جاءنا الآن
الرئيسية » جاءنا الآن » عثمان علام يسطر: القوى الناعمة التى تطعم من جوع وتؤمن من جهل!

عثمان علام يسطر: القوى الناعمة التى تطعم من جوع وتؤمن من جهل!

منذ أكثر من شهر، ذهبت لشركة الاتصالات لشراء شريحة جديدة ، أمسكت الفتاة بالبطاقة وقرأت الوظيفة والعنوان، ثم قالت : يعني عنوان شغل حضرتك فين ؟، قولت لها مكتوب فى البطاقة

، لم تفهم ،

فحاولت أن أشرح لها ببساطة أنني أعمل في ماسبيرو ،

فردت : ودا فين ؟، قولت لها: متعرفيش ماسبيرو فين ، طيب ولا التليفزيون المصري ؟،

ردت: لا ، دا مكانه فين ….

سألتها ؛ عندك كام سنة ؟، قالت بعد امتعاض : 31 سنة ،

البلد ضاعت 

ضربت كف على كف وقولت العوض على الله ، شابة زيك عندها 31 سنة ومتعرفش ماسبيرو ولا يعني ايه التليفزيون المصري ، دا كده البلد ضاعت .
تذكرت أيام زمان ، كانت تترات المسلسلات ولقطات الأفلام لا يخلو منها واجهة ماسبيرو وصورة مبنى الخارجية المصرية، حتى أن الشباب كانوا يتوافدون من المحافظات لالتقاط الصور أمام المبنى العريق وبجواره الخارجية

عناوين مصر ليست في أذهانهم

، مصر كان لها عناوين كثيرة : ماسبيرو وبرج القاهرة وأهرامات الجيزة والحسين والسيدة والجامع الأزهر ورمسيس وميدان التحرير وميدان مصطفى محمود وشارع جامعة الدول العربية وشارع أحمد عرابي وسفنكس وميدان لبنان والكوربة وميدان الجامع والألف مسكن و روكسي ، وميدان طلعت حرب ولاظوغلي وشارع فؤاد ،

هذا الجيل لا يحفظ لمصر أي عنوان ، هم يحفظون عناوين المولات فقط ، يعرفون عناوين الكافيهات فقط ، لا يلقون بالاً إلا لسيدي عبدالرحمن وهيسندا ومراسي ومارينا ،

لا يعرفون أغانى العظماء

هم لا يعرفون شيء عن أغاني أم كلثوم ولا نجاة ولا عبدالحليم ولا فيروز ولا فايزة أحمد ولا ميادة ولا فريد ولا محرم ، بالطبع هم لا يعرفون محمد حمزة ولا كامل الشناوي ولا توفيق الحكيم ولا هيكل ولا طه حسين ولا نجيب محفوظ ولا يوسف السباعي ولا أحمد رجب ولا مصطفى حسين .
حركة المجتمع أوشكت على الموت، إن لم تكن قد ماتت بالفعل ، القوى الناعمة اندثرت ولم تعد كما كانت عليه من قبل ،

تواجه الفقر

ورغم حالة الضيق والعوز التي كان يعيشها الناس فى الماضي ، غير أن منتج القوى الناعمة كان يشبع عندهم الكثير من الرغبات التي كانت تغنيهم عن المال أو العيال أو العيش وسط المجتمعات الراقية .

القوى الناعمة 
والقوى الناعمة لمن لا يعرفها هي عبارة عن المنتج الثقافي والادبي والفني والتليفزيوني والصحفي ، هي عبارة عن السينما والمسرح والمسلسلات والافلام والمسرحيات ، هي عبارة عن معرض الكتاب وسور الأزبكية ، هي عبارة عن المأثورات الشعبية والنكت والمقالب والشقلابظات الإنسانية المفعمة بالحس البشري الذي ينتقد كل شيء وأي شيء حتى نفسه .

أنا مثلاً أريد أن أشاهد منتجا سينمائيا كأفلام: عريس من جهة أمنية، و السفارة فى العمارة ، وعمارة يعقوبيان ومرجان أحمد مرجان وزوجة رجل مهم ، و معالي الوزير ، والواد محروس بتاع الوزير ، وطباخ الريس وحسن ومرقص ، والكيف وجري الوحوش والعار.

منتج تلفزيونى

، أريد منتج تليفزيوني كمسلسلات: ليالي الحلمية وزيزينا ورحلة أبو العلا البشري وضمير أبله حكمت وخالتي صفية والدير ، والشهد والدموع وأنا وانت وبابا فى المشمش ، ودموع في عيون وقحة وزينب والعرش .

أريد أن أرى منتجا برامجيا مثل: تجربتي للإعلامي طارق حبيب والبيت بيتك وعلى الناصية و حكاوي القهاوي و90 دقيقة “أيام مجده”و عالم الحيوان وسر الأرض وكلام من ذهب ويا تليفزيون يا والنادي الدولي وحوار صريح وفكر ثواني واكسب دقايق وخواطر الشعراوي والكاميرا الخفية ، ونادي السينما ، وغيرهم .

أشياء كثيرة أريدها أن تعود

أشياء كثيرة أريدها ان تعود ، كالندوات الثقافية وحوارات الكتاب والأدباء والمفكرين والمؤتمرات العلمية المتخصصة فى الجامعات ، المحافل الدولية ، أريد شخصيات أمثال: أنيس منصور وسلامه أحمد سلامه وأحمد عبدالمعطي حجازي وبنت الشاطىء وأحمد بهجت وفاروق جويدة وجلال أمين ، وعشرات بل مئات وآلاف غيرهم 

أريد صحافة 

أريد صحافة حتى كالتي كانت وقت إبراهيم سعده وإبراهيم نافع وسمير رجب ورجب البنا ومكرم محمد أحمد وعادل حموده وعباس الطرابيلي وسعيد عبدالخالق وجمال بدوي ومصطفى شردي وعبد الله كمال ، ومئات غيرهم .

الرئيس والبرامج والمقالات

أريد أن يتصل الرئيس بالبرامج التليفزيونية كبرنامج “صباح الخير يا مصر” ، بعد أن تعجبه إحدى الفقرات فيقول وجهة نظره فيها ، أريد أن يهاتف الرئيس رؤوساء التحرير ليبدي غضباً هادئ على مقال لكاتب دون أن يتم منعه ، أو ليُحيي الرئيس كاتب ما سطر مقالاً أعجبه ، أريد عودة الحركة وإحياء الوعي وايجاد حالة من الغليان الفكري التي تجعل الناس تتحدث وتتحدث وتشارك بلدها حتى لو بشكل هامشي .

الصحافة والفساد والإنجازات 

أريد أن تنشر الصحف فساد رجال الأعمال وتقصير الوزراء وإنجاز المشروعات بدون رتوش ، اريد ان يشعر كل مسئول بأنه مراقب رقابة شعبية ، وهي الوحيدة صاحبة السلطة فى مدى الرضا عنه أو السخط عليه ، أريد عودة إذاعة جلسات مجلس الشعب كما كانت ، وأرى ممثل الحكومة ينتقد الحكومة كما كان يفعل الدكتور زكريا عزمي ، حتى لو كان ذلك مجرد شكل ديمقراطي .

جرائم النشر

أريد ألا يتم حبس صحفي في جريمة نشر لأنه انتقد فيها وزيراً أو مسئولاً ، ويقوم الرئيس بإصدار عفو عنه ، موجهاً بذلك رسالة قوية للمجتمع بأنه يؤمن بدور الصحافة ويجلها ويقدسها وأنه لن يقصف قلم في عهده .

مخرج محترف 

أريد أن يعبر الناس عن غضبهم بسبب بيع القطاع العام ومحو الفساد واقالة الفاسدين، وتحسين الأجور ، اريد عودة شعار “يا أنا يا العمارة فى قلب السفارة”،حتى لو كان ذلك عن طريق مخرج محترف يتركون له الحرية فتبدو الصورة كما لو كانت واقعية .

صورة ضابط الشرطة

أريد أن أشاهد صورة ضابط الشرطة وهو يساعد مظلوما ولو بمجرد التعاطف معه ، والطبيب الذي يحارب ماڤيا المستشفيات ، والمهندس الذي يقف بالمرصاد في وجه غش التجار ، والصحفي الذي يكتب وتحقق الجهات فيما يكتب ، والمبدع الذي يحارب من أجل خروج روايته للنور .

مظالم الناس

أريد أن تنشر الصحف مظالم الناس ، فيقرأها المسئولين ويقومون بحلها وتنشر الصحف ذلك ، فيقرأ الناس فيستريحون ويشعرون بالانتماء والحب لبلدهم ، يشعرون بأن هناك هامش من العدل الاجتماعي والعدالة الاجتماعية .

التعليم ومجراه الصحيح

القوى الناعمة هي التي تستطيع فعل كل شيء ، هي التي ستعيد التعليم لمجراه الصحيح وتحارب الجشع والغش والاحتكار ، القوى الناعمة هي الوحيدة القادرة على القضاء على الانحراف والمخدرات ومشاكل البيوت وحالات الطلاق ، القوى الناعمة هي أسرع طريقة لإصلاح حال المجتمع ، وليس هناك بديل لها .

*المقالات مساحة خاصة لكتابها، وليست بالضرورة تعبر عن السياسة التحرير لموقع ومنصة وكالة الأنباء المصرية:إندكس

عن الكاتب

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *