عمان من زكريا الغول
وفريق مركز الدراسات
سياسيون ودبلوماسيون وخبراء: المجتمع الدولي يغض الطرف حين يتعلق الأمر بإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية ويستمر بنهج ازدواجية المعايير
أكد سياسيون ودبلوماسيون وخبراء أمنيون أن إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل تخضع لنهج استمرار ازدواجية المعايير التي تطبق على الساحة الدولية.
وقالوا خلال اختتام الموسم الخامس عشر من منتدى عمان الأمني الذي نظمه المعهد العربي لدراسات الأمن بعمان أن المجتمع الدولي يغض الطرف حين يتعلق الأمر بإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، بالرغم من صدور عشرات القرارات الدولية التي تطالب بإخلاء هذه المنطقة.
وشددوا على أن استمرار انفراد اسرائيل كدولة وحيدة في المنطقة بامتلاك قدرات نووية غير خاضعة لأي نظام للتفتيش أو التحقق، يخل بالأمن الإقليمي للمنطقة، ويهدد الأمن القومي العربي.
وأوضحوا إن أية عملية لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية لم تتعرض للمماطلة والتسويف الممنهج بقدر ما تعرضت له منطقة الشرق الأوسط، فبينما تطلبت المباحثات المتعددة الأطراف لإنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية في أمريكا اللاتينية والكاريبي خمس سنوات فقط، مرت سبع وأربعون سنة منذ المبادرة العربية لإنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط عام 1974، وست وعشرون سنة منذ صدور القرار الأممي في مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية لعام 1995.
وقال ممثل إدارة الحد من التسلح ونزع السلاح في جامعة الدول العربية الجية العينين إن بذلت كل جهوده لإنجاح مبادرة جامعة الدول العربية في دورتها الأولى والخروج بـ “بيان سياسي” متوازن عبّر عن جدية الدول المشاركة فيه بأهمية إنشاء المنطقة الخالية، وتجنَّبَ توجيه أية رسائل سلبية للأطراف الغائبة.
وأضاف أنه كان لزاماً على الدول العربية وضع خطة لتحريك عملية إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل. وفي هذا الإطار، وفي محاولة لتحريك الموقف الدولي في هذا الشأن، تم تبني خطة عملية في إطار جامعة الدول العربية لتنفيذ قرار 1995 الخاص بالشرق الأوسط، وتم اعتمادها من قبل مجلس الجامعة على المستوى الوزاري في مارس عام 2018.
تضمنت عدة إجراءات منها التحرك في إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تقدمت المجموعة العربية إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها 73 عام 2018 بمشروع مقرر حول عقد مؤتمر لجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل والذي رأته متسقاً مع رؤية الدول العربية لأمن المنطقة واستقرارها الإقليمي، انطلاقاً من اقتناعها الكامل بأن الطريق إلى تحقيق السلام والأمن في الشرق الأوسط يجب أن يرتكز على مفهوم أمني شامل بما يحقق مكاسب متبادلة لكافة الدول بالمنطقة.
إلى ذلك قال المبعوث النرويجي الخاص لشؤون نزع السلاح السفير يورن أوسموندسن لأنه لا يمكن تجاهل حقيقة أنّ ممارسات إسرائيل السلبية في المجال النووي قد أقلقت العديد من دول العالم وبخاصّة دول المنطقة، وتناولتها عدّة محافل دولية على مدار العقود الماضية. فضلاً عن القائمة الطويلة من القرارات الصادرة عن المنظمات الدولية ضد إسرائيل والتي تطالبها بالانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
وأضاف إن تعنت اسرائيل ورفضها لأي معاهدات عرقل احراز اي تقدم في تجاه إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط
من جانبه تسآءل عضو مبادرة الشرق الاوسط لنزع السلاح النووي الدكتور محمد الشرعة ما اذا كان الشرق الأوسط يحتاج لاتفاقية لنزع السلاح النووي في ظل أن جميع الدول العربية موقعة على الاتاقية باستثناء اسرائيل.
وقال إن تحديات اخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل يتمثل باعتبارها منطقة صراحات مستمرة ومتصاعدة، في الوقت الذي تشهد الدول العربية أزمة عدم ثقة، وخلافات حول أهمية التركيز على الأمن القومي أكثر من الأمن الوطني، بالاضافة الى الغموض الذي يكتنف ملف التسلح النووي الاسرائيلي، بالاضافة الى تغير موازين القوى العالمية وتداعياته على المنظومة الأمنية العالمية.
وفي سياق متصل قال رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية الدكتور خالد طوقان إن عدم وجود مظلة دولية لأمن المحطات النووية يشكل مؤشرا خطيرا في ظل تنامي الصراعات وتطور أشكالها، وظهور التنظيمات المسلحة، موضحا أن كل دولة تعد مسؤولة عن محطاتها النووية.
وقدم طوقان خلال الجلسة ايجازا حول البرنامج النووي الأردني باستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية الذي يعد برنامجاً شمولياً متكاملاً يتكون من ثلاث مشاريع كبرى وهي: تطوير وتعزيز البنية التحتية البشرية بما في ذلك إنشاء وتشغيل مفاعل نووي بحثي، بناء وتشغيل المحطة النووية الأردنية، وتعدين اليورانيوم.
ويهدف البرنامج، بحسب طوقان، إلى الإسهام في حل مشكلة الطاقة المتفاقمة التي ألقت بثقلها على الاقتصاد الوطني، نظرا لعدم وجود مصادر طاقة احفورية وطنية والاعتماد الكلي على الاستيراد من الخارج الذي يتأثر بشكل مستمر بتقلبات السياسة العالمية والوضع الإقليمي.
وكان مدير المعهد العربي لدراسات الأمن الدكتور أيمن خليل قال إن المنتدى بنسخته الخامسة عشر يشكل فرصة لبحث إقامة حوار مشترك وإجراءات موحدة وآليات مبتكرة لفض النزاعات وحظر أسلحة الدمار الشامل.
وأضاف إن المؤتمر ألقى الضوء على المشهد الدولي للحصول على رؤية متوازنة واضحة وتشخيص دقيق للأوضاع ودراسة الإشكاليات الدولية حول حظر أسلحة الدمار الشامل، بالتناغم مع مبادئ جامعة الدول العربية وبما يعزز أهداف منظمة الأمم المتحدة.
ويعد منتدى عمان الأمني واحد من أبرز المنتديات عالية المستوى والمتخصصة والمستدامة على مستوى المنطقة، حيث تخصص أعماله لمناقشة القضايا والتحديات الأمنية على الصعيدين الدولي والإقليمي وخيارات السياسة الخارجية، والتعاون الإقليمي، ونزع السلاح وحظر الانتشار النووي، مع التركيز بوجه خاص على منطقة الشرق الأوسط.