نفس النموذج فهل الشعوب كلها مصابة بالغباء والعمى ، كما توقعنا في تحليلات سابقة ، من المخطط أن تكون الثورة الشبابية البنغالية محطة جديدة لفوضي أوسع في منطقة جديدة من العابن، فبعد فترة غير بغيد من الاضطرابات الداخلية في باكستان، تخلص خلالها الجيش من رئيس الوزراء، ووسط استقرار سياسي في الهند، اشتعلت بنجلاديش فجأة ، وتحولت مجرد هبة شبابية لثورة عارمة، ونهاية لنظام، وصعود للجيش ، وتطورات طائفية متسارعة، وتحولت لمواجهات بين الإسلاميين والهندوس، من الممكن أن تمهد لمواجهات بين الهنود الهندوس المتطرفين الحاكمين، والذين يعرضوت المسلمين لكل أنواع العذاب.
فبعد أسابيع من الاحتجاجات التي قادها طلاب الجامعات جراء الغضب من نظام الحصص في الوظائف الحكومية، اضطرت رئيسة وزراء بنغلاديش الشيخة حسينة للاستقالة والفرار من البلاد مع تحول التظاهرات التي بدأت سلمية إلى العنف.
لكن في تكرار لمشهد الانتفاضات العربية، لم يتوقف العنف برحيل رأس النظام السياسي، بل تحول إلى عنف طائفي تقوده مجموعات من أتباع التيارات المتطرفة.
لايفوتك
بنجلاديش بعد الشيخة الفاسدة وظهور الجيش: القصة الكاملة لأجواء أحدث ثورة شبابية حول العالم
منذ رحيل الشيخة حسينة يواجه المواطنون الهندوس وغيرهم من الأقليات عنفاً من قبل إسلاميين وآخرين ممن اعتدوا على معابد ومنازل ومصالح الهندوس الذين يشكلون نحو 8 في المئة من السكان البالغ عددهم 170 مليون نسمة، مما أدى إلى موجة نزوح قسري لمئات المواطنين إلى الهند التي اضطرت نهاية الأسبوع الماضي إلى احتجاز العشرات ممن حاولوا عبور الحدود، بينما ينتظر مئات آخرون السماح بدخولهم.
يشكل الهندوس الأقلية الأكبر عدداً في بنجلاديش ذات الغالبية المسلمة، لكن ما يزيد حالة الاحتقان تجاههم هو اعتبارهم مؤيدين لحزب الشيخة حسينة “رابطة العوامي” الذي يقدم نفسه على أنه حزب علماني إلى حد كبير، ويرتبط بعلاقات قوية مع الهند. ومن ناحية أخرى، يُنظر إلى حزب “بنغلاديش الوطني” المعارض على أنه متحالف مع باكستان.
ووسط غياب الشرطة التي قامت بالإضراب احتجاجاً على قتل زملائهم، أفادت وكالات الأنباء عن مهاجمة مئات المنازل الهندوسية ونهبها وإحراقها، وإلحاق أضرار بالمعابد في غاشور وباغيرهات وماجورا ودكا. وحرق المتطرفون منزل راؤول أناندا، الموسيقي الهندوسي البارز الذي التقى بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون العام الماضي. كما وردت تقارير عن قيام متطرفين بإحراق منازل المسلمين من الطائفة الأحمدية، وهي أقلية مسلمة يتم تكفيرها في باكستان.
وقالت ديبرا براتيفا داس، وهي كاتبة من الأقلية الهندوسية، إن “الهجمات تحدث في المناطق الريفية في الغالب”، بينما في المناطق الحضرية، “يحمي الطلاب من المدارس والكليات والمدارس الدينية المعابد”. وأضافت أن بنغلاديش كانت معتادة على العنف الطائفي أثناء التحولات السياسية، لكن من غير المرجح أن يواجه الجناة العدالة لأن “الأحزاب السياسية تلوم بعضها البعض على الهجمات”.
مشهد هدم المعابد والتماثيل البوذية في بنغلاديش جنباً إلى جنب مع الاعتداء على الأقليات ونهب وإحراق منازلهم يدفع بمخاوف بشأن سيطرة المتطرفين على البلاد التي عانت بين عامي 2013 و2017 موجة من صعود الجماعات الإرهابية الموالية لتنظيمي “داعش” و”القاعدة”. ووفق تقرير سابق لمؤسسة “جيمس تاون للأبحاث”، هناك قلق بشأن ظهور مجموعات جهادية جديدة مثل “جماعة الأنصار”، التي تهدف أنشطتها إلى إحياء وتعزيز المشاعر الجهادية، وقد تؤدي إلى تجدد الحملات المسلحة في بنغلاديش.
ونقلت صحيفة “ديلي تليغراف”، عن أنيسة إسلام وهى طالبة شاركت في الاحتجاجات ضد الشيخة حسينة “لقد حاربنا من أجل الديمقراطية، أتمنى ألا يستغل المتطرفون الإسلاميون الوضع ليشقوا طريقهم نحو السلطة”.
وحذر ساجيب جوى نجل الشيخة حسينة، من أن الوضع في بنغلاديش “يبدو مثل سوريا وأفغانستان”، قائلاً في مقابلة مع وكالة “أنباء إندو آسيا”: “اليوم بنغلاديش تشبه سوريا أو أفغانستان. لا يوجد قانون ولا نظام. بعد هذا، الأمر متروك لحكومة (محمد) يونس، إذا كانوا يعتقدون أن بإمكانهم السيطرة، ربما سنحظى بالديمقراطية مرة أخرى. إذا لم يتمكنوا من ذلك، فستصبح بنغلاديش مثل أفغانستان”.
وأضاف جوى أن “أعمال الشغب والنهب والتخريب مستمرة في كل مكان. هناك القليل من الأمن في مدينة دكا حيث يتم نشر الجيش هناك. ولكن خارج دكا، إذا نظرت إلى وسائل التواصل الاجتماعي، فهناك فوضى كاملة. لا توجد شرطة ولا يوجد قانون ونظام”. وتابع “أنتظر لأرى كيف ستسيطر الحكومة المؤقتة.
اتهامات لباكستان
ألمح جوى بوقوف باكستان وراء الفوضى في البلاد، قائلاً إن إسلام أباد طالما كانت ضد استقلال بنغلاديش، “لقد قاتلنا للاستقلال عنهم. لذا، أظن أن الاستخبارات الباكستانية متورطة في إثارة الاحتجاجات”.
مؤامرة ضد الحكومة
ودعا رئيس الحكومة الانتقالية الحائز على جائزة نوبل محمد يونس، إلى إنهاء الهجمات في أول خطاب له لدى وصوله إلى العاصمة دكا قادماً من باريس.وقال وهو محاط بقادة طلاب شباب: “مسؤوليتنا هي حماية الجميع. إذا كنتم تؤمنون بي وتثقون في قيادتي، يرجى التأكد من عدم تعرض أي شخص للأذى في هذا البلد. إذا لم تتمكنوا من الاستجابة لهذا الطلب، فإن وجودي هنا لا يخدم أي غرض”.
وأشار يونس أيضاً إلى أن الهجمات التي استهدفت الأقليات في بنغلاديش قد تكون جزءاً من مؤامرة لتشويه سمعة الحكومة الموقتة، على رغم أنه لم يحدد من قد يكون مسؤولاً.