جاءنا الآن
الرئيسية » جاءنا الآن » عمرو فاروق يسطر: محاولات الاغتيال المعنوى لمولانا د.على جمعة بعد نجاته من مخططات الاغتيال الجسدى

عمرو فاروق يسطر: محاولات الاغتيال المعنوى لمولانا د.على جمعة بعد نجاته من مخططات الاغتيال الجسدى

عمرو فاروق

منذ اللحظات الأولى على عرض برنامج “نور الدين” على قنوات “الشركة المتحدة” في القاهرة ، الذي يقدمه مفتي الديار المصرية السابق وعضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف الدكتور علي جمعة، لم تتوقف دعوات المقاطعة التي دشنها أتباع التيارات السلفية ومشايخ “بير السلم”، للنيل من الرجل وعلمه ومدرسته الفقهية والشرعية ، التي أسس لها على مدار سنوات طوال، وتبلورت معالمها جدياً في السنوات العشر الأخيرة.

محاولة الاغتيال المعنوي الدائرة حالياً ضد الدكتور علي جمعة على منصات التواصل الاجتماعي، والتي سبقتها محاولة اغتيال جسدي فاشلة بأيدي شباب جماعة “الإخوان المسلمين” على أعتاب مسجد فاضل في آب (أغسطس) 2016، ليست سوى دليل إلى حجم الكراهية التي يكنّها أتباع الإسلام السياسي للشيخ ومدرسته الشرعية التي أسقطت القناع عن الضلالات الفكرية التي تتبناها هذه الجماعات الأصولية.

“خرس الألسنة”!

الهجوم الأخير على الدكتور علي جمعة، من تيارات الإسلام السياسي، يأتي في إطار سياسة “خرس الألسنة” التي تلجأ إليها في التعامل مع خصومها، سواء بالقتل أم بالتشويه والإقصاء، لا سيما الذين يهددون مستقبلها الحركي والتنظيمي، في ظل قيامه بهدم معتقداتها وأدبياتها، وتصديه لمشروعها الفكري، وعدم وقوفه في قلب أو وسط ساحة المنطقة الرمادية التي اعتاد عليها غالبية أبناء المدرسة الأزهرية وعلمائها في التعامل مع قضايا التطرف والإرهاب الديني، وعجزهم عن استمالته إلى منهجهم، مثلما صنعوا مع غيره.

تتجلى إشكالية الصراع بين الدكتور علي جمعة ومشايخ “بير السلم” في قدرته على تفكيك مرجعيتها ومذهبها، من داخل الإطار الديني، وبعيداً عن السياقات العلمانية واليسارية والاشتباك مع منطلقاتها الفكرية، وفضح توظيفها للإشكاليات المتعلقة بثنائية “الدين والسلطة” في خدمة مشروعها السياسي، وتغليف تحركاتها بالإطار الشرعي، وتبيان تطابقها مع الأطروحات الفكرية لفرق “الخوارج”، كما يسميهم في كتاباته ولقاءاته، مثل كتاب “المتشددون .. منهجهم وقضاياهم”، وموسوعة “الرد على خوارج العصر”.

مشايخ بير السلم

عملت جماعات الإسلام السياسي ومشايخ “بير السلم”، في إطار محاولة سيطرتهم على الشارع، على بناء فقاعة من “عدم الثقة” بين الشارع المصري والمؤسسة الدينية، وخلق حالة من التشويه المتعمد حول رجالها وعلمائها، أملاً في تمرير ما يُعرف بمشروع “الإحلال والاستبدال”، وتقديم دعاة التيارات السلفية، ورموز جماعة الإخوان على أنهم البديل الديني المضمون، ومن ثم وضعت في أجندتها القضاء على أي عالم أو فقيه يخرج عن سياقاتها المذهبية.

ويفند أطروحاتها ومنهجيتها، ويقضي على طموحاتها في عمليات التجنيد والاستقطاب الفكري، وبالتبعية تفككها التنظيمي، إذ إن تفردها بالساحة الدينية، يمثل المدخل الأول في استحواذها على “الفئات المجتمعية” التي تستمد وتصنع منها ظهيرها التنظيمي.

سقطوا شعبيا 

الاغتيال المعنوي الذي تعرض له الدكتور علي جمعة، ووصل إلى ذروته في المرحلة الراهنة، يدخل في إطار عملية ممنهجة، من مشايخ “بير السلم”، التي شعرت بسقوطها شعبياً في ظل التحولات الحادثة حالياً في جنبات الشارع المصري، وتمدد المدرسة الصوفية العلمية المتشرعة بين أطيافه، والتي أعادت كذلك لـ”المؤسسة الأزهرية” هيبتها وتوازنها، ورؤيتها الفقهية المعتدلة، بعدما نزحت تجاه سياق النمطية السلفية التي طغت على العقلية الأزهرية على مدار أكثر من 50 عاماً.

ما يزعج مشايخ “بير السلم”، أن الدكتور علي جمعة وضع أسس مدرسة علمية فقهية يدور في فلكها المئات من أبناء الأزهر الشريف وغيرهم، تعمل على مراجعة مكوّنات الإرث الفكري الذي تركته المدارس السلفية التي وصمت بسطحية الفهم في قراءة النص القرآني ومدلولاته، وضيّقت على عموم المسلمين مناحي حياتهم.

تجديد الفكر الدينى 

رغم تعثر مشروع تجديد “الفكر الديني” من قبل الدولة المصرية، والاكتفاء بالإجراءات الإدارية، فإن المدرسة الفقهية الشرعية التي صاغ أسسها الدكتور علي جمعة تمثل لبنة قوية في بناء هذا المشروع واستكماله، لكبح جماح تيار الإسلام السياسي ومشايخ “بير السلم”، وخلخلة تمركزها في العمق المجتمعي، وجبنات الهيئات الدينية الرسمية وغير الرسمية.

يرى مشايخ “بير السلم” أن خطورة الدكتور علي جمعة تكمن في قدرته على تحويل دور المؤسسات الأزهرية وتفعيله، في إطار المشروع التوعوي الفكري للدولة المصرية والتخلص من تبعيتها للمذهبية السلفية، بعدما تغلغلت في جوانبها وأروقتها لسنوات طويلة، مثلما فعل خلال وجوده في “دار الإفتاء المصرية”، وتغيير خطابها الفقهي والشرعي، واتساقه مع المتغيرات الحياتية، ومحاولة تخليها عن حالة الجمود التي سيطرت على العقلية الدينية.

مراكز رصد التكفيريين

فضلاً عن قيامها بدور مؤثر من خلال تأسيس “مرصد الفتاوى التكفيرية”و”مرصد الإسلامو فوبيا”، و”مركز سلام”، سعياً إلى تفكيك القضايا الفكرية التي تتكئ عليها الجماعات التكفيرية في تزييف الوعي المجتمعي ومراجعتها.

السنوات الأخيرة من عمر الدولة المصرية منحت الدكتور علي جمعة مساحة كبيرة من وصول منهجه ورؤيته العلمية المغلفة بالمسحة الصوفية الروحية إلى الأوساط الشبابية التي اعتبرتها بمثابة ملاذ وحماية من السقوط في براثن الجماعات الأصولية، ومشايخ “بير السلم” التي تتبنى وتدعم سياسات هدم الدولة، والتخلي عن المفاهيم الوطنية، لمصلحة مفردات دولة الخلافة والأممية الأصولية.

طريقة د.على جمعة الصوفية 

يعتبر الدكتور علي جمعة الذي يتخذ من مسجد فاضل في مدينة “السادس من أكتوبر” مقراً لطريقته ومدرسته الشرعية الصوفية، صمام أمان أمام تغلغل “التيارات السلفية” التي تدير معركتها حالياً مع رموز مدرسته الفقهية الشرعية، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، في ظل غزوها للشبكة العنكبوتية بمئات البرامج التي يقدمها مشايخ “بير السلم”.

وتطلق منها سهامها المسمومة تجاه دعاة المدرسة الصوفية العلمية المتشرعة، وتطعن في عقيدتهم ومآلاتهم.

وضع الدكتور علي جمعة على قوائم الاستهداف الجسدي والمعنوي من تيارات الإسلام السياسي، أمر متوقع في ظل موقفه الصامد والمؤيد لثورة 30 حزيران (يونيو) 2013، ولقرارات القوات المسلحة المصرية، في إطاحة جماعة “الإخوان المسلمين” من الحكم، تلبية للمطالب الشعبية، واعتباره أن الخروج عليهم توفيق إلهي، ولحظة تحررت فيها الدولة المصرية من عباءة المتاجرين بالدين.

عن الكاتب

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *