جاءنا الآن
الرئيسية » جاءنا الآن » مروة طلعت تسطر:القصة الحقيقية لجماعة الحشاشين!

مروة طلعت تسطر:القصة الحقيقية لجماعة الحشاشين!

قبل أن تقرأ

*مع ترقبنا للشهر الكريم، والذى سيشهد ضمن الباقة الدرامية، رؤية جديدة للقصة الأشهر “الحشاشين”، من بطولة عدد من النجوم منهم كريم عبد العزيز ، ولذا نستعرض الجماعة وزمن الحشاشين، من خلال حلقات، لعرض حقيقة هذه الجماعة، قبل الغوص في إسقاطات جديدة*

………………

الزمان سنة 1176م، المكان معسكر جيش “صلاح الدين الأيوبي” في الشام. يتقدم رجل ناحية حراس المعسكر، وبالطبع وقفوه يسألوه عاوز إيه. رد بكل ثبات وقال أنه رسول من “سنان راشد الدين” شيخ الجبل، يحمل منه رسالة خاصة وسرية ل”صلاح الدين الأيوبي”.

إسم “سنان” أربك الحراس، لأنهم فهموا أن اللي واقف قصادهم ده واحد من الحشاشين. بعتوا واحد منهم ل “صلاح الدين” يبلغه. أمر “صلاح الدين” بتفتيش الرسول كويس جدا، ما هو “صلاح الدين داق محاولة اغتيال منهم قبل كده وفشلت، وداخل معاهم في صراع وحروب، وغزا معاقل ليهم في الشام وقتل أكتر من 13 ألف أسماعيلي من الحشاشين.

وبعد التفتيش الدقيق ولما ملقوش معاه سلاح ولا حاجة خطيرة سمحوله يدخل لخيمة قيادة “صلاح الدين الأيوبي” في المعسكر. فلما دخل الرسول بص حواليه وقال الرسالة شرطها أن محدش يكون مع “صلاح الدين” في المكان. فأمر “صلاح الدين” الجمع بالأنصراف ففضل موجود عدد قليل من الناس، رجع الرسول وقال: “أمرني سيدي إلا أقدم الرسالة إلا في عدم حضور أحد”.

أمر “صلاح الدين” الباقي بالانصراف ما عدا اتنين من المماليك حراسه الشخصيين جدا المؤتمنين جدا جدا. فقال الرسول: “لقد أمرت بالا أقدم الرسالة في حضور أحد على الإطلاق”. رد عليه “صلاح الدين” وقاله: “هذان المملوكان لا يفترقان عني، فإذا أردت فقدم رسالتك وإلا فارحل”. وبهدوء مستفز قال الرسول: “لماذا لا تصرف هذين الاثنين كما صرفت الآخرين؟”.

رد “صلاح الدين” وقاله: “أنني اعتبرهما في منزلة أبنائي وهم وأنا واحد”، يعني من الآخر الاتنين دول روحي روحهم وأضمنهم زي نفسي. فبص الحشاش للاتنين المماليك اللي “صلاح الدين” بيعتبرهم أبناؤه وقالهم: “إذا أمرتكما باسم سيدي أن تقتلا هذا السلطان فهل تفعلان؟”.

وهنا صعق لما لقي الاتنين المماليك اللي بمنزله أبناءه بيجردوا سيوفهم من جرابه ويقولوا: “نعم أؤمرنا بما تشاء”. وسابوه التلاتة “صلاح الدين” في صدمته وخرجوا. وبكده وصل شيخ الجبل زعيم الحشاشين رسالته. الحكاية دي اللي حكاها المؤرخ الحلبي “جمال الدين القفطي”. وعن صراع “صلاح الدين الأيوبي” والإسماعيليين الحشاشين فأنا ذكرتها في سلسلة سيرة “صلاح الدين الأيوبي” وهسيبلك لينك الجزء ده منها في الكومنتات.

نلف عقارب الزمن لورا لحد رجب سنة 1081م، لما “حسن بن الصباح” صحي لقي نفسه مرمي علي شواطئ عكا بالشام، بعد ما السفينة اللي كان فيها طالعة من أسكندرية رايحة المغرب تاهت في البحر وغرقت. وشاء القدر أنه ينجي “حسن بن الصباح” عشان يعرف العالم أن اللي فات كان أحسن بكتير من اللي جاي. ساب “حسن بن الصباح” عكا وأنتقل لسوريا وسابها وراح بغداد مقر الخلافة العباسية، ولما ضاقت العيشة فيها رجع لأصفهان تاني في ذو الحجة سنة 1081م.

كان السلاجقة المتبعين لمذهب السنة بيحكموا بلاد فارس في الوقت ده، وأصفهان كانت من ضمن بلاد فارس. السلاجقة هم في الأصل من أتراك الأوغوز في أسيا الوسطي، واللي أسس الدولة السلجوقية في ايران وأفغانستان وأسيا الوسطي هو “أرطغرل بك”، لكن في الفترة اللي بنتكلم عنها كان الحاكم هو “ألب أرسلان” العظيم. اللي يهمنا في حكايتنا النهاردة هو وزير الدولة السلجوقية “قوَّام الدين أبو علي الحسن بن علي بن إسحاق بن العباس الطوسي” الملقب بـالفارسية “خواجة بزك” ومعناها بالعربية “نظام الملك”.

قال الإمام “شمس الدين الذهبي” عن الوزير “نظام الملك”: “عاقل، سائس، خبير، سعيد، متدين، محتشم، عامر المجلس بالقراء والفقهاء”، “كان فيه خير وتقوي، وميل الي الصالحين، وخضوع لموعظتهم، يعجبه من يبين له عيوب نفسه، فينكسر ويبكي”، “ما جلس إلا علي وضوء، وما توضأ الا تنفل، ويصوم الاتنين والخميس”، “كان يتصدق كل صباح بمائة دينار”، “بهر العقول سيرة النظام جودا وكرما وعدلا، وإحياء لمعالم الدين، كانت أيامه دولة أهل العلم”.

“نظام الملك” كان سياسي عظيم رجل المهام الصعبة، ساعد بشكل كبير جدا في ترسيخ جذور وقواعد الدولة السلجوقية، راجل ذكي وحكيم وتقي، كانت أيامه كلها عدل وخير ورخاء.أهتم بالعلم ومحاربة الجهل والتشدد فأنشأ مجامع علمية، ومدارس راقية، فكان “نظام الملك” أول واحد أنشأ المدارس النظامية، اللي هو شكل المدارس الموجودة حاليا مش مجرد جلسات فقة ودين في صحن جامع، لا دي مدارس اتقلدت بعد كده في العالم كله بتدرس كل العلوم الدينية والدنيوية.

وأحضر أحسن وأفضل العلماء والشيوخ، عشان يواجه بيهم الفكر المتطرف والمذاهب الفكرية الباطنية، من بينهم “أبو أسحاق الشيرازي” و”الغزالي”، وتلاميذ المدارس دي كان لهم دور كبير في بناء جيل “صلاح الدين الأيوبي”. صرف “نظام الملك” ببزخ علي المدارس، وحرص على الراحة الكاملة للطلاب، فخصص سكن في المدارس عشان يسكن فيها طلابها زي المدارس الداخلي، وأعطى كل واحد منهم أربعة أرطال من الخبز كل يوم لإعالته – أكيد فيه غموز مش حاف – وبنى في كل مدرسة مكتبة ضخمة في كل صنوف العلم.

وصلت تكاليف بعض المدارس ل 10 آلاف دينار، وعدد طلابها وصل ل 300 طالب علم. وأهتم “نظام الملك” بزيارة المدارس بنفسه بشكل دوري عشان يتأكد من أن أمورها ماشية تمام من غير انحراف لأهداف المدارس الأساسية، وكان بيشترط لتعيين مدرس في المدارس النظامية أنه يكون علي المذهب السني وبالتحديد شافعي فقط.

ومش بس كانت أمجاده في التعليم بس ده كان عظيم في تنظيم أمور الحكم، وعمل نهضة حضارية كبيرة جدا، فكانت الدولة السلجوقية أيامه في أقوي مراحلها أقتصاديا واجتماعيا وعسكريا، حتي لما مات السلطان “ألب أرسلان” وتولي من بعده أبنه “ملكشاه” كان سايب أمور الحكم في ايد “نظام الملك” ثقة فيه لأنه كان سياسي محنك ومصلح أجتماعي قدير. 

لما رجع “حسن بن الصباح” لأصفهان سنة 1081م، كان بدأ تفكيره يتغير، وطموحه يعلا، ويكتفي بمكانته المؤثرة في صفوف الشيعة الإسماعيلية. تجربته مع “بدر الدين الجمالي” خلته ياخد قرار أنه لازم يكون في إيده قوة.

كانت شخصيته القيادية القوية رافضة هزيمته، وفي نفس الوقت ذكاؤه دله أن القوة بتيجي بمجاورة السلطة والاحتماء بيها، من جاور السعيد يسعد. وبنفس مبدأ ريا وسكينة اللي سكنوا ورا القسم، راح “حسن بن الصباح”يتودد ويتقرب ل “نظام الملك” شخصيا. وزي التعبان دخله من ثغراته.

هو عارف أن “نظام الملك” بيحارب الشيعة الباطنة عشان كده أخفي تماما أننه شيعي من أصله. وعارف أن “نظام البلد” بيقدر العلم والعلماء، ودي لعبة “حسن بن الصباح” المفوه المثقف النبيه الفطن.

وبيلاقي “نظام الملك” نفسه قصاد شخصية جذابة، مثقف، ساحر، ثابت الرأي، عاقل، مفوه، حكيم. وقال “نظام الملك” لنفسه يسلام علي زينة العلماء هذا ذوقي.

للأسف إنخدع “نظام الملك” بجلالة قدره في “حسن بن الصباح” حتي الثمالة، أقولك إيه أقولك أن “نظام الملك” الوزير القوي اللي قامت علي كتافه سلطنة قوية زي السلاجقة أنخدع في “حسن بن الصباح” وعاش في كنفه ومتغرق في عطاياه ونعيمه 9 سنين كاملة من غير ما يشك حتي فيه لحظة. 

عاش “حسن بن الصباح” مقرب من “نظام الملك”، قصاده سني شافعي عالم جليل، وورا منه يخرج للقري البعيدة عن أصفهان ينشر الدعوة للاسماعيلية الباطنة وفي جيبه دهب عطايا “نظام الملك” يزغلل بيهم عيون الناس جنب كلامه المعسول، وقوة تأثيره الفظيعة. لو فيه حاجة أسمها تناسخ أرواح كان هيبقي أكيد “راسبوتين” ما هو الا “حسن بن الصباح” في حياة أخري. للأسف ربي “نظام الملك” الحية تحت عبايته وأول ما كبرت لدغته. وللحديث بقية    

(يتبع…..

المصادر:-

سير أعلام النبلاء ج16 الطبقة 25 – شمس الدين الذهبي.

دولة النزارية – طه شرف.

حركة الحشاشين تاريخ وعقائد أخطر فرقة سرية في العالم الإسلامي – د/ محمد عثمان الخشت.

طائفة الإسماعيلية تاريخها، نظمها، عقائدها – د/ محمد كامل حسين.

الدولة الفاطمية في مصر سياستها الداخلية ومظاهر الحضارة في عهدها –

د/ محمد جمال الدين سرور.

الكامل في التاريخ ج9 – ابن الأثير.

البداية والنهاية ج 16 – ابن كثير.

عن الكاتب

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *