جاءنا الآن
الرئيسية » جاءنا الآن » رؤية أخرى:قوى دورزية تدعو لسوريا جديدة ردا على الضم لإسرائيل

رؤية أخرى:قوى دورزية تدعو لسوريا جديدة ردا على الضم لإسرائيل

وحدة المشرق العربي ووحدة مكافحة التطرف

بعد الضجة الكبيرة التى فضحتها علنية المخططات الصهيونية في سوريا، مع تفاعل دورز سوريا مع المؤامرة الإسرائيلية لدرجة دعوتهم العلنية للضم للجولان المحتل، لحمايتهم من الجهاديين المسيطرين على سوريا الجديدة، ظهرت أصوات دورزية تدعو لقبول سوريا الجديدة بتنويعاتها المختلفة ، والسيطرة على القيادة الجديدة لسوريا، لقبول الآخر، ولم يتحدث عن إسرائيل، في رد مخالف للدعوة السابقة، التى اتهمها الكثيرون بالخيانة.

فاتحدت القوى الدورزية السوية خلف رؤية واحدة ردا على الضم على إسرائيل ، بقولهم بعد خراب 60 عاماً من هذا الحكم “الطاغي” كما وصفوه ، لا يمكن أن يأتي التغيير بصورة فورية، وعبروا عن اعتزازه بالجيل الجديد الذي يشكل الأرضية لبناء مستقبل واعد، داعين إلى نسيان الماضي، باعتبار أن القضية الأساسية اليوم هي إعادة إعمار سوريا بصورة صحيحة.

تحاول سوريا لملمة أنفاسها بعد الأحداث والتغيرات المتسارعة التي شهدتها، والتي أعادت تسليط الضوء على المشهد السياسي والاجتماعي المعقد هناك.

وبعد أكثر من عقد من الصراع الذي بدأ مع اندلاع الثورة السورية، مارس (آذار) 2011، وهز أركان الدولة معيداً تشكيل تركيبتها الداخلية والخارجية.

تعيش سوريا اليوم واقعاً متغيراً تتشابك فيه الديناميكيات المحلية مع التدخلات الإقليمية والدولية. هذه الأحداث، التي تراوح ما بين التحولات السياسية، والتوترات العسكرية، والاضطرابات الاقتصادية، تعكس مدى تعقيد الأزمة وصعوبة الخروج منها بحل شامل سريع ومستدام، بل سيحتاج إرساء أرضية ثابتة للدولة إلى وقت طويل، بسبب مجموعة من العوامل المعقدة والمتشابكة. 

رؤية أخرى:قوى بين الدورز تدعو لسوريا جديدة ردا على الضم لإسرائيل

عوامل معقدة

من هذه العوامل المعقدة في المشهد السوري اليوم أن المعارضة السورية تضم أطيافاً عدة، تراوح ما بين تيارات إسلامية وعلمانية وقومية، وغالباً ما تفتقر إلى رؤية موحدة أو قيادة مركزية تمثل جميع الأطراف. إضافة إلى النزاعات الطائفية والعرقية التي اندلعت خلال الحرب وزادت من تعقيد المشهد الداخلي، إذ يشعر عدد من المكونات بالخوف من التهميش أو الانتقام

أضف إلى ذلك تورط عدد من الدول الإقليمية والدولية في الصراع السوري، مثل روسيا، وإيران، وتركيا، والولايات المتحدة، التي تعمل وفقاً لأجندات متضاربة ومصالح متداخلة، مما يجعل من الصعب التوصل إلى توافق دولي جامع حول مستقبل سوريا. أيضاً استمرار وجود الجماعات المسلحة ذات الولاءات المختلفة، سواء للمعارضة أو للقوى الخارجية، يجعل من الصعب تحقيق استقرار أمني بصورة آنية، إذ إن سقوط الأسد قد لا يعني خروج روسيا وإيران من المشهد السوري.

ومن المرجح أن تحاول الدولتان الحفاظ على نفوذهما العسكري والسياسي في الدولة المطلة على مياه المتوسط، من خلال دعم مجموعات محلية. 

غياب حل سياسي 

 ومن ثم نأتي إلى انهيار البنية التحتية والاقتصاد السوري المدمر بالكامل تقريباً، الذي يحتاج إلى إعادة بناء شاملة تتطلب موارد هائلة قد لا تكون متوفرة، وذلك بفعل العقوبات المفروضة على النظام السوري السابق التي تزيد من صعوبة إنعاش الاقتصاد، وغياب الثقة الدولية بالإدارة الجديدة التي تحتاج إلى وقت لبنائها، وقد لا تكون القوى الدولية والإقليمية مستعدة حالياً لتقديم مساعدات كبيرة لإعادة الإعمار بسبب غياب حل سياسي شامل، وهذا ما سيفاقم الأزمة الإنسانية لملايين اللاجئين والنازحين داخل سوريا وخارجها.

من هنا لا يعني سقوط نظام الأسد بالضرورة نهاية الأزمة، بل قد يكون بداية لمرحلة جديدة من التحديات.

رؤية أخرى:قوى بين الدورز تدعو لسوريا جديدة ردا على الضم لإسرائيل

الطوائف وسوريا الجديدة

يعرف عن الدروز أنهم إحدى الطوائف الدينية الصغيرة في سوريا، التي لعبت دوراً لافتاً في تاريخ البلاد. وعلى رغم قلة عددهم النسبي مقارنة بالطوائف الأخرى، فإنهم أسهموا في تشكيل المشهد السياسي والاجتماعي سواء خلال فترة الاستعمار الفرنسي أو بعد استقلال البلاد.

ومع صعود حزب البعث إلى السلطة في ستينيات القرن الماضي، بدأت معادلة جديدة تتشكل في ما يتعلق بعلاقة الدروز بالنظام الحاكم، إذ وجدوا أنفسهم أمام خيارات صعبة بين الحفاظ على استقلاليتهم الثقافية والاجتماعية والاندماج في النظام السياسي الجديد الذي فرضته عقيدة “البعث” وشبكة العلاقات العسكرية والأمنية التي سيطرت على البلاد.

استراتيجية تحالف الأقليات 

منذ تولي حافظ الأسد الحكم عام 1970، ارتكز النظام على إستراتيجية “تحالف الأقليات” لضمان استمراره، وشكل الدروز جزءاً من هذه الإستراتيجية، إذ حاول النظام استمالتهم من خلال تقديم امتيازات، مع الحفاظ في الوقت نفسه على السيطرة المحكمة على مناطقهم وضمان ولائهم للنظام، لكن هذه العلاقة لم تكن تخلو من التوترات، وبخاصة في ظل توجه النظام نحو تعزيز سلطته المركزية وتضييق الخناق على أي بوادر استقلالية سياسية أو اجتماعية، وشهدت مرحلة حكم الأسد الأب، ومن بعده الأسد الابن، علاقة معقدة بين الدروز والنظام.

كان هناك ولاء لدى جزء كبير من القيادات الدرزية للنظام، وحافظ المجتمع الدرزي في السويداء وبعض المناطق الأخرى على خصوصية ثقافية وشعور قوي بالهوية المستقلة، لكن هذا التوازن الهش بين الولاء للنظام والرغبة في الحفاظ على الخصوصية جعل الدروز في موقع حساس، وبخاصة مع اندلاع الثورة عام 2011 وما تبعها من صراع داخلي معقد.

رؤية أخرى:قوى بين الدورز تدعو لسوريا جديدة ردا على الضم لإسرائيل

طائفة الموحدين

مع شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز أبو وائل حمود الحناوي في قريته سهوة البلاطة بالمحافظة، قال “نحن أبناء طائفة الموحدين الدروز أهل ثوابت، ومن ثوابتنا الرئاسة الروحية الممثلة بشيوخ العقل الثلاثة، ونظراً إلى أعرافنا وخصائصنا وأحوالنا الشخصية، تلجأ طائفتنا إلى مرجعياتها الروحية والاجتماعية مهما صغرت قضاياها أو كبرت”.

شهدت منطقة السويداء ومنذ عام 2011 ومع تراجع سيطرة نظام الأسد تدرجاً، تطورات معقدة، وعلى رغم أن السويداء بقيت تحت سيطرة اسمية للنظام، فإن العلاقة بين الطرفين شهدت توترات متزايدة، وذلك بسبب رفض التجنيد الإجباري، إذ رفض الشباب الدروز الالتحاق بالجيش في كثير من الحالات، بعدما رفع مشايخ الدروز في المحافظة شعار “دم السوري على السوري حرام”.

قوات الفهد

مما أغضب النظام ودفعه لتكثيف الضغوط الأمنية، أضف إلى أنه لاحق أبناء السويداء شعورٌ بأن النظام يهمشهم اقتصادياً وسياسياً، مما أدى إلى زيادة الاحتقان الداخل،. وكانت تشكلت مجموعات مسلحة محلية تحت ذريعة الدفاع عن النفس، مثل “قوات الفهد” و”حركة رجال الكرامة”، بعدما تعرضت السويداء لهجمات عنيفة نفذها تنظيم “داعش”، أبرزها الهجوم الدامي عام 2018 الذي راح ضحيته مئات المدنيين. 

هذه الهجمات كشفت عن ضعف النظام في حماية المنطقة، مما دفع السكان للاعتماد على أنفسهم وتشكيل مجموعات مسلحة محلية ظهرت كرد فعل على انتهاكات النظام ومحاولة التوغل في المنطقة. وحافظت هذه المجموعات على طابع محلي محاولة تجنب التورط في النزاع السوري الأوسع، لكنها دخلت في صراعات مع النظام أحياناً بسبب رفضها التجنيد الإجباري أو تدخل الأجهزة الأمنية.

رؤية أخرى:قوى بين الدورز تدعو لسوريا جديدة ردا على الضم لإسرائيل

حساسية المكونات الدورزية

في سياق متصل، لعبت روسيا دوراً رئيساً في الجنوب من خلال التوسط بين الفصائل المعارضة والنظام في درعا عام 2018، لكنها حافظت في السويداء على موقف أكثر حذراً بسبب حساسية المكونات الدرزية وعلاقاتها التاريخية، إذ عملت موسكو على ضمان استقرار المنطقة من دون تدخل مباشر كبير، لكن موقفها الضعيف أعطى إيران فرصة للتمدد.

إذ سعت طهران إلى التغلغل في الجنوب السوري لتعزيز نفوذها قرب الحدود مع إسرائيل، وحاولت في السويداء استمالة بعض القيادات المحلية وتقديم دعم اقتصادي وعسكري لبعض الميليشيات الموالية لها، لكن المناهضة الدرزية للتجنيد الإيراني أو الهيمنة الإيرانية ظلت عائقاً أمام فرض نفوذها الكامل، وعلى المقلب الآخر كانت إسرائيل تراقب عن كثب التطورات هناك، انطلاقاً من أهمية السويداء لقربها من الجولان، ونفذت عدداً من الضربات الجوية التي استهدفت مواقع مرتبطة بإيران و”حزب الله”، لكنها لم تتدخل بصورة مباشرة.

دولة وطنية ديمقراطية 

والتظاهرات ضد النظام في السويداء كانت أخذت طابعاً منظماً وسياسياً منذ أغسطس (آب) 2023 إذ دعا بيان للمتظاهرين حينها إلى بناء دولة وطنية ديمقراطية ورفض “أن يملي حزب البعث سياساته” على أهالي المنطقة، ورفع المتظاهرون حينها هتافات تطالب بإسقاط النظام، منها “يسقط بشار الأسد”، و”ارحل.. ارحل يا بشار”، مؤكدين على مطلب تغيير النظام السوري.

يتحدث تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية، عن بيان الحناوي ووقوفه في ساحة الكرامة في مدينة السويداء مع جموع المحتفلين بسقوط حكم حزب “البعث” بأنه “حلم”، فالرجل الذي أمضى 17 عاماً في السجون بعهد حافظ الأسد، لم يتخيل أن يعيش ليرى هذا اليوم.

ورفع المحتفلون بسقوط النظام العلم الأبيض والأخضر والأسود وعليه النجوم الثلاث وصفقوا على وقع الأغاني الاحتفالية، رافعين أغصان الزيتون على غرار كثير في مختلف مدن سوريا. 

عن الكاتب

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *