جاءنا الآن
الرئيسية » جاءنا الآن » رؤية خطيرة يقدمها د. محمد نصر علام عن كواليس تطورات السد الإثيوبي قبل الملء الخامس

رؤية خطيرة يقدمها د. محمد نصر علام عن كواليس تطورات السد الإثيوبي قبل الملء الخامس

وحدة الرصد السوشيالى

د. محمد نصر علام وزير الري الأسبق وخبير الشئون المائية ، له عدة تصريحات مهمة حول التخزين الإثيوبي الخامس المرتقب خلال أيام، وكان من الضرورى رصدها في وحدة الشئون النيلية بوكالة الأنباء المصرية|إندكس قبل الوقوع في أزمات جديدة، خاصة أنه هناك اجتماعات على مستوى رفيع حول أزمات المياه الحاصلة بالفعل في العديد من المسطحات المائية والترع.

هاجم علام، كل ما يتردد حول تفاصيل المل الخامس، ووصفه بالدجل عن فيضانات الهضبة الاستوائية ، من نوعية ربنا بيعوضنا عن مياه سد النهضة، وكلام عن زراعة مساحات شاسعة بأثيوبيا على مياه سد النهضة، ووزارة الرى مالهاش دعوة!

إيراد مصر والسودان من النيل، يأتي معظمه من الهضبة الإثيوبية، و ١٥٪؜ فقط من الهضبة الاستوائية. وتحتجز مياه فيضانات الهضبة الإستوائية في مناطق مستنقعات منتشرة في معظم دولها. ولا توجد علاقة مائية أو إحصائية واضحة بين فيضانات كل من الهضبتين.

رؤية خطيرة يقدمها د. محمد نصر علام عن كواليس تطورات السد الإثيوبي قبل الملء الخامس

وأضاف علام: أحب أن أوضح عدة حقائق مهمة:
١. لا أرى شخصيا أن قضية سد النهضة أغلقت كما يصورها البعض، فمصر لديها العديد من الوسائل والبدائل للدفاع عن نفسها، وقد نضطر لاستخدامها إذا استمر الصلف الإثيوبي.
٢. وزارة الرى، لديها كل المعلومات المهمة عن سد النهضة والسدود المستقبلية المحتملة والزراعات المحتمل تنفيذها في إثيوبيا، وجميع صور الأقمار الصناعية المتاحة. ولديها مركز تنبؤ متقدم لتقدير أمطار وفيضان نهر النيل والنيل الأزرق. ومصدر معظم هذه المعلومات من إثيوبيا ودوريات دولية ومصادر أخرى.
٣. وقف المفاوضات مع إثيوبيا كان نتيجة للتسويف الإثيوبي الممتد لفترة ١٢ سنة، في محاولات مقيتة للانتقاص من حصة مصر المائية وإلغاء الاتفاقات التاريخية وتحقيق مكاسب استراتيجية، ولكن فريق التفاوض المصري استمر لأخر لحظة محافظا على الثوابت المصرية، فانتهت المفاوضات إلى لا شئ تقريبا.
٤. هناك فرقا ما بين استكمال بناء سد النهضة وما بين ملئه وتشغيله. وليس هناك ما يسمى الملء الأول والرابع والخامس فهذه مسميات “غربية-إثيوبية” لتمييع القضية ومحاولة إثبات أن ملء السد من حصة مصر المائية لا يضر بمصر، (كوميديا)
٥. الملء القادم المتوقع للسد الأثيوبي، لن يبدأ هذا العام إلا بعد بداية الفيضان، أى حوالي عدة أسابيع من الأن. وكمية الملء تعتمد على مقدار الفيضان ومعدل تدفقه. وقد يحدث هذا العام أو العام القادم فترة جفاف (بدلا من الفيضانات)، فتبدأ معها المشاكل المائية الحقيقية بين مصر وإثيوبيا.

رؤية خطيرة يقدمها د. محمد نصر علام عن كواليس تطورات السد الإثيوبي قبل الملء الخامس

وقال علام : ١. أليس من حق دول الحوض الاستفادة بمياه النيل كما هو الحال في مصر. والإجابة أن دول الحوض جميعا تتمتع بوفرة مائية أضعاف ماتتمتع به مصر سواء مطرا أو مياه متدفقة أو بحيرات عذبة، ولم ولن تمانع مصر في تنفيذ أى مشاريع تريدها دول المنبع لتوليد كهرباء أو للشرب والزراعة، بشرط عدم الاضرار المتعمد لنا
٢. هناك رفض عام من أمريكا وحلفائها لأى مشاريع استقطاب فواقد في حوض النيل، لأن الجميع يعلم أن جميع دول الحوض باستثناء مصر، تملك ما يكفيها ولعشرات السنوات القادمة.
٣. قناة جونجلي كانت أحد أسباب الحرب الأهلية المصطنعة بين جنوب وشمال السودان، وطبعا كان التمويل والأسلحة كانت من دول عظمى عن طريق دول الجوار، وذلك لمنع استكمال هذا المشروع. وهناك دراسات حديثة في أمريكا، لإقامة هذه المشاريع وبيع المياه لمصر.
٤. مشروع مبادرة حوض النيل الذى بدأ في نهاية تسعينات القرن الماضى، كان هدفه الرئيسي إلغاء الاتفاقيات القديمة مثل ١٩٠٢، و١٩٢٩ وغيرهما، وإعداد إتفاقية جديدة (عنتيبي) لإعادة تقسيم مياه الحوض مع عدم إدراك الأمطار والبحيرات والمستنقعات من الثروات المائية، بل فقط مياه النهر!؟
٥. الهدف الرئيسي من إتفاقية عنتيبي، كان بوضوح هو إعادة توزيع حصتى مصر والسودان على دول الحوض مجتمعة. ورفضت مصر والسودان الإتفاقية الجديدة، واشترطت مصر كتابة في محاضر الإجتماع عام ٢٠٠٩-٢٠١٠ بأنه لا اتفاق بدون الاعتراف بالاتفاقيات التاريخية.
٦. ومن ضمن بنود إتفاقية “عنتيبي” الغريبة، كان عدم المساس بمساحات البرك والمستنقعات حفاظا على البيئة، والهدف الحقيقي هو عدم إقامة مشاريع استقطاب الفواقد لزيادة إيراد النهر لصالح دوله.
٧. مشروع سد النهضة بل والسدود الإثيوبية عموما، تم التخطيط لها أمريكيا منذ ١٩٥٩ مباشرة بعد إتفاقية ١٩٥٩ مع السودان والإعلان الرسمي عن السد العالي. وتم تطوير هذا المخطط عبر السنين، وتم تقديمه لمصر بدراسات جدوى عام ٢٠٠٩، بتفاصيل سعة السدود ومحطات توليد الكهرباء والمساحات المخطط زراعتها
٨. قامت مصر رسميا برفض مخطط السدود الإثيوبي، وإبلاغ إثيوبيا، وجميع جهات التمويل الدولية، ودول التمويل الكبرى شرقا وغربا.

رؤية خطيرة يقدمها د. محمد نصر علام عن كواليس تطورات السد الإثيوبي قبل الملء الخامس

طبعا واضح جدا أن مصر لها معزة خاصة عند الدول العظمى، وأن استغلال ظروف ٢٠١١ لوضع حجر أساس سد النهضة لم يكن صدفة، وأن قضيتنا ليست إثيوبيا بل هى أكبر بكثير.

١. من الواضح أنه هناك نقصا في الوعى العام، وإعلامنا كذلك، عن “من هم أعداءنا”!؟ مثلا لدينا حربا في غزة والتى يزيد عدد سكانها قليلا عن ٢.٥ مليون شخصا، وحربها ضد مغتصب إسرائيلي يسانده قوى العالم الغربية الرئيسية بالمخابرات والسلاح والصواريخ والطائرات والبوارج. وطبعا، معظمنا يملأه الحزن لعدم قدرته على مساعدة أهل غزة بكل شئ حتى أرواحنا. وهناك مساندة رسمية من الإعلام بشكل أو بأخر، ويعترض عليه البعض، ويراه أخرون مناسبا!!

٢. من ناحية أخرى، هناك السودان، تم تقسيمها منذ سنوات “ثورات” ما يسمى بالربيع العربي إلى جنوب وشمال، والآن أهل السودان يقتلون بعضهم البعض لمزيد من التقسيم. عدد من هاجر من السودان هربا من الحرب، قد يصل إلى ٦ مليون نسمة (عدة مرات عدد سكان غزة)، في مؤامرة واضحة من نفس القوى المتأمرة ضد غزة وفلسطين وقبلها سوريا والعراق ولينان. أين اهتمامنا بالسودان العمق الاستراتيجى الجنوبي لمصر!؟ بل هناك اتجاه شعبي من البعض بعدم الترحاب بأهل السودان ولاجئيه!!

٣. والغريب اننا نعلم أو بعضنا يتجاهل أنه من ضمن أهداف حرب السودان الداخلية “مياه النيل”، واختلاق منطقة عازلة ولو مؤقتة بين مصر وإثيوبيا، وقد يكون ذلك تخطيطا وتمهيدا لما هو قادم في إثيوبيا وبما يهدد أمننا المائي. أين إعلامنا وأين وعينا الشعبي والوطني من ذلك!؟ وهذا ليس نقدا، ولكنه رصدا للأحداث والتناقضات من وجهة نظرى، حول مبدأ الوطنية والدفاع عن المصالح القومية كهدف رئيسي!!

٤. قضية أخرى هى الإعلام الداخلي وتضخميه لإنجازات الحكومة من توسعات زراعية على إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والصحي والمياه الجوفية!! وبالرغم من أهمية هذه الإنجازات إلا أنه من الضروري مراعاة عجزنا المائي وعدم تصدير صورة كاذبة للخارج بأنه لدينا ثروة مائية، ولا تأثير لسد النهضة علينا!! وإثيوبيا الآن تستخدم برامجنا الإعلامية وتصريحاتنا السياسية كإثبات أن سد النهضة هو سد الخير ليها وجيرانها!!

٥. من المهم أن نسأل أنفسنا، كيف نذهب بعد ذلك، لنشتكى إثيوبيا وسد النهضة دوليا وإقليميا!؟ هل هذا الإعلام مقصود للإضرار بالدولة وسياساتها!! أم هناك جهلا من بعض المسئولين الحكوميين ومن بعض القيادات الإعلامية!؟ هل لا تعلم الحكومة وبعض المسئولين أننا نقترض مليارات الدولارات لنستورد غذائنا!؟ بل ونحلى مياه البحر لنشرب في العديد من المدن الساحلية!!؟

٦. لدينا في مصر “وزارة الرى” من أقدم وأعرق الوزارات المصرية، ومليئة بالخبرات والمهندسين ذو النوعية العالية، يجب الاستفادة بهم في كل مايختص بالرى ومشاريع التوسع، وعدم قيام أى جهة أخرى سواء بإدارة أو تصميم أو تنفيذ مشاريع المياه ومحطات الرفع والتوسعات الزراعية وغيرها من المشاريع التخصصية!!

نحتاج وقفة تصحيحية لإعلامنا وثقافتنا ورؤية بعض سياسينا وتوعية مسئولينا وشعبنا بأعداءنا الحقيقيين ومخاطرهم على حدودنا شرقا وغربا وجنوبا وشمالا، وعلى مواردنا الرئيسية وأهمها المياه

مازال البعض يتساءل عن أضرار سد النهضة على مصر، بالرغم من كتابة عشرات المقالات عليها، والكتب العلمية والسياسية فقد نشرت وحدي ثلاث كتب تفصيلية عن السدود الإثيوبية (٢٠١٢-٢٠١٦)، بل وهناك عشرات الأبحاث العلمية المنشورة في أرقى دوريات عالمية عن تداعيات سد النهضة المائية والبيئية من قبل العديد من الباحثين المصريين. وهناك عدد من رسائل ماجستير ودكتوراة على الأقل في جامعة القاهرة عن هذا السد خاصة، والمخطط الإثيوبي بصفة عامة.

ولزيادة فهم أضرار سد النهضة على مصر وكذلك السدود الإثيوبي الأخرى المخططة أمريكيا على النيل الأزرق، نعود للهدف الأساسي المعلن منذ فترة نهاية خمسينات القرن الماضي، ألا وهو إفشال مشروع السد العالي. أو بالأصح إفشال محاولة مصر “عبد الناصر” لزيادة حصتها وتحقيق أمنها المائي. وذلك من خلال حجز المياه على الهضبة الإثيوبية قبل ذهابها لمصر، والنتيجة أو لنقل الهدف هو نقل المخزون المائي للسد العالي إلى الهضبة الإثيوبية!!

وتمثل المياه لدولة كانت زراعية بحتة كمصر، مصدر الحياة. والتحكم في المياه هو تحكم في الدولة واقتصادها وحجم ومعدلات التنمية. ودراسات وتصميمات السدود الإثيوبية بل ومعظم التمويل يأتي من الدول الكبرى غربا ثم شرقا. وتصميم وسياسات تشغيل السدود مدروس من خلال مشروعات علمية وبحثية كبرى قامت بها عدة جامعات ومنظمات أمريكية وبريطانية، ومنشورة كأبحاث في الدوريات العالمية منذ عام ٢٠١٠ وما بعده.

وملء سد النهضة، سيكون بالكامل من حصة مصر المائية. وإيراد مصر المائي يتغير من سنة لأخرى حسب فيضان النهر. فيتم تخزينه في بحيرة السد العالي في سنوات الفيضان العالية، ويتم السحب منه بمعدل ثابت سنويا، يقاس فى أسوان بمراقبين مصريين وسودانيين، ومقداره ٥٥.٥ مليار متر مكعب سنويا. أما حصة السودان (١٨.٥ مليار متر مكعب) فيتم استخدامها بطول السودان من النيل الأبيض والأزرق وعطبرة وقبل الوصول لبحيرة ناصر.

التغييرات المرصودة على السد الإثيوبي بالأقمار الصناعية في نوفمبر

والتأثيرات السلبية لسد النهضة على مصر سيظهر في سنوات الفيضان المنخفضة والجفاف، وسيؤدى إلى تقليل مخزون السد العالي تدريجيا من عام لأخر، وبالتالي تقليل إنتاج السد العالي للكهرباء، وأيضا عدم استكمال حصتنا المائية على الأقل في سنوات الجفاف.

وكلما تم بناء سدود إثيوبية أكثر، تزداد السعة التخزينية لديها، وتزداد قدرتها على حجز كميات مياه كبيرة من النيل الأزرق وحجبها عن مصر والسودان. والمياه المخزنة قد يستخدم جزأ منها للزراعة، والجزأ الآخر سيسمح بمروره لتوليد الكهرباء ثم الذهاب لمصر والسودان.

١. قضية نهر النيل وسد النهضة، وكما تعلم الدولة وأجهزتها ونعلم جميعا، أنها قضية وجودية وصراع مفتعل وسيظل بل وسيتجدد بقضايا ومشاريع جديدة، والهدف منها هو تقزيم مصر وتقزيم دورها الإقليمي والدولي، لتنفيذ المخططات الغربية بالمنطقة واستكمالها
٢. قضية استقرار وقوة السودان، يمثل جزءا كبيرا من هذا المخطط، وهناك للأسف قوى داخلية هناك تعمل لحساب قوى التأمر لإذكاء الفتنة تحت مسميات ثورية وقومية زائفة وقد تنتهى للأسف لتقسيم جديد للسودان إن لم يتم تدارك ذلك قريبا.
٣. المسئول في مصر عن هذا الملف الصعب والملتهب، ثلاث جهات رئيسية وهى الخارجية والرى والأمن القومي، وخبراتي السابقة في هذا الملف تؤكد على كفاءة ووطنية هذه الجهات الثلاث وبدرجة عالية أفتخر بها كمصري، وقد تبدو الصورة مهتزة أحيانا، ولكننى متأكد من رجال مصر ووطنيتهم وقدراتهم.
٤. أهمية وخطورة قضية هذا السد وغيره من متغيرات حوض النيل في رأيي، لا يمكن للمسئولين التغاضي عنها أو اهمالها أو الرضوخ لمتآمريها، لأن توابعها ستؤثر على حياة واستقرار أكثر من ١٠٠ مليون مصري، وبما يؤثر كثيرا على المنطقة والمناطق المجاورة، وبما لا يسمح بأى مقامرات أو مغامرات معها أو حولها
٥. قضية سد النهضة هى قضية من عدة قضايا صعبة تتعرض لها الدولة حاليا، مع القضايا الاقتصادية والأمنية الأخرى، ولا يمكن مواجهتهم بنجاح إلا من خلال تنظيم وتلاحم الشعب مع الدولة، والذى لن يتم إلا بعد القضاء على الفساد المستشري، وتطوير الإعلام، وترسيخ واحترام دور أجهزة الدولة، ومن أهمها وزارة الرى.

عن الكاتب

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *