ببدو أن هناك هدنة مرتقبة مع اقتراب إتمام هندسة تبادل بعض الرهائن مع أسرى فلسطينيين ، ومع تصاعد ردود الأفعال – الشعبية في معظمها والرسمية على استحياء – ، وإعلان الهدنة في ظل الظرف العسكري القائم يعتبر هزيمة للكيان الصهيوني ، لذا لابد من نصر حتى ولو كان وهميا قبيل تلك الهدنة المنتظرة .
لذا توجهت القوات وحاصرت محيط مجمع الشفاء حصارا مصحوبا بإطلاق القذائف على المجمع ، وإطلاق النار على كل من يطل برأسه من أية نافذة ، هذا في ظل انعدام الماء والغذاء والوقود وندرة العلاج ، وخلال الحصار لم يستطع أحد الخروج من المجمع ، حتى أن جثامين من استشهد بإصابته لم يتمكنوا من دفنه ، وأصبح المجمع يضم المصابين الدين لا يجدوا العلاج اللازم ، والنازحين الذين لا يجدون الماء او الطعام ، والجثامين التي لم يؤذن بدفنها.
وفي فجر الأربعاء كان اقتحام القوات الصهيونية للمجمع ، مع قطع الكهرباء والاتصالات ، ليتحقق التعتيم حول ماذا سيفعلون .
ساعات طويلة وعصيبة مرت ، وفي مساء اليوم نفسه خرج علينا المتحدث بإسم جيش الكيان الصهيوني ليقدم آخر أكاذيبهم ، ويعرض ما وجدوه بالمجمع من أفراد حماس أو غرفة قيادة عملياتهم ( مثلما زعموا قبل الاجتياح ) ، إلا أن ما عرضوه لم يكن سوى سلاح وحذاء وحقيبة ظهر فارغة وجهاز كمبيوتر !!
هذا يعنى – من وجهة نظرهم الغبية – وجود حماس بالمجمع .
ولما كانت كل التحليلات وردود الأفعال تؤكد كذب ادعائهم أو السخرية من غبائهم أو الاستخفاف بروايتهم ، فقد قرروا تنفيذ مسرحية أخرى ، إذ تقدمت القوات على اجتياح المجمع مرة أخرى قبيل مرور ٢٤ ساعة من الاجتياح الأول ، لعلهم يقدمون أدلة جديدة على وجود حماس بالمجمع ، عموما فنحن في انتظار الكذبة الجديدة .
إن اجتياح مجمع الشفاء ، ومن قبله ضرب المستشفيات وتعطيلها عن العمل هو هدف أساسي للقوات الصهيونية في هذه الحرب القذرة ، ليعلم سكان غزة أنه لا مكان آمن في شمال غزة وعليهم النزوح إلى الجنوب ، وكذلك القضاء على أية فرصة لتقديم العلاج للمصابين الناجين من عمليات القصف ، ليكون أمام سكان غزة أما النزوح أو البقاء بين الموت أو استحالة الحياة .
وفي الوقت نفسه هو محاولة يائسة لادعاء أى نصر وهمي يخفف من وطأة الإخفاق العسكري لجيش الاحتلال، ويحفظ لرئيس وزرائه بعضا من ماء وجهه الذي يعلم أن هذه العملية العسكرية القذرة هي آخر أنشطته في منصبه الذي شارف على نهايته ونهاية مستقبله السياسي كاملا .
عمرو محسوب النبي