دراسة مجمعة من وحدة الشئون الإسرائيلية
في الوقت الذى تواصل الدوائر الإسرائيلية المختلفة الهجوم على الأزهر الشريف وإمامه الأكبر، لا تتوقف المناهج الدراسية الكريهة والدموية التى تدنس فطرة البراءة التى خلق عليها البشر ، لتعكر هذه الكائنات اللطيفة وتحولهم لوحوش دموية تكبر مع الوقت على كره وقتل كل ما هو عربي وفلسطينى، وفي النهاية يتهموننا نحن بالتحريض.
العديد من الدراسات تناولت مجتمع الحريديم المتشدد دينيا فى إسرائيل خاصة المدارس التابعة له اليشيفوت، أو معامل تفريخ الوحوش، إذ إنه موضوع يثير اهتمام الباحثين والعامة. ومؤخرا استعرض تقرير للقناة ١٢ الإسرائيلية ، نفس القناة التى شاركت في الهجوم على الأزهر وتتهمه بالإرهاب، حول المدارس الدينية عن أن نحو نصف الأطفال الحريديم فى المدارس الابتدائية يدرسون المواد الدينية بشكل أساسى إضافة للصلوات مع بعض المواد الأخرى.
ويتم تكريس وقت هؤلاء الأطفال لتعلم التوراة بهدف إعدادهم للاستمرار فى دراستها حتى المرحلة الثانوية، ولا تستطيع وزارة التعليم المدنية فرض مناهجها وميزانياتها على تلك المدارس فلهم مناهج و ميزانيات خاصة أكبر، حتى أن التلميذ في التعليم ينفق أكثر من التلميذ المدنى بعشرة آلاف يورو.
ويبدأ اليوم الدراسى فى المدارس الدينية من السابعة صباحا، ويستمر حتى الثانية ظهرا، وفى المدارس الداخلية تستمر الدراسة حتى العاشرة ليلا. وفى تلك المدارس يتم تشكيل الجيل القادم من الحريديم المتشددين وإكسابهم ما يسمى الهوية الروحية. وبعد انتهاء المرحلة الثانوية وعند بلوغ سن العشرين يتم تزويج الشاب الحريدى ثم يتم تخييره بين الاستمرار فى دراسة التوراة أو الخروج للعمل .
قيام الكيان ودور اليشيفوت
عند قيام إسرائيل أصرت قيادات الحريديم المتشددة على الحصول على استقلالية تعليمية فى المدارس وكانت مستعدة للتخلى عن الميزانية المخصصة لها، من أجل الحصول على الاستقلال التربوى الكامل. وهو ما حدث أيضا فى قضية الإعفاء من الخدمة العسكرية، حيث أعفى ديفيد بن جوريون، فى بداية إقامة إسرائيل أربعمائة من طلاب المدارس الدينية من أداء الخدمة العسكرية. ويدرس اليوم نحو 60 ألف طفل حريدى فى المؤسسات المعفاة من أداء الخدمة العسكرية .
كما أن هناك مدراس دينية للفتيات فقط فى إسرائيل، وهى عبارة عن مدرسة إعدادية تستمر الدراسة فيها حتى نهاية المرحلة الثانوية، وتقابل المعاهد الدينية اليهودية المخصصة للبنين. وتتمسك هذه المدرسة بالتعليم الدينى اليهودى.
ويجرى التعليم فى هذا النوع من المدارس بموجب مناهج التعليم الرسمى لوزارة التربية والتعليم الإسرائيلية، بحيث تنهى الطالبة تعليمها فى جميع المواد المقررة وتتقدم لامتحانات الثانوية العامة. ولكن يتم التركيز بشكل أعمق فى هذه المدارس على تعليم التوراة والشرائع اليهودية والعقائد الدينية والرؤية الدينية اليهودية لقضايا أساسية فى الحياة والمجتمع.
ويوفر البرنامج التعليمى لهذه المدارس مسارات مهنية للبنات لتأهيلهن للزواج والحياة الأسرية. توجد إلى جانب معظم هذه الأنواع من المدارس مدارس داخلية تمنح الفتيات اليهوديات المتدينات مزيدا من الوقت للدراسة والتعمق فى مناهج كالفلسفة والتفاسير الدينية. ويستفاد من وجود الفتيات فى الأقسام الداخلية لتعلم أسس الحفاظ على السبت وكيفية احترام هذا اليوم لقدسيته الفائقة فى الأوساط الدينية اليهودية.
ويجرى التركيز فى تربية الفتيات فى هذا النوع من المدارس على ضبط النفس والانفتاح والمبادرة إلى مساعدة الآخرين . ويدير المدرسة رجل دين يعتبر زعيما توراتيا وتربويا للمدرسة. أما الشخصية الأكثر تأثيرا فى المدرسة فهى المرشدة الجماعية، وهى عزباء فى أغلب الأحيان وتمتلك معرفة دينية تعكس صورة قيادية مثالية للفتيات اللاتى يتأثرن بها وبمسلكها. وتجرى هذه المرشدة إضافة إلى الحديث والتوجيه العام سلسلة من اللقاءات الفردية مع الطالبات، خاصة ما له علاقة بتأهيلهن للحياة الزوجية والعائلية .
أقيمت المدرسة الدينية الأولى للبنات من هذا النوع عام 1960 فى مستوطنة كفار بينيس. وتوجد اليوم قرابة ثلاثين مدرسة من هذا النوع فى إسرائيل وتخضع لإدارة هيئات دينية يهودية، أبرزها حركة أبناء عقيبا، وتنال المدارس دعما ماليا من وزارة التربية والتعليم أسوة ببقية المدارس والمؤسسات التعليمية فى إسرائيل وبموجب القانون هناك .
ويتميز التعليم فى هذه المدرسة بكونه يمنح فرصة للطالبة أوالفتاة أن تدرس المواضيع الدينية إلى جانب المناهج العادية، بعكس ما تفعله المدارس الدينية المتشددة (التابعة لمؤسسات حريدية يهودية) والتى تدرس غالبا المناهج الدينية دونما اهتمام بتدريس مواضيع عادية يحتاجها الطالب فى حياته.
تقرير الكراهية
دراسة شبه رسمية “إسرائيلية”، تحت عنوان “تقرير الكراهية” التي أجراها صندوق “بيرل كتسلنسون” وشركة الأبحاث والاستطلاعات (فيغو) في “إسرائيل” في وقت سابق، أظهرت تزايد دعوات العنف ضد المواطنين العرب في المجتمع “الإسرائيلي”، خصوصا بين الأجيال الناشئة من التلاميذ والفتيان وطلاب المدارس والجامعات.
الخطير أيضا، في تلك الدراسة، أن مفردات دعوات العنف المدونة بأقلام المتطرفين “الإسرائيليين” تحض على القتل، والتصفية، والكسر، والإبادة، والحرق وما إلى هنالك من مفردات عنفية وفاشية، وأن (83%) من الدعوات لارتكاب عمل عنيف كتبها رجال، وأن (66%) من هذه الدعوات كتبها شبان تقل أعمارهم عن (30) عاما.
قيعان الفاشية الصهيونية
إن مؤشرات نتائج الدراسة إياها، تَدل على المزيد من الغرق المتتالي في قيعان الفاشية داخل المجتمع “الإسرائيلي” برمته، وحتى في أعلى مؤسسات الدولة العبرية الصهيونية، والأمر لا يتمثل هنا فقط في كمّ القوانين وفحواها التي يجري سنها وتشريعها ضد المواطنين العرب، وآخرها قانون الإقصاء الذي طال النواب العرب في الكنيست، وإنما أيضا في كيفية طرحها، وتسويقها والتنظير لها، وفي دورها بتأجيج مشاعر الكراهية والعنصرية ضد المواطنين العرب في “إسرائيل”، لتصبح في حقيقتها قوانين لتوليد العنصرية والكراهية وسيادة التطرف.
وفي حقيقة الأمر إن تلك الحالة المجتمعية يبدأ إنتاجها من المدارس، ومن المراحل الأولى وصولا للمراحل الجامعية، حيث تُجمع غالبية الأبحاث والدراسات المتعلقة بالمناهج التعليمية “الإسرائيلية” في المدارس على أن المناهج “الإسرائيلية” تربي النشء على تنمية المشاعر المتطرفة منذ مرحلة الطفولة، وعلى منهج العنف والحقد وغرس الكراهية وتشويه صورة العرب والمسلمين بصفة خاصة، وعلى المفاهيم المنطلقة أساسا من المرجعيات الدينية والثقافية اليهودية والصهيونية الوضعية، والتي اتسمت بالعنصرية والعدوانية وتكريس قيم الانصياع الكامل إلى التوجهات والإرشادات الواردة في أسفار التلمود، وتعاليم الشرّاح والمفسّرين من الحاخامات.
هذا فضلا عن الاستعانة بالنصوص الدينية المُستمدة من التوراة لإضفاء الصبغة الدينية على تلك المفاهيم التي تلعب دورا كبيرا في صياغة الوعي لدى الأجيال التالية من أبناء اليهود الصهاينة منذ فترات الدراسة الأولى وحتى الجامعية.
المغالطات في التاريخ والجغرافيا
وعلى سبيل المثال، إن كتب المواد الاجتماعية كالتاريخ والجغرافيا في المناهج “الإسرائيلية” محشوة بالمغالطات التاريخية والجغرافية والإنسانية التي تحفل بها، وقد انشغلت بتعميق وغرس القيم والتوجهات العنصرية في عقول الناشئة من أبناء المستوطنين والمهاجرين اليهود، من خلال التأكيد على مجموعة من القضايا ليجعلوها مع الوقت مسلّمات عندهم، وهي تدعو صراحة للنزعة العنصرية العرقية.
تعمد كتب الجغرافيا التي تدرس للصف السادس الابتدائي على سبيل المثال لمحو التسميات العربية للمكان، واستبدالها بتسميات عبرية، بينما تتسع الكتب بالشروحات حول “الكيبوتس” و”الموشافيم” على حساب القرى والبلدات والمدن العربية المُهجّرة والمدمرة وغير المعترف بها حتى تبقى هي الأخرى طي النسيان والتنكر.
إن تقديم قراءة وتحليل لمناهج التعليم في “إسرائيل” تدفعنا لملاحظة التالي: أولا تركّز المناهج على خلق مفاهيم يجري غرسها في نفوس التلاميذ والطلاب للحيلولة دون اندماج اليهود في المجتمعات المُختلفة. ودعوة لليهود من أجل التمسك بالهوية اليهودية، ومقاومة فكرة الاندماج في المجتمعات المختلفة بحجة التمايز، وهو الأمر الذي يستدعي أن يكونوا منعزلين عن الآخرين، حتى لا يتسبب ذلك في عرقلة مشروعاتهم المستقبلية .
ثانيا: يهودية التوجه التربوي، وذلك منذ قيام “إسرائيل” بسن قانون التعليم للدولة العبرية في عام 1953، والذي تنص المادة الثانية منه على “أن التعليم في دولة إسرائيل يجب أن يرتكز على قيم الثقافة اليهودية والولاء لدولة إسرائيل والشعب اليهودي، والعمل على تحقيق مبادئ الريادة في العمل الطلائعي الإسرائيلي”.
ثالثا: التركيز على التوجهات العنصرية في المناهج التعليمية، وتقديم النظرة الاستعلائية تجاه العرب، وتزوير التاريخ الإسلامي. فمن خلال عينات ونماذج مختارة من الكتب الدراسية المقررة في “إسرائيل” وهي التربية الدينية والتاريخ والجغرافيا والتربية العامة والأدبيات المتداولة في المدارس من قصص وروايات، نجد أن هذه الكتب الدراسية تسعى إلى تشويه التاريخ العربي والإسلامي.
رابعا: التركيز على التعليم الديني، واتخاذه منصة للتحريض على العرب وحتى على العالم بأسره، ولنا كم كبير من الأمثلة من خلال تحليل مجموعة من قصص الموجهة للأطفال اليهود في مرحلة الروضة عبر قصص الأطفال المطبوعة، سواء في المقررات الدراسية، والقصص التي تُحكى شفويا في الكيبوتسات والمستوطنات، وفي القرى الزراعية والمدن التي يقيم فيها الأطفال، حيث يبدأ التعليم بالتركيز على المفاهيم الدينية، واتخاذ التلمود أساسا للتعاليم اليهودية العبرية، نظرا لتباين الثقافة التي ينتمي إليها اليهود الذين جاءوا من بيئات اجتماعية وثقافية مُختلفة.
خامسا: التركيز على احتواء الكتب الدراسية العديد من النصوص الدينية التي تشدّد على يهودية القدس منذ قدم التاريخ، للتأكيد على أن الوجود اليهودي في فلسطين البلاد متواصل ومستمر ولم ينقطع. سادسا: سعي المناهج “الإسرائيلية” لتجريد العرب من إنسانيتهم. سابعا: استحضار تاريخ اليهود، وتوظيفه في بناء أدب يهودي يقوم على المظلومية تحت عنوان “لا ننسى.. ولن نغفر” لكي تبقى الأحقاد متوالية جيلا بعد جيل. فظهر الأدب اليهودي الذي يتحدث عن الاضطهاد النازي لليهود في أوروبا، ورصد ظاهرة التخفي بين يهود الشتات، وبالتالي نحن أمام ابتداع أدب يهودي مصطنع باللغة العبرية. ثامنا: إن أهم ما يميّز التربية والتعليم في “إسرائيل” هو “عسكرتها” لدرجة تجعل الطالب، خصوصا في المراحل الإعدادية والثانوية، جنديا، وبهذا تتكامل المناهج مع التربية لتؤدي دورا واحدا هو “خلق جيل متطرف معبأ بكافة المبررات ليسلب ويغتصب حق الآخرين”. ولا يخفى مدى ارتباط المدارس “الإسرائيلية” بالجيش، بل إن الأمر يفوقه إلى حد تسلم ضباط متقاعدين من الجيش وجهاز المخابرات (الشاباك) وظائف إدارية في المدارس والعمل كمربين لطلابهم.
زيادة التطرف في المحتوى
قادت وزيرة التعليم الإسرائيلية السابقة ليمور ليفنات عملية استبدال العديد من الكتب التي تدرس للطلاب بأخرى أكثر تطرفا وتشويها للحقائق وتمجد الصهيونية واليهودية.
ويؤكد ذلك البروفيسور دانييل بارتلي أستاذ علم النفس السياسي في جامعة تل أبيب إذ يرى أن المناهج المدرسية الإسرائيلية تعطي تصورا سلبيا عن العرب لدى الأطفال اليهود، بحيث يبقى العربي في تصورهم مفردة ملازمة لصفات سلبية شريرة.
كما ترى الدكتورة هالة إسبانيولي في إحدى دراساتها أن المناهج التعليمية في إسرائيل تهدف إلى تنشئة مواطنين يؤمنون بالمبادئ الصهيونية في حين تتجاهل وجود العرب، فالطلاب العرب واليهود يدرسون “تاريخ الكارثة والبطولة ومآسي الشعب اليهودي ولا يعرفون شيئا عن التاريخ الفلسطيني”.
ومن أكثر المناهج التي يتم التضليل فيها مناهج التاريخ والجغرافيا، حيث يدرس الطلبة كتب “بابوريش للجغرافيا” التي تدعي أن فلسطين أرض يهودية صهيونية لليهود فقط ولا حق للعرب فيها.
أما كتاب “مختارات إسرائيل الجديدة” للصف الثاني الأساسي فيتحدث في فصل كامل عن مدينة الخليل العربية الإسلامية ويصنفها تحت عنوان “مدن عتيقة في يهودا”، مشيرا إلى أن جذورها يهودية وهي أرض الأجداد والآباء بالنسبة لليهود، ولولا وحشية الفلسطينيين في الخليل وقيامهم بمذبحة ضد اليهود عام 1929 لبقيت عامرة بالتراث اليهودي.
ويعد كتاب “القرن العشرون على عتبة الغد” من أكثر الكتب التي تزور التاريخ وتقدمه للطلاب بصورة لا تمت إلى الواقع بصلة، حيث تحدث عن حرب 1948 بسرد مغلوط يطمس التاريخ الفلسطيني المعاصر من خلال آلاف المغالطات والتشويهات التي تدرس للطلبة اليهود والعرب معا.
ويعلق المحاضر في قسم تاريخ الشرق الأوسط بالجامعة العربية إيلي بوديه على منهاج مادة التاريخ في المدارس الإسرائيلية بأنها “تسعى لتثقيف الطلبة اليهود على قضايا مشكوك فيها وليست حقائق”.
أما في كتب اللغة والأدب فإنها تركز على صورة العربي ورسم صورة معينة له في ذهن الطلاب، فكتاب “عن طريق الكلمات” الذي يدرس للصف الرابع يصف الكتاب العرب بالمتوحشين القتلة من خلال عدد من الروايات الأسطورية.
ويجد الطالب استهزاء بالعربي والفلسطيني في كتاب “مختارات إسرائيل الجديدة”، فقصائد الكتاب التي تتحدث عن السلام وأحلام السلام تختتم بالهمز واللمز عن العرب والفلسطينيين
استعراض ٤١ كتاب من المناهج الدراسية الإسرائيلية
استعرض مؤلف عربي 41 كتابا مقررا دراسيا للمراحل التعليمية المختلفة في الكيان الإسرائيلي ، تم تحديد 23 كتابا لتحليلها بحيث تشمل أقسام أدب الأطفال، التريبة الدينية، العلوم الاجتماعية والعلوم اللغوية على أساس عدد من المحاور تشمل الأبعاد الإسلامية، والقومية، والصهيونية، والسياسية، وأخيرا نظرة عامة على الكتب الدراسية الإسرائيلية. فيما يتعلق بالبعد الإسلامي في الكتب الدراسية يشير المؤلف إلى أن المناهج الدراسية في إسرائيل ربطت بين الدين الإسلامي والعنف، فربطت بينه وبين السيف مؤكدة أن انتشاره تم بالسيف.
الرسول والإسلام في المناهج الدراسية الإسرائيلية
وتأكيدا على هذا الربط فقد استخدمت هذه الكتب كلمة الفتوحات الإسلامية للدلالة على أن هناك احتلالا إسلاميا فوصف العرب بالمحتلين والفتوحات الإسلامية بمثابة اجتياح عسكري هدف الإحتلال.
أما فيما يتعلق بالرسول صلى الله عليه وسلم فتعكس المناهج الدراسية في إسرائيل عدم الاعتراف بنبوة محمد عليه الصلاة والسلام وبأنه ليس رسولا مرسلا من الله العلي العظيم. وحسب الصورة التي تقدم في الكتب فإن محمدا من ذاته ادعى أن الله اختاره نبيا. وتقدم بعض المناهج الدراسية في إسرائيل الهجرة النبوية الشريفة على أنها هروب. كما تطرقت بعض الكتب الدراسية في إسرائيل إلى معجزة الإسراء والمعراج فقدمتها على أنها أسطورة خرافية يؤمن بها المسلمون.
وأما فيما يتعلق بالقرآن الكريم فإن المناهج الدراسية في إسرائيل تكشف عن الكثير من القيم التربوية التي تهدف إلى ترسيخ أفكار تتعلق بعدم قدسية القرآن الكريم، لأنه حسبما تذهب الكتب الدراسية الإسرائيلية من نسج خيال محمد واعتماده في جزء كبير منه على ما ورد في الكتب الدينية اليهودية
المنهج القومى الصهيوني
أما على الصعيد القومي فإن الكتب الدراسية تكشف عن مزج وخلط الحقائق التاريخية والجغرافية بالأساطير التوراتية والأهداف الصهيونية بغية تكوين مفاهيم في وجدان الطلاب اليهود تخدم التوجهات اليهودية والصهيونية مع تجاهل تام للتاريخ العربي الإسلامي.
وتبحث المناهج التعليمية الإسرائيلية حثيثا عن أطر إقليمية بديلة عن الإطار العربي فتتحدث عن إطارين محددين يمكن أن يسعا داخلهما إسرائيل وهما دول البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط، ليضما داخلهما دولا غير عربية ويكون لها فيهما موطئ ويمكن لهذين الإطارين استبعاد بعض الدول العربية ولكن هذا ليس مهما طالما أنهما يتسعان لإسرائيل.
وفيما يتعلق بالبعد الصهيوني يشير المؤلف إلى أن المناهج الدراسية في إسرائيل عكست حرصها على وضع خريطة جديدة لفلسطين وأطالس مختلفة تثبت بدورها يهودية المكان والزمان من خلال إبراز الأماكن والمدن والقرى القديمة بأسمائها اليهودية التوراتية وإلباس أسماء يهودية للمدن والقرى الحديثة كما باتت هذه المناهج تؤكد ضرورة ومدى أهمية استبعاد الإنسان العربي من تاريخ فلسطين والإدعاء بالوجود الدائم والمتواصل لليهود في فلسطين.
ويوضح المؤلف كذلك أن بعض المناهج الدراسية في إسرائيل كشفت عن حرصها على غرس فكرة تفوق اليهود وتميزهم وقد أخذ هذا النبوغ والتفوق عدة صور منها أن كتابهم الديني التوراة هو مصدر الإنجيل والقرآن وأنه لنبوغهم لجأ إليهم المسلمون لإدارة شؤون دولتهم وغير ذلك.
وفيما يتعلق بالبعد السياسي يذكر الكتاب أن مناهج التعليم في إسرائيل خلطت مفهوم المقاومة بالتطرف حيث وصفت النضال العربي عبر المنظمات العربية المناوئة للاستعمار والمشاريع الصهيونية في الهجرة والاستيطان اليهودي بأنه عمل إرهابي تخريبي من ترتيب العصابات العربية عام 1937.
ويذكر المؤلف أنه على الرغم من أن خلط مفهوم المقاومة بالتطرف والإرهاب مسألة حديثة ظهرت مؤخرا إلا أنه من السهولة بمكان وضع أيدينا على هذا الخلط بين دفتي الكتاب، فأي مقاومة لنشاط صهيوني على أرض فلسطين تعد إرهابا أو على الأقل تطرفا وعنفا.
الكتب الدراسية لم تشر إلى أجواء التطرف الديني التي باتت تخيم على المجتمع الإسرائيلي وتنذر بمستقبل يصبح فيه هذا المجتمع مفرخة للمتطرفين والإرهابيين في ظل وجود أحزاب سياسية متطرفة تحضر لهذا الجو وتعد له ومن خلال إنشاء شبكات من المدارس التي تبث فيها سمومها وأفكارها المتطرفة مثل حزب شاس وغيره.
دعوات تغيير المناهج الصهيونية لا يسمع لها أحد
رغم كثرة النداءات والتوصيات بتغيير المناهج في البلدان العربية والإسلامية، لم نجد من ينادي بالنظر في مناهج الآخر، وبالأخص مناهج العدو الصهيوني، والنظر فيما تحويه هذه المناهج من دعوات إلى العنصرية والعدوان واحتقار الآخر، وكيف يكون تأثير هذه المناهج على الخطاب الديني والسياسي في إسرائيل، وتأثير هذا الخطاب على عقول الطلاب الذين ينشئونهم متشبعين بالعنصرية والتطرف.
وتساءل: لِمَ يصمت كل الغربيين عن الخطاب الديني الصهيوني الذي يقدمه التعليم الديني في إسرائيل، هذا الخطاب الذي يشرع «للترانسفير- التهجير القسري» الذي مورس ويمارس ضد الشعب الفلسطيني منذ سنة 1948 وحتى سنة 2015م، حتى قذف بنحو سبعة ملايين فلسطيني من ديارهم إلى المنافي والمخيمات والمستنقعات، دون أية حقوق للإنسان..
هذا الخطاب الديني اليهودي هو الذي يشرع للإبادة التي تمارس الآن ضد الشعب الفلسطيني- إبادة البشر والشجر والحجر وكل مقومات الحياة- ويبلغ الخطاب الديني اليهودي قمة العنصرية عندما يقدس العنصر اليهودي، ويجعله شعبًا مقدسًا معصومًا دون كل الشعوب، وفوق كل الشعوب.
وأشار د. ربيع عبد الوهاب إلى أن فريقا من المشتغلين بالعلوم الإنسانية بذلوا جهدًا كبيرًا لتحقيق معرفة صحيحة بواقع الإنسان الإسرائيلي محاولين -قدر ما وسعهم الجهد- اختراق حواجز الجهل بهذا الإنسان الذي أتعب العالم من حوله.
ولقد لجأت إسرائيل إلى التعليم الديني من أجل غرس القيم اليهودية، والحفاظ على التقاليد الدينية وحماية الدولة من الانصهار في الصهيونية العلمانية، كذلك الرغبة في احتواء واستقبال المهاجرين الجدد والقادمين خاصة من البلاد الإسلامية الإفريقية في الخمسينيات من القرن الماضي، وذلك من أجل إعدادهم للعيش في المجتمع الجديد وتعليمهم اللغة العبرية والعادات والطقوس الدينية الخاصة.
إشكالية الهوية
وقد سببت إشكالية الهوية إزعاجًا لليهود منذ أكثر من قرنين، فقد عاش اليهود في الشتات منعزلين في مجتمعاتهم، وكان هذا الانعزال بالنسبة لهم درع الأمان للحفاظ على يهوديتهم وشريعتهم «فطبيعة المجتمع الصهيوني، تختلف عن سائر المجتمعات الأخرى في كونه مجتمعًا يفتقر إلى الفطرة الطبيعية في قيامه، ويفتقر إلى وحدة التاريخ ووحدة المكان، فأفراده أجناس مختلفة قادمة من الشرق ومن الغرب». «وتدل الإحصاءات أن اليهود المقيمين في إسرائيل اليوم جاءوا من مئة واثنين دولة معظمهم لا يحسون برابطة تربط بعضهم ببعض، ولكن إسرائيل تحاول صهر الجميع في لغة واحدة هي اللغة العبرية، وذلك بتدريس النشء اللغة العبرية وتاريخ اليهود بالشكل الذي تهواه، بغض النظر عن الحقائق التاريخية».
وأكد الباحث أن كثرة النداءات بتغيير وتجديد الخطاب الديني في البلدان العربية والإسلامية تتطلب أن نتعرف على الخطاب الديني للعدو، هذا الخطاب الذي يشكله التعليم الديني، حيث «إن الدين في نظر المفكرين اليهود والصهاينة، هو الأساس الذي تقوم عليه الأيديولوجية أو القومية اليهودية وهو القاسم المشترك بين اليهود، الذي يضمن نقاءهم العنصري وولاءهم القومي».
وقال إن القضية الأساسية فى دراسته تتلخص في التعرف على نظام التعليم الديني الحكومي في إسرائيل وذلك من خلال إبراز أبعاد هذا النظام التعليمي، ومعرفة دوره في تشكيل هوية الخريجين وخاصة في المرحلة الابتدائية.
وتكمن أهمية الدراسة في أنها تفضح ما تخفيه إسرائيل من نزعات مشبعة بالعدوان والعنصرية، وتفضح الشعارات المزيّفة التي ترفعها الصهيونية وعلى رأسها شعار (السلام).
وأنها تكشف عن نقطة شديدة الخصوصية والتنوع والاختلاف، وهي أيضا شديدة التأثير على المجتمع الإسرائيلي وهي قضية التعليم الديني، وذلك من خلال التعرف على طريقة هذا النمط من التعليم في تشكيل ثقافة وفكر الطلاب في إسرائيل والعوامل المؤثرة في تشكيل هويتهم ومعتقداتهم. وأنها تُعطي صورة تفصيلية للتعليم الديني الذي يتلقاه نصف سكان إسرائيل تقريبًا، وهي نسبة ليست بالقليلة، خاصة إذا رأيناها ضمن النظام العام للتعليم في إسرائيل والذي يظهر تقدمًا ملحوظًا للمدارس الدينية بأنواعها المختلفة في مقابل تراجع نسبة الملتحقين بالمدارس المدنية العلمانية.
وأنها كذلك تكشف عن نقاط الضعف في هذا الكيان، وتُعرِّف بمكامن الصراع المكتومة حول هُويته، وفي النهاية تضع تصوراً مقترحاً يمكن من خلاله تفعيل دور التربية العربية لمواجهة تداعيات الهوية الإسرائيلي
الدوافع والإرهاصات التي أدت إلى وجود التعليم الديني في إسرائيل، وأنها قد تنوعت حسب السياق المجتمعي، فهناك دوافع دينية سياسية تمثلت في رغبة الأحزاب الدينية في وجود نمط من التعليم يساعد في نموها وفي سيطرتها على الواقع السياسي الإسرائيلي، كذلك كان للتعليم الديني دور بارز في احتواء المهاجرين وصهرهم داخل المجتمع الإسرائيلي، الأمر الذي يعني أن التعليم الديني كان محور الحياة السياسية والاقتصادية والدينية قبل إعلان دولة إسرائيل وبعدها، وكان له أبلغ الأثر في رسم الخريطة السياسية في إسرائيل.
العنف والحقد والكراهية لتبرير الاحتلال
وقالت الجمعية الفلسطينية لحقوق الإنسان (راصد) أنه بعد متابعة العديد من الأبحاث والدراسات المطلعة على سياسة واعمال الإحتلال الإسرائيلي في فلسطين المحتلة لا سيما في مجال التعليم ، تبين بأن المناهج التعليمية الإسرائيلية تربي الناشئ على منهج العنف والحقد متعمدين لغرس الكراهية في نفوس الأطفال وتشويه صورة العرب والمسلمين والمسيحيين، والفلسطينيين بشكل خاص ، وذلك من خلال الاستعانة بالنصوص الدينية المستمدة من التوراة والتلمود وإضافة الصبغة الدينية على تلك المفاهيم التي تلعب دورا كبيرا في صياغة عقلية أولئك الذين يمارسون القمع والعنف الأعمال الإجرامية ضد العرب والفلسطينيين مقتنعين بأنها عملا مقدسا لا غبار عليه.
التوجه التربوي منذ قيام الكيان العاصي على القانون الدولي “إسرائيل” بسن قانون التعليم لما يسمى بالدولة العبرية في عام 1953، والذي تنص المادة الثانية منه على “أن التعليم في دولة إسرائيل يجب أن يرتكز على قيم الثقافة اليهودية والولاء لدولة إسرائيل والشعب اليهودي ، والعمل على تحقيق مبادئ الريادة في العمل الطلائعي الإسرائيلي”.
و اختيار جهاز التعليم الإسرائيلي النهج القومي الذي يخضع الماضي لاحتياجات الراهن والمستقبل على حساب الحقيقة والموضوعية في كتابة التاريخ وذلك ضمن صهر المهاجرين في ذاكرة جماعية واحدة بلفت لمجموعة من الثوابت التي تقوم عليها المناهج الإسرائيلية تبدأ باستحضار تاريخ اليهود المليء بالمآسٍي بدءاً من السبي البابلي ودمار الهيكل الأول ، مروراً بالمواجهات مع اليونان ، وانتهاءً بخراب الهيكل الثاني والسبي الروماني وحتى ما يسمى بالهولوكست ، والشعار الأساسي عند الأدباء اليهود “لا ننسى.. ولن نغفر” لكي تبقى الأحقاد متوالية جيلا بعد جيل .
ظهر أدب “النكبة” الذي يتحدث عن الاضطهاد النازي لليهود في أوربا ، ورصد ظاهرة التخفي بين يهود الشتات إلى احتواء الكتب الدراسية العديد من النصوص الدينية التي تشدد على يهودية القدس منذ التاريخ اليهودي القديم ؛ للتأكيد على أن الوجود اليهودي في هذه البلاد متواصل ومستمر ولم ينقطع ، فضلاً عن سعي المناهج الإسرائيلية لتجريد العرب من إنسانيتهم من خلال الربط بين أعياد اليهود الدينية واضطهاد الغير لهم ، فعيد الفصح مرتبط بخروج اليهود من مصر، أرض العبودية والذل ، ويوم التاسع من آب/أغسطس حريق الهيكل ، وفي عيد يوم التاسع من تموز/يوليو احترقت أسوار القدس، وفي يوم الثالث من تشرين/أكتوبر قتل الملك “جدلياهو” .
مما أدى إلى ترسيخ صورة نمطية لدى الإسرائيليين الذين ظهروا دائماً بصورة الغربيين المتحضرين صانعي السلام مقابل صورة العرب “الخونة العدوانيين المتخلفين والمجرمين والخاطفين والمبادرين دوماً نحو التدمير” .
كما أن كتب التاريخ الإسرائيلية التي أخضعت للبحث قد انشغلت بتعميق وغرس القيم والتوجهات العنصرية في عقول الناشئة من أبناء المستوطنين والمهاجرين اليهود ، من خلال التأكيد على مجموعة من القضايا ليجعلوها مع الوقت مسلّمات عندهم ، وذلك عبر عملية منظمة من التوجيه التربوي الذي روّج له قادة الاستعمار في الغرب مع مجموعة من حاخامات أوروبا ، وأدباء ومفكري الصهيونية الجدد أمثال “ليوبنسكر” و”هرتزل” ، والملفت إلى أن هذه التعاليم المنطلقة أساساً من المرجعيات الدينية والثقافية اليهودية والصهيونية الوضعية ، والتي اتسمت بالعنصرية والعدوانية وقيم الإنصياع الكامل إلى التوجهات والإرشادات والمثل الواردة في أسفار التلمود ، وتعاليم الشرّاح والمفسّرين من الحاخامات دون تردد أو مسائلة للضمير والنفس البشرية للتراجع عن هذه الممارسات الوحشية غير الإنسانية وحتى بعد ظهور الأدبيات السماوية الموحدة ، وانتشارها الواسع من أجل تهذيب النفس البشرية في إطار روحي سامٍ وضعه الله لبني البشر على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم .
القصص الموجهة للأطفال اليهود
التربية السياسية للأطفال عبر مجموعة من قصص الموجهة للأطفال اليهود في مرحلة الروضة عبر قصص الأطفال المطبوعة سواء في المقررات الدراسية أم خارجها ، أو القصص التي تحكى شفوياً في الكيبوتسات والمستوطنات ، وفي القرى الزراعية والمدن التي يقيم فيها الأطفال ، حيث يبدأ التعليم بالتركيز على المفاهيم الدينية ، واتخاذ التلمود أساسا للتعاليم اليهودية العبرية ، نظراُ لتباين الثقافة التي ينتمي إليها اليهود الذين جاءوا من بيئات اجتماعية وثقافية مختلفة ، لذا كان لابد من جمع شتات اليهود على أساس التعاليم اليهودية واللغة العبرية ، وتنمية المشاعر القومية المتطرفة منذ مرحلة الطفولة .
والملفت هو المغالطات التاريخية والجغرافية والإنسانية التي تحفل بها المناهج الدراسية الإسرائيلية ، والتي تدعو صراحة للنزعة العنصرية العرقية ، حيث تعمد كتب الجغرافيا التي تدرس للصف السادس الابتدائي لمحو التسميات العربية للمكان من ذهنية التلميذ العربي ، واستبدالها بتسميات عبرية تفضي لحالة من الاغتراب في أحسن الأحوال بينه وبين بلاده وبيئته وأوطانه ، بينما تتسع الكتب بالشروحات حول “الكيبويس” و “الموشافيم” على حساب القرى والمدن المهجرة وغير المعترف بها حتى تبقى هي الأخرى طي النسيان والتنكر.
واشارة بالضوء على التوجهات العنصرية في المناهج التعليمية الإسرائيلية واضحة بالنظرة الاستعلائية تجاه العرب وتزوير التاريخ الإسلامي” ، ومن خلال عينات ونماذج مختارة من الكتب الدراسية المقررة في إسرائيل ، وهي التربية الدينية والتاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية والأدبيات المتداولة في المدارس من قصص وروايات ثم المواد المتعلقة “بالنزاع” العربي – الإسرائيلي ، حيث وجد أن هذه الكتب الدراسية تسعى إلي تشويه التاريخ العربي والإسلامي ، حيث تستخدم الأسماء الحديثة عند تناول أحداث تاريخية قديمة وقعت قبل أن تظهر هذه الأسماء بقرون عديدة ، مثل مصطلح “الشرق الأوسط” مع أن هذا التعبير لم يكن مستخدماً مطلقاً في القرن التاسع عشر قبل الميلاد .
كما لاحظ أيضاً أن الكتب تتضمن خريطة جديدة لفلسطين وأطالس مختلقة لتثبت بدورها يهودية المكان والزمان ، والتي تعمد إلى إبراز الأماكن والمدن والقرى القديمة بأسمائها اليهودية التوراتية ، وإلباس أسماء يهودية للمدن والقرى الحديثة من أجل استبعاد الإنسان العربي من تاريخ فلسطين ، والادعاء بالوجود الدائم والمتواصل لليهود في فلسطين.
ناهيك عن تضمن الكتب الدراسية نصوصاً تحرّض على قتل الآخر، والمحافظة على روح الكراهية اليهودية للأمم والمجتمعات الأخرى ، وتربط ذلك بالنصوص الدينية وفتاوى الحاخامات حتى تحول القتل إلى عبادة ، فضلاً عن الحديث عن المستوطنات والهجرة و”أرض الأجداد” و”الحدود الآمنة” و”قانون العودة” و”الحق التاريخي” و”إسرائيل الكبرى”، وتقدم الحرب على أنها ضرورة حتمية للمحافظة على الديانة اليهودية واليهود ، وتغفل في كثير من المواطن القيم الإنسانية الشاملة ، ولغة الخير والحوار والمحبة.
بالإضافة إلى أن أدب الأطفال العبري قد رسخ في نفوس الناشئة اليهود مشاعر القلق والتوتر والخوف من المستقبل المجهول ، فالفلسطينيون في نظر الطفل اليهودي أشرار متعطشون للدماء، وهم يحرقون الغابات ويجرحون الأطفال بالحجارة ، والواضح أن أدب الطفولة اليهودي كان الأساس في تخطيط السياسة العنصرية التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة في إسرائيل منذ قيام الدولة اليهودية على أرض فلسطين عام 1948م .
تغلغلت في سائر الأجهزة الرسمية والشعبية الإسرائيلية ضمن محاولة لخلق “الإسرائيلي الجديد” أي الإسرائيلي اليهودي الذي خرج منتصرا في حربة ضد سبعة جيوش عربية ، فعاد ليقيم دولته بعد ألفي عام ، وهذا جزء لا يتجزأ من الادعاءات التي تحمل الطابع الأسطوري ، إذ إن هذه الروح اشتدت بعد عدوان 1967م ، واحتلال بعض الأراضي العربية مما مكن الجنرالات العسكريين من الانتقال إلى الحياة السياسية واحتلال مناصب ومواقع عليا على قمة الحكم ؛ ليكونوا فيما بعد النخبة الحاكمة وأصبحوا في نظر الطفولة والناشئة اليهود نماذج يحتذي بها في كل زمان ومكان .
والإجابة تكمن في ما سبق أن أكده وزير المعارف الإسرائيلي في حكومة “بنيامين نتنياهو” عام 1996 ، “أنَّ التربية والتعليم في إسرائيل تهدف إلى خلق صلة وثيقة بين الطلبة والجيش عبر برنامج تعزيز الجاهزية للخدمة في الجيش الإسرائيلي “، هذا البرنامج الذي يتولى فيه ضباط كبار في الجيش مناصب ووظائف إدارية في المدارس ، وذلك بعد إنهائهم خدمتهم العسكرية .
كما أن هناك مشروع “تسافتا” التابع لوزارة المعارف ، والذي يؤهل ضباطاً متقاعدين من الجيش وجهاز المخابرات (الشاباك) للعمل كمربين حيث يتلقون تدريبهم في معهد بيت “بيرل”، ثم يتم إلحاقهم فور تخرجهم بمدارس مختلفة في جميع أنحاء إسرائيل.
الاسرائيليون قد تنبهوا إلى خطورة المجتمع الصغير الذي سيبني مجتمعا كبيرا إذا قدمت له وجبات ثقافية تضمن سلامة البناء فكانت ثقافته مزودة بأسلحة نارية تبث فيه روح الحماس والقتال حتى الموت للمحافظة على مكان آمن يأويه ، فما بال لو كان هذا المكان فلسطين “أرض الميعاد” .