على هامش أزمة مضيق باب المندب:
– فى كل الأزمات والصراعات الدولية والإقليمية كثرة اللاعبين تفسد اللعبة وتسبب الفوضى…
– القرار المصرى بعدم الإشتراك فى أية قوة بحرية أو عسكرية توجه ضربات لأى طرف فى اليمن (بغض النظر عن نظرتنا وموقفنا من الحوثيين وتبعيتهم للقرار الإيرانى) قرار سليم و استراتيجى ويراعى أن أى تحالف موجه ضدهم سترحل أطرافه عن المضيق والبحر عاجلا أم آجلا ، و ستبقى العلاقات مع اليمن وترتيبات الأمن فى المضيق بين مصر وبين الأطراف المشاطئة للبحر والمضيق؛ ويجب أن لا تكون هناك حالة عداء دائم أو مؤقت تؤثر على مصالح مصر وأمنها وتؤثر بشكل دائم على حرية وأمن الملاحة فى البحر الأحمر وقناة السويس… وأتمنى أن لا يتغير الموقف تحت أى ظرف أو أى ضغط…
– مكانة ومصالح مصر فى وجود علاقات وقنوات تواصل مع كل الأطراف المطلة على البحر الأحمر والمضايق والممرات المائية؛ ووجود تفاهمات وأطر واستراتيجيات وآليات لا تتأثر لفترات طويلة بأى صراع أو أزمة إقليمية ودولية وهو ما يجب نقله فى صورة خطوط حمراء للأعداء والمنافسين الإقليميين بالتوازى مع حوار وتفاهم مع الأشقاء والحلفاء…
وأن تكون اللغة واللهجة المصرية أكثر خشونة وحزم وحسم مع الإقرار بأن حسن النوايا المعلن فى ممارسة السياسة الإقليمية والدولية خيال فى عقول وأذهان من يردده دون أدنى فهم للفروق بين تعاملات الأفراد وطبيعة التعاملات بين الدول وتقاطع وتصادم المصالح وتضارب الأهداف الاستراتيجية وثبت بما لا يدع مجال للشك أنه سبب ضررا بالغا ومباشرا للمصالح فى العديد من الملفات لأن الآخر تعامل معه على أنه ضعف ومساحات غير مأهولة تسمح بالحركة والتمدد والتهديد…
– أثبتت الأزمة وما سبقها وما سيتبعها من أزمات وصراعات أن تأمين قناة السويس يبدأ من تأمين مسرح العمليات الاستراتيجى بداية من باب المندب جنوبا وما يتطلبه من تنسيق وعلاقات وترتيبات وتعاون مع كل الأطراف المطلة على البحر الأحمر وبحر العرب؛ وكذلك مضيق جبل طارق غربا وهو ما يتطلب تنسيق وتعاون وآليات واستراتيجية جماعية لتأمين مسرح عمليات البحر المتوسط؛ وهو ما يبرر وجود وتنامى القوة البحرية المصرية ومعنى وترجمة حرفية لوجود أسطولين شمالى وجنوبى كقوة ردع مطلوب توظيف معنى وجودها لخدمة المصلحة المباشرة فى تأمين حرية وتدفق الملاحة فى قناة السويس كشريان اقتصادى مهم يجب الحفاظ عليه فضلا عن ما تمثله القناة وتاريخها ومكانتها فى عقل ووجدان المصريين ويمثل جزء مهم من مكانة وأهمية ونفوذ الدولة المصرية…
– يجب التركيز إعلاميا وسياسيا على أن الأزمة لها سبب ومبرر رئيسى تتحجج به الحوثى وهو العدوان الإسرائيلى على غزة ، وبناء عليه يجب العمل والضغط من أجل وقف العدوان ووقف آلة الحرب والعدوان على الأراضى الفلسطينية المحتلة كى نبطل تلك الحجج والمبررات وننتقل إلى مرحلة تالية وكاشفة لحقيقة النوايا والأهداف…
– يجب التأكيد على أن سعى الولايات المتحدة لتشكيل تحالف بحرى فى مضيق باب المندب هو يتسق مع استراتيجية واشنطن والبنتاجون بعدم دخول أية منطقة أو صراع بشكل منفرد وأن صيغة التحالف والجدول الزمنى تجنب أمريكا التورط فى صراعات ومستنقعات تستنزفها مثلما حدث فى احتلالها فيتنام وأفغانستان والعراق؛ وقد فعلت ذلك فى حروبها بالخليج وسوريا وتحاول أن تغلف أفعالها وأهدافها بدوافع إنسانية!! والمصلحة والمنفعة لجميع الأطراف والأمن والسلم الدوليين كى تمنحها صيغة شرعية تحيد مجلس الأمن وموقف الدول الكبرى الفاعلة المنافسة مثل الصين وروسيا وذلك بعد دروس التدخل فى الصومال وبنما وكانت حربى البوسنة وكوسوفو بداية التجريب الفعلى…
وزير الحرب الإسرائيلي الأسبق يدعو تل أبيب للاستعداد لمحاربة مصر
– يجب على مصر والدول الفاعلة فى الإقليم عدم الإنسياق خلف التحركات الأمريكية التى تستهدف أولا وأخيرا ودائما حماية إسرائيل حتى من نفسها ودعمها فى عدوانها على الأراضى الفلسطينية المحتلة؛ والدليل عدم وجود إسرائيل فى التحالف المعلن وبشكل علنى وتولى واشنطن عبء الدفاع عن المصلحة الإسرائيلية فى إعادة تشغيل ميناء إيلات وحماية أجواءها من الضربات الحوثية؛ وإن لم يكن فالتأثير على مصالح الدول الكبيرة صاحبة المصلحة فى أمن وسلامة الملاحة بشكل عام فى البحر الأحمر وقناة السويس وفى مقدمتها مصر (شعبا وجيشا وقيادة)…
– شئنا أم أبينا وأيا كان موقفنا من الجماعات والأذرع المسلحة فى الإقليم تحت راية المقاومة أو الإرهاب أو التمرد أو المعارضة يجب أن يكون هناك حوار بين القوى الفاعلة فى الإقليم أولا؛ ومع الدول الفاعلة الدولية صاحبة المصلحة فى الإقليم ثانيا؛ وذلك للقضاء على تلك الظاهرة وتحييد تأثيرها على مصالح دول المنطقة المباشرة؛ والقضاء على مبررات أفعالها الشرعية فى حالة المقاومة وغير الشرعية فى حالة الإرهاب والتمرد والمعارضة من خلال الوصول إلى صيغة أمن وسلامة للإقليم بين أطرافه؛ وقد سبق وطرحت فى أكثر من مناسبة ضرورة وجود منظمة أمن وتعاون بين دول الإقليم أهم شرط فى الإنضمام لها عدم وجود احتلال لأى من أراضى دول الإقليم وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للأعضاء ووجود ترتيبات لحركة الأفراد والسلع والخدمات؛ ورؤية واضحة للتعاون الأمنى والإقتصادى وتحييد التأثيرات الأيديولوجية والعقائدية والقضاء على المطامع التوسعية والتبشيرية التى أصبحت من قاموس ومفردات الماضى بالنسبة للمناطق الأخرى ، التى تعمل وفق منظومة أمن وتعاون إقليمى فى بقية بقاع العالم؛ وبالتبعية تقلل من تأثير ونفوذ الصراع بين القوى الفاعلة الدولية ويكون التفاوض والتعاون معها جماعى…
– أيضا؛ شئنا أم أبينا وأيا كان موقفك من المقاومة وتداعيات ما حدث بعد 7 أكتوبر فإن القراءة الاستراتيجية للأحداث والنوايا المعلنة أو تلك التى يتم تسريبها أو الكشف عنها علانية أو فى الكواليس الدبلوماسية فإن مصلحة الدول العربية على شتى مواقفها المتباينة يقتضى هزيمة جيش الإحتلال وذلك بعدم تحقيقه لأى من أهدافه المعلنة وغير المعلنة من العدوان على قطاع غزة والضفة الغربية وذلك بدعم صمود الشعب الفلسطينى وتأجيل وتجنيب وتحييد أصوات التخوين وبيع انتصار المقاومة لتصب فى صالح إيران وحدها.
وبحسابات الربح والخسارة البرجماتية من وجهة نظر الأطراف العربية فإن خسارة المقاومة وانهيار صمود الشعب الفلسطينى سيصب فى صالح إسرائيل بمفردها وسيكسبها مساحات وأراضى ومواقف ستكون خصما من الرصيد العربى على كل المستويات وخاصة على حساب دول الجوار للأراضى المحتلة وفى مقدمتها مصر والأردن ولبنان وسوريا وهو ما يجب أن يكون معروفا ومعلنا كى لا يتكاثر الدببة الذين ينظرون للأمر نظرة ضيقة ويبيعون القضية والموقف والخسائر وربما المكاسب المحتملة لأى من إيران أو إسرائيل… ومازلت أصر على أن ما حدث يوم 7 أكتوبر يصب فى المصلحة المصرية على المديين القريب والبعيد إذا ما أحسن إدارة الأزمة والصراع سياسيا وإعلاميا وليس شرطا أو دعوة أن تخوض أو تتورط مصر فى حرب ليس هذا توقيتها اقتصاديا على الأقل…
سنحاول سويا أن نكمل ما بين السطور فى ما هو قادم من هوامش…
جــلال نصــار
القاهرة فى 22 ديسمبر 2023م
*المقالات لكتابها..وليست بالضرورة أن تكون معبرة عن رؤية منصة إندكس