موقف قوى ذو إسقاطات معقدة، يؤكد إننا في دولة كبيرة بالفعل، مهما كانت تحفظات البعض: مصر ترفض إدخال الرعايا الأمريكان المتواجدين في غزة عبر معبر رفح، طلبت ألية واضحة لدخول الجميع من المعبر، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، ورفض أى مخططات للتهجير او الترحيل.
موقف في غاية القوة بالفعل، خاصة إنه في مواجهة دولة عظمى، لها حاملتى مقاتلات عبر عدة عقد فقط من السواحل المصرية، ومقاتلاتها هديرها لا بتوقف بالقرب من سمواتنا، بل ومن الممكن أن تمر علينا.
هذا الموقف له تطويراته المعقدة، لنا وعلينا، خاصة أن العلاقات المصرية الأمريكية في غاية التوتر، على خلفيات عدة منها حقوقية وقضية رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس المبعد بتهم رشاوى من مصر، يحقق فيها الآن، والأمر وصل لمربع صعب، تم على أساسه وقف مساعدات عسكرية ضخمة.
ورغم ذلك كانت السلطة والدول. من القوة أن تواجه الأمر، خاصة أن الإسرائيليين مصرين على التصعيد بدافع من الدعم الأمريكى والأوروبي لتغيير خريطة الشرق الأوسط، وتل أبيب غاضبة من القاهرة لأنها لا تتعامل مع حماس على إنها داعش ، كما تروج إسرائيل، التى أقنعت أمريكا والغرب باعتبار حماس إرهابية، والعلم الفلسطينى يعامل أعلام النازية الآن في أوربا.
والأمر مرشح للتوتر بين القاهرة وواشنطن، وهو أساسا متوتر من البداية، خاصة أن وزير الخارجية الأمريكي اليهودى أنطونى بيلنكن سيزور القاهرة في نهاية جولته بالشرق الأوسط، رغم أنه الاعتيادى أن يأتى لها في البداية بعد زيارة إسرائيل، التى شارك خلالها في اجتماع حكومة الحرب، ودعم فيها المستوطنين.
لو صحت الصور المتداولة وأقوال شهود العيان بأن مصر سواتر أسمنتية لمنع أى اجتياحات تدبر إسرائيل لدفع الفلسطينيين لها، فإن مصر بذلك تدفع في الاتجاه الصحيح، خاصة إن هذا التدعيم معزز بالتواجدات العسكرية التى وصلت خلال اليومين الماضيين.
وهناك موقف مدعم للتقديرات المصرية عربيا، لحماية القضية الفلسطينية من توريط دول الجوار فيها، وتحويل الفلسطينيين للاجئين مرة أخرى، رغم أنه كان مخيبا للأمال أن الغزاوية بعدما كان يهتفون ويقسمون بعدم الخروج من غزة إلا شهداء على الجنة أو زاحفين للقدس محررين، أن مئات الآلاف منهم نزحوا بالسيارات والأتوبيسات وحتى العربات الكارو والحمير، فور إلقاء الجيش الاحتلالى منشورات تدفعهم لترك بيوتهم في شمال غزة، نحو الجنوب، حيث يعج هذا المكان بأكثر من مليون نسمة، وللأسف استمع الفلسطينيين لهم، ولا أعرف من الغبي “من وجهة نظر المصلحة لإسرائيل ، الذى أصدر قرار قتل النازحين الذين أمروهم بالنزوح، فقتلوا وأصابوا منهم ٣٠٠ ، وبالتالى أوقف النزوح، وأضر المخطط الإسرائيلي وأفاد الموقف المصري والفلسطيني في المقابل.
السيناريو الأقرب أن يتم التوافق على الشروط المصرية، خاصة أن السبت هو اليوم الأخير للمياه والكهرباء والأطعمة بشكل تقريبى، وبالتالى من المهم جدا الاستفادة الموقف المحايد للأمم المتحدة في هذه القضية، للتعاون مع الأمم المتحدة لإنقاذ الغزاوية من كارثة إنسانية غير مسبوقة على البشرية، بخلاف الموقف الروسي القوى مع ربط التصغيد الأخير في غزة، مع تطورات الحرب الأوكرانية الروسية، وهذا واضح في عدة نقاط، تتطلب مقالا تحليليا منفصلا، والأمر تحول لمواجهة روسية أمريكية غربية، في مجلس الأمن نترقب إليما ينتهى، وسط دهشة من المعسكرين الفلسطيني والإسرائيلي من رد الفعل الصينى، وكأنهم من كوكب آخر.