مؤلف أدبي/ فريق مساحة إبداع
كانت متزوجة ولها ابنتان وتعيش عيشة رغدة
حتى اتاها زوجها ذات يوم وقال لو علمتي أن أصلي من الجن فهل ستعيشين معي؟
قالت ماهذا التخريف؟
قال تخيلي وأجيبيني
قالت طبعا لا
قال لماذا؟
قالت لا آمن على نفسي منك
قال أولا تحبينني؟
قالت بلى أعشقك بجنون لكن لا أستطيع أن أحب شيئا أخافه علاوة على ذلك جنسان مختلفان يستحيل أن يتفقا
قال وبيننا ابنتان ما مصيرهما في قلبك؟
قالت اخاف منهما أيضا
قال قد حملتيهما تسعة في بطنك!
قالت وإن
وباتا تلك الليلة متظاهرين إلا أن زوجها لم ينم أصلا
حتى افاقت وجدت البيت خاويا من زوجها وابنتيها
ووجدت رسالة من زوجها يقول فيها: إني قد حاولت أن أمهد لك مرارا بحقيقتي ولكن لم أجد في قلبك صمودا
هل تذكرين حين كنت صغيرة في بيت ابوك كنت دائما تمشطين شعرك وتتمرجحين عند شجرة التفاح في حديقتكم وكنت أنا مشغوفا بالتفاح كثيرا كنت اتسلل من أرضنا عبر هذه الشجرة وتعودت عليك حتى عشقتك وجلست حينا من الدهر اراقبك تكبرين وتزدادين جمالا وازداد بك عشقا الى أن اصبحت فتاة في سن الزواج
فاعلمت أهلي بعشقي لك ورغبتي في الزواج منك فقوبلت برفض شديد لاسيما أن أبي هو سيد قبيلتنا ومن غير المعهود أن يتزوج الجن بالإنس إذ أننا ننظر لجنسكم نظرة دون
الا أنني أصررت على طلبي متحديا عاداتنا وتقاليدنا وأبي الذي قرر نفيي من أرضنا إن لم أعد عن قراري ولكنني تحديت قومي كلهم ونفيت من أرض الجن وتزوجت بك يا قلبي وكانت حياتنا سعيدة الى أن جائني مرسول من قومي يطلبونني فيه
إذ أنه نشبت حرب عظيمة ضروس بين قبيلتنا وقبيلة مجاورة وقتل جدي وأبي وأعمامي وأخوتي ولم يبقى غيري لسوء حظي وحظهم أيضا
ولا مفر من الرفض يجب أن أعود لأدافع عن أرض أجدادي فلم يكن مجال للرفض وخفت أن اودعك ابنتينا فترميهما أو تقتليهما لو بان شيء من جنسهما الجني
بعد أن أكدت لي موقفك مرارا من استحالة العيش معي وابنتاي والحق يقال أنني لم أستطع مصارحتك بحقيقتي ولكن حاولت التلميح لك كثيرا وفي كل مرة تصدينني
فآثرت بالهرب بهما علنا نلتقي ان انتصرنا في الحرب أو نلتقي في حياة اخرى…….. سامحيني
ووصيتي لك بحق عشرتنا وحبنا الطاهر أن لا تخلعي خاتم زواجنا من اصبعك واستحلفك بكل ما هو غال ومقدس في حياتك……….. زوجك المحب.
جن جنونها لما قرأت الرسالة ووجدت البيت خاليا من ابنتيها
وتساقطت دموع اللوعة على خديها
لم تفكر في ابنتيها ولا في زوجها الذي من الجن
اذ تتساوى الأجناس أمام الحب العظيم
كل ما كان يشغل بالها هو أن يصيب عائلتها مكروه حتى وإن كانو من الجن
صحيح أن الانسان لا يستطيع تقدير الاشياء حق قدرها الا حين يفقدها وأخدت تنظر لخاتما بحرارة وتحس بدفئ في اصبعها وقلبها فتعلم أن حبيبها بخير
ومرت الأيام والليالي وهي لا علم لها بمصير عائلتها وهذا ما كان مضنيها اذ كيف تستعلم عنهم؟
حاولت مرارا أن تذهب لمشعوذين يدعون الاتصال بالجن ولكن لا فائدة اذ اكتشفت أنهم مجرد محتالين
الى أن جاء يوم دخلت الحمام تغتسل وخلعت خاتمها
وحين خروجها نسيت خاتمها في الحمام وخلدت للنوم اذ كانت متعبة من قراءتها لكتب الجن طوال الوقت
رأت حلما عجيبا!!
ابنتاها يبكون وهما ينظران اليها والى ابيهم الذي كان يحارب غولا أسود ضخم ينفر النيران من انفه في كل مكان
صرخ بها زوجها لما خلعتي الخاتم ارجوك ارتديه ولا تخلعيه مرة اخرى
افاقت من نومها مفزوعة ممسكة بأصبعها فانتبهت أن الخاتم غير موجود
فنهضت مسرعة للحمام ولبست الخاتم وهي مرهقة جدا من هذا الحلم المخيف وفي نفس الوقت تفكر لماذا لم أحلم بهم إلا بعد أن خلعت الخاتم وأخدت تحملق في فصه البلوري الأحمر أمام المرآة لوهلة الا أنها سمعت صوتا خارج المنزل
فاقتربت من نافذة الحمام لتفاجئ بمعركة بين نسر أحمر وكلب أسود و فوق غصن شجرة التفاح وقفت حمامتان بدا أنهما يراقبان المعركة وكان الكلب ضخما جدا الا أن النسر كان سريعا..
لم تستوعب ما تراه عيناها وسط الذهول والهلع الشديدين أخذت تتذكر الكابوس الذي حلمت به لتوها الذي بدأ يتلاشى شيئا فشيئا….