وحدة الشئون الإسرائيلية
في شرق أوسط لم يعد يعرف الصدمة، لم تخف إسرائيل مخاوفها من سيناريوهات تقسيم وتفتيت سوريا، بل عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتماعا عاجلا شارك فيه كبار الوزراء وقيادات الأجهزة الأمنية لتقديم إفادات جديدة بعد سقوط مدينة حماة في أيدى الإرهابيين والانهيار المتسارع للجيش السورى.
ويثير الإعلام العبري الكثير من التساؤلات على ألسنة المخابرات الإسرائيلية والخبراء حول السر في الانهيار السريع للجيش السورى، والمستوى المفاجئ للجماعات الجهادية التى تدعمها تركيا، والموقف المفاجئ لإيران وروسيا، بعد تأخرهما في التدخل.
ورغم حديث الفرص الإسرائيلية من هذه التطورات، لكن هناك محاوف إسرائيلية من انهيار النظام السوري، ووجود المتمردين على حدودها، وفق المحلل الإسرائيلي الشهير رون بن يشاى في تحليله المعلوماتى بصحيفة يديعوت أحرونوت.
ويوضح المحلل الإسرائيلي، أن هناك العديد من التهديدات التى تقلق إسرائيل في هذه المستجدات بسوريا، أولها ، من حيث الأهمية سقوط أنظمة الأسلحة، وخاصة الصواريخ وربما الأسلحة الكيميائية الموجودة في شمال ووسط سوريا، في أيدى المتمردين، وبهذه الوتيرة سوف تقع بالفعل في غضون أيام وربما ساعات، إذا لم تكن في أيديهم بالفعل من الآن.
الأسلحة الموجودة في حلب و القواعد العسكرية المحيطة بها، وخاصة المجمع الصناعي العسكري السوري في منطقة بلدة السفيرة جنوب شرق حلب، قد تتجه لإسرائيل عاجلاً أم آجلاً، وفق الكاتب الإسرائيلي.
وينتج هذا المجمع الصناعي صواريخ وقذائف بالتكنولوجية الإيرانية، بما في ذلك الصواريخ الدقيقة، وهناك أيضا القدرة على إنتاج الأسلحة الكيميائية، وربما تكون هناك أيضا كميات صغيرة من الأسلحة الكيميائية التي وفرها نظام بشار الأسد ليوم الاحتياج لها، حسب المصدر الإسرائيلي.
ويعلق بن يشاى ، ربما يكون هذا هو السبب وراء قيام القوات الجوية الإسرائيلية، بحسب إعلام دولى، بمهاجمة هذا المجمع الثلاثاء والأربعاء الماضيين، وكذلك مستودعات الأسلحة التابعة للجيش السوري الواقعة شمال دمشق.
وتفضل إسرائيل تدمير هذا التهديد حتى لا تقع أنظمة الأسلحة هذه، التقليدية وغير التقليدية، في أيدي العناصر الجهادية، حتى لو كانوا من السنة وأعداء لدودين لحزب الله وإيران.
وتخشي إسرائيل من ناحية أخرى، من ضعف جيش النظام السوري، وعجز روسيا عن الدفاع عن نظام الأسد كما دافعت عنه عام 2015، حيث يشير الكاتب الإسرائيلي لمصادر تركية تروج إلى أن القوة الروسية في قاعدة حميميم الجوية لا تتجاوز السبع مقاتلات العاملة، بعدما كانت 50 في الحرب الأولى.
وغارات المقاتلات الإيرانية فشلت هى والقصف الروسي في منع احتلال حلب وحماة. ونتيجة لضعف الجيش السوري وقلة المساعدة العملياتية الروسية لانشغاله في الحرب الأوكرانية، ليس أمام نظام الأسد خيار سوى قبول المساعدة التي يقدمها له الإيرانيون عبر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي زار دمشق قبل أيام.
وقد أرسل الإيرانيون بالفعل إلى سوريا أحد جنرالاتهم، الذي قاد إخراج المتمردين من حلب عام 2016 ، والعديد من المستشارين الآخرين وأعضاء الحرس الثوري الذين جاءوا معه. وفي الوقت نفسه، أرسل الإيرانيون أيضًا ميليشيات شيعية عراقية وسورية موالية لهم إلى مناطق القتال. ومن بين هذه القوات لواء فاطميون، الذي يتكون بشكل رئيسي من شيعة أفغان وباكستانيين تدفع إيران رواتبهم ويقوده أفراد من الحرس الثوري، وفق المصدر الإسرائيلي.
وقد دخل هذا اللواء بالفعل معركة الدفاع عن مدينة حماة وفشل، لكن إيران تضخ المزيد والمزيد من قوات الميليشيات الشيعية من الحدود العراقية السورية إلى منطقة القتال. كما طلبت إيران واستقبلت عدة مئات من أعضاء حزب الله الذين انتقلوا من لبنان إلى سوريا لمساعدة نظام الأسد. حتى الآن دون نجاح.
ويقول الكاتب الإسرائيلي ، لدينا مشكلة مع هذه الميليشيات ومع عناصر حزب الله الذين دخلوا سوريا، لأنها يمكن أن تكون بداية لمؤسسة عسكرية إيرانية من خلال حلفائها في البلاد ، وقد تنتقل هذه الميليشيات في سوريا وسيضعها الإيرانيون على الحدود مع إسرائيل ، بالإضافة إلى ذلك، يمكنهم أيضًا العمل من الأراضي السورية من خلال إطلاق الصواريخ والقذائف والاختراق البري داخل مستوطنات مرتفعات الجولان.
والاحتمال الذي يقلق إسرائيل من الميلشيات الشيعية هذه، أن يسمح ضعف النظام في سوريا للميليشيات الموالية لإيران بالتمركز عسكرياً في سوريا على الحدود مع إسرائيل وتهريب الأسلحة إلى لبنان لإعادة تسليح حزب الله.
وتخشي إسرائيل من أن ينهار نظام الأسد ثم تتحول سوريا إلى دولة فاشلة أخرى مثل اليمن ولبنان وغزة ، ويقوم الإيرانيون ببناء وتمويل جيش فيها هدفه العمل ضد إسرائيل. بمعنى أن يتم “صوملة” سوريا، التي ستتواجد فيها قوات جهادية سنية وشيعية على حدود إسرائيل، وهذا يشكل تهديدا لمستوطنات الجولان والجليل الشرقي. لذلك، تحتاج إسرائيل إلى اتخاذ تدابير دفاعية بشكل رئيسي في الجولان – وكذلك الهجوم بشكل مستمر في الأراضي السورية من أجل منع إنشاء تنظيمات إسلامية متطرفة.