرق الأوسط.
🔹ولكن ما حدث في حرب غزة كان صمتا وضعفا وتخاذلا من العالم وكأنه يبارك قتل الأطفال والنساء بدم بارد وفشلت الأمم المتحدة بمجلس أمنها وجمعيتها العامة في إجبار قوى الاستكبار العالمي بزعامه أمريكا على وقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة واستمدت إسرائيل قوتها من هذا الضعف واعتبرت الصمت تاييدا لها فتمادت في وحشيتها وقامت بارتكاب جريمتي الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بتصفية شعب بأكمله ومن يبقى منه عليه أن يهاجر قسريا ويترك أرضه !
🔹ونلاحظ أن جامعة الدول العربية في العدوان الثلاثي على بورسعيد كان لها دور مهم في حشد القوى العربية وكانت الدول العربية في معظمها حديثه الاستقلال ضد الاحتلال في بورسعيد
🔹 أما جامعة الدول العربية اليوم كانت عاجزة حتى في أن تجمع العرب على كلمه سواء لدحر العدوان !
ولما جمعتهم خرجوا من اجتماعهم خالي الوفاض وأقصى ما فعلوا أنهم يؤيدون مصر في كل قراراتها التي تتخذها لوقف العدوان على غزه وكأنهم يقولون لها (اذهبي يا مصر وقاتلي وأننا هنا لقاعدون !)
هذه هي قصة مدينتين تعرضتا لعدوان غاشم أمس واليوم ونحن على ثقة أن النصر حليف الشعب الفلسطيني في غزة كما تحقق للشعب المصري في بورسعيد !