غرفة رصد الإعلام الإسرائيلي
في الوقت الذى يتكشف فيه مدى الخسائر الدموية والمادية التى يتجرعها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مواجهاته مع المقاومة بالنقاط الصغيرة التى دخلها في غزة، يشن جيش الاحتلال هجوما إعلاميا مضادا غي الحرب النفسية المشتعلة بين الجانبين، ولا تقع شيئا عن ضراوة المواجهات العسكرية، ويحاول الاحتلال إبراز ما اعتبره تضحيات جنوده وسيطرة فرقه من المدرعات والمهندسين والمظلات والبحرية على الأرض بشمال ووسط غزة، في وضوح النهار وعتمة الليل بالقطاع.
الرقابة العسكرية التى كانت تعتم على كل صغيرة وكبيرة تتم على أرض المعركة وتروج لفيديوهات ملفقة فضحت بسببها، بعد صدمتهم وانهيار الجبهة الداخلية حيال الجنازات المتتالية، والتى وصلت لخمسين جنازة في أيام ما وفق اعترافاتهم، سمحت بمرافقة المحررين العسكريين للقنوات والمواقع الإسرائيلية لبعض المجموعات العسكرية للحديث عن تفاصيل تحركاتهم وحياتهم في غزة، في الإطار المخطط له بالطبع.
رصدنا العديد من هذه التغطيات، وكلها تركز على الدفعة المعنوية للجنود والجبهة الداخلية المدمرة تماما بالذات بعد الاعترافات الرسمية بالخسائر الكبيرة في الأرواح والإصابات، وبالذات بعد تحقيق صحيفة هاآرتس والقناة ١٢ عن دور المروحيات العسكرية الإسرائيلية في زيادة حصيلة القتلى في أحداث ٧ أكتوبر، باستهداف المحتفلين في الحفل الراقص الشهير، مع مقاومى الفصائل ، بحجة إنهم لم يستطيعوا التمييز بين الفلسطينيين والإسرائيليين .
واكتمل الأمر الصادم مع استمرار الاستهدافات للدبابات والعربات المدرعة والتشكيلات بأرقام مفاجئة لهم، خاصة أن شهادات أهالى الجنود والمجندات القتلى تؤكد أنهم كانوا مرعوبين وهم داخلون لغزة، ولذلك نزل لهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نفسه بعدما فشل رئيس الأركان هرتسي هاليڤي في السيطرة على الوضع، وصورتهم كاميرات القنوات والمواقع على أنهم أبطال وإنسانيين وحاسمين ومتطورين لا يستطيع أحد الوقوف أمامهم، رغم أن الأرقام التى يعترفون بها لا تقول ذلك بالمرة.
هذه الفيديوهات التى تتحدث عن يوميات الجنود والمجندات في غزة، تصورهم محاطين بأحدث الأسلحة وأجهزة الكمبيوتر والاتصالات والرؤية الليلية، ويتحركون في دبابات الميركاڤا وعربات النمر المدرعة والچيب العسكرية التى أسقطت منها المقاومة الكثير، بأعداد لم يكن أحد يتصورها، ونسبة كبيرة منها من المسافة صفر، التى غيروا بسببها تقنيات تحركاتهم خلال الأيام الأخيرة.
https://twitter.com/yoavzitun/status/1725911632801362261?t=FxwkKWBUWogacCAVCS5sYQ&s=09
رابط تغطية يديعوت أحرونوت لتحركات الجنود الإسرائيليين في شمال غزة تجاه الشاطئ
الجنود يحتلون المنازل لقضاء الليل فيها، وممارسات أعمالهم الإدارية والخططية وغيرها، ومنها منازل قيادات الجهاد وحماس، ويصورونهم وهم يلعبون مع الحيوانات الغزاوية من القطط والكلاب وحتى الأوز، بينما يمر النساء والأطفال والشيوخ أمام الدبابات، رافعين رايات الاستسلام في مشهد يحتفون به.
يقول الجنود عن أنفسهم، أنهم في حرب ومستعدون لأي احتمالات، وعلقوا على سيرهم في ليل غزة الحالك، أنهم كجنود أمريكان في أفغانستان، وشاهدوا جثث لفلسطينيين وإسرائيليين في طريقهم، وهذه هى الحرب، ولكنهم لم يشيروا لفكرة إنهم لن يخرجوا إلا مع القضاء على حماس كما يقول قياداتهم، بل لم يذكروا إسم حماس كثيرا، كما هو معتاد.. فهل هناك تغيير ما في التعامل عما كان في البداية؟!، واضح جدا، ونراقب مدى هذا التغيير.
الجنود الذين يلعبون مع الحيوانات الغزواية ويحمون السيدات والأطفال، ويحتضنون بعضهم وبعضهن، واضح جدا مدى توترهم وعدم سيطرتهم وغياب قدرتهم على إقناعنا بالترويج الذى يريدونه، والدليل إنه منع عليهم في بعض الفترات متابعة الإعلام والسوشيال ميديا.
والمحررون العسكريون أنفسهم يبدو عليهم القلق والتوتر في التغطيات لا الزهو بانتصارات وهمية سببها الدمار والفراغ التام في الصور والكادرات التى يصدرونها لمشاهديهم.
يتزامن ذلك مع حالة من الجدل بل والتلاسن الذى يصل لدرجة الإتهام بالخيانة ودعم حماس، بين حسابات إسرائيلية أصبحت شهيرة، تهمتها إنها أبرزت مدى الخسائر الروحية والمادية في صفوف جيش الاحتلال بالصور والفيديوهات وخلفيات الاستهدافات التى يسقط فيها الجنود والمجندات الإسرائيليين، والذى فوجئ البعض أن منهم جنود دروز سقط منه حوالى عشرة حتى الآن، وطالبوا على إثر ذلك بتغيير القانون الخاص بالطائفة الدورزية ومساواتها في التعامل مع اليهود، ويتم ذلك بالفعل خلال هذه الأيام من خلال قانون جديد في الكنيست ، نتابعه أيضا.