فى زمن ما قبل انكسار الحلم الثوري، كان الصحفي العربي الأشهر محمد حسنين هيكل، ليس فقط صديقاً مقرباً من الرئيس عبدالناصر، ولكنه كان شريكاً فعلياً في الحكم واتخاذ القرار، ورغم قرارات تأميم الصحافة ، إلا أنها ظلت ذات شأن وتاثير.
وكان السادات صحفياً قبل أن يكون رئيساً ، وتولى لفترة رئاسة تحرير جريدة الجمهورية عقب إصدارها بعد ثورة يوليو 52.
ولأنه كان خبيراً بألاعيب الصحافة والصحفيين، فقد استبدل الرقيب المباشر الذي كان يجلس وسط الصحفيين ويقرأ كل حرف قبل النشر، ولكنه لم يكن يستطيع قراءة ما بين السطور، مثلما حدث في واقعة مقال “حمار العز بن عبدالسلام”، والذي شبه فيه أنيس منصور عسكر يوليو بالمماليك، وكان سبباً في تنكيل ناصر به، فقد لجأ السادات إلى تعيين رؤساء التحرير واختيارهم بنفسه، ليصبحوا هم الرقباء على المهنة وعلى زملائهم، ولا يمكن لأحد منهم أن يخدعهم بتلميحات وإشارات معارضة للحكم وشخص الرئيس، وفي نفس الوقت لا يفهمها سوى النخبة وأهل المهنة، كما فعل أنيس وغيره.
وفي زمن الفساد الوسطي الجميل، كان الرئيس مبارك يكلف إبراهيم نافع رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير الأهرام ببعض المهام الديبلوماسية ويرسل معه رسائل مكتوبة وشفهية لزعماء ورؤساء دول، ويثق كثيراً في موسى صبري وسمير رجب، ويلعب الاسكواش مع إبراهيم حجازي، ولذلك لم يستجب لضغوط وزير إعلامه صفوت الشريف لتحويل نقابة الصحفيين من رئة للتعبير عن الغضب والرغبة في التغيير إلى نادي اجتماعي.
وبعد ما يقرب من 13 عاماً على ثورة يناير، التي تحولت خلالها “سلالم” نقابة الصحفيين إلى “هايد بارك إعلامي” ورمز لحرية الرأي والتعبير، طالها ما طال الصحافة من تهميش وتسطيح، وأصبحت بلا قوة ولا تأثير، وأصبح الشئ الوحيد الذي يتفق فيه السيساوية مع الإخوان هو الهجوم الدائم على الصحافة والصحفيين والإعلام والإعلاميين، ووصم الجميع بدون استثناء ولا تمييز بإعلام العار!
المقالات تعبر عن آراء كتابها، وليس بالضرورة أن تمثل سياسة ومواقف منصتنا إندكس:وكالة الأنباء المصرية