جاءنا الآن
الرئيسية » جاءنا الآن » محمد رفعت يسطر: مدد ياجمعة!

محمد رفعت يسطر: مدد ياجمعة!

محمد رفعت

حصل برنامج “مدد” الذي قدمه الإعلامي عبد الفتاح مصطفى على قناتي “الحياة” و”الناس” طوال رمضان الماضي، على الكثير من الإشادات النقدية والجماهيرية، وقدم نموذجاً فريدًا من نوعه، للبرنامج الديني الذي يخاطب الجمهور بلغة حوارية بسيطة تلامس القلوب والعقول.
وتناول “مدد” مهن الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، حيث تم تخصيص حلقة لكل مهنة على مدار أيام الشهر الكريم، وتنوعت هذه المهن لتشمل مهنًا مثل البواب والنجار والسكرتير، مع تسليط الضوء على صفات أصحابها وكيف وظفوها في خدمة الإسلام.
وقدم البرنامج أيضًا حكايات ملهمة عن بعض الصحابة، مثل مهنة رجل الأعمال من خلال قصة عثمان بن عفان، والمخطط الاستراتيجي للحرب من خلال قصة سلمان الفارسي، والسفير أو الدبلوماسي من خلال قصة جرير بن عبد الله، والمعلم أو الأستاذ من خلال قصة سيدنا أبي سعيد الخدري.
وكشف هذا البرنامج المميز مدى القصور الذي تعاني منه معظم البرامج الدينية فى التليفزيون، والتي ما تزال تنحصر فى فتاوى مبطلات الوضوء وفوائد الصيام، والمستحقين للزكاة، وتبتعد تماماً عن القضايا الحياتية اليومية التى تشغل الناس والأمور الخلافية التى تعمق روح التشدد وتغرق المشاهدين فى تفاصيل لا قيمة ولامعنى لها ويدخل معظمها فى باب العلم الذى لاينفع.
ولو كانت البرامج الدينية فى التليفزيون الرسمى والفضائيات الخاصة تقوم بدورها فى توعية المشاهد بصحيح الدين، وتركز على قيم التسامح مع الآخر وأخلاقيات المسلم الحقيقى، لما وجد شيوخ التطرف فرصة لصب الزيت على النار وملء عقول الشباب بأفكار متشددة، وشغلهم بأمور لاخير من ورائها ولامعنى لإثارتها سوى بث روح التشاؤم والحقد في النفوس وتشويه الرموز وإثارة الشك والبلبلة.
وهنا تبدو أهمية برنامج مثل “مدد”، والبرنامج الجرئ الذي تحاور من خلاله مفتي الجمهورية الأسبق د.علي جمعة مع مجموعة من البنات والأولاد في عمر الزهور، وأجاب على أسئلتهم الحائرة في العديد من الأمور التي كانت تعتبر لفترة طويلة من المحظورات والموضوعات المحظور الكلام فيها.
وهو ما يبرر حملات الهجوم الشرسة على الشيخ الجليل على مواقع التواصل الاجتماعي لرفض آرائه الجريئة واللجوء إلى حيلة العاجز والجاهل، وهي إثارة الزوابع والشكوك حول الشخص، بدلاً من مناقشة أفكاره بعقل ومنطق وروية.
ويكفي الدكتور علي جمعة أنه ألقى أحجاراً عديدة في المياه الراكدة، وتمكن بعلمه الغزير وأسلوبه الهادئ ولغته البسيطة وافكاره الواضحة الواثقة من أن يقنع الكثيرين بمراجعة أفكارهم ، التي كادت تصل إلى درجة اليقين في العديد من الأمور الدينية والحياتية، عملاً بالمبدأ الإسلامي ، الذي يحض على التفكير والاجتهاد، ويبشر المجتهد بالأجر حتى ولو أخطأ ، بشرط أن يكون اجتهاده مبنياً على بحث وعلم وخالصاً لوجه الله تعالى، والغرض منه هو مرضاة الله ومصلحة الناس، وليس الجدل لمجرد الجدل.
محمد رفعت

عن الكاتب

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *