جاءنا الآن
الرئيسية » جاءنا الآن » د.محمود العدل يسطر: أهداف وخلفيات عودة العلاقات المصرية التركية

د.محمود العدل يسطر: أهداف وخلفيات عودة العلاقات المصرية التركية

د.محمود العدل

– طويت زيارة أردوغان للقاهرة فى الرابع عشر من فبراير الجارى، عقدا كاملا من القطيعة السياسية بين البلدين ، ليشهد يوم الزيارة سطوع جديد لشمسً دافئة مشرقة بنورها الساطع بين القاهرة وإسطنبول، العاصمة التاريخية لتركيا .

ولقد كتبنا كثيراً خلال السنوات الماضية عن أهمية إستمرار العلاقات والقفز على جميع الخلافات بالجلوس على مائدة واحدة لحل أى خلافات شاردة أو واردة لأن ذلك المنطق السليم للخلافات داخل العائلة الواحدة ( المصرية والتركية ) فما يجمع البلدان ، أكثر بكثير مما يفرقهما .

المجلس الأعلى للعلاقات الاستراتيجية

1- وقع الرئيسان السيسى وأردوغان على إتفاق لتأسيس المجلس الأعلى للعلاقات الإستراتيجية برئاسة رؤوساء البلدين لينعقد بصفة دورية كل عامين بالتناوب بين القاهرة وأنقرة ، وسيعقد الاجتماع الأول خلال الزيارة المقبلة للرئيس السيسى لأنقرة فى مايو المقبل . كما سيعمل المجلس الاستراتيجى الأعلى على التعاون المشترك بيت مصر وتركيا فى المجالات السياسية والدبلوماسية و الاقتصاد والتجارة، والنقل والطيران والسياحة و الصحة، الصناعات الدفاعية والعسكرية و الثقافة والتعليم والعلوم التكنولوجية.

2- كما تم تكليف وزراء خارجية البلدين، بالتنسيق مع الوزراء الآخرين المعنيين، باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لإعداد مذكرات التفاهم والاتفاقات اللازمة لتفعيل التعاون في هذه المجالات للتوقيع عليها فى الزيارة المقبلة .

3- كما سيحدد المجلس الأعلى شكل التعاون والتكامل فى العهد الجديد من العلاقات بين البلدين (عهد المصالح المشتركة ) لتشهد العلاقات السياسية توافقاً وعملاً مشترك فى مناطق تماس الأمن القومى المصرى، لتكون ليبيا هى أولى تلك الملفات التى ستشهد تعاون وتوافق فى الرؤى المشتركة لذلك تنتظر الدولة المصرية من تركيا تعاون مثمر وصاحب أثر واستقرار فى الدولة الليبية وذلك بتفعيل خارطة الطريق التى تم الإتفاق عليها للشأن الليبى وتسليم إدارة ليبيا إلى حكومة منتخبة من أبناء الشعب الليبى لتحدد الحكومة الليبية المقبلة أهدافها ومصالحها العليا بأيد أبناء ليبيا.

كما تنتظر مصر من تركيا أيضاً تعاون مشترك فى إعادة إعمار ليبيا سواء بالغرب أو الشرق الليبى وذلك لعودة الرخاء والتنمية للدولة الليبية .

تشهد الزيارة الرئاسية المقبلة آلية تعاون مصرى تركى فى أفريقيا بشكل عام وفى القلب منها مناطق النزاع فى السودان والصومال ودول حوض النيل ، ذلك لأهمية العمق الأفريقى الاستراتيجى للدولة المصرية ، التى أسست منظمة الوحدة الإفريقية فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر ، والذى أصر على أن يكون المقر فى أديس أبابا حفاظاً على العلاقات الأخوية بين مصر وإثيوبيا فى ذلك الوقت .

إتفاقيات زيارة مايو المقبلة لأنقرة

من الأهمية استثمار القاهرة وأنقرة لقوة عودة العلاقات بالزيارة الرئاسية المقبلة لتركيا لتتضمن تفعيل المجلس الأعلى للتعاون الاستراتيجى برئاسة الرئيس السيسى والرئيس أردوغان ، وذلك بالعمل على توقيع الاتفاقيات التالية :-

 (أ) اتفاقية تعاون فى الصناعات الدفاعية التركية مشتملة على خطة تدريبية مشتركة بين البلدين

(ب) اتفاقية تعاون بين القطاع الخاص المصرى والتركى فى صناعة الطائرات المسيرة .

(ج) برتوكول تعاون فى التعليم التكنولوجى الجامعى بين وزارة التعليم العالى المصرية والتركية .

(د) برتوكول تعاون فى التعليم التكنولوجى قبل الجامعى بين وزارة التربية والتعليم المصرية والتركية .

 (د) اتفاقية تعاون بين الأرشيف العثمانى ودار المخطوطات المصرية 

السيسي وأردوغان .. وعودة العلاقات المصرية التركية

زيارة أردوغان لمقام سيدنا الإمام الشافعى :-

استحوذت زيارة الرئيس أردوغان لقبر الإمام الشافعي بمنطقة السيدة عائشة بالقاهرة على اهتمام كبير وتحليلات متعددة ، ولكن نرى أن زيارة أردوغان لضريح إمامنا الشافعى ، ترجع لما يلى :-

1-القيمة الكبيرة لمولانا الإمام الشافعي أحد أئمة الفقه السني الكبار ، كما أن زيارة العتبات المقدسة فى القاهرة هو تقليد عثمانى قديم منذ دخول السلطان سليم الأول للقاهرة .

2- وجود مقابر العائلة الملكية أو مقابر أسرة محمد على باشا، أو كما يطلق عليها حوش الباشا فى مقابر الإمام الشافعي، وهي تضم مجموعة من المدافن تعود للأسرة الملكية العلوية بجوار مسجد الإمام الشافعي.

ويعود تاريخ إنشاء مقابر “حوش الباشا”، إلى عام 1816 ، حيث بناها الوالى محمد على باشا، ولكنه لم يدفن بها ، حيث دفن بجامعه الشهير فى قلعة صلاح الدين..

ومدفون بالمقابر بعض ولاة مصر مثل إبراهيم باشا وعباس حلمي الأول وغيرهم ، كما أن دلالة الزيارة أيضا هو إبراز الأهمية الدينية والسياسية والتاريخية للمنطقة فى العلاقات التاريخية بين مصر وتركيا.

فبالنسبة لتاريخنا المشترك ، أسرة محمد علي وفترة حكمهم لمصر جزء مهم وصاحب أثر كبير فى الدولة المصرية الحديثة ، كما أن هذه الزيارة كان مرتباً لها منذ عام ٢٠١٢، وكان وقتها قد أبدت مؤسسة (تيكا) التركية رغبتها في ترميم مسجد وضريح الإمام الشافعي والجامع الأزهر في إطار التعاون المشترك والحفاظ على الآثار والقواسم التاريخية المشتركة بين البلدين .

رسائل لقاءات السيدتين انتصار وأمينة وصلت للجميع

انتصار السيسى والوالدة باشا :

يزخر تاريخ العلاقات المصرية التركية بسيدات عظيمات ساعدت على نمو العلاقات ووصولها إلى مستوى عالى فى وقت قياسى ، وكانت الوالدة باشا والتى كانت واحدة من تلك النساء ، حيث كانت من أعظم نساء القرن العشرين ، التى لقبت بأم المحسنين وسيدة التعليم الأولى ممن ذكرهم التاريخ ووقف عند أعمالها كثيراً.

و لقد شهدت زيارة الرابع عشر من فبراير ، لقاء هو الأول بين السيدة انتصار السيسى والسيدة أمينة أردوغان ، إستطاعت السيدة إنتصار السيسى فى ذلك اللقاء كسيدة مصرية من ترك انطباع وأثر كبير فى نفس السيدة أمينة أردوغان ، والتى تحدثت عن وصف السيدة انتصار بأنها بالغة التأثير على ضيوفها و سيدة لبقة وحسنة المعشر واللقاء ، وقد جاء المؤرخون بهذا الوصف أيضا على الوالدة باشا ، مما جعلنا نضعهم فى منزلة واحدة فى تاريخ وعودة العلاقات المصرية التركية .

لذلك من المتوقع أيضاً خلال الزيارة القادمة لتركيا أن تشهد مصر وتركيا تعاون كبير فى مجلات الإغاثة والعمل الإنسانى المشترك بين البلدين برئاسة السيدة إنتصار السيسى والسيدة أمينة أردوغان 

تركيا فى العقل والوجدان المصرى :-

1- تظل لتركيا وأسطنبول مكانة خاصة فى العقل والوجدان المصرى ، عندما ينظر المصريون إلى تركيا فأنهم ينظرون إلى الدور التاريخى الذى قامت به القاهرة فى دعم الدولة العثمانية منذ دخول العثمانيين مصر عام 1517 م بقيادة السلطان سليم الأول ، الذى أتى للقاهرة سلطاناً وخرج منها خليفة للمسلمين يدعى له على منابر العالم السنى ، هو ومن بعده من سلاطين الدولة العثمانية أكثر من أربعمائة عاماً حتى سقوط الدولة العثمانية.

وذلك عندما تنازل آخر الخلفاء العباسيين فى القاهرة ” محمد المتوكل على الله ” عن حقه فى الخلافة للسلطان وسلمه راية الخلافة والأمانات المقدسة لرسولنا الكريم صلى الله علية وسلم ، والتى استقر بها فى قصر طوب قابى بأسطنبول ،حيث كانت الخلافة الإسلامية فى القاهرة رمزية فى العهد المملوكى.

2- كما أن لتركيا مكانة خاصة فى مصر فعندما ننظر إلى عمارة إسطنبول الإسلامية فأننا نتذكر المهندسين والفنيين المصريين الذين إصطحبهم السلطان سليم معه لإحداث نهضة معمارية فى أسطنبول.

3- كما أن المصريين عندما ينظروا لتركيا الحديثة ، فأنهم يتذكروا المسئولية التاريخية لمصر فى احتضان عدد من الأدباء وعلماء الدين الترك ، الذين أتوا إليها بعد سقوط الخلافة وإنشاء الجمهورية التركية الجديدة ليقضوا حياتهم بالقاهرة ويدفنوا فى أرضها.

4- كما أن التاريخ المشترك بين مصر و تركيا تجده حافلا بالنماذج والمواقف الداعمة للدولة العثمانية تاريخياً وأدبياً وعسكرياً أيضاً فى معارك عديدة شهدت محاربة الجندى المصرى بجانب التركى وإستشهادهم جنباً إلى جنب.

*الكاتب ، خبير الشئون التركية ، أستاذ الدراسات التركية بجامعة الزقازيق، محاضر بكلية الدفاع الوطني- أكاديمية ناصر العسكرية، رئيس وحدة الدراسات التركية بمركز الدراسات الاستراتيجية وتنمية القيم الوطنية*

 

 

المقالات والتحليلات مساحة خاصة لكتابها، وليست بالضرورة معبرة أو متوافقة مع موقعنا ومنصتنا وكالة الأنباء المصرية:إندكس، مع كامل التقدير لمبدعينا

عن الكاتب

الوسوم

One thought on “د.محمود العدل يسطر: أهداف وخلفيات عودة العلاقات المصرية التركية

  1. ماشاء الله ؛عندما يتحدث أهل العلم والتخصصنحصل علي العطاء غير المحدود في سرد تاريخ مشرف بين البلدين وعلاقات لها جذور تاريخية وحاضر طيب ومستقبل مليئ بالإنجازات والأستثمارات ، دمتم ودام عطائكم معالي أ.د.محمود العدل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *