أصبحنا نندهش في السنوات الأخيرة، من ضعف آداء الكثير من الأجهزة الأمنية ومراكز الأبحاث ذات السمعة العالمية، سواءاً كانت إقليمية أو دولية. فلقد ظنوا بدايةً أن مصر بالإمكان أن تصبح دولة دينية وأنهم من السهل أن يحولوها كإيران، إلى دولة تتبع المُرشد. إلا أن أهدافهم باءت بالفشل، بإرادة مصرية خالصة، تجسد فيها جموع المصريين مدعومين بجيشهم، درعا للوطن، في ثورة 30 يونيو 2013 بالملايين، ضد هذا المُخطط الفاجر، والذي كان طبيعيا لنا، أن يسقط، وكان مُفاجأة لهم، ألا ينجح.
فلمصر شخصية، إن أخطأتها، أخطأت تحليل مُقدراتها وإمكانية الفعل فيها. وأن تستقي معلوماتك فيها من خائن أو متفرنج أو مقتنع بقيم مستوردة، فإنك لا تراها وأنت تخطط لتفرض تغييرها إلى عكس ما تكون. ولا يمكنك أن تفهم عبقرية الفراعنة، إلا إن كنت عاشقاً لتراب أرضها. ولا يمكن لعاشق لها، أن يمنح مفتاح خلودها إلى أحد يريد بها شراً. وإن فعل، فلن يفلح من حصل على السر، ما لم يحبها، …
…. إلا أنه، لا يمكن لأي عاشق أن يضر بمعشوقته …
وترى بعض الأطراف الإقليمية اليوم، أن مصر ضعيفة مُنكسرة، بسبب ما تمر به من إصلاح إقتصادي. ولكن …
واهم من يتصور أنه بالإمكان تكرار هزيمة النكبة 1948،
وواهم من يتصور أنه بالإمكان تكرار الهزيمة العسكرية في العدوان الثلاثي 1956،
وواهم من يتصور أنه بالإمكان تكرار هزيمة 1967،
بل واهم من يتصور أنه بالإمكان تكرار نصر عبور أكتوبر المجيد عام 1973،
فإن فُرض القتال على مصر اليوم، سيكون عبورها أكبر من أي نصر سابق!!
فكل تلك الأحداث، هي من فعل الماضي البعيد، ولقد تغيرت مصر كثيراً عبر السنوات منذ نصر 1973 العظيم، وأصبح جيشها أقوى وشعبها أوعى أن من تدوسه معارك التجهيل والفبركة، التي لا يمكن أن يُمارسها إلا من لا يؤمن بقضية صادقة وعادلة، وتتملكه نزوات الشيطان، ويريد أن يقتنص ما ليس له، مدعوماً بقوىً كُبرى، تُكلمنا عن حقوق الإنسان، بينما تستحل حق شعب، مسلوب القوة، ولا تذرف الدموع على الرُضع والأطفال، ممن يُقتلون غيلة، دون ذنب إقترفوه أو أي معنى عاشوا من أجله.
لقد كان نصر أكتوبر 1973، نقطة تحول كُبرى، في الشخصية المصرية العميقة. فلقد أظهر، قدرة مصر على تخطي أي عدو أمامها – مهما كان، ومهما كانت العقبات، حتى لو كان مانعاً مائياً، يفرق بينها وبين عدو، يمتلك إمكانات أكبر بكثير، وتدعمه أكبر قوة في العالم، لينتصر مهما تم التعرض له.
لا أيها السيدات والسادة،
مصر ليست ضعيفة. فهي قوية برجالها ونساءها، وهي قوية، ليس فقط بالسلاح والعتاد، ولكن بالوعي والعقيدة والإيمان والإرادة والأرواح، وتعي مصر تماماً ما يُحاك لها، وتعرف أن مُجمل ما يحدث، هو لتصفية القضية الفلسطينية على الجبهتين المصرية والأردنية، وأن هناك أطرافاً إقليمية، إلى جانب إسرائيل، تلقت ثمن التعاون والتهاون، والوقوف وقفة المتفرج على ما يحدث من قتل وتشريد.
فحرب تصفية أي جماعة من الأفراد، لا تستهدف البشر بتلك العشوائية، التي إن دلت على شيئ، فإنها تدل على أن كل القيم الصهيونية التي تتغنى بحقوق الإنسان والديمقراطية، ما هي إلا زيف، كشفته الآلة الحربية الإسرائيلية ذات نفسها، وأكد ويؤكد عليه الإعلام الإسرائيلي ومسئولي الكيان العبري في مختلف المواقع العسكرية أو المدنية المحلية والدولية، بما لديهم من غِشاوة على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم، تمنعهم من التقييم الصحيح للأحداث، واهمين بأن ما يفعلون من تعديات، يمكنه أن يؤدي إلى أي نتيجة مفيدة لأي طرف، بما في ذلك أنفسهم.
إن المصريين على يقين اليوم، بأن ما هو قادم، سيكون نصراً كاسحاً لمصر، مهما كان البذل والدماء المدفوعة في سبيل كل ذرة تراب من أرض مصر الطاهرة، مؤمنين بأن مصر لا تحارب إلا لنيل السلام أو الحفاظ عليه، كما كان الحال في حرب أكتوبر المجيدة.
فكما قال الرئيس الشهيد البطل محمد أنور السادات في خطاب النصر يوم 16 أكتوبر 73:
“حاربنا من أجل السلام الوحيد الذي يستحق وصف السلام وهو السلام القائم على العدل. … والسلام ليس بالإرهاب مهما أمعن [العدو] في الطغيان ومهما زين له غرور القوة أو حماقة القوة ذلك الغرور وتلك الحماقة”.
ونحن في مصر، لم ولن ندافع عن الذراع المسلح للجماعة الإخوانية، التي بدا واضحاً أنها تتواطأ مع إسرائيل، على حساب الشعب الفلسطيني، الذي يُطالب يوماً بعد يوم بوقف العمليات الحربية على غزة، بينما تلك الجماعة وأخواتها، تستفز إسرائيل للإستمرار، ضاربين برغبات الشعب الأعزل عرض الحائط.
فمصر لن تدافع عن جنود إبليس أياً كانت هويتهم، ولن تركع لأي مشروع أو نبوئة أسطورية مفبركة، لأي كيان. وإن كانت أوهام القوة، قد صورت للبعض أنه بالإمكان تركيع مصر وفرض حلول نهائية عليها، فستفاجأ بالرد الصاعق صوناً للسلام، كما تفاجأت بالحملة الإعلامية الدولية، التي إكتسحت الحملات الإعلامية الصهيونية الكاذبة، ضد الطفولة البريئة، بل والإنسانية جمعاء.
إحترسوا من رد مصر، فما تفعلون يُدخلكم في حقل ألغام فائق القوة، سينفجر بكم جميعاً،
والله أكبر والعزة لمصر