في أيام لا تتوقف فيها الضربات الاقتصادية السيئة ، خفضت “موديز إنفستورز سرفيسز” نظرتها المستقبلية لتصنيف الإصدارات الحكومية المصرية إلى “سلبية” من “مستقرة”، في ظل تراجع قدرة البلاد على تحمل الديون الحكومية وارتفاع الضغوط الخارجية، كما أكدت تصنيف الإصدارات بالعملات الأجنبية والمحلية على المدى الطويل عند “Caa1”.

يعكس تغيير النظرة المستقبلية “المخاطر المتزايدة المتمثلة في استمرار ضعف وضع مصر الائتماني وسط صعوبة إعادة التوازن للاقتصاد الكلي وسعر الصرف، رغم استمرار جهود ضبط أوضاع المالية العامة ودعم القطاع الرسمي”، وفق ما أوضحته الوكالة في بيانها الصادر أمس الخميس.

ألمحت “موديز” إلى الزيادة الكبيرة في مدفوعات الفائدة “التي من المتوقع أن تستهلك ثلثي الإيرادات في نهاية السنة المالية 2024″، والضغوط الخارجية المتزايدة “مع اتساع الفجوة بين أسعار الصرف الرسمية والسوق الموازية بشكل أكبر”، والتي أدت إلى تعقيد عملية التكيف الاقتصادي الكلي.

الآفاق السلبية والمخاطر

قالت “موديز” إنه حتى مع الزيادة المتوقعة في تمويل صندوق النقد الدولي واستمرار التزام الحكومة بتحقيق الفوائض الأولية، فإن الآفاق السلبية تعكس “مخاطر عدم كفاية إجراءات السياسة النقدية والدعم الخارجي لمنع إعادة هيكلة الديون نظراً لمؤشرات الدين الضعيفة للغاية في مصر وتعرضها المرتفع للديون وتصاعد مخاطر الصرف الأجنبي وأسعار الفائدة”. ويأتي ذلك رغم أن السيناريو الأساسي الذي افترضته وكالة التصنيف الائتماني لا يتوقع ان تجري الدولة إعادة هيكلة على المدى القصير.

قفزت إصدارات مصر من أدوات الدين الحكومية بالعملة المحلية بنحو 59% في النصف الأول من السنة المالية 2023-2024 لتسجل ما يصل إلى 2.7 تريليون جنيه، وفق حسابات “الشرق” استناداً إلى بيانات البنك المركزي المصري.

الأموال التي جمعتها الحكومة منذ يوليو إلى ديسمبر الماضيين زادت بنحو 26% عن إجمالي أدوات الدين المحلية التي تُقدر الحكومة المصرية إصدارها خلال العام المالي الجاري، بحسب البيان المالي للموازنة التقديرية لمصر.

كانت مصر تقدر الاحتياجات التمويلية خلال العام المالي الجاري بـ2.14 تريليون جنيه، تسعى لتوفير 1.955 تريليون منها عبر التمويل المحلي من خلال إصدار سندات وأذون خزانة.

يأتي هذا في الوقت الذي تُجري أكبر دولة في الشرق الأوسط من حيث عدد السكان محادثات مع صندوق النقد الدولي لمضاعفة برنامج الإنقاذ الذي تبلغ قيمته 3 مليارات دولار على الأقل، والذي لم يتم إقراض البلاد سوى القليل منه حتى الآن. وفي حال إقراره سيفتح الباب أمام تمويلات خارجية أخرى لمصر بالعملة الأجنبية.

تعيش مصر وسط أزمة اقتصادية صعبة، تفاقمها التوترات الجيوسياسية في دول محيطة، إلى جانب شح شديد في السيولة الدولارية لديها، بسبب تراجع تحويلات العاملين في الخارج، وإيرادات السياحة، وقناة السويس، والصادرات، يبلغ سعر الصرف الرسمي 30.9 جنيه للدولار في البنوك، بينما تجاوز السعر في السوق السوداء مستوى 56 جنيهاً.

الاحتياطى الأجنبي ٢٧ مليار دولار فقط

من جهة أخرى، قالت موديز” إن مؤشرات سيولة العملات الأجنبية الشهرية تظهر أنه رغم مبيعات الأصول البالغة 4 مليارات دولار التي تم تحقيقها منذ يوليو 2023، ظلت احتياطيات النقد الأجنبي السائلة (إجمالي الاحتياطيات مطروحاً منها الذهب) مستقرة دون 27 مليار دولار في نهاية ديسمبر، في حين أن صافي مركز الالتزامات الأجنبية للنظام النقدي (التي تضم كلا من البنك المركزي والبنوك التجارية) لم تتحسن كما كان متوقعاً، مما يشير إلى وجود طلبات متراكمة بالسيولة الأجنبية.

وألمحت “موديز” إلى أن التصعيد الأخير للأعمال العدائية الإقليمية يزيد من المخاطر على ميزان المدفوعات في مصر من خلال التأثير على القطاعات الرئيسية المولدة للسيولة الأجنبية في الاقتصاد، بما في ذلك السياحة وعائدات قناة السويس التي عوضت حتى الآن إلى حد كبير عن استمرار الأزمة. كما تراجعت التحويلات الجارية والتحويلات المالية من الخارج نتيجة للتشوهات الناجمة عن وجود السوق الموازية