جاءنا الآن
الرئيسية » جاءنا الآن » د.هبه جمال الدين تسطر: المخطط السري الأخطر من الترانسفير في دول آبراهام العربية

د.هبه جمال الدين تسطر: المخطط السري الأخطر من الترانسفير في دول آبراهام العربية

جاءت حرب غزة أو طوفان الأقصي في حالة من الفرحة لإحياء روح المقاومة، والدهشة، والتعجب فكيف يتم فض السور الواقي المنيع الحائل بين غزة ومستوطنات غلاف غزة بكل تلك السهولة والسرعة، أين ردة فعل الجيش الإسرائيلي ،ولماذا تأخرت ستة ساعات كاملة. ولماذا تعجل قادة إسرائيل في وصف ما يحدث بالحرب “حرب ٧ أكتوبر ٢٠٢٣” ، ألم يكن هناك احتمال لتكون عملية نوعية من عمليات المقاومة؟

ولماذا تغالي إسرائيل في عقاب غزة بقنابل تخطت حجم قنبلة هيروشيما ونجازاكي؟ ، وكيف تتوقع مع كل هذه المجزرة إمكانية إعادة توطين مستوطني غلاف غزة مرة أخري؟
والجدير بالذكر أن إسرائيل قد أخلت ما يزيد عن ٢٤ مستوطنة ، ونقلت عشرات الآلاف إلي فنادق تتحمل إقامتهم دولة الكيان الصهيونى المزعوم ، في ظل اقتصاد مهزوم قبل وبعد طوفان الأقصي، فهل تلك الحكومة الفاشلة ستتحمل نفقات هؤلاء المستوطنين ؟ وإلي متي يمكنها ذلك؟

ومع تلك الأحداث الدامية نشاهد هروب المئات من الصهاينة لخارج إسرائيل، مع محاولات إيضاح لفظ مجتمعي عالمي لهم ، عبر تضخيم ما تم من مواطني إقليم داغستان (جنوب غرب روسيا) – رغم عدم سماع اسم داغستان من قبل من جانب البعض ، حيث تم تداول مقاطع فيديو لمتظاهرين غاضبين قاموا باقتحام مطارا بعد سماعهم بخبر وصول طائرة تحمل مسافرين إسرائيليين ليمنعوا هبوطها ونزولها عندهم.

ومع تضخيم الحدث، يأتي التساؤل بشأن عدة ملاحظات إضافية؛

لماذا تصور الولايات المتحدة وأوروبا ما حدث لإسرائيل بهولوكوست ، علي الرغم أن القتلي عددهم لم يصل إلي ١٤٠٠ قتيل بعضهم قتلوا في تبادل للنيران ، والبعض الأخر أتهمت جريدة هأرتس الجيش الإسرائيلي بقتلهم وطالبت بفتح تحقيقات في ذلك؟ وإن صح ذلك الإدعاء لماذا فعل الجيش ذلك ؟ هل هو نفس النهج النفعي الذي استخدمته إسرائيل من قبل في فضيحة لافون لتقتل من أجل هدف أثمن؟ وإن كان فما هو؟

ولماذا تصر أمريكا والغرب علي تمويل حرب الإبادة بغزة ، رغم ارتفاع تكلفتها الاقتصادية في ظل تمويلها لحرب دائرة بالفعل بأوكرانيا وعلي الرغم مما تعانيه أقتصاديا من تبعات أزمة الكورونا ، ولكن هذا الدعم ومحاولة تسيسه كدعم ليس فقط لمحاربة حماس ، ولكن لمحاربة الحضارة المتوحشة من قبل الحضارة المتقدمة كما وصفها قادة أوروبا في قمة القاهرة خلال شهر أكتوبر ٢٠٢٣ ؟
لماذا تصر. إدارة بايدن رغم قرب انتخابات الرئاسة الاميركية علي رفض الهدنة ووقف إطلاق النار بالرغم من المظاهرات الحاشدة ضدها ، في ظل التعنت الدعم العسكري غير المحدود؟

في مقابل سكون غير مفهوم من قبل إيران ، رغم ما يرتكب من مجازر لم تشهدها الإنسانية من قبل، فلماذا لم تتخذ موقف أقوي لمناصرة الشعب الفلسطيني ، ونصيرتها حماس؟
ومع تلك الإبادة الممنهجة ضد العزل بغزة من الأطفال والنساء والشيوخ تأتي بعض دول أتفاقيات إبراهام لتعلنها صراحة بإدانة المقاومة ووصفها بالإرهاب.
بل ومنها من ترددت الأنباء من الإعلام العبري بمشاركته في الحرب ضد غزة تفعيلا لبند الدفاع المشترك لإتفاقات إبراهام، مع محاولات متكررة لإبراز التعاطف مع الصهاينة والتقارب من عائلات القتلي، فلماذا كل هذا الدعم؟

وعلي نفس المنوال نجد الدولة الإبراهيمية الثانية علي حدود الغرب العربي تحاول الإدعاء بهوية وأصالة الصهاينة ومحاولة تكريس جذورهم التاريخية بالدولة ومحاولة تصدير صورة إقامة إسرائيل التاريخية بها. والإعلان رسميا منذ بضعة أيام عن البدء في اقامة أول معبد إبراهيمي يهودي إسلامي ومسيحي في الدولة الأبراهيمية الأولي بالخليج رغما عن الدم الفلسطيني المراق.
فلماذا الآن؟
ولماذا تروج إسرائيل لمخطط إيجور أيلاند بتهجير الفلسطينيين بمصر عبر مبادرة تبادل الأراضي رغم رفض مصر تماما المخطط قيادة وشعبا؟
فهل كالعادة تروج لفكرة للتمويه عن مخطط أخر تخفيه؟

في ضوء دعوات يهودية بالترحيب بإنتقال الصهاينة للعيش خارج إسرائيل ، كنداء حاكم إقليم بيروبيجان في روسيا خلال المنتدى السياحي العرقي -الطائفي الأول في الشرق الأقصى “إقليم الوئام”، الذي جرى في مقاطعة الحكم الذاتي اليهودية في الفترة من 3 إلى 4 نوفمبر حيث أكد علي ترحيبه بإستقبال اليهود وأهل غزة للعيش في الاقليم . فهل هي مصادفة لتأتي المطالبات من قبل شخصية يهودية مؤثرة.
هنا أري أن ما يحدث لابد من ربطه بمشروع الممر الاقتصادي للهند بين الشرق الأوسط وأوروبا الذي سيربط الهند مرورا ببعض الدول العربية وصولا لأوروبا عبر إسرائيل ، حيث يصنف هذا المشروع بمشروع للربط الاقتصادي الذي ذكره دانيال كامبل وأسماه بمشروع الولايات المتحدة الإبراهيمية التي تقام في ضوء مشروعات للربط الاقتصادي يتحكم فيها اليهود مركزيا بأنفسهم عبر أبنائهم من الصهاينه .
وهذا ما اعتقد أنه جاري تحقيقه خلال أحداث غزة ليس فقط عبر إبادة الشعب الفلسطيني ، ولكن الأخطر هو تحقيق مخططات عودة اليهود بدول المنطقة العربية ليصبحوا هم من يتحكمون في الموارد ، وهذا ما سيتم الآن من خلال ركوب الموجة الأزموية لأحداث غزة. عبر الاتجاه لتوطينهم وإقامة مستوطنات لهم بدول أبراهام من المشرق للمغرب ليدخلوا ، كما دخلوا أرض فلسطين تحت مزاعم المظلومية واستخدام نفس الوصف والإدعاء بالهولوكوست ، ولكن ليس ألمانيا وأنما حمساويا ، ويتم إقامة إسرائيل بأكثر من وطن عربي ، ويتم تطويق الدول العربية الكبري الثلاثة السعودية والجزائر وبالطبع مصر.
وتبدأ إسرائيل بنقل مستوطني غلاف غزة وغيرها من سكان المستوطنات المجاورة للحدود غير الآمنة كالحدود مع لبنان وسوريا .
وسرعان ما تمتد وتتسع ، والقصة تم مشاهدتها سابقا بنفس الأحداث .
ولنتذكر تصريح السفيرة الامريكية بمصر خلال عام ٢٠١١ حول عودة اليهود للدول العربية أسياد. فهل أحداث غزة هي المطية التي ستكفل ذلك. ونستمع لمطالبات صهيونية بعودة الشعوب الأصلية وحقوقهم الزائفة في إدارة الاقتصاد وهنا يأتي مشروع الممر الاقتصادي .
ويجب ألا ننسي فيلم بلاد الخروج Exdous الذي عرض منذ أقل من عامين ليدعي بوجود حق لليهود في بلاد الحرمين ، وقبله كتاب العودة إلى مكة لضابط الموساد القريب من نتنياهو أفي ليبكن وقبله محاولات الصهاينة الإدعاء بدخول الحرم والمسجد النبوي الشريف
إلا أن هذه المحاولات قد ترفضها دول الطوق الثلاثة الكبري كما فعلت روسيا تجاه أوكرانيا .
وتقف أمام دول اتفاقات إبراهام متهمة إياها بتهديد أمنها القومي ، في حين ترفض الأولي ذلك وتتذرع بسيادتها علي إقليمها وهنا يأتي دور البوارج الحربية الغربية القابعة في مياه البحر الأحمر والبحر المتوسط.
وتصبح تلك الدول أمام أحد الخيارات التالية:
– القبول والترحيب أملا في رضاء الغرب
– الرفض التام والتجييش خوفا من تكرار مسلسل فلسطين والجولان ومزارع شبعا
– القبول المشروط عبر رفض إقامة المستوطنات في الجهة المقابلة لحدودها المشتركة، مع رفض توطين الصهاينة ممن كانوا يحملون جنسياتها، ولكنها بذلك ستكون أرتكبت جريمة في حقها ووافقت ببداية ضياع أراضيها فالأفعي لا تقف عند أية حدود ، والشعب الفلسطيني المقاوم قد لا تتوافر جيناته مرة اخري في دولة عربية.
– أو تلتزم الصمت خوفا من الرفض أو القبول وتصبح إسرائيل ممثلة لتبدأ سياسة الطوق في كبح جماح الدول العربية الأكبر بالمنطقة.

هنا لابد من الإشارة لتغير شكل النظام العالمي ، والتأكيد أن الولايات المتحدة والغرب ليسوا هم القوي المستقبلية الأقوي في العالم ، للإنصياع لمطالبها والخوف منها في هذا التوقيت . فالمستقبل شرقي الطابع وعلينا الاستفادة من التوتر الروسي الإسرائيلي إبان حرب أوكرانيا، والقناعة الصينية بالارتباط العقائدي الاسرائيلي الأمريكي. وألا ننتظر أحد الخيارات الموضحة أعلاه.
لذلك علي الدول العربية من المشرق للمغرب الانتباه عبر الضغط بكل الصور للوقف الفوري لإطلاق النار بغزة ، واستخدام سلاح البترول إذا اقتضت الحاجة والاستفادة من نجاح المقاومة علي الأرض للضغط لفرض التسوية وإقامة الدولة الفلسطينية ، وإجبار إسرائيل وأمريكا علي ترسيم إسرائيل لحدودها وفقا لمبادرة السلام العربية قبل أية مشروعات للتعاون الاقتصادي تستهدف منها إسرائيل ربطها مركزيا بالموارد العربية لتطبيق الحلم الأمريكي بتصدير النموذج الفيدرالي الأمريكي بأقاليم العالم المختلفة ، تحت دعاوي التكامل الإقليمي لتصبح إسرائيل ممثل الغرب بالإقليم ورأس السلطة الفيدرالية لتقف عجلة التاريخ كما بشر لها فرنسيس فوكوياما في كتابه الأشهر “نهاية التاريخ” وتقترب هرمجدون بعد تحقيق النبوة التوراتية لأرض إسرائيل الكبري.

*الكاتبة أستاذ مساعد بمعهد التخطيط القومي وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية

عن الكاتب

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *