يمثل الدعم الأمريكي للصهيونية أمرًا حيويًا وأساسيًا للبقاء والاستمرار، ولتبرير ذلك الدعم وشرعنته يروج الأمريكان أن (الدعم الأمريكي المستمر للصهيونية ليس سياسيًا فقط وإنما هو رسالة إلهية بسببها يبارك الرب أمريكا).
فقد كان المهاجرون الأمريكيون القدامى في القرن السابع عشر متأثرين بالعقيدة اليهودية وأحداث ظهور المسيح المخلص في نهاية الأيام، وقد أفرزت هذه الجذور تعايشا مستمرا وممتدا إلى الآن بين البروتستانتية واليهودية فيما يسمى بـ«الصهيونية المسيحية».
عقيدة المورمونية
وفي القرن التاسع عشر انتشرت عقيدة دينية عرفت باسم المورمونية تأسست عام 1820م ترجع إلى مؤسسها جوزيف سميث المنتسب للماسونية. وقد أخذت المورمونية اسمها من أحد أسماء الكتب المقدسة وهو كتاب مورمون الذي أصدره جوزيف سميث. وهناك علاقة قوية بين المورمون والماسونية فكانت الرموز والممارسات الطقوسية في الكنيسة المورمونية التي استخدمها المورمون منقولة من معبد الماسونية. ومن أبرز عقائد المورمونية إيمانهم الشديد بضرورة جمع إسرائيل واستعادة الأسباط، ويؤمنون بأن صهيون هي أورشليم الجديدة، وينظرون إلى جوزيف سميث على أنه نبي أمريكا، ويعتقدون أيضا أن المسيح سيسود الأرض لتكون متجددة ومجيدة.
كان مؤسس المرمونية سميث يرى أن فلسطين هي موضع حلول وكمون في الأرض والشعب اليهودي، وأن هناك ضرورة لتحقيق الوعد الإلهي بالوجود اليهودي في أرض الميعاد. ومن أجل إرسال اليهود إلى فلسطين قام جوزيف سميث في أمريكا مع أتباعه عام 1836 بإنشاء مدرسة لليهود تقوم بتعليم اللغة العبرية ودراسة التوراة.
مواجهات دامية
غير أن هذه العقيدة واجهت اعتراضات من جانب الكنائس المسيحية خاصة عقيدتهم بأن جوزيف اختاره الله ليكون نبيا لهم مثله مثل موسى عليه السلام، وأن عملية الوحى الإلهي لا تزال مستمرة. وقد أدت هذه الخلافات إلى وقوع مواجهات دامية بين المورمون والمسيحيين عام 1844م.
وهذه العقيدة لها أتباع في كل انحاء الولايات المتحدة وفي خارجها حتى أصبحت من الديانات العالمية التي تفرقت في معظم بلدان العالم، ويصل عدد أتباع المورمونية إلى حوالى خمسة ملايين شخص ولها جامعة باسم (برجهام ينج)، وتحظى باهتمام كبير من جانب الإعلام الأمريكي الذي يقوم بالترويج لها بزعم أن مبادئها الدينية تستند إلى توجهات دينية أخلاقية تتعامل مع أصعب القضايا من أجل نشر السلام في العالم.
يقسمون بهدم الأقصي
جدير بالذكر أنه أثناء أداء المرمون لطقوسهم يقسمون بهدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل على أنقاضه؛ ولذلك نجد أن محاولات تخريب المسجد الأقصى في معظمها تنسب إلى أتباع هذا المذهب المرموني.
من جانب آخر فإن الصهيونية المسيحية التي يتبناها أغلب الرؤساء الأمريكان هي في الأصل مجموعة معتقدات صهيونية ظهرت في القرن الخامس عشر وانتشرت بين قيادات وأتباع كنائس بروتستانتية تأثرت باليهودية عقديا وأيدلوجيا تجاه عدة مفاهيم ومعتقدات مثل نهاية الزمان وأسطورة هرمجدون الواردة في الكتاب المقدس.
الصهيونية المسيحية
ويشير مصطلح الصهيونية المسيحية إلى فكر قديم كان موجودا فى المناطق الأنجلوسكسونية فى أمريكا وبريطانيا وكان موجودا أيضًا فى هولندا وانتشر فى القرن التاسع عشر.
وتعتقد الصهيونية المسيحية بضرورة قيام دولة استرجاعية لليهود بتشجيع الاستيطان اليهودى فى فلسطين و توطين الفلسطينيين خارجها وتهجيرهم إلى البلاد العربية، بهدف تحقيق المجيء الثاني للمسيح وتمثل تلك العقيدة عصب العقيدة الأمريكية الألفية.
نبوءات التوراة
ولهذا فعندما تحقق قيام إسرائيل عام 1948 اعتبرته الصهيونية المسيحية أعظم حدث في التاريخ، وأكدوا على أن دعم إسرائيل هو إرادة إلهية وتحقيق لنبوءات التوراة.
وهكذا جاء الدعم الأمريكي للصهيونية نتاجًا لأسس عقدية تستند على وعد الله لشعبه المختار وقدوم المسيح ليحررهم ويخلصهم من الخطيئة والإثم ، ومن هنا انطلق الداعون لعودة المسيح بالتعلق بفكرة أهمية عودة اليهود إلى فلسطين لتعجيل النهاية والخلاص، زاعمين أن قيام إسرائيل هو علامة لمجيء المسيح الذي سيبسط سلطانه على الأرض.
البروتستانت الأصوليون
ومنذ عهد طويل نجد أن عددًا من المؤسسات الأمريكية تدعمها شخصيات عامة دينية وسياسية تتبنى الرؤية الصهيونية المسيحية آملين في الحصول على الخلاص وتحقيق الرسالة الإلهية وتعتقد انها تساعد الله وتنفذ إرادته، من هذه المؤسسات “شهود يهوا” و”فرسان الهيكل” و”مؤسسة جبل المعبد” وتعد أكثر المنظمات الصهيونية المسيحية الأمريكية التي تهدف لإقامة الهيكل في القدس وتضم رأسماليين أمريكيين كبارا ورجال دين بروتستانتيين أصوليين.
هذا ويتبنى هذا الفكر والمعتقد الصهيوني عدد كبير من رؤساء أمريكا منهم ويلسون، وهارى ترومان، وأيزنهاور، وجونسون، ونيكسون، وجيمي كارتر – الذي أعلن حين تولى الرئاسة أنه ولد من جديد لدعم الوجود الإسرائيلي فى فلسطين – ومنهم أيضا رونالد ريجان، وبوش الأب والابن، وترامب، وخلال الأحداث الأخيرة في غزة نجد الرئيس الحالي جو بايدن لم يخرج عن مسار الرؤساء الأمريكان السابقين في تثبيت شرعية إسرائيل فى فلسطين وتبني المصالح الصهيونية الإسرائيلية.