جاءنا الآن
الرئيسية » نشرة الأخبار » كواليس جولة مفاوضات چنيف حول الحرب السودانية..ومصير مشاركة الجيش بعد موافقة الدعامة

كواليس جولة مفاوضات چنيف حول الحرب السودانية..ومصير مشاركة الجيش بعد موافقة الدعامة

وحدة الشئون السودانية 

رغم وجود أطراف سودانية لمفاوضات جنيف المنتظرة بشأن حرب السودان، مع ترقب ممثلين الجيش، لايزال هناك عدداً كبيراً من الأسئلة الصعبة والعثرات والتحديات، أبرزها موقف الجيش الرافض للمشاركة.

تتجه أنظار السودانيين نحو جنيف السويسرية التي ينتظر أن تستضيف مفاوضات بين الجيش وقوات الدعم السريع في 14 أغسطس الحالي، عقب دعوة وجهتها لهما الإدارة الأمريكية لبحث إنهاء معاناة الشعب السوداني المستمرة لـ16 شهراً، مخلفةً أكبر أزمة نزوح في العالم.

ويعول الشارع السوداني على قبول قيادة الجيش بالتفاوض رغم الموقف المعلن، بعد أن أكد قائد الدعم السريع قبوله التفاوض دون قيد أو شرط، ويرى كثيرون أن جنيف قد تكون الفرصة الأخيرة لإيقاف حرب السودان.

وفي سبيل وضع حد لحرب 15 أبريل 2023م، وصل المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيرييلو إلى جنيف، الإثنين، وأعلن فور وصوله “المضي قدما” في اجتماع سويسرا حول إنهاء الأزمة، حتى بعد إعلان أحد طرفي الصراع عدم مشاركته في الصراع.

وقال المبعوث في مؤتمر صحفي من جنيف بحسب فرانس برس، إنه أجرى مناقشات معمقة مع الجيش السوداني لكنهم “لم يعطونا تأكيداً بعد” حول مشاركتهم في المحادثات، وأضاف: “سنمضي قدماً في هذا الحدث وهذا ما تمّ توضيحه للطرفين”.

كواليس جولة مفاوضات چنيف حول الحرب السودانية..ومصير مشاركة الجيش بعد موافقة الدعامة

ورهن المبعوث استمرار عمل الوساطة في جنيف بوصول وفد عسكري قادر على اتخاذ القرارات لأن الأولوية لوقف إطلاق النار أو الأعمال العدائية، وهذا المكان ليس للحوار السياسي.

وحول تصريحات وفد الحكومة في جدة، قال المبعوث الأمريكي: “تنتظرون مني تعليقًا على الاجتماعات مع الوفد السوداني في جدة، لن أتطرق كثيرًا رغم أنهم لم يلتزموا بنفس القواعد”.

وزاد: “نحن جادون جدًا بالترحيب بوفد عسكري كبير لديه القدرة على القرارات كي نتحرك إلى الأمام بالوتيرة اللازمة في الأزمة الكبيرة، وليس مجرد حديث وأخذ وعطاء ليومين، لأن الشعب السوداني يريد أن يرى نتيجة”.

إلى ذلك، أكد قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”، المشاركة في المباحثات المزمعة غداً، مع الجيش السوداني برعاية أمريكية وسعودية في جنيف.

ودعا في كلمة مسجلة، الجيش السوداني بقيادة البرهان إلى المشاركة في هذه المفاوضات، وأشار إلى أن هناك ما وصفه بـ”إرادة حقيقية” لوقف الحرب من قبل الدعم السريع.

وشدد دقلو على أنه لا يعترف بوجود أي حكومة شرعية في السودان، بعد “انقلاب 25 أكتوبر 2023″، متهماً الجيش برفض “كل دعوات التفاوض السابقة بسبب اختطاف القرار داخله من قبل الحركة الإسلامية”- على حد قوله.

كواليس جولة مفاوضات چنيف حول الحرب السودانية..ومصير مشاركة الجيش بعد موافقة الدعامة

فيما قررت الحكومة التي يقودها الجيش، على لسان ناطقها الرسمي جراهام عبد القادر، عدم المشاركة في مباحثات جنيف. وأكدت في بيان، تمسكها بإعلان جدة كمنبر وحيد للمفاوضات.

وأقدمت الحكومة على هذه الخطوة بعد فشل اللقاء التشاوري مع مسؤولين أمريكيين الأحد في مدينة جدة السعودية قبيل انطلاق مباحثات جنيف.

وأوضح جراهام، أن فشل اللقاء يعود إلى إصرار الوفد على مشاركة دولة الإمارات بصفة مراقب في المباحثات المرتقبة، وهو ما ترفضه الحكومة، إضافة إلى أن الوفد الأمريكي لم يتمكن من إقناع قوات الدعم السريع بتنفيذ مخرجات جدة.

وانتهت المشاورات دون اتفاق بين وفد السودان ومسؤولين أمريكيين بالتعاون مع حكومة السعودية التي سبق ويسرت مفاوضات منبر جدة.

وأعلن رئيس وفد الحكومة للمشاورات محمد بشير أبو نمو، أنه أوصى بعدم مشاركة الحكومة السودانية أو الجيش في مفاوضات جنيف المرتقبة مع قوات الدعم السريع.

ولم يصرح الجيش السوداني رسمياً بشأن المشاركة من عدمه، واكتفى بتصريحات وزير الإعلام. وقالت مصادر لـ(التغيير)، إن قيادة الجيش لم تقرر بعد إرسال وفد للتفاوض مع الدعم السريع في جنيف.

وأوضحت أن قيادة الجيش تتعرض لضغوط دولية وحال عدم استجابتها ستعرض نفسها لمواجهة مع المجتمع الدولي خاصة بعد خطاب قائد الدعم السريع وتأكيده الذهاب إلى جنيف لإيقاف معاناة الشعب السوداني التي تسببت فيها حرب 15 أبريل المدمرة.

وفي السياق، قال سفير السودان برواندا خالد موسى، إن عبد الفتاح البرهان أكد للرئيس الرواندي، أن السودان لن يشارك في أي مبادرة تفتقد للعناصر الأساسية التي نص عليها إعلان جدة والمتمثلة في خروج مليشيا الدعم السريع من الأعيان المدنية ومنازل المواطنين وكذلك عدم مشاركة أي دولة شاركت في العدوان على السودان في جهود الوساطة.

مآسي مميتة:ماذا يقول السودانيون في هذه الأجواء الدموية عن العيد؟!

وقال الخبير الدبلوماسي السفير الصادق المقلي، إن هناك تناقضاً في موقف الوفد الحكومي فهو يطالب بأن يصطحب التفاوض في جنيف مخرجات إعلان جدى، والوفد في إعلان جدة كان عسكريا وقع إنابة عن الجيش.. فلماذا طالب الوفد الحكومي بتغيير تكوين الوفد لكي يكون باسم الحكومة.

وأضاف لـ(التغيير)، أن المبادرة الأمريكية ذكرت صراحة أنها في جنيف ستضع مخرجات جدة ضمن الأجندة. وتساءل: “فلماذا لا تناقش على الطاولة في جنيف بدلاً من طرحها كشرط مسبق؟”.

وتابع المقلي: “ما يدعو للغرابة أن الحكومة وغيرها يتحدثون عن إعلان جدة وكأنه مفصل أو صنع خصيصاً للدعم السريع.. ومخرجاته ملزمة للطرفين.. نعم الدعم السريع لم ينفذ ما يليه. فهل فعل الجيش؟”.

وأشار إلى أن إعلان جدة ألزم الطرفين باحترام القانون الدولي الإنساني وبصفة خاصة عدم استهداف المدنيين والأعيان المدنية وعدم اعاقة انسياب المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب، “فكلا طرفي النزاع لم يلتزما حتى اليوم، وظلت تلاحقهما المفوضية السامية لحقوق الإنسان والجنائية الدولية”.

وشدد المقلي على أن طرفي الصراع لا يوليان أي أهمية لمعاناة الوطن والمواطنين من جراء هذه الكارثة الإنسانية غير المسبوقة في تاريخ السودان حديث والتي وصفها المجتمع الدولي بأنها أكبر كارثة إنسانية يشهدها العالم.

وحول ما يترتب على انهيار مفاوضات جنيف المرتقبة، قال الخبير الدبلوماسي: “إن الأوضاع الكارثية التي تنذر بانهيار الدولة وتفاقم معاناة المواطنين واستمرار طرفي الصراع بانتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وانزلاق النزاع والأزمة الإنسانية ما وراء حدود الوطن، تهديد الأمن والسلم الدوليين، وليس من المستبعد أن يستدعي تدخلاً أجنبياً يفرض السلام ويضع حداً لمآسي المواطنين الذين ظلوا طيلة استمرار الحرب وعلى مدار الساعة يسددون فاتورة حرب (لا ناقة لهم فيها ولا جمل).

كواليس جولة مفاوضات چنيف حول الحرب السودانية..ومصير مشاركة الجيش بعد موافقة الدعامة

ولعل هذا الوضع المأساوي أفظع عشرات المرات من ذلك الذي استدعى نشر قوات أممية لحفظ السلام في دارفور.. سيما وأن هذه الكارثة الإنسانية دخلت من غير استئذان كل بيت في هذا الوطن الجريح”.

فيما رأى القيادي بتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” د. علاء نقد، أن إرسال الجيش لوفد إلى جدة للتفاوض حول مفاوضات جنيف الغرض منه البحث عن شرعية لحكومة الأمر الواقع في بورتسودان.

وقال لـ(التغيير) إن مفاوضات جنيف حرصت أن يكون وفد الجيش به شخصيات قادرة على اتخاذ القرار، لأنه من خلال المفاوضات السابقة وفي جميع المنابر لم يلتزم الجيش السوداني بما اتفق عليه، لأن أعضاء الوفد غير مخول لهم تنفيذ ما اتفقوا عليه خاصة في مفاوضات جدة الثانية منها تسليم الفارين من السجون وإيقاف خطاب الكراهية، بالإضافة إلى لقاء بين قيادات عليا بين الجيش والدعم السريع.

وأضاف: “اللقاء الذي حدث في المنامة بين كباشي ودقلو بسبب ضغط أنصار النظام البائد لم يوقع كباشي على اتفاق المنامة.

السودانيون لا يعرفون إلى أين ينزحون وسط انتهاكات الدعامة وانتشارهم

وأوضح نقد أن تمسك وفد الحكومة بإبعاد الإمارات والإيغاد بصفتهم كمراقبين، وعدم فتح منابر جديدة الغرض منه عدم الذهاب إلى جنيف خاصة بعد تأكيد اتفاق جنيف بأنه سيكون بناءً على اتفاق جدة.

ولفت إلى أن هناك عدم رغبة وإرادة من الوفد الحكومي وأنهم يريدون مواصلة الحرب لزيادة معاناة الشعب السوداني.

وقال نقد: “إن هناك مشاورات ستجري في حال عدم حضور وفد الجيش، وسيكون هناك خياران إما تدخل عسكري سواء أممي او افريقي في السودان للفصل بين الطرفين، أو أن يتم اطلاق يد الدعم السريع في هذه الحرب للانتهاء من الجيش السوداني كما ذكرت أماني الطويل.

وفي الحقيقة تبقت ثلاث ولايات لدخول الدعم السريع إليها وهذا التقدم الميداني للدعم السريع يجعل خيار تمثيله العسكري للدولة ويتم تبنيه وهذا هو الأقرب للحدوث”.

وختم نقد حديثه، بأن عدم ذهاب الجيش السوداني إلى جنيف غير حصيف البتة ومواصلة اتباعه لخطى نظام المؤتمر الوطني البائد الذي يمسك بزمام القرار في الجيش سيكون وبالاً على الجيش لأنه كان سبباً في اضعافه وإنهاكه وصولا لهذا المستوى السيئ.

بدوره أكد المحلل السياسي محمد تورشين، أن فشل المفاوضات ستكون نتائجه كارثية على جميع الأصعدة ويعني استمرار الحرب والنزوح واللجوء، وهناك اشكالية ستحدث باعتبار أن الاستقطاب الإقليمي والدولي سيكون كبيرا جدا بين القوى العظمى متمثلة في شركائها الأوروبيين وروسيا وإيران، وكل طرف يحاول تحقيق مصالحه بالسيطرة على السودان والحصول على موطئ قدم.

وقال لـ(التغيير): “وفقا لبيان الحكومة لن تكون هناك مشاركة للحكومة السودانية إلا إذا كان هناك رأى للجيش السوداني، وحتى اللحظة الإدارة الأمريكية لم تبد أي تعليق بشأن الاجتماعات التمهيدية التي حدثت في جدة”.

كواليس جولة مفاوضات چنيف حول الحرب السودانية..ومصير مشاركة الجيش بعد موافقة الدعامة

وأوضح تورشين، أن الخلاف حول مشاركة الإمارات والإيغاد كمراقبين وهذا ما يرفضه السودان وفي الاتجاه الآخر اصرار الولايات المتحدة على مشاركة الايغاد، وهذا ينعكس بشكل مباشر على مسار المفاوضات.

وتابع: “إذا كان الوسطاء غير قادرين على إنفاذ ما تم التوقيع عليه في مايو 2023، كيف يمتلكون آليات ووسائل لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، وهذا يعني بشكل أو آخر منح الدعم السريع هدنة لترتيب صفوفه والحصول على العديد من العتاد العسكري حتى يستمر في المعركة”.

وقال تورشين: “المفاوضات في تقديري منهارة تماما، وإذا تمت ممارسة ضغوط على قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وذهب إلى جنيف اعتقد أن التباين في وجهات النظر ومازال الدعم السريع يمتلك قوة حقيقية على أرض الواقع من الصعب أن تكون هناك نتائج”.

وأضاف: “بمعنى بعد كل هذه الخسائر والمعارك أي شخص يعتقد أن الدعم السريع سيقبل بأن تكون هناك عملية دمج في المؤسسة العسكرية”.

وخلص المحلل السياسي إلى أن “أي مفاوضات إن لم تركز على عملية الدمج في فترة لا تتجاوز العام ومسألة المساءلة والعدالة الانتقالية فهذا الأمر سيكون له ما بعده وسيؤثر بشكل مباشر على مستقبل الدولة السودانية باعتبار أن الحرب ستكون استراحة محارب”.

عن الكاتب

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *