مراسلنا بسوهاج وفريق حوادث وجرائم
فى واقعة مثيرة للغرابة، يجب أن نتوقف أمامها كثيرا لنعتبرها منها، أقدم داعية شاب و محفظ قرآن في العقد الثالث من العمر، على الانتخار وإنهاء حياته شنقا داخل “الكتاب” الذى كان يقدم فيه دروس وشروح دينية ، عقب صلاة فجر يوم الأحد في مسجد بناحية دائرة مركز العسيرات جنوب محافظة سوهاج تاركا وصية طويلة دون الكشف عن الدوافع.
الداعية الشاب كان محبوب وعلاقاته طيبة بالجميع ، لكن وصيته المطولة ، أثارت الكثير من شكوك عن ضغوط متفاقمة عانى منها لدرجة أنه بثقافته الدينية لم يستطع مواجهة دوافعه الغريبة للانتحار ، وهو بنفسه اعترف في الرسالة التى تركها أنه لم يقدر على مواجهة الضغوط التى دفعته للانتحار ، ويشعر بمدى الكبيرة التى اقترفها ويدعو الجميع بالدعاء له بالرحمة ، ورغم ذلك يقول أنه يتوقع أن يكون في مكان أفضل.
وتتولى الجهات المختصة التحقيق في الواقعة وسط صدمة كبيرة في قريته ، حيث لا يصدق أحد ان يقدم الشيخ إسماعيل على هذه الفعلة!
وتلقت الأجهزة الأمنية إخطارا يفيد بالعثور على جثة المدعو إسماعيل ع.ع” محفظ قرآن جثة هامدة داخل كتاب القرية بدائرة مركز العسيرات.
وتبين من خلال الفحص أن جثة المذكور تتدلى من سقف غرفة “الكُتاب” ويرتدي كامل ملابسه.
وكشف عدد من أهالي قريته أن المذكور أدى معهم صلاة الفجر داخل المسجد بصحبة أهالي بلدته وأصدقائه، وتم اكتشاف الجثة عقب الانتهاء من الصلاة بحوالي نصف ساعة تقريبا.
وتفيد الوصية المطولة للشيخ المنتحر ، والتى نشرها إسماعيل على صفحته “فيسبوك” قبل إنهاء حياته ، ولم يستطع أحد إنقاذه للأسف: “يارب كم كنت أتمنى ألاّ آتيك بمعصية ولكن أتيتك بأكبر معصية .. وهي الانتحار ، ولكن يارب عفوك ورحمتك وسعت كل شيء فسامحني ياربي واغفر لي
وأرجو أن يسامحني كل من أخطأت في حقه، وتصدقوا عليا ولو بشق تمرة
وأرجو من طلابي الأحباب الدعاء لي بالرحمة والمغفرة وختم المصحف كل رمضان لمن استطاع ذلك صدقة علي
وأرجو أن يسامحني أبي وتسامحني أمي وأخواتي وجدتي وأحبابي على مافعلته وماحدش يزعل عليا ولا يلبس أسود،
أنا أكيد في مكان أحسن إوعي يا أمي تزعلي أو تلبسي أسود”.
وأضاف: “وصيتي الدعاء وأن تصلوا عليا وقت في مسجد الخطيب من أوقات الصلوات المفروضة .. ياريت التراويح ، وتصلوا عليا صلاة الجنازة بمسجد الخطيب لأودع الأحباب.
وأن تذاع الجنازة في كل المساجد زي أي جنازة عادية وصيتي للجميع أرجو الالتزام بها، بالله عليكم لازم تلتزموا بالوصية دي مهما يحصل حتى لو اتأخرت الجنازة لتاني يوم عادي، كل ما في الدنيا مُتعِب وكل من فيها مُتعَب”.
وأفاد في وصيته: “لبّيك إن العيش عيش الآخرة، وماحدش يكرر غلطي دا لأني والله مش حابب دا أصلا، سامحوني وأسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة والجنة مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم”.
واختتم رسالته بالقول: “أخوكم في الله إسماعيل عبد الحليم الخطيب”.
واقعة بالطبع تحتاج لوقفة حقيقية ، فماذا كان يفهم من قولة ، أن العيش عيش الآخرة ، وهل التعجيل بها هو الحل ، وما الذي دفعه لهذه الدرجة للهروب من متاعب الدنيا بالانتحار ، رغم أنه لديه من الثقافة الدينية القدر الطيب للتعقل والتدبر؟