كتب- محمد أيمن
مصر في محكمة العدل الدولية…,
خليني في البداية أقولك، أن بالنسبة لمصر، والعالم (والسبب في ده مصر)، السلطة الوطنية الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.
وخلينا في سطور قليلة نلخص الموقف المصري الحالي، من الملف برمته..,
— حالياً، مصر بتنقل الجيش بتاعها على الجبهة على الحدود الفلسطينية بشكل لم يحدث إلي وقت النكسة في ١٩٦٧م.
ودي نقلة استراتيجية في ردة فعل مصرية، قوية ومش بتم انهاردة ولا إمبارح، ده موقف (النظام الحالي) منذ 2014م.
— في إجراء (هنتحدث عنه تفصيلياً في السطور القادمة) تقوم مصر بالمرافعة في محمكة العدل الدولية ضد إسرائيل وجرائمها منذ عام 1967م.
— الدولة المصرية، ومن قبل أحداث 7 أكتوبر 2023 المسمى بـ” طوفان الأقصى”، تقوم بالحشد الدولي ضد ممارسات إسرائيل، في الاقصى او التوسع الاستيطاني.
— مع بداية أحداث الـ 7 أكتوبر، موقف مصر كان واضح وصريح من الاحداث، بدعم للقضية الفلسطينية، ودعم في مسار مضاد اتجاه دولة الاحتلال.
دعم اقتصادي، معنوي، إعلامي، دبلوماسي، استخباراتي .. فضلاً عن الدعم الشعبي.
وتعمل الدولة المصرية وتسعى، لإيجاد حل للقضية بشكل عادل يضمن حقوق الفلسطينيين في إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة على حدود عام 1967م.
كما مساعي مصر الجاهدة، في وقف إطلاق النيران بغزة، وإعلان هدنة حقناً لدماء الفلسطينيين، ورفض تهجير الفلسطينيين قسراً أو طواعية خارج الأراضي الفلسطينية.
في ذات السياق، تسعى الدولة المصرية لتقريب وجهات النظر بين الفصائل الفلسطينية للتوافق حول حل للقضية الفلسطينية، كما تسعى عدة أطراف دولية أخرى تحاول جاهدة “لم الشمل الفلسطيني”.
الجدير بالذكر، أن كل المساعي التي تحاول جاهدة، في حل للقضية الفلسطينية أساسها مصري، المطالب بها مصري، والداعم لها مصري.
— نشرت مصر وثائق تحمل درجة “سري للغاية” عن (نصر أكتوبر 73) تثبت فيها مصر، تفوقها الاستراتيجي فكراً وعقيدة على العدو التقليدي، إسرائيل.
في رسالة واضحة، لقادة دولة الاحتلال، أن استفزاز مصر عواقبه وخيمة.
— — — — — —
هنا يأتي السؤال الابرز …, ما هي أهمية خطوة محكمة العدل الدولية؟
الجدير بالذكر، أن قرارات محكمة العدل الدولية، غير ملزمة، وللعلم بالشئ ..، أصدرت محكمة العدل الدولية قرارها في 2004م، بضرورة هدم الجدار العازل الإسرائيلي في الضفة الغربية.
ولم يتحرك الجدار ساكناً، أو تسقط منه حجر واحد، بل على العكس ازدادت التحصينات.
لذلك، من المهم نعرف إن أهمية الخطوة ليست في جهة الاختصاص (المحكمة) إنما هي شكل من أشكال الضغط السياسي.
* عشان هيجي بعد كده حد هيقولك، مصر ضعيفة وماتنفذش الحكم بتاعها (لو صدر حكم بالفعل).
فهو ضغط سياسي دبلوماسي مصري، متزامن متناغم مع دعوة جنوب افريقيا في ذات نفس الجهة (محكمة العدل الدولية)، وطرد السفير الإسرائيلي من البرازيل، يتزامن مع رغبة قوية من الاتحاد الأوروبي لإعلان دولة فلسطينية، ومساعي وقف إطلاق النيران في غزة.
هي جهود تقودها مصر، ضمن عدة أطراف أخرى، للضغط على المجرم “نتنياهو” وحكومته اليمينية المتطرفة، وممارستها في الاراضي المحتلة.
— — — — — —
إذاً محكمة العدل الدولية، لا قوة لها، ولا لديها الإمكانية لتنفيذ أحكامها الصادرة.
نقدر نقول (توصيات)، لكن تكمن أهمية التحرك المصري على وجه الخصوص، في أن مصر تمتلك ملفات واثباتات على دولة الاحتلال يمكن لا يملكها غيرنا، وهنا يكمن الترقب الإسرائيلي من هذه الخطوة المصرية.
وهي تعتبر أحد أهم أوراق الضغط المصري، بشكل دبلوماسي، في جهود مصر التي تسعى في الضغط على دولة الاحتلال وداعميها، من حيث الرفض المصري لاقتحام رفح الفلسطينية، ورفض مساعي إسرائيل في تصفية القضية الفلسطينية.
— — — — — —
ماذا عن المرافعة المصرية أمام محكمة العدل الدولية..؟
القضية التي تقوم مصر بالمرافعة فيها غداً، تختلف جوهرياً عن القضية المقدمة من دولة جنوب أفريقيا، والتي سبق وأخذت ضجة عربية وعالمية كبيرة.
أما عن، المرافعة المصرية، تأتي ضمن قرار اصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، في 30 ديسمبر 2022م.
وبناء على طلب من دولة إندونيسيا طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة، رأي استشاري من محكمة العدل الدولية بشأن هذه المسألة.
ومصر من ضمن عدد كبير من الدول تشارك في المرافعات أمام المحكمة.
— — — — — —
ما هو الاختلاف بين القضيتين..؟
على الرغم من أهمية القضية التي رفعتها، دولة جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، ” قضية إبادة جماعية”، إلا أنها تقتصر فقط على إثبات ارتكاب دولة الاحتلال الإسرائيلي جريمة “الإبادة” في غزة.
لكن القضية التي ستقدم مصر فيها مرافعة في تاريخ 21 فبراير 2024، كرأي استشاري فهي قضية تتعلق “باحتلال اسرائيل للأراضي الفلسطينية”، وهي اكثر اهمية حيث انها تتم من قبل “الجمعية العامة للأمم المتحدة”، وتشارك فيها عدة دول من خلال تقديم خبراتها ووجهات نظرها إلى المحكمة.
ببساطة، تلك القضية…,
تتناول عدم مشروعية الاحتلال وجرائمه في كل الأرض المحتلة وليس غزة فقط.
فهو إجراء يتعلق بسلسلة مطولة من القرارات الأممية منذ قرار مجلس الأمن رقم ٢٤٢، المتعلق بالانسحاب من كل الأراضي المحتلة في ٦٧.
فهي ليس لها اي ارتباط بأحداث 7 اكتوبر ٢٠٢٣، وهو أمر مهم، لأنها تقتطع الطريق على إسرائيل استخدامها كذريعة كما فعلت في دفاعها أمام المحكمة في قضية جنوب أفريقيا.
هنا تكمن قوة المرافعة المصرية والقضية برمتها، حيث أن إسرائيل لن تستطيع التحجج بممارسات تدعي إسرائيل أنها إرهابية من قبل المقاومة الفلسطينية.
فهي قضية أوسع، من قضية الإبادة الجماعية، حيث أنها تسعى الحصول على رأي حول (شرعية الاحتلال الاسرائيلي المستمر منذ عام ١٩٦٧، اي منذ ٥٦ سنة احتلال الاراضي الفلسطينية).
مع التأكيد، أن قرار المحكمة هو غير ملزم، ولكنه (أن صدر قرار) سيكون ضد كل الدول التي تعترف بالاحتلال، ولها سفارات في القدس، وهي:
أمريكا وباراجواى وجواتيملا وكوسوڤو وغينيا الاستوائية وكانت الهندوراس وتشاد وتراجعا
— — — — — —
في الأخير، أود الإشارة والتأكيد عالى أهمية الخطوة المصرية، حيث تتحول مصر من طرف وسيط، لطرف يتصرف مع دولة الاحتلال بشكل علني يتواكب مع عدائياته اتجاه الفلسطينيين، ومصر.
كما إحراج إسرائيل دولياً، وإضعاف موقفها أمام المجتمع الدولي، هي وداعميها، بإجراء يُدين الاحتلال، ويؤكد على فكرة أنها (دولة احتلال) منبوذة سواء من مصر أو غيرها.
مما يمثل ضغط سياسي، على مخططات الدولة الصهيونية، في محاولة مزعومة منهم التعايش السلمي مع جيرانها.
كما يأتي الترقب في إسرائيل، حيث أن رأي مصر يعد الأكثر تأثيرا، لأن بين مصر وإسرائيل مواثيق ومعاهدات على رأسها (معاهدة السلام) والتي تنقل مصر نفسها من وضع المحايد.
هذا لا ينفي أن المحكمة ليست ذات جدوى حقيقية، لكن الإجراء نفسه من الدولة المصرية، له مصداقية وقوة، تؤكد نوايا الدولة المصرية في التعامل مع مختلف المجريات والتي أصبحت مصر في موقع المهاجم المدافع.
فقبل تلك الإجراءات أعلنت الدولة المصرية، تعليق إتفاقية السلام حال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لمحور فيلادلفيا، أو اتخاذ اجراءات من الجانب الإسرائيلي تقتضي إلي التهجير القسري الفلسطيني إلي الأراضي المصرية بسيناء.
ما يحدث الآن، هو أشبه برفع السلاح وشد الأجزاء في لقطة ملحمية يترقبها الجميع، قبل الضغط على الزناد، وإطلاق الرصاصة الأولى.
داعين الله أن تمر الأمور بسلام، مؤكدين أن مصر دولة داعية للسلام ولكن عند الحديث عن مقتضيات الأمن القومي المصري، أو المساس بالسيادة المصرية، فدونها الرقاب، ويا أهلاً بالمعارك.