محمد أمير
بيان إثيوبيا اللي بتهدد فيه القوى الأجنبية وقوات الاتحاد الإفريقي وبتقول أنها مش هتقف ساكتة وأن الصومال بتتفق مع جهات أجنبية لزعزعة استقرار إثيوبيا..
عشان تفهم اللعبة صح لازم ترجع خطوتين لورا عشان تشوف الموضوع بشكل أعمق فمعلش محتاجك ترجع معايا كام قرن كدة لورا.
اللي تحت ده تاريخ عشان تفهم لو مش طالبة معاك قراية عديه
الصومال الكبير أو العرقية الصومالية كبلد كانت عبارة عن حتة كبيرة من إثيوبيا، وحتة كبيرة من كينيا، وجيبوتي كلها، والصومال كلها، كل دول كانوا الصومال الكبير، الصومال كواحدة من أغنى الممالك العربية زمان والمتحكم في مضيق باب المندب مع اليمن، ووقوعها على طريق الحرير الصيني، خلاها من أغنى وأقوى الممالك الإسلامية، بس يعيبها شيء واحد، وهو وقوع حدودها مع مملكة مسيحية مدعومة دائما من الغرب وهي مملكة الحبشة، اللي هيا إثيوبيا بمعنى أصح.
ولكون الموضوع رمزي أكثر منه سياسي، فسيطرة الحبشة على الصومال كان أمر لابد منه، كون أن المدخلين بتوع باب المندب سيطرة عربية بحتة، يمينك اليمن وشمالك الصومال، فيحلوها إزاي؟ نخلي دايما الصومال خاضعة للحبش، وزاد الأمر أن واحد إسمه “يكوني املاك” سنة ١٢٧٠م في عز ما الناس مشغولة في المغول والصليبيين، أسس البيت السليماني في الحبشة وبدأ يعمل غارات على الممالك الإسلامية زيها زي الحروب الصليبية بالظبط.
فضلوا على الوضع ده ٣ قرون، لحد فترة حكم الملك الحبشي “كلاوديوس بن لبنا دبنجل” لما الغارات زادت، فظهر شاب صومالي إسمه “أحمد بن ابراهيم الغازي” سنة ١٥٢٩م وأسس سلطنة عدل الصومالية.
الراجل ده قدر أنه يعمل جيش قوي، ويقرر يغير فلسفته من الدفاع إلى الهجوم، وقرر أنه يغزو الحبشة، ونجح في فرض سيطرته على تلت تربع الحبشة في معارك اقصاها هي معركة “صبرا كوري”، وفعلا مملكة الحبشة كانت هتختفي من التاريخ لولا أن كلاوديوس استعان بكريستوفاو دي جاما ابن فاسكو دي جاما وجيش البرتغال وقامت بينهم معركة عظيمة إسمها “وفلة” انتصر فيها أحمد الغازي لدرجة أن دي جاما هرب مع ١٤ فارس واتقبض عليهم وأعدمهم.
فلول البرتغاليين قرروا يتجمعوا تاني وينظموا نفسهم وسنة ١٥٤٣م هاجموا مخيم أحمد الغازي على بحيرة تانا في معركة إسمها “واينا داجا”، وقدروا أنهم في النهاية يهزموا سلطنة عدل، واتقتل أحمد الغازي بالغدر وهو بيحاول يخطب في جيشه ويشجعهم، وانتهت السلطنة بعد كده، واشتغل البرتغاليون على أن مفيش قائد تاني يظهر يهدد المصالح الأوروبية والتطلعات الحبشية في المنطقة.
تيجي فترة حكم محمد علي باشا وأسرته، ويحاول يتوسع جنوبا في إفريقيا، لحد ما في فترة الخديوي إسماعيل يسيطر على مدينة “هرر” عاصمة أوجادين ومعاهم ميناء زيلع، الخديوي قدر أنه يعمل ازدهار اقتصادي للمدينة، ويبني مدارس ومستشفيات ويصلح البنية التحتية ويعمل مسجد كبير إسمه المسجد المصري، وحكمها فعليا لمدة ١٠ سنين، بداية من ١٨٧٥ لحد ١٨٨٤م.
فالملك الإثيوبي”منليك” طمع في الصومال، وبدعم من إيطاليا اللي كانت طمعانة في نصيب بريطانيا من الصومال، هجم منليك على “هرر” وأسقطها بسلاح حديث إيطالي، وهزم الأمير عبد الله آخر أمراء هرر، وفجأة هرر بقت مقاطعة إثيوبية، يحكمها “رأس مكونين” اللي هوا أبو الامبراطور الإثيوبي هيلا سيلاسي، وطردوا القوات المصرية منها كون مصر نفسها وقعت تحت الانتداب البريطاني، اللي بعد سنتين بس ١٨٨٨م بريطانيا وفرنسا هيتفقوا أنها تفضل مع إثيوبيا، وحول الأحباش فيها المساجد لكنائس، على رأسهم المسجد المصري الكبير.
وأصبحت الصومال الكبير خمس حتت، حتة مع فرنسا “جيبوتي” وحتة مع إيطاليا “الجنوب” وحتة مع بريطانيا “صوماليلاند” وحتة راحت لإثيوبيا اللي هيا أوجادين وهاود وضواحيها، وحتة مع كينيا، من باب فرق تسد بحيث محدش يظهر يعمل قلق يعني.
فأوجادين في الفترة دي كانت إقليم صومالي تحت السيطرة الإثيوبية، والصومال استقلت سنة ١٩٦٠ وبدأت تنادي بالوحدة وأراضينا لينا وبتاع، لكن اللي كان معاه حتة أرض بقا متبت فيها، وطبعا إثيوبيا مش هتوافق أنها تسلم أرض كبيرة كدة حتى لو أرض صومالية.
فسنة ١٩٧٧م، جيش الصومال وقتها كان من أقوى جيوش افريقيا، من حيث التجهيز والعدد، فاستغل القوة دي وأعلن الحرب على أثيوبيا سنة ١٩٧٧م، بهدف استعادة الأراضي الصومالية المحتلة اللي هيا أوجادين، وانتصروا فعلا وسيطروا على أوجادين.
لكن مين اللي اعترض بقا؟ السوفييت، قالك مصالحنا يا ناس، أعمالنا يا بشر، وقرروا دعم إثيوبيا اللي كانت على وشك الاختفاء تماما تاني، ولان السوفييت كانت كلمتهم مسموعة في الوقت ده وبيتعملها ألف حساب، القوى العظمى في العالم تدخلت لصالح إثيوبيا، وعملوا جسر جوي انزلوا فيه ١٢٠٠٠ جندي وطيار كوبي معاهم ٣٠٠ دبابة و١٥٦ مدفعية و٤٦ طيارة حربية و١٥٠٠ مستشار سوفيتي بقيادة الجنرال فاسيلي بتروف بالإضافة لأحدث الاسلحة ودعم من ألمانيا الشرقية وبولندا وكوريا الشمالية.
فجأة الصومال لقت أنها بتحارب المعسكر الروسي، وتوالت الهزائم واحدة واحدة بشكل منهجي لحد ما أعلنت إثيوبيا انتهاء الحرب بالسيطرة على آخر نقطة حدودية في أوجادين، بس بعد ما الصومال خسرت تلت جيشها ونص قواتها الجوية بالإضافة للإنهاك والديون والمؤامرات الداخلية اللي حولت الصومال لدولة فيها حرب أهلية مستمرة داخليا وأوضاع اقتصادية سيئة بعد ما كانت من أقوى دول افريقيا.
إثيوبيا مؤخرا استفحلت، بداية من العداء مع مصر بسبب مشكلة النيل، لحد محاولة التوسع والحصول على منفذ بحري على حساب الصومال نفسها؟ لحد حربها مع تيجراي، إيه اللي بيحصل بقا؟
البداية كانت مع استقلال إريتريا عن إثيوبيا سنة ١٩٩٣م، إريتريا كانت المنفذ التجاري البحري لإثيوبيا، ولما انفصلت بقت دولة حبيسة يعني معندهاش بحر ولا أسطول كل ده راح لإريتريا، ومنفذها الوحيد هو اتفاق مع جيبوتي.
طيب أبي أحمد يعمل إيه؟
ييجي في يناير اللي فات يلف من ورا حكومة الصومال ويعمل اتفاق مع إقليم صوماليلاند الانفصالي مقابل الاعتراف بيهم كدولة مستقلة أنه يستغل ٢٠ كم من سواحل الصومال فيما يعرف بميناء بربرة لمدة ٥٠ سنة، وأهي فرصة يقيم قاعدة عسكرية عالبحر الأحمر، قصاد باب المندب على طول، وده بعيدا عن أنه تدخل في شئون دولة تانية اللي هيا الصومال، فهو نكش في مصر، لأن باب المندب ده هو بوابة التجارة في البحر الأحمر وبالتالي قناة السويس وبالتالي أمن قومي، وطبعا هوا بيعمل ده مش من دماغه يعني في ضهره كام دولة وكيان كدة.
مصر بقا للمرة التانية بتتنكش من إثيوبيا، فا إيه اللي يحصل؟
يوم ٢٠ يوليو ٢٠٢٤، مصر مضت اتفاقية دفاع مشترك مع الصومال، واللي أعلن ده مش إحنا لأ إنما الحكومة الصومالية نفسها على التليفزيون الصومالي الرسمي، بس قالك ده عشان ندرب الجيش هناك ونساعدهم في تأمين قناة السويس من باب المندب، متخافوش يعني.
يوم ١٣ اغسطس اللي فات، مجلس السلم والأمن في الاتحاد الافريقي قرر يستحدث بعثة حربية جديدة للصومال تحت اسم “بعثة الاتحاد الإفريقي لدعم وتحقيق الاستقرار في الصومال (AUSSOM) بديلة للبعثة القديمة اللي موجودة هناك والمفروض انها هتنسحب في يناير ٢٠٢٥م، فا مصر طلبت بكل أدب أنها تنضم للبعثة دي، بحجة أن فيه تهديدات أمنية جوا الصومال من حركة إسمها “حركة الشباب”.
ظهرت بعد كدة أخبار أن أبي أحمد عايز ينقل قواعد عسكرية لأوجادين بتاعت الصومال، وزاد وغطى أنه طلع يتكلم يوم الاتنين اللي فات عن أن السد قرب يخلص وهينتهي في ديسمبر اللي جي بشكل كامل، وأن البحيرة ورا السد هتحتجز ٧١ مليار متر مكعب وأن ده إنجاز تاريخي.
تقوم مصر إمبارح باعتة طيارتين عسكريتين للصومال محملين جنود وأسلحة وذخيرة وقطع عسكرية، كجزء من اتفاقية الدفاع المشترك وبداية لاشتراك مصر في بعثة الاتحاد الأفريقي، والصومال صورت ونشرت، وسفير الصومال “علي عبدي أواري” رحب بالخطوة.
الخطوة اللي ممكن مع الوقت تستغلها الصومال عشان تخش تستعيد الإقليم العربي المسروق “أوجادين”، وده اللي خايفة منه إثيوبيا، الخطوة اللي خلت إثيوبيا تطلع بيان رسمي مخبيه وراه أنها جايبة ورا من الخطوة المصرية دي وبدأت تهدد يمين وشمال ومش هنسكت ومش عارف إيه، مع أن محدش جه جمبها يعني، ومصر والصومال محدش فيهم رد لحد دلوقتي اللي هوا صيح براحتك، إحنا ماشيين رسمي.
فاللي حاصل دلوقتي أننا بدأنا إحنا كمان ننكش، بعد ما الحبش نكشونا بدل المرة اتنين وأحنا ساكتين، والموضوع بقا فيه توترات بين الجانبين، الإثيوبي والصومالي، والإثيوبيين نازلين صياح عالنت، والصوماليين نازلين تشفي، وأهو نكش بنكش.