جاءنا الآن
الرئيسية » جاءنا الآن » كامالا وترامب: من ستسقطه مناظرة الثلاثاء المصيرية..ومن ستنقذه؟

كامالا وترامب: من ستسقطه مناظرة الثلاثاء المصيرية..ومن ستنقذه؟

 

أخطار المناظرة الوحيدة

تكتسب مناظرة الثلاثاء أهمية هائلة في الولايات المتحدة، كونها قد تكون المناظرة الوحيدة حتى الآن بين الرئيس السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس، ففي حين بدت هاريس منفتحة على مناظرة رئاسية ثانية في الشهر المقبل، إلا أنها تركت احتمال عدم وجود مناظرة أخرى مفتوحاً اعتماداً على حالة السباق الانتخابي.

ولأن متوسط استطلاعات الرأي يشير إلى سباق متقارب للغاية في كل من الولايات السبع المتأرجحة التي ستقرر نتيجة انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل وهي أريزونا وجورجيا وميشيغان ونيفادا، وكذلك نورث كارولاينا وبنسلفانيا وويسكنسن

زادت الأخطار التي تواجه كلاً من المرشحين بسبب ما يمكن أن تسفر عنه هذه المناظرة بحسب الاستراتيجي الجمهوري الذي عمل في الحملات الرئاسية أليكس كونانت الذي اعتبر أنه إذا واجه أحد المرشحين ليلة سيئة، فسيكون من المستحيل تقريباً التعافي منها بالنظر إلى عدم وجود فرصة مؤكدة للتعافي عبر مناظرة تالية.

وما يزيد من أهمية المناظرة أن هاريس تظل غير معروفة نسبياً وغير مجربة، بينما يتابع كثير من الناخبين المناظرة لمعرفة ما إذا كانت قادرة على مواجهة ترمب.

عناصر قوة ترمب

غالباً ما يحصل ترمب في المناظرات على الفضل من خلال قدرته على الهيمنة في غالبية وقت المناظرة، فقد كانت هذه هي الحال في مناظراته خلال عام 2016 ضد منافسيه الجمهوريين، وغالباً ما يتم تجاهل أخطائه وتصريحاته غير الصحيحة كما لو كان من المتوقع حدوثها.

ويميز ترمب اعتزازه بنفسه وتلقائيته التي تخرج أحياناً عن السياق، وهو ما يصفه ترمب نفسه عندما سئل في أواخر أغسطس (آب) الماضي عن كيفية استعداده للمناظرة، بقوله إنه يجب تكون حقيقياً، مشيراً إلى قليل من التحضير للمناظرة، مثلما كان يفعل ذلك دائماً بالطريقة نفسها تقريباً لأنه يعرف قضيته وموضوعه.

ومع ذلك استعد ترمب جيداً للمناظرة والتقى مستشاريه واجتمع مع النائبة السابقة تولسي غابارد، التي تركت الحزب الديمقراطي ودعمت ترمب أخيراً بعدما تنافست بقوة وأحرجت هاريس بصورة لا تنسى على منصة المناظرة التي عقدت خلال الانتخابات التمهيدية الديمقراطية لعام 2019، ومن المرجح أن يستفيد ترمب كثيراً من تجربة غابارد.

وإضافة إلى ذلك يعرف ترمب متى يحاول أن ينصب له خصمه فخاً، وبدلاً من ذلك يجيد الرئيس السابق توجيه اللكمات القوية، ولذلك يتصور خبراء استراتيجيون جمهوريون أن يركز على إخفاقات السنوات الثلاث والنصف الماضية لإدارة بايدن ويربطها بهاريس كنائبة لبايدن لأن هدف الرئيس السابق يجب أن يكون ربط هاريس بالسنوات الأربع الماضية والسياسات الأكثر كراهية، وبخاصة التركيز على القضايا الأكثر إيلاماً للأميركيين مثل قضية التضخم والهجرة، وأن يدمج في إجاباته كلمات مثل “ضعيفة” و”فاشلة” و”ليبرالية خطرة”.

كي يجعل المناظرة استفتاءً على الوضع الراهن، ويقنع الناس بأن هاريس جزء من هذا الوضع الراهن وأنها تسببت في المشكلات نفسها التي تحاول حلها.

وإذا التزم ترمب بالتحضير غير التقليدي للمناظرة واستمع إلى نصائح مستشاريه، فسيدخل بنجاح وهدوء في محادثات حول السياسة، مما يجعله يبدو أكثر دراية بها من هاريس عبر سياسة العطاء والأخذ في الإجابة عن الأسئلة.

نقاط ضعف ترمب

لكن إذا ارتبك ترمب أو شعر بالانزعاج، فإنه يمتلك القدرة على الظهور غاضباً، وربما يخرج عن قواعد الاحترام، ووفقاً لبريت أودونيل، الذي درب عديداً من المرشحين الجمهوريين للمناظرات، فإن الرئيس السابق سيواجه أخطاراً إذا ركز نقاشاته حول شخصية هاريس، إذ سيصبح هذا أمراً سيئاً بالنسبة له.

بينما تريد المرشحة الديمقراطية أن تكون المناظرة لكل أميركي حول من تحب أكثر وهل تريد العودة إلى حكم ترمب لأربع سنوات أخرى. وما يعزز هذه المخاوف في فريق المرشح الجمهوري أن هجمات ترمب ضد هاريس منذ حلت محل بايدن أنها كانت سيئة وشخصية، بما يعكس غريزته المعروفة سابقاً عندما يتعامل مع خصم، ومن ثم فإن هاريس ليست استثناءً.

وما يجعل هذا الأمر أكثر خطورة بالنسبة إليه سياسياً هو قضايا العرق والجنس التي تدخل حيز التنفيذ عندما تكون الخصم امرأة سوداء وجنوب آسيوية.

ويشير سجل ترمب إلى هذا الأمر بوضوح، إذ هاجم خلال مناظرات عام 2016 هيلاري كلينتون لفظياً وجسدياً، ولأن هاريس ربما تحاول استفزازه، سيكون السؤال هو هل يستطيع ترمب مساعدة نفسه، أم أن غريزته في شن الهجمات الشخصية ستظل راسخة لديه؟

ومع غياب بايدن عن المناظرات والحملة الانتخابية، أصبح ترمب الآن هو الرجل القديم كبير السن (78 سنة) كثيف الحضور على شاشات التلفزيون في غرف المعيشة الأميركية وعلى منصات التواصل الاجتماعي لنحو تسع سنوات،

بينما هاريس هي الجديدة والأصغر سناً (59 سنة)، بالتالي تظل تصرفات ترمب معروفة جيداً للأميركيين، وستكون هذه الانتخابات اختباراً لما إذا كان الترحيب به ما زال قوياً أم أصبح فاتراً، وهذا يتوقف على الأحكام الصادرة حول أدائه في المناظرة، بخاصة أن بعض الاستراتيجيين يرون أن ترمب ليس على مستوى الحدة العقلية التي كان عليها في 2016 .

الجمع بين تعبير ترمب الدائم عن المظلومية وقلة التركيز جعله مرشحاً مختلفاً، ليس لقاعدته من الجمهوريين، ولكن بالنسبة إلى الناخبين غير المنغلقين تماماً على مرشح أو آخر، وسوف يسلط رحيل بايدن عن المنافسة الضوء على ترمب بطرق لم تكن ظاهرة من قبل، مع إيلاء مزيد من الاهتمام لمدى تماسكه أو افتقاره لعناصر مطلوبة كمرشح مثل الانضباط الذاتي، وحدته المعرفية وعمره ومزاجه العام، وكيفية تعامله مع قضايا العرق ونوع الجنس.

ويدرك مستشارو ترمب أن هاريس ستحاول على الأرجح إثارة غضبه بعدما قالت في خطابها الانتخابي لأنصارها إنها تعرف “نوع ترمب”، واستشهدت بوقت أمضته كمدعية عامة وقضاياها القانونية العديدة، كما أن جهود الديمقراطيين لوصف ترمب بأنه “غريب” أثارت حنقه كثيراً، إذ آثارها بنفسه في مناسبات متعددة.

وأظهر ترمب أيضاً أنه قد يواجه صعوبة في كبح جماح نفسه، إذ رفض مراراً فكرة أنه يجب أن يركز أكثر على السياسة بدلاً من الهجمات الشخصية، وقضى الأيام التي سبقت مناظرة الثلاثاء في مهاجمة شبكة “أي بي سي نيوز” المستضيفة للمناظرة باعتبارها غير عادلة ومتحيزة ضده.

وعلى رغم أن ترمب استجاب لمطالبات فريقه بالتركيز على القضايا التي يتمتع فيها بالميزة بينما تعد نقائص وعيوباً لهاريس، فإنه لم يلتزم بذلك سوى لفترة محدودة، مفضلاً التحدث عن المظالم بدلاً من القضايا،

بالتالي فهو يكافح للبقاء على المسار الصحيح، وينتقل من فكرة إلى أخرى منفصلة، مما يروق غالباً لقاعدته الشعبية في الحزب الجمهوري، لكن هذه القاعدة لا تكفي وحدها للفوز بالرئاسة.

وبصرف النظر عن كون ترمب غير مطلع بالقدر الكافي على بعض القضايا مثل قضية كلف رعاية الأطفال الذي أثاره خلال خطاب في نيويورك الخميس الماضي وبدا فيه مشوشاً، فقد بذل ترمب قصارى جهده لتشويه مواقفه في شأن الموضوعات المثيرة للجدل مثل الإجهاض. 

إذ نسب الفضل لنفسه إنهاء الحق الدستوري في الإجهاض بتعييناته في المحكمة العليا في وقت يتعهد فيه بالإبقاء على السياسات القائمة في شأن حظر أو تقييد الإجهاض في الولايات التي يدعمها.

عناصر قوة هاريس

ومع أن هاريس لا تستطيع أن تتولى عملية التدقيق في الحقائق حول المعلومات التي يطلقها ترمب خلال المناظرة، إلا أنها تريد محاسبته على إجاباته، وربما تكون قدرتها على إزعاج المرشح الجمهوري عبر السخرية وتوجيه الطعنات وتجاهل هجماته الشخصية، جزءاً من استراتيجيتها في هذه المناظرة، مع عدم السماح لترمب بالسيطرة على النبرة والإيقاع عبر السعي لوضعه في مكانه كلما استطاعت.

وعلى رغم أن حملة هاريس زعمت أنها ستكون في وضع غير مُواتٍ لأن ميكروفونات المرشحين ستكون مكتومة بينما يتحدث الآخر، وأن ذلك لن يمكن هاريس من إجراء مناقشة سريعة مع ترمب إذا قال شيئاً تريد استجوابه في شأنه،

إن الديمقراطيين يرون أن التركيز على السياسة قد يكون ميزة لها، وأن كتم الميكروفونات ربما يسمح لترمب بتقويض نفسه من خلال روتينه المعتاد من الأكاذيب والخطاب التفريقي والتركيز على الماضي بحسب قولهم.

وتريد نائبة الرئيس تحدي ترمب في شأن السياسة على منصة المناظرة، على أمل تقديم حجة مقنعة بأنها أقوى من الرئيس السابق في القضايا التي يهتم بها الأميركيون في أثناء ردها على الانتقادات في شأن مقترحاتها التي ترى أنها ستؤثر بالفعل في حياة الناس.

نقاط ضعف هاريس

لدى هاريس أيضاً كثير لتثبته خلال المناظرة، فقد كانت غير محبوبة كنائبة للرئيس حتى حصلت على الترشيح رسمياً بعد تنحي بايدن، وحينئذ فقط ارتفعت أرقام شعبيتها، لكنها تظل عرضة للتعريف السلبي من قبل ترمب قبل أن تتمكن من تعزيز ملفها الشخصي، إذ يعتقد أن هاريس ستتعرض لضغوط أكبر من ترامب

وذلك ببساطة لأنها جديدة وأقل خبرة، وتسعى إلى تعريف نفسها كجزء من إرث بايدن على مدار السنوات الأربع الماضية ومرشحة مستعدة لإثبات هويتها الخاصة.

وفي حين تريد هاريس الاستمرار بصورة واضحة وصريحة في تقديم نفسها للناخبين الذين ما زالوا لا يعرفون كل ما يريدون معرفته عنها، ستواجه مشكلة تتعلق بكيفية شرح التغييرات التي طرأت على مواقفها منذ أن كانت مرشحة رئاسية في 2019

، مما بدأته فقط في مقابلتها الأخيرة مع دانا باش من شبكة “سي أن أن” حين قالت إن بعض المواقف تغيرت، لكن قيمها لم تتغير.

وسوف تكون المناظرة مكاناً لشرح ماهية هذه القيم وما إذا كانت هاريس تعد نفسها ديمقراطية من يسار الوسط أم ديمقراطية من أقصى اليسار وفقاً للسياسات التي حددتها حتى الآن، والتي تترك تفسيرات مختلفة مفتوحة.

ومن المؤكد أن هاريس ستحتاج إلى لعب دور الدفاع في بعض الأحيان أثناء المناظرة، إذ من المرجح أن يرغب ترامب في التركيز على الصعوبة التي واجهت إدارة بايدن في وقف التضخم، والوفيات المحيطة بانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، والمشكلات على الحدود،

وهو ما يؤكده بروس ميلمان المسؤول السابق في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، الذي أوضح أن كلاً من هاريس وترمب حريصان على جعل المناظرة تدور حول السياسة،

ولكن في الغالب حول سياسات المرشح المنافس، إذ يستهدف ترامب تقلبات هاريس وسجل بايدن، في حين تسلط هاريس الضوء على مواقف ترمب في شأن الإجهاض ورعاية الأطفال وتخفيضات الضرائب للأثرياء.

ومع ذلك لم تكن المقترحات التفصيلية في القضايا السياسية بالضرورة نقطة قوة في حملة هاريس حتى الآن، ومنذ ترشحها للمنصب الرئاسي كان عليها الموازنة بين الدفاع عن سياسات إدارة بايدن في شأن مجموعة من القضايا،

بما في ذلك الاقتصاد وحرب إسرائيل في غزة، وبين طرح مقترحاتها الخاصة، إذ أعلنت هاريس أخيراً عن مقترحات السياسة الضريبية التي تضمنت بعض التحولات عن أجندة بايدن، بما في ذلك فرض ضريبة على عوائد رأس المال أقل بكثير عما اقترحه بايدن.

وسوف يتعين على نائبة الرئيس الاستجابة لمطالبات ترمب وبعض وسائل الإعلام المحافظة لتوضيح مزيد من أفكارها، وشرح ما إذا كانت لا تزال تتمسك بالمواقف نفسها التي اتخذتها كمرشحة رئاسية في 2019، والتي شهدت تحولات ملحوظة، وأبرزها عدم دعوتها إلى حظر التكسير الهيدروليكي المتعلق بالتنقيب عن النفط والغاز وبخاصة في ولاية بنسلفانيا الحاسمة في الانتخابات،

لكن الأهم أن المناظرة في فيلادلفيا ستكون إلى حد بعيد، أطول نقاش ومنافسة محتدمة غير مكتوبة لهاريس منذ ترشحها، ما يجعلها مواجهة عالية الأخطار ضد خصم قوى متمرس على المناظرات، وربما لا يراعي اللياقة.

 

عن الكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *