وحدة الشئون النيلية وغرفة التحليل الإخباري
“تقسيم السودان” عنوان واحد ركز عليه العالم ، أو بالأحرى من يعى أن هناك حرب دموية في السودان ستفتته للمرة الثانية، لكننا سنركز أكثر في تحليلنا للمشهد السودانى الآن وخلال الأيام القليلة المقبلة، على السعى الأمريكي المصري السعودى الإماراتى الحالى للعودة للمفاوضات ووقف إطلاق النار ، مع اكتمال العام على هذه الحرب البغيضة.
فبعد نحو شهرين من توقف المحادثات التي جرت بين الجيش وميليشيا الدعم السريع، في البحرين، أعلن المبعوث الأميركي للسودان، توم بيرييلو، أن “الولايات المتحدة تتطلع إلى استئناف محادثات السلام بشأن السودان في السعودية في 18 أبريل المقبل”.
ويعيد إعلان المبعوث الأميركي النقاش مجدداً بشأن فرص نجاح التفاوض بين الطرفين، بعد سلسلة من الجولات الفاشلة.
مبادرات متعددة .. فهل تنجح الحالية ؟!
مع تفجُّر الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023، نشطت سريعا مبادرة من مصر و السعودية، بدعم من الولايات المتحدة، لإطفاء نيران الحريق الذي طال العاصمة السودانية الخرطوم.
لكن الجهود المبذولة من لاعبيين إقليميين ودوليين قادرة لا تبدو، حتى الآن، قادرة على وضع حد للقتال بين الطرفين، فكثيراً ما تصطدم تلك الجهود بترسانة من الرفض والممانعة، من قبل أطراف “لها تأثير واضح في معادلة الصراع والغلبة القتالية”، برأي مختصين.
ويرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، مبارك عبد الجبار، أن “فرص نجاح المفاوضات بين الجيش والدعم السريع تبدو ضئيلة إن لم تكن منعدمة تماما”.
وقال عبد الجبار إن “هناك متغيرات كثيرة ستعرقل قيام جولة المفاوضات المرتقبة في 18 أبريل المقبل، أبرزها التقدم الميداني الذي حققه الجيش في أم درمان وفي منطقة الكدرو بالخرطوم بحري”.
ولفت إلى أن “التيار الرافض للتفاوض، الذي يقوده مساعد القائد العام للجيش، ياسر العطا، سيضغط في اتجاه أن التفاوض في ظل التقدم الميداني، ربما يولد حالة من الغبن أو التراخي بين مقاتلي الجيش، مما سيقطع الطريق على توجه وفد الجيش إلى السعودية”.
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن “مشاركة قوات الحركات الدارفورية في القتال فعليا إلى جانب الجيش من شأنه قطع الطريع على جولة المفاوضات، لأن تلك المشاركة عززت فرص انتصار الجيش على الدعم السريع”.
وكان العطا أعلن، الاثنين، أنه “لا تفاوض ولا هدنة مع مليشيا قوات الدعم السريع”. في وقت أكد فيه رئيس حركة تحرير السودان، مني أركو مناوي، “مشاركة قواته في القتال إلى جانب الجيش”.
ولم تتوقف جهود حل الأزمة السودانية على منبر جدة وحده، إذ أطلقت الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا “إيغاد” والاتحاد الأفريقي مبادرة لإنهاء القتال في السودان.
كما استضافت مصر في يوليو 2023 مؤتمر دول جوار السودان، بمشاركة عدد من الدول والمنظمات، “لبحث سبل إيقاف القتال بين الطرفين”، لكن مع ذلك لم تتمكن تلك المبادرات من إنهاء المعارك.
في أحدث تطور في ميدان القتال بالسودان، نشرت منصات إعلامية تابعة لمليشيات الدعم السريع مقاطع فيديو، قالت إنها لطائرات مسيرة تستهدف عددا من المقرات العسكرية للجيش.
فرض النجاح أكثر مما سبق
ويرى الباحث السياسي السوداني، مرتضى نورين، أن “فرص نجاح جولة المفاوضات المرتقبة تبدو أكبر من سابقتها، لأنها تأتي بمشاركة دول وهيئات ومنظمات فاعلة في الشأن السوداني”.
وقال نورين، إن “تأكيد المبعوث الأميركي للسودان على مشاركة الإمارات ومصر وهيئة إيغاد في الجولة يعزز فرص نجاحها، لأن المشاركة تعني فعليا دمج كل المبادرات في منبر جدة، مما يزيد إمكانية نجاحها، لأن تعدد المبادرات أضرّ بجهود حل الأزمة”.
ما بين مصر والإمارات
وأضاف أن “مصر متهمة بدعم الجيش السوداني، كما أن الإمارات متهمة بدعم ميلشيات الدعم السريع، ووجودهما في جولة المفاوضات المرتقبة يزيد فرص نجاح التفاوض، لأن مشاركة مصر والإمارات تعني إما أن الدولتين أصبحتا على الحياد، أو فقدتا الأمل في خيار الحسم العسكري”، وفق رؤيته.
وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” في أغسطس الماضي أن “الإمارات ترسل أسلحة إلى ميلشيات الدعم السريع”، كما أشارت في أكتوبر الماضي، إلى أن “مصر زودت أيضا الجيش السوداني بطائرات من دون طيار ودربت القوات على كيفية استخدامها”.
ويختلف نورين مع عبد الجبار بخصوص تأثير انتصارات الجيش في بعض المحاور القتالية، على المفاوضات، ويقول إن “انتصارات الجيش ستزيد حظوظ مشاركته في المفاوضات، لأنها ستجعله يفاوض من منطلق القوة، وبالتالي يفرض شروطه ومطالبه على طاولة التفاوض”.
وكان المبعوث الأميركي للسودان أكد أن “واشنطن أوضحت صراحة، أن المحادثات بين الأطراف المتحاربة، ينبغي أن تكون شاملة، وأن تضم الإمارات ومصر والهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيغاد) والاتحاد الأفريقي”.
غنائم الأطراف المشاركة في الحرب
الدعوة إلى استئناف التفاوض بين الجيش وميليشيات الدعم السريع تأتي في وقت تصاعدت فيه مشاركة أطراف أخرى، بخلاف الطرفين، في العمليات القتالية، مما اعتبره مختصون عقبة، ربما تعترض طريق الحل السلمي للأزمة في السودان.
وكانت منصات إعلامية تابعة للجيش نشرت مقطع فيديو يظهر فيه من قالت إنه قائد “حركة مظلوم” التشادية، حسين الأمين جوجو، وهو يقاتل في صفوف ميلشيات الدعم السريع في الخرطوم.
وبعدها بحوالي شهر، ظهر قائد ميداني يدعى “جلحة”، وهو يقاتل في صفوف ميلشيات الدعم السريع خلال معاركها بمواجهة الجيش في الخرطوم.
ودائما ما يعرف “جلحة”، في مقاطع الفيديو التي يظهر فيها، نفسه بأنه قائد حركة “شجعان كردفان”.
ويرى نورين أن “تعدد الجيوش والحركات المشاركة في القتال الحالي في السودان، ليس في مصلحة المساعي الرامية لحل الأزمة”.
وأشار إلى أن “هذه الأطراف سترفض أي اتفاق يقضي بعدم منحها جزءا من الثروة والسلطة”.
وأضاف “معظم الحركات والجماعات التي التحقت بالقتال إلى جانب الجيش، أو إلى جانب الدعم السريع، شاركت بحثا عن مكاسب سياسية، أو غنائم ومكاسب مالية.
وبالتالي لن تسمح بأي اتفاق يجعلها لا تحقق تلك المطامع، ومن الوارد أن تطالب بأن تكون جزءا من المفاوضات”.
وفي المقابل ظهرت تشكيلات مسلحة تقاتل إلى جانب الجيش السوداني، مثل كتيبة “البنيان المرصوص” وكتيبة “البراء بن مالك” التي يقودها المصباح أبو زيد.
وأثير جدل واسع بشأن تلك الكتيبة، إذ يربط سياسيون وناشطون بينها وبين نظام الرئيس السوداني السابق، عمر البشير.
بينما تقول ميلشيات الدعم السريع إن “الكتيبة من أذرع الحركة الإسلامية، المصنفة كمرجعية دينية لنظام البشير” “الإخوان أو الكيزان.
ويشير أبو زيد في صفحته على موقع فيسبوك إلى أن عناصر “البراء بن مالك”: “تلقوا تدريبهم بواسطة الجيش السوداني، وفي ظل دستوره وقانونه”.
وسبق أن زار قائد الجيش عبد الفتاح البرهان قائد كتيبة “البراء بين مالك”، المصباح أبو زيد، في المستشفى، حين كان يتلقى العلاج من إصابة تعرض لها أثناء قتاله إلى جانب الجيش.
كما كشفت تقارير أخرى أن حركة “تمازج”، وهي إحدى الحركات الموقعة على اتفاق سلام مع الحكومة السودانية، تشارك في القتال ضمن صفوف الدعم السريع.
ومؤخراً ظهر أحد قادة المجموعات المسلحة، يدعى رضوان أبو قرون، في مقطع فيديو معلناً انضمام حركته إلى القتال بجانب الجيش، قبل أن يظهر لاحقاً وهو يشرف على عمليات تدريب شبان ينتوون القتال في صفوفه.
بدوره، يشير عبد الجبار، إلى أن “نجاح جولة المفاوضات المرتقبة مرهون بمدى التزام الدعم السريع بتنفيذ ما تم التوافق عليه في منبر جدة في 11 مايو الماضي، بشأن خروجها من الأعيان المدنية”.
وأضاف أن “ الدعم السريع عطلت مسار التفاوض من خلال الشروط التعجيزية وغير المنطقية التي تطرحها في التفاوض، خاصة المطالبة بالقبض على رموز النظام السابق الذين كانوا في السجن قبل اندلاع الحرب”.
وهذه الجزئية يرى نورين أنها “أسهمت في تعطيل المفاوضات وفي إنهاء الحرب”، ويشير إلى أن “الجيش تعهد في محادثات جدة بالقبض على رموز النظام السابق ولكنه لم ينفذ وعهده، مما أدى لانهيار المفاوضات”، وفقه قوله.
وأضاف قائلا “لن يسمح الضباط الموالون للبشير داخل الجيش بالقبض على رموز النظام السابق، كما أنهم لن يسمحوا بأي اتفاق لا يضمن لنظام البشير المشاركة في العملية السياسية، التي ستعقب إنهاء الحرب، خاصة أنهم أصبحوا يؤثرون في القرار القتالي عبر كتيبة البراء بن مالك”.
دمج المبادرات في جدة
تفتح مدينة جدة ذراعيها مجددا للم شمل السودانيين، حيث تستقبل في 18 أبريل المقبل جولة جديدة من المفاوضات، بين الجيش السوداني و الدعم السريع، بمشاركة أمريكية ومصرية وإماراتية.
وقال المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيريلو، إن «الولايات المتحدة تتطلع إلى استئناف محادثات السلام بشأن السودان في مدينة جدة في 18 أبريل المقبل»، في إطار سعيها إلى حل الصراع الذي أدى إلى نزوح ملايين، وتسبب في أكبر أزمة إنسانية في العالم.
وأضاف بيريلو أن «واشنطن أوضحت صراحة، أن المحادثات بين الأطراف المتحاربة، ينبغي أن تكون شاملة، وأن تضم الإمارات ومصر والهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيغاد) والاتحاد الأفريقي».
وسواء أجريت المفاوضات في موعدها أم لا، ومع عدم وضوح موقف أطراف الحرب من المشاركة، قال بيريلو إن «من الملائم استئناف المحادثات بعد رمضان، وأيضا مؤتمر المانحين في باريس يوم 15 أبريل».
وأضاف، «أود أن تبدأ المحادثات غدا، لكنني أعتقد أن من الواقعي أن نتطلع إلى ما بعد رمضان، نريد استخدام هذه الفترة من الآن وحتى بدء المحادثات، لاستكشاف كل زاوية يمكن أن تكون خطوة نحو النجاح».
أهم مخرجات اجتماعات جدة السابقة:
التأكيد على أهمية صون أمن السودان واستقراره.
احترام وحدة وسيادة وسلامة الأراضي السودانية.
منع أي تدخلات خارجية في الصراع القائم.
الالتزام بالهدنة الإنسانية التي يتم الاتفاق عليها.
ضمان إيصال المساعدات الإنسانية.
وقف التصعيد وتغليب المصلحة الوطنية.
اللجوء إلى لغة الحوار، والتحلي بضبط النفس.
العودة بأسرع فرصة ممكنة إلى طاولة المفاوضات.
إدارة مدنية للترويج للتقسيم
تزامنا مع مبادرة تفاوضية ، وأنباء عن تحركات يقودها الجيش، لتنفيذ عملية عسكرية في ولاية الجزيرة، نشرت منصات إعلامية تابعة للدعم السريع، معلومات عن تشكيل إدارة مدنية، لإدارة شؤون الولاية الواقعة بوسط السودان.
وسيطرت الدعم السريع على الجزيرة في ديسمبر الماضي، وأصدر قائدها محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”، قرارا بتعيين القائد الميداني أبو عاقلة كيكل حاكما عليها.
وأشار بيان الدعم السريع، إلى أن “ممثلين لمحليات ولاية الجزيرة شكلوا مجلسا باسم مجلس التأسيس المدني، من 31 عضوا، وأن المجلس انتخب صديق عثمان أحمد، رئيسا للإدارة المدنية بالولاية”.
ولفت البيان إلى أن ” الإدارة المدنية ستعمل على استعادة النظام الإداري وحماية المدنيين وتوفير الخدمات الأساسية، بالتنسيق مع الدعم السريع”.
تجربة مكررة
يرى عضو المكتب الاستشاري الخارجي لقائد الدعم السريع، عمار صديق إسماعيل، أن “تشكيل مجلس التأسيس المدني في ولاية الجزيرة ليست خطوة جديدة، إذ سبق أن شكلت الدعم السريع مجالس مدنية في ولايات غرب دارفور وجنوب دارفور وكذلك وسط دارفور وشرق دارفور، بعد سيطرتها على تلك الولايات”.
وقال إسماعيل إن “قوات الدعم ظلت تعمل على توفير خدمات الكهرباء والمياه والصحة للمواطنين في المناطق التي تسيطر عليها، لكن العمل المدني وإدارة الولايات يحتاج إلى كوادر مدنية، وهو ما تسعى له قوات الدعم السريع”.
وأشار إلى أن “التجربة ستنعكس إيجابيا على أوضاع المواطنين في ولاية الجزيرة، وستسهم في توفير الخدمات الضرورية لهم.
في المقابل يرى الخبير الاستراتيجي أمين مجذوب، أن ” الدعم السريع تهدف من تشكيل الإدارة المدنية في ولاية الجزيرة، إلى إيهام الرأي العالمي، بأن مواطني الجزيرة يدعمونها ويقبلون وجودها بالولاية”.
عار الدعامة
وقال مجذوب، وهو ضابط سابق بالجيش السوداني، إن “الإعلان عن الإدارة المدنية في ولاية الجزيرة، مقصود منه غسل صحيفة الدعم السريع من الانتهاكات التي تورطت فيها ضد المدنيين في مدن وقرى ولاية الجزيرة”.
وأشار إلى أن “الذين قبلوا أن يكونوا جزءا من الإدارة المدنية في ولاية الجزيرة، غير معروفين، ولا تأثير لهم في الحاضنة الشعبية بالولاية”.
وقلل الخبير الاستراتيجي من جدوى الخطوة، وقال إن “قوات الدعم السريع سبق أن عيّنت حاكما على الخرطوم من المنتمين إليها، ولم يكن لذلك القرار أي تأثير في المجال التنفيذي أو المدني، وكان مجرد فرقعة إعلامية”.
بدوره، يرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، عثمان المرضي، أن “الذين أشرفوا على تشكيل الإدارة المدنية، استفادوا من حالة السخط التي تشكلت لدى مكونات واسعة من مواطني الجزيرة، على الجيش بعد انسحابه من الولاية، بصورة مفاجئة”.
وقال المرضي إن “الجيش انسحب من الجزيرة ولم يواجه الدعم السريع، كما لم يعمل على استردادها، وترك المواطنين أمام انتهاكات الدعم السريع، مما أوجد حالة من عدم الرضا وسط المواطنين”.
ولفت أستاذ العلوم السياسية إلى أن “الإدارة المدنية ربما تخدم مصالح مواطني الولاية في مسألة توفير الخدمات الأساسية، بخاصة في ظل انسحاب حكومة الولاية مع الجيش، مما أدى لحدوث فراغ إداري، أضرّ بمسألة توفير الخدمات للمواطنين”.
وتوقع أن يؤدي تشكيل الإدارة المدنية إلى “وقوع خلافات مجتمعية وشعبية في الولاية”، مشيرا إلى أن “هناك مكونات ترفض التعايش أو التصالح مع الدعم السريع، وربما تتخذ موقفا معارضا ومناهضا للمجموعة الداعمة لفكرة الإدارة المدنية الموالية للدعم السريع”.
خطة الجيش لاستعادة الجزيرة
تشكيل الإدارة المدنية لولاية الجزيرة تزامن مع أنباء كثيفة عن تحركات يقودها الجيش لاستعاد الولاية من قبضة الدعم السريع، فما تأثير الخطوة على المسار العسكري؟
يجيب مجذوب بأن الدعم السريع سعت من خلال تشكيل الإدارة المدنية لولاية الجزيرة، لقطع الطريق أمام تحركات الجيش المكثفة لاستردادها، وطرد عناصر الدعم السريع منها”.
وأضاف “تشكيل الإدارة المدنية لن يؤثر على خطط وتحركات الجيش الساعية لإنهاء سيطرة الدعم السريع على ولاية الجزيرة، لأن الجيش حسم أمره، واتخذ قراره بعدم التفاوض مع الدعم السريع”.
وكانت منصات إعلامية تابعة للجيش السوداني، نشرت مقاطع فيديو، تُظهر حشدا عسكريا من عناصر الجيش وهيئة العمليات بجهاز المخابرات وعدد من حركات دارفور المسلحة، في أم درمان، وقالت إن “الحشد يستعد لقتال الدعم السريع في الخرطوم وولاية الجزيرة”.
الإدارة المدنية والعملية العسكرية
في المقابل، يرى إسماعيل أن “تشكيل الإدارة المدنية لا علاقة له بالمسار العسكري، وأنه ليس مقدمة لانسحاب الدعم السريع من الولاية”، مؤكدا أن “قوات الدعم السريع لن تنسحب من أي موقع سيطرت عليه”.
ولفت إلى أن “تشكيل الإدارة المدنية يدلل على صدقية الدعم السريع في مشروعها الداعي لتسليم السلطة للمدنيين، وابتعاد العسكر عن الحكم، والتفرغ للمهام العسكرية والأمنية”.
وأضاف “قيام الإدارة المدنية سيجعل قوات الدعم السريع تتفرغ لدورها العسكري والأمني في الجزيرة وفي غيرها، وسيمكنها من تحقيق المزيد من الانتصارات في عدد من المحاور القتالية”.
من جانبه، يشير المرضي إلى أن “تشكيل الإدارة المدنية ربما يلعب دورا في إيقاف العملية العسكرية التي ينوي الجيش وحلفاؤه من الحركات المسلحة، شنها على الدعم السريع في ولاية الجزيرة”.
وأشار إلى أن “الإدارة المدنية يمكن أن تقود تفاوضا مع الجيش، يتوقف بموجبه عن الهجوم على الولاية، مقابل أن تنسحب منها قوات الدعم السريع”.
هل تشكةل حكومتين في السودان كليبيا
وأضاف قائلا “المثير للقلق، أن الخطوة يمكن أن تضع ولاية الجزيرة والسودان أمام خطر التقسيم، ومن المتوقع أن يرفض الجيش الاعتراف بالمجالس المدنية التي أعلنتها الدعم السريع، وربما يتخذ خطوة مماثلة بإعلان حكومة في مناطق سيطرته، على نحو ما يحدث في ليبيا”.
وكانت لجان المقاومة في مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، اتهمت في بيان منتصف مارس، قوات الدعم السريع “بارتكاب فظائع وانتهاكات في مواجهة المدنيين بعدد من قرى ومدن الولاية”.
ولفت البيان إلى “خروج كل المستشفيات بمدينة ود مدني وعدد من مدن الولاية عن الخدمة، عدا الطوارئ والنساء والتوليد التي تعمل بشكل جزئي، وسط انعدام وندرة بعض الأدوية، بعد إغلاق الصيدليات أبوابها خوفا من عمليات السرقة والنهب”.